المشاركات

عرض الرسائل ذات التصنيف سي إس لويس

ما المشكلة في تعريف الخطية على أنها مجرد انتفاء للبر؟

أوضحت في مقالات سابقة كيف أن هناك بعض التعريفات للخطية تحوي بعض الحق عنها. إلا أنها في نفس الوقت تشوه مفهوم الخطية، إن كان المقصود بها تعريف جوهر الخطية. على سبيل المثال، هناك من يُعَرِّف الخطية على أنها (في الأساس) "الأنانية"، أو "الإنحصار في الذات" (ومن ثم أيضًا فالجحيم هو أن يسلمك الله لذاتك كما يقول سي إس لويس). ما من شك أن هذا هو أحد أبعاد الخطية. إلا أن تعريف الخطية بهذا الشكل غير صحيح. ليس فقط لأنه تعريف ذو منطق دائري يفترض صحة معيار ما آخر يقول أن الأنانية خطأ. وليس فقط لأن هناك أشكال من الاهتمام بالذات امتدحها الكتاب المقدس. فالله مثلاً يطلب مجده، والإنسان عليه أن يقوت جسده ويربيه. وليس أيضًا، لأن هناك أشكال من تفضيل الآخرين على أنفسنا إلا أنها في نفس الوقت غير مدفوعة بمجد الله أو محبته (مثل أن يفضل الإنسان أحباءه على الله). بل الأهم من كل ما سبق هو أن ذلك التعريف للخطية يغفل حقيقة كونها تعدٍ على ناموس الله في الأساس. البعض أيضًا يُعَرِّف الخطية على أنها، التعلق بغير الله. مرة أخرى، فإن هذا أحد أبعاد الحق الكتابي المتعلق بالخطية. على أن اعتبار جوهر الخطية ه...

البدلية العقابية ومشاهير البروتستانت العرب

البدلية العقابية تتعرض لهجوم شرس من مشاهير البروتستانت. إما بالطعن فيها صراحة، أو أما بسلب المركزية من الصليب. أو بالإثنين معًا. وفي نفس الوقت طرح الثيوسيس (التأله) كعقيدة بديلة لعقيدة البدلية العقابية. أي تقديم الخلاص كاختبار وتغيير داخلي وليس كغفران أو تبرير قضائي. بكلمات أخرى، الخلاص بالنسبة لهم هو حالة حاضرة أكثر من كونه توقع إسخاطولوجي. بالنسبة لنا كإنجيليين مصلحين، رغم أن لكل باقي جوانب الكفارة الأخرى مركزية لا جدال فيها. إلا أن الصليب هو ذروة الكفارة. لهذا يقول بولس "فإني سلمت إليكم في الأول of first importance ما قبلته أنا أيضًا: أن المسيح مات من أجل خطايانا حسب الكتب" (١ كو ١٥ : ٣). لكن ليس هكذا الحال مع مشاهير البروتستانت العرب. ماهر صموئيل، سامح موريس، أوسم وصفي، ماهر فايز، نادر شوقي، الخمسة يهاجمون البدلية العقابية، كل بطريقته. الخمسة أيضًا يطرحون الثيوسيس كبديل لعقيدة البدلية العقابية. بالإضافة إلى ذلك، إما أن يهمشوا الصليب صراحة وينسبوا مركزيته للتجسد أو للقيامة. أو أن يقوموا بتعويم المركزية المطلقة للصليب بالمقارنة مع باقي جوانب الكفارة (من تجسد المسيح وتقواه و...

نظرة على تعليم تيموثي كلر عن الجحيم

هذا المقال هو ملخص لأحد فصول كتاب يقوم بتحليل وتفنيد التعاليم غير القويمة لتيموثي كلر. كاتب الفصل هو وليام شوايتزر والذي يقوم بالاشتباك مع ما يطرحه كلر حول عقيدة الجحيم. يبدأ شوايتزر تحليله بالقول أن الثقافة الغربية المعاصرة تنادي بسلطان الإنسان، الأمر الذي يجعل تعليم مثل أن الإنسان هو الذي يرسل لنفسه للجحيم سائغًا لديهم. وكلر مشغول بإنسان ما بعد الحداثة المعاصر. وإن كان هذا في حد ذاته أمر جيد، إلا أن كلر قام بتمويع الحقائق الكتابية لتكون سائغة للإنسان الغربي المعاصر. يلخص شوايتزر تعاليم كلر غير القويمة حول الجحيم (والتي جاءت متأثرة بتعاليم سي إس لويس)، في هذه المبادئ الثلاث: الله لا يرسل إلى الجحيم بل البشر هم الذين يرسلون أنفسهم إلى هناك، وأن لا أحد يريد الخروج أو الهروب من عقاب الجحيم، وأن العقاب ذاتي بحيث أن البشر هم الذين يُنْزِلونه على أنفسهم. يرد شوايتزر على تلك الأخطاء اللاهوتية بالتأكيد على أن الكتاب المقدس يعلِّم بعكس ذلك: فالله نفسه هو الذي يُرْسِلُ الأشرار إلى الجحيم، وأن الله نفسه هو الذي يبقيهم في الجحيم إلى الأبد، وأن عقاب الجحيم يُنْزِله الله بنفسه. أولاً، الله نفسه هو ...

سي إس لويس كاثوليكي يؤمن بالمطهر والصلاة من أجل الموتى والخلاص بالأسرار

صورة
عندما نقول أن هذا الواعظ أو ذاك المُعَلِّم كاثوليكي نهدف أكثر من مجرد التمييز الطائفي. إذ نقصد التمييز العقيدي الخطير بين ‏البروتستانتية والكاثوليكية من حيث عقيدة الخلاص أولاً وقبل كل شئ. فالفرق بين البروتستانتية والكاثوليكية كالفرق بين السماء ‏والأرض. وبين النعمة والناموس. الكاثوليكية تعلّم بالتبرير من خلال الإيمان والأعمال معًا. وتعتقد بالخلاص من خلال الأسرار. وتضع ‏القديسيون والعذراء على نفس المستوى مع المسيح. وتنادي بصكوك الغفران والمطهر. ولها نزعة صوفية علّم بها ومارسها كاثوليك القرون ‏الوسطى. في حين أن المنهج الإنجيلي المصلح يعلّم بالتبرير بالإيمان وحده. وأنه لا قيمة خلاصية للأسرار ومن ثم فلا حاجة للمذبح أو ‏الكهنوت لكون التبرير والتقديس متوقفان على فعالية كلمة الله بعمل الروح. وأن له لا مكانة خلاصية أو شفاعية للقديسين أو العذراء. ‏كما أنه لا يوجد فرصة للخلاص بعد الموت. ‏ سي إس لويس، فضلاً عن أنه لم يعلم بالتبرير بالإيمان وحده، فقد علّم بالكثير من التعاليم الكثوليكية السابق ذكرها: السرائرية، المطهر، الصلاة من أجل الموتى، ورأى أن الخلاف بين العقيدتين ‏الإنجيلية والكاثوليكية اختلاف...

سي إس لويس يُعَلِّم بأن المسيح أخطيء التنبؤ حول مجيئه الثاني

في مقاله المعنون "ليلة العالَم الأخيرة"، يصرح سي إس لويس بأشياء خطيرة عن عصمة المسيح كإنسان وذلك فيما يتعلق بمصداقية ومدى تحقق نبوته "لا يمضي هذا الجيل حتى يكون هذا كله". فضلاً عن أني قرئت هذا الفصل مرتين، واستمعت له مقروءً مرتين، سأضع تصريحات لويس الخطيرة في السياق الذي جائت فيه حتى لا أُتَّهَمُ بأني أقتطعها من سياقها. يقول لويس عدة أشياء إيجابية وصحيحة لاهوتيًا في هذا الفصل. فهو يرى أن عقيدة المجيء الثاني للمسيح لا تحظى بالاهتمام الذي تستحقه. وأن لها أهمية عملية في حياتنا كمسيحيين. وبينما يناقش لويس تصريحات المسيح حول مجيئه الثاني في ضوء كتابات أبوكاليبسية (نهاية العالم) معاصرة للمسيح، مثل "رؤيا باروخ"، و"سفر أخنوخ"، و"صعود إشعياء"، إلا أنه يؤكد على عدم إمكانية وضع هذه الكتابات على قدم المساواة مع الأسفار القانونية. ليس ذلك فقط، بل تَشَكَّكَ لويس أيضًا في التطور الدارويني واضعًا المسيح في تضاد مع داروين. ففي حين تدعو الداروينية إلى تطور أو تقدم البشرية، فإن تعليم المجيء الثاني يعني أنه سَيُسْدل الستار فجأة على التاريخ العالمي في مشهد ...

