المشاركات

عرض الرسائل ذات التصنيف أشياء عسرة الفهم

لماذا لم يمت آدم فورًا ولماذا يظل المسيحي يموت جسديًا؟

لماذا لم يمت آدم فورًا بمجرد أكله من الثمرة المحرمة طبقًا لإنذار الله له "موتًا تموت"؟ ولماذا يموت المسيحي جسديًا بينما أخذ عنه المسيح حكم الموت طبقًا لوعد الإنجيل "له حياة أبدية"؟ هل إنذارات الله ووعوده لا تتحقق؟  مات  آدم روحيًا بالفعل بمجرد أكله من الثمرة المحرمة. والموت الجسدي بدأ يعمل به فصار جسده مائتًا (١ كو ١٥ : ٥٣ – ٤٥). له مظهر الحياة بينما يعمل فيه الموت روحيًا وجسديًا. والمؤمن ينال الحياة الأبدية بينما لم يزل يمت جسديًا. إلا أن هذا الموت الجسدي منتزع الفعالية والقوة. هو مجرد رقاد، وخلع مسكن كما يعلّم بولس، وعبور إلى الجانب الآخر من النهر كما صوره لنا يوحنا بنيان في سياحة المسيحي. المؤمن له مظهر الضعف والمرض والشيخوخة والموت الجسدي لكن الحياة الأبدية تعمل به. في الحالة الأولى نجد الموت الجسدي يعمل بصورة سرية حتى يصل إلى ذروته بإنفصال الروح عن الجسد. في الحالة الثانية نجد حياة الدهر الآتي تعمل بصورة سرية، وبقايا الموت فيه هي بلا فعالية، إلى أن تصل الحياة لذروتها عند قيامة الأجساد.  إن إنذار الرب بالموت، ووعده بالحياة، متحققان وإن كانا بصورة سرية لا ترى بال...

هل ينبغي أن ننزعج من بعض التشابهات بين الكتاب المقدس والأساطير القديمة؟

يخرج علينا أحد دعاة الليبرالية اللاهوتية في مصر بين الحين والآخر ليبرز التشابهات بين بعض ما ورد في العهد القديم من ناحية، وبين ثقافة وأساطير شرق أدنى (ولا سيما العراق ومصر) من ناحية أخرى، على أنها "اقتباسات العهد القديم من الأساطير". همه الأول والأخير هو القول أن هناك أشياء مشتركة بين العهد القديم والأساطير. لكن أن تقول أنها اقتباسات لكي تثبت بذلك أن الديانات كلها في جوهرها شيء واحد ولكن تم التعبير عنه بصور مختلفة تبعًا لكل ثقافة وزمان هو أن تقترف خطئًا جوهريًا في حق الكتاب المقدس والمسيحية. هي محاولة مستترة للطعن في تميز الكتاب المقدس ومصداقيته. وللرد على هذا اللغط حول العلاقة بين العهد القديم وأساطير شرق أدنى، والذي يتم استغلاله للطعن في تميز وأصالة الكتاب المقدس، علينا أن نميز بين نوعين من التشابهات. تلك التي اِقْتَبَسَت فيها الأساطير من أحداث الكتاب المقدس، كالخلق والطوفان، وقامت بالإضافة إليها وزخرفتها. ونوع آخر من التشابهات استخدم فيه كتبة العهد القديم لبعض المصطلحات وأنماط التفكير من ثقافة شرق أدنى بغرض تحدي الآلهة الوثنية وفضحها وفي نفس الوقت إظهار تميز وسلطان الرب ال...

عقيدة التبرير لدى الأب متى المسكين

صورة
الكثيرون من البروتستاننت، وعلى رأسهم القس سامح موريس، متيمون بالأب متى المسكين. مع كامل الإحترام لهم وله طبعًا، إلا أنه لا يمكن تكون إنجيلي متسق مع منهجك البروتستانتي وفي نفس الوقت لا ترى مشكلة، أو بالحري مشاكل، في فكر الأب متى المسكين. لكن يكفي أن تقرأ هذا الكتيب الصغير له بعنوان "التبرير بين الماضي والحاضر وبين الإيمان والعمل" لكي تتيقن أن تعاليم الأب متى بعيدة كل البعد عن العقيدة الإنجيلية المُصلحة. بل إن ما يعلم به الأب متى، كما سيأتي الذكر، هو ذات كاثوليكية القرون الوسطى التي عارضها المصلحون. وفي عجالة، فإن ما يقوله الأب متى المسكين في كتابه "التبرير بين الماضي والحاضر وبين الإيمان والعمل" هو ضد العقيدة الإنجيلية، لأنه يخلط بين التبرير والتقديس. ويضيف إلى الإيمان الأعمال الصالحة كضرورة للتبرير. ويخلط بين متضادين: الناموس والنعمة. ويعلّم باحتساب الأمانة الجزئية برًا. ويخلط بين السوتيريولوجي (عقيدة الخلاص) والإكليزيولوجي (عقيدة الكنيسة). ويرى التبرير على أنه عمل مستمر وغير منتهي. وأن التبرير لديه يمكن أن يُفقد أو يتوقف مفعوله. وأن المتبرر يعيش متوترًا بين نقيضين:...

هل الكتاب المقدس يصادق على كل شيء يسجله؟

بكلمات أخرى، هل النصوص الواردة بها لعنات في المزامير هي مشاعر شريرة لا تليق أن تصدر من داود؟ هل كلام أيوب وأصدقاؤه، مجادلاتهم اللاهوتية فيما بينهم، صحيحة لاهوتيًا؟ هل اقتباس بولس لأشعار الفلاسفة يعني أن الفلسفة كلها صحيحة لاهوتيًا (الفلاسفة كانوا شعراء في نفس الوقت)؟ هذه الأسئلة وأخرى مشابهة لها تثور حول هذه القضية. والإجابة على هذا السؤال هي بالنفي. لا، الكتاب المقدس لا يصادق على كل شيء يسجله. ولكن، كل شيء مسجل فيه هو وحي لفظي معصوم نافع للتعليم والتوبيخ للتقويم والتأديب لكي يكون إنسان الله كاملاً متأهبًا لكل عمل صالح. على سبيل المثال، الكتاب المقدس لا يصادق على القول "ليس إله" لأن قائله جاهل كما نفهم من القرينة المباشرة. ولا يصادق على طلب إيليا الموت لنفسه لأن هذه لم تكن مشيئة الله كما نفهم من مغزى الأحداث فضلاً عن أنها مقولة ليست من الإيمان. ويصادق جزئيًا على لوم آدم لامرأته، أي أن حواء مسؤولة فعلاً (فقال الرب الإله للمرأة: ما هذا الذي فعلتِ تك 3 : 13)، رغم أن المسؤولية الرئيسية تقع على عاتق آدم. ويصادق كليًا على نبوة قيافا عن المسيح "خير أن يموت إنسان واحد عن الشعب...

لماذا لم يقل يسوع "أنا هو الله"؟

السؤال يفترض أنه لم يقل، لهذا عند الإجابة عليه لا ينبغي التسليم بهذا الإفتراض الخفي كما فعل البعض فادعوا أنه لم يقل ذلك لكي يتجنب الاصطدام مع اليهود. يسوع قال أنه الله لكن على الطريقة اليهودية، حتى أن اليهود أنفسهم فهموا ذلك فأرادوا قتله أو رجمه عدة مرات لأنه جدف في نظرهم. كل شيء يخص الرب يسوع ينبغي تفسيره في السياق اليهودي.  خذ مثلاً المرات التي اِتَّهَمَ فيها اليهود المسيح بأنه جدف لأنه جعل نفسه مساويًا لله حتى حاولوا قتله أو رجمه:  رئيس الكهنة مخاطبًا يسوع "هل أنت المسيح ابن الله؟" أجابه يسوع: "أنت قلت. وأيضًا أقول لكم من الآن تبصرون ابن الإنسان جالسًا عن يمين القوة، وآتيًا على سحاب السماء" فكان رد فعل رئيس الكهنة: "فمزق رئيس الكهنة حينئذ ثيابه قائلاً: قد جدف، ما حاجتنا بعد إلى شهود؟ ها قد سمعتم تجديفه" (مت ٢٦ : ٦٣ - ٦٥). في الذهن اليهودي، وطبقًا للكتب المقدسة اليهودية، المسيا هو نفسه ابن الله هو نفسه يهوه، وهو من يجلس عن يمين القوة طبقًا لمزمور ١١٠، لهذا جاءت هذه المفاهيم والألقاب مجتمعة في سؤال رئيس الكهنة "المسيح ابن الله". عندما غفر يسوع ل...

تفنيد حلقة كيف نفهم الإختيار في ضوء محبة الله للدكتور ماهر صموئيل

(1) يبدأ الدكتور ماهر حديثه (انقر هنا لمشاهدته) بالقول أنه لا يزال تلميذ ولا يدعي أنه هضم كل ما يقوله الكتاب. وأنه من الكبرياء أن يظن أنه هضم كل ما يقوله الكتاب. وأنه ليس في موضع الذي يحكم حكمًا نهائيًا قاطعًا. ولا يدعو أي شخص أن يتبعه فيما يقوله، بل يفحصه.  الجدير بالذكر أن له فيديو سابق يقول فيه أن ليس من حق الرجل المسيحي العادي أن يدلي برأيه في موضوع الإختيار، لأنه لا يملك علم الهيرمانوتيكس (علم التفسير). واضح طبعًا أن الدكتور ماهر يرى أنه من النخبة الأكاديمية التي تمتلك الهيرمانوتيكس وبالتالي من حقه أن يدلي برأيه حول هذا الأمر.  المهم أنه في كلتا الحالتان السابقتان، يسلب الدكتور ماهر صموئيل من الكتاب المقدس وضوحه. فهو إما يحتاج إلى رجل الدين الأكاديمي الذي يمتلك أدوات التفسير. أو أما أنه لا يمكن أن يُهضم، طعبًا لأن الكتاب أعظم من ذلك، وبالتالي فالنتيجة هي أنه لا يمكن أن تكون واثقًا من تعليم بعينه لأنك لم تهضم الكتاب بعد. بكلمات أخرى، الدكتور ماهر لا يقدم تعليم أو حق، لكن مجرد اجتهاد. لذلك تجده يؤكد أنه تلميذ ماهضمش الكتاب المقدس. إنه نوع من اللاأدرية اللاهوتية كما هو وا...

الكوارث الطبيعية عقاب إلهي أم غضب الطبيعة؟

أثارت كارثة كورونا مسألة غضب الله ربما بشكل لم تثره أية كارثة أخرى في التاريخ الإنساني. لعل السبب في ذلك هو أنها كارثة عالمية تأتي في قمة المجد العلمي والطبي والاتصالاتي الذي حققه إنسان القرن الحادي والعشرين. كيف يمكن أن يحدث هذا في عصر المعلومات والهندسة الوراثية؟ الأمر الذي دعا الكثيرين للإدلاء بما يعتقدونه حول علاقة الكوارث الطبيعية بغضب الله. لكن الكثير من الآراء التي توجد على الساحة الآن اختزالية إلى حد كبير. فبينما يختزلها البعض في كونها عقاب على الشر، يختزلها البعض الآخر في كونها ردود أفعال غاضبة من الطبيعة على إساءة معاملة الإنسان لها. وأنا أرى أن كلتا النظرتين اختزاليتين. فالأولى تختزل أغراض الله من الكوارث (والألم) في العقاب فقط، بينما تختزل الثانية الكوارث إلى مجرد غضب الطبيعة، مُجَرِّدَةً الله من سلطانه تمامًا. وليس هدفي هنا هو تبنى نظرة وسطية بين هاتين النظرتين. لكن دعوة للقول بأن الحق ليس بسيطًا بهذا الشكل، بل على قدر من التشابك والتعقيد. لكن رغم هذا نستطيع أن نرسم بعض الحدود التي تساعدنا على التفكير في هذه القضية الشائكة. وهذه هي بعض التحفظات الكتابية التي رأيت أنه ...