المشاركات

عرض الرسائل ذات التصنيف أقوال الآباء

الثالوث الاجتماعي

صورة
عزيزي البروتستانتي الشرقي المعاصر، لقد صدروا لك مفهومًا اجتماعيًا عن الثالوث. فكثيرًا ما يتم تعريف الثالوث على أنه كائن علاقاتي. وأن الآب والابن والروح القدس في علاقة محبة أزلية. وأنه لابد من وجود علاقة محبة أزلية بين الأقانيم قبل الخلق، وإلا لكان الله بلا محبة. إلا أن هذا مفهومًا اجتماعيًا للثالوث يؤدي إلى كافة الهرطقات! الثالوث الاجتماعي طبقًا لأحد التعريفات: "هو تفسير مسيحي للثالوث على أنه يتكون من ثلاثة أقانيم في علاقة حب، مما يعكس نموذجًا للعلاقات البشرية. يؤكد (هذا) التعليم أن الله كائن اجتماعي بطبيعته. تقترب الوحدة البشرية من التوافق مع صورة وحدة الله من خلال العطاء الذاتي، والتعاطف، والعشق لبعضنا البعض، وما إلى ذلك. هذا الحب هو تشابه أخلاقي ملائم مع الله، ولكنه يتناقض بشكل صارخ مع وحدة الله في الكينونة". طبقًا لهذا التعريف، إذًا، يتم النظر إلى الثالوث نظرة اجتماعية، وليس طبقًا لما هو الله في ذاته (لهذا يرى التعريف تناقض بين المفهوم الاجتماعي للثالوث والمفهوم الأنطولوجي؛ الكينونة). أي تعريفه بناء على العلاقات وليس بناء على الكينونة. وبما أن ما نعتقده عن الله يؤسس لما ن...

الولادة الأزلية للابن

عقيدة قويمة مهملة، لكنها في منتهى الأهمية فيما يتعلق بمساواة الابن للآب من حيث الأزلية والألوهية ووحدة الجوهر، وهي عقيدة ‏‏"الولادة الأزلية للابن".‏ أهمية هذه العقيدة تكمن في أنها تحفظ وحدانية الجوهر، وفي نفس الوقت التميز الأقنومي. لماذا الابن والآب متمايزان، وفي نفس الوقت ‏واحد في الجوهر؟ الإجابة هي "الولادة الأزلية". لأن الابن مولود "أزليًا من نفس جوهر الآب" فهو واحد معه. كما أن هذه الولادة نفسها ‏هي التي تجعلهما متمايزان عن بعضهما. فلو لم يكن هناك ولادة أزلية، ما كان هناك هذا التمايز والتنوع الأقنومي.‏ للأسف مفهوم الولادة الأزلية للابن، بسبب اساءة فهمه، وبسبب طغيان النظرة الاجتماعية للثالوث ‏Social Trinity‏ لدى الكثير من ‏اللاهوتيين المعاصرين (وهي نظرة غير صحيحة)، أدت إلى اهمال هذه العقيدة. في نظري، أحد أهم الأسباب في ضعف عقيدة ‏الثالوث في البروتستانتية المعاصرة، هو عدم تقدير الحق المتعلق بالولادة الأزلية.‏ لكن الولادة الأزلية للابن، لا يُقصد بها أبدًا ولادة إنسان لأبيه جسديًا. فبينما الولادة البشرية الجسدية تعني أن أي ابن يولد لأبيه البشري هو: مخلوق م...