شمولية الخلاص لدى سي إس لويس

يعرّف أحد القواميس اللاهوتية شمولية الخلاص على أنها: "نظرية خلاصية تعلم بأنه على الرغم من أن الله يُخَلِّص الناس فقط بناءً على استحقاقات المسيح، إلا أن ليس كل الذين نالوا الخلاص قد عرفوا يسوع عن وعي أو سمعوا الإنجيل. يُخَلِّص الله أولئك الذين، بالرغم من أنهم لم يسمعوا عن يسوع، إلا أنهم يستجيبون، بأفضل ما لديهم من معرفة (دينية)، لإعلان الله المتاح لهم. وهذه النظرة تقف في مقابلة مع كل من الحصرية (من ناحية)، التي تشير إلى أن الله يخلص فقط أولئك الذين يستجيبون بوعي لدعوة إنجيل يسوع المسيح، و مع التعددية (من ناحية أخرى)، والتي ترى قيمة خلاصية في الأديان غير المسيحية". [1] يؤمن سي إس لويس بهذه النظرة الشمولية للخلاص. أي أنه يعتقد بأن المسيح هو المخلص الوحيد، لكن هناك من سيخلص دون أن يكون قد سمع عنه أو آمن به عن وعي أثناء حياته على الأرض. ومن الناحية العملية، لا يوجد فرق بين الشمولية والتعددية، وإن بدت الشمولية أكثر تحفظًا، إلا أن النتيجة في النهاية واحدة، ذلك لأن هناك عاملاً مشتركًا جوهريًا بينهما، أن هناك من سيخلصون دون معرفة واعية عن المسيح. وهذا في حد ذاته كافي لتقويض حصرية المس...

سي إس لويس يهاجم أجزاء من المزامير بكل ما أوتي من فصاحة الأديب

ليس الغرض من هذا المقال تقديم تحليل متكامل لفكر سي إس لويس عن مزامير اللعنات، بقدر ما هو سرد تحليلي لأخطر الأوصاف التي وصف بها تلك الدينونات الواردة في بعض المزامير، والتي اقتبس منها الرب يسوع وكتبة العهد الجديد كثيرا. كما شهد الرب يسوع المسيح لقانونيتها في مجملها غير مميز بين صلوات صحيحة وصلوات خاطئة أو صلوات شيطانية كما رآها لويس وكما سيأتي الذكر.  كما أننا لسنا هنا أيضا بصدد تبرير، أو شرح لصلوات النقمة تلك، فقد فعلنا هذا في بحث آخر. وفضلا عن أن رأي لويس في مزامير اللعنات يمس قضية العصمة والقانونية، إذ يضع نفسه كمعيار فوقي مقررا أيا من تلك الصلوات صحيح وأيا منها خاطئا،  بيد أن الموضوع لا يقف لدى لويس عند هذا الحد، بل يتعداه ليصل إلى درجة إهانة تلك الأجزاء من الوحي المعصوم واصفا إياها بأوصاف صعبة جدا. يفتتح لويس فصله عن "اللعنات" في المزامير في كتابه "تأملات في المزامير" بالقول أن ببعض المزامير روح كراهية، والبعض الآخر، حيث تنقطع روح الكراهية تلك، يتسم بالسذاجة والكوميديا: "إن في بعض المزامير روح كراهية تصفعنا على وجوهنا كالدخان المتصاعد من فم الأتون. ...

سي إس لويس عن الوحي والعصمة وتاريخية بعض أسفار الكتاب المقدس

يعرب لويس، في خطابه لشخص يدعى كوربين كورنيل، عن قلقه إزاء نسبة نفس الدرجة من التاريخية لكل أسفار الكتاب المقدس. ويذكر سفر يونان على وجه التحديد منكرًا تاريخيته في مواجهة النصوص التي تتعامل، مثلا، مع حياة داود أو الأناجيل. يقول لويس "إن لسفر يونان بأكمله، بالنسبة لي، أسلوب الرومانسية الأخلاقية، وهو شئ مختلف إلى حد كبير، قُلْ، عن رواية داود الملك، أو روايات العهد الجديد [الأناجيل]، فهو [سفر يونان] غير مترسخ في قرينة تاريخية مثلهم". ويتساءل لويس عن مدى اعتبار الكتاب المقدس سفر يونان تاريخي. فيجيب عن هذا السؤال بأنه لا ينبغي معاملة سفر يونان على أنه سفر تاريخي، بل ينبغي تصنيفه، مثله في ذلك مثل سفر أستير، وأمثال المسيح، على أنها جميعا نصوصًا قصصية (تخيلية). أو على حد وصف لويس نفسه: "بأي معنى 'يقدم' الكتاب المقدس قصة يونان 'كتاريخ'؟ إنه بالطبع لا يقول 'أنها خيال'، ولكن ولا ربنا نفسه يقول أن قاضي الظلم أو السامري الصالح أو الابن الضال هي قصص تخيلية (وأستطيع أن أضع سفر أستير في نفس الفئة مثل يونان لنفس السبب أيضًا)". ورغم إنكار لويس لتاريخية سفر يو...

هل حقا "أبواب الجحيم مغلقة من الداخل" كما يقول سي. إس. لويس؟

ليس الغرض من هذا المقال الدفاع عن تعليم الجحيم في الكتاب المقدس في مقابل الأفكار غير الكتابية التي ترد فيما كتبه سي. إس. لويس عن الجحيم، بقدر ما هو مجرد تحليل مختصر لفكره حول هذا الأمر. في الفصل الخاص بـ "الجحيم"، من كتابه "معضلة الألم" (ترجمة هدى بهيج – الطبعة العربية الأولى 2014)، يستهل سي. إس. لويس حديثه بقولين مفتاحيين، يعبران عن جوهر فكره حول ما يعتقده عن هذا الموضوع. الأول قول مقتبس لنابليون: "هذه العزلة التي نجتاز فيها هي أنا". والثاني قول مقتبس لشكسبير: "ريتشارد يحب ريتشارد، أي، أنا أكون أنا" (ص 119). وبهذين القولين يقدم لويس تلخيص مسبق لما سيشرحه في السطور اللاحقة على كون الجحيم هو ما نصنعه نحن لأنفسنا، أو هو ما يتركنا الله عليه: هو الذاتية التي نختارها ويتركنا الله لها. وإن كان هذا صحيح، إلا أنه ليس الصورة كاملة. واقتصار رؤية لويس للجحيم على أنه عقاب الإنسان لنفسه، وأن الله يتركه لاختياره، دون أن يكون هناك يد لله في الموضوع، ودون أن يذكر لويس أي شئ عن عدل الله وغضبه وانتقامه من كراهية ومقاومة الأشرار له، لهي رؤية مختزلة ومنقوصة، الغرض ...

سي إس لويس ينكر البدلية العقابية

يجد البعض صعوبة في تقبل إنكار سي إس لويس للبدلية العقابية. ولكن يقول لويس بوضوح في كتابه "المسيحية المجردة" أن البدلية العقابية (وأي نظرية أخرى في رأيه) لا تصلح كنظرية لتفسير الكفارة. [1] يذهب لويس أبعد من ذلك متسائلا: "إذا كان الله مستعدا لتبرئتنا فلماذا، بحق السماء، لم يفعل ذلك؟ [دون الحاجة إلى صلب المسيح] وأي غرض ممكن أن يوجد في معاقبة شخص برئ؟ لا غرض على الإطلاق أستطيع أن أراه، وذلك إذا كنت تفكر في العقوبة بالمعنى القضائي الشُرَطِي". [2] فضلا عن أن موضوع إنكار سي إس لويس للكفارة العقابية محسوم برفضه المباشر لها في كتابه "المسيحية المجردة"، فإن هذا الرفض يتأكد لنا أيضا من أمرين آخرين. أولا اعتقاده بالمطهر. أقر لويس في الرسائل إلى مالكوم قائلا: "أنا أؤمن بالمطهر". [3] يرى اللاهوتي والمؤرخ الكنسي سكوت ماكنايت أن اعتقاد لويس بالمطهر يتسق مع نظرته حول الخلاص في كونه تغيير وليس تبرير. الخلاص لدى لويس تغيير كامل لا ينتهي على الأرص وبالتالي يحتاج إلى ما يكمله؛ المطهر. [4] وثانيا تصويره الرمزي للكفارة في روايته عالم نارنيا يدعم رفضه...

مزامير اللعنات

هل الدينونات واللعنات الواردة في بعض المزامير (مثل 35 ، 58، 69، 83، 109، 137) هي مشاعر فظيعة ودنيئة وشيطانية وخاطئة كما وصفها سي إس لويس؟ وأنها صدرت من خطاة (حتي ولو كانوا مثل داود) في أوقات ضعفهم أرادوا الإنتقام من أعداءهم والمسيئين إليهم، ومن ثم علينا أن نعتبرها مجرد سرد للوحي – دون التصديق عليها – لخطايا فكرية وشعورية لمن قالوها؟ ماذا عن مزمور 69 الذي يقول فيه المرنم "لتصر مائدتهم قدامهم فخا، وللآمنين شركا. لتظلم عيونهم عن البصر، وقلقل متونهم دائما. لتصر دارهم خرابا، وفي خيامهم لا يكن ساكن .. ليمحوا من سفر الأحياء" وماذا عن مزمور 137 "يا بنت بابل المخربة، طوبي لمن يجازيك جزاءك الذي جازيتنا. طوبي لمن يمسك أطفالك ويضرب بهم الصخرة"؟ هل أراد المرنمون الإنتقام من أعداءهم حتي فرطوا بشفاههم هكذا؟ وفي ظل تعليم الرب عن محبة الأعداء في عظته علي الجبل، وصلاته من أجل مسمريه علي الصليب، كيف ينبغي أن يري المسيحي هذه اللعنات التي جاءت علي ألسنة قديسي العهد القديم؟ لعله من المناسب هنا أولا أن نبدأ بالتأكيد علي أن القول بأن مزامير اللعنات هي مشاعر شريرة صدرت من رجال الل...