نسطورية القس سامح موريس

يوجد بيننا كبروتستانت نساطرة كثيرون معاصرون، يفصلون بين طبيعتي المسيح، سواء عند الحديث عن ولادته أو تجربته في البرية أو موته. يؤكدون على أن يسوع وُلِد أو جُرِّبَ أو صُلِبَ فقط كإنسان. لكن هذا خطأ. لأن طبيعة اللاهوت اشتركت في كل شيء فعله المسيح كإنسان. أي شيء بشري فعله المسيح، اشتركت فيه الطبيعة الإلهية. إن كان المسيح وُلِد كإنسان، فاللاهوت أيضًا اشترك في ذلك. وكل شيء فعله المسيح كإله، مثل المعجزات، اشتركت الطبيعة البشرية فيه. في هذا الفيديو الخطير، يدمج سامح موريس مجموعة من الهرطقات الكريستولوجية معًا. بدءًا من النسطورية، بالقول أن مَنْ وُلِدَ من العذراء ليس المسيح كإله، بل كإنسان فقط. الأمر الذي يعني أنه لم يصر إلهًا إلا بعد ولادته. وحينها يثور السؤال: عند أي نقطة من حياته، وبعد ولادته، صار إلهًا؟ الثانية هي الأبولينارية، والقائلة بأن يسوع لم يكن له روح (أو عقل) بشري. أكد موريس في الفيديو أن المسيح ليس مثلنا له روح بشرية، بل روح الله الذي حل في جسده. أن تقول أن المسيح لم يكن له روح أو عقل بشرية فهذا يعني أنه لم يكن له طبيعة بشرية حقيقية كاملة. وهذا يصل بنا إلى الهرطقة الدوسيتية (الثال...

نعم ... الهرطقات يمكن أن تكون خلاصية أيضًا

إن من يرصد وضع البروتستانتية الشرقية من حوله يمكنه أن يلحظ التوجه المسكوني الاختزالي الذي تتسم به الآن. ونستطيع رصد هذا التوجه في عدة ظواهر. أولاً عدم الاكتراث، بل وفي أحيانٍ كثيرة عدم الفهم، لجوهر حركة الإصلاح التي تمركزت حول عقيدتي التبرير بالإيمان وحده وسلطة الكتاب المقدس وحده. ثانيًا، الدعوات المسكونية بالوحدة، أو التعاون على أي مستوى، مع الطوائف الطقسية بحجة أنها تعتنق تعاليمًا قويمة عن الثالوث وشخص المسيح الواحد وطبيعتيه المتحدان فيه دون إنفصال أو اختلاط. ثالثًا، هناك قطاع كبير من البروتستانت لا يضيرهم شئ سوى الهجوم على الثالوث، وألوهية المسيح، والقيامة الجسدية. بينما لا يكترثون أن عقيدتي الخلاص وسلطة الوحي، يتم الهجوم عليهما ليلاً ونهارًا، بواسطة من يتبنون تعاليمًا قويمة عن الثالوث وألوهية المسيح (مثل الطقسيين). رابعًا، أصبحنا نسمع كثيرًا مصطلحات مثل "المسيحية المجردة" (نسبة إلى سي إس لويس)، ودعوات لاطائفية للإلتفاف حول قانون إيمان نيقية. وقد يسأل سائل: ما المشكلة في (مسكونية) نيقية أو في أن يكون للمرء عقائد قويمة أو في دعوات المحبة والوحدة؟ هذا السؤال سنجيب عليه بتفصي...

الطبيعة المُنْعِمَة للوحي

يمكن إنكار الإعلان الخاص، أو الوحي، بأكثر من صورة. فبالإضافة إلى إنكاره كليًا، أو بجعله يقتصر على المفاهيم أو المعاني فقط دون الألفاظ، هناك أيضًا محاولات بإعادة تعريفه بحيث يتم توسيع مفهوم الوحي ليشمل الكثير مما كتبه الآباء الأقدمون. والسبب في ذلك هو أن الكثير من كتابات الآباء متضاربة، بل ومنها ما خرج عن قويم الإيمان. أن تقوم بتوسيع مفهوم الوحي ليشمل كل هذه الكتابات، هو أن تقول ضمنًا أنه لا شكل معين للمسيحية، وأنه لا يوجد عقيدة قويمة. ويبدو أن هذا هو ما يسعى إليه من يدعون بذلك. السؤال هنا: ما الفرق بين الادعاء بأن الوحي يشمل كتابات الآباء، وبين ادعاء الناقد التاريخي للكتاب المقدس والتر باور، بأنه كان هناك أكثر من مسيحية واحدة، أو أكثر من نسخة للمسيحية. أي أن المسيحية لم تكن مقصورة على الكتابات القويمة (الأسفار القانونية للعهد الجديد)، بل شملت الكتابات الغنوصية بدورها أيضًا. طالما أن الوحي ليس مقصورًا على الستة والستين سفرًا، بل يشمل ما كتبه الآباء، فلماذا لا يشمل أيضًا الكتابات الغنوصية، في القرون الأولى، إن كان معيارنا هو القرب التاريخي من الحدث؟ لكن في صميم هذه الادعاءات إنكارًا لطبي...

الوعظ مالوش صاحب أم خدمة منبرية للقادة بصورة أساسية؟

يحاول البعض مؤخرًا أن يطعن في الوعظ كمهمة منوط بها قادة الكنيسة متمثلون في الشيوخ. فيقولون أن الوعظ يعني في الأساس التشجيع، وليس كما يُشاع أنه يعني خطبة تقال من على المنبر. أي أن الوعظ، طبقًا لهؤلاء، ينغبي ألا يكون ممارسة رسمية للكنيسة في العبادة، بل شىء يُمارس بصورة رئيسية على المستوى الفردي بمعزل عن المنبر.  وهذا نموذج لما قاله أحدههم في هذا الموضوع بعد أن أعاد صياغة قول بولس "أما الواعظ ففي الوعظ": "واللي بيشجع خليه يشجع" (رو ١٢ : ٨) ملحوظة: كل مرة فاندايك استخدم كلمة وعظ، أو يعظ παρακαλέω أو παράκλησις مش مقصود بيها الوعظ بمعناه التقني اللي احنا فاهمينه (إن واحد يقف قدام جمهور ويلقي خطبة). لكن مقصود به التشجيع، الحث، التعزية، الراحة سواء بشكل فردي أو جماعي. تعليقي: هل هذا معناه أنه لا يوجد واعظ؟ هل هذا طعن في السلطة التعليمية للمنبر؟ هذا ما يبدو أن الكلمات تشير إليه (الوعظ مش واحد يقف قدام جمهور ويلقي خطبة). المشكلة في الكلمات أعلاه أن صاحبها ارتكب مغالطتان. الأولى هي أن الوعظ تشجيع فقط. والثانية (مؤسسة على الأولى بصورة غير منطقية) بما أن الوعظ تشجيع، فهو شىء يم...

المصلح البروتستانتي جون كالفن عن شفاعة القديسين

يقدم كالفن في كتابه "رفات القديسين" الخلفية التاريخية لتطور الإعجاب بالشهداء القديسين، كأبطال، إلى عبادة لهم في صورة صلوات لهم وتشفعات بهم. وكيف أن هذا التحول من الإعجاب والتقدير والتمثل بهم إلى عبادة لهم تجد جذورها في ممارسات وثنية أُدْخِلَت شيئًا فشيئًا من الوثنية إلى المسيحية. وقد اخترت بعض المقتطفات الهامة من مقدمة هذا الكتاب تبرز كيفت تطور الإعجاب بالشهداء القديسين إلى عبادة لهم. يقول كالفن عن تمجيد القديسين وتحويلهم إلى شفعاء على درجة أنصاف آلهة: "عبادة الأبطال شيء فطري في الطبيعة البشرية، وهي مؤسسة على بعض من أسمى مشاعرنا: الامتنان، والحب، والإعجاب. ولكنها، مثل كل المشاعر الأخرى، عندما لا تحكمها المباديء والعقل، قد تتدهور بسهولة إلى المبالغات الجامحة، وتؤدي إلى أخطر العواقب. من خلال هذه المبالغة في تلك المشاعر النبيلة، ملأت الوثنية (جبل) أوليمبوس بالآلهة وأنصاف الآلهة، بما يرقى إلى هذه الرتبة من الرجال الذين غالبًا ما يستحقون امتنان زملائهم المخلوقات، من خلال بعض الخدمات البارزة المقدمة للمجتمع، أو بالإعجاب بهم، من خلال القيام ببعض الأعمال التي تتطلب درجة أكثر من ...

الإيمان عطية الله

صورة
يعلمنا الكتاب المقدس بأن الإنسان يخلص على أساس النعمة من خلال الإيمان. النعمة هي المنطق والعمل والقوة التي يتبرر على أساسها الفاجر. والإيمان هو الواسطة التي تحضر عمل النعمة المجيد إلى الفاجر. الجميل في الموضوع، أن النعمة لم تغفل أن الإنسان في حاجة إلى الإيمان أيضًا (أف 2 : 8). إنه لمن السخافة أن توفر النعمة للإنسان كل شئ وتنسى أمر الإيمان. هل الفاجر الميت بالذنوب والخطايا المقاوم لله يستطيع أو يريد أن يؤمن بالله حتى وإن أتته نعمة الله المُبَرِّرَة؟ الإجابة هي بالنفي. إن من ينقصه البر ينقصه الإيمان أيضًا. المعدم يكون معدمًا من كل شئ، البر والإيمان معًا. لهذا فالنعمة تأتي لنا بالغفران والبر، بل وبالإيمان نفسه. الإيمان هو عمل النعمة نفسها. إن هذه هي البروتستانتية كما علّم بها المصلحين. نحن نحصل على النعمة من خلال الإيمان، بينما الإيمان نفسه هو عمل النعمة. كلاهما يغذيان ويصبان في أحدهما الآخر. يشرح المؤرخ الكنسي جلين صنشاين العلاقة بين مبدأي سولا جراتسيا (بالنعمة وحدها) وسولا فيديه (بالإيمان وحده)، والتي تعبر عن الوحدة العضوية للنعمة والإيمان: وهكذا نما لاهوت لوثر جزئيًا بفضل دراساته الكت...

آباء الكنيسة وتاريخية الطوفان الكتابي

تمهيد يواجه  الطوفان الكتابي، على الأقل، هجومًا شرسًا من علم الجيولوجيا، أو بالأحرى افتراض نظري حول تاريخ الأرض لا يمكن إثباته بالعلم التجريبي. وهو الإدعاء بأن الطبقات الصخرية تترسب بمعدلات بطيئة جدا، بحسب المشاهدات التي يتم رصدها في الوقت الحاضر. فما نراه الآن، هو مفتاح لفهم تاريخ تلك الطبقات الصخرية التي تحوي في داخلها الكثير من الحفريات. أي أنه كما تترسب الطبقات الآن بمعدلات بطيئة مُكَوِّنَةً الصخور، فلابد أن تلك المعدلات البطيئة كانت سارية عبر تاريخ الأرض بأكمله. وإن كانت الطبقات الصخرية وحفريات السجل الأحفوري هما دليلان على ملايين السنين من التطور والترسّب البطئ للطبقات الرسوبية، فإن هذا من شأنه استبعاد كارثة طوفان نوح كتفسير لتلك الظواهر الجيولوجية. لأنه لو كان طوفان نوح قد حدث فعلا، وأنه كان عالميا وذو طبيعة تدميرية شديدة، فلابد أننا نرى آثاره في صخور الأرض. وعليه فإما أن يكون السجل الحفري وطبقاته الصخرية دليلا على ملايين السنين من التطور والترسيب البطئ، أو إما أنه دليلا على طوفان نوح. وطبعا الاعتقاد الثاني لن يكون اختيارا لكل متشكك أو لا أدري أو ملحد. يقول د. جون ...

آباء الكنيسة يرفضون التطور ويؤكدون على حرفية أيام الخلق

تمهيد على خلاف ما هو شائع بأن التطور اكتشاف علمي حديث، وثورة علمية انطلقت منذ القرن التاسع عشر،  إلا أن الحقيقة هي أن التطور، على الأقل، فكرة قديمة قدم الحضارة اليونانية الكلاسيكية، قبل مجئ المسيح بخمسة قرون. ولكن قبل أن نبدأ في إثبات أن فكرة التطور ليست حديثة، بل ضاربة في القدم، وأن آباء الكنيسة كانوا على دراية بها وقاوموها وفندوها، ولم يحاولوا دمجها بالخلق، على خلاف ما يُفعل في يومنا هذا، مع أن الآباء واجهوا نفس الضغوط التي تواجهها الكنيسة اليوم، بل وربما أكثر منها، يتحتم علينا أولا أن نقوم بتعريف ما هو التطور.  يعرّف عَالِم الحيوان ووظائف الأعضاء، الدارويني، چيرالد كيركوت،   وهو حُجَّة في هذا المجال،  نظرية التطور، كالآتي : "هناك نظرية تنص على أنه يمكن رصد العديد من الحيوانات الحية تجتاز، عبر الوقت، تغيّرات، بحيث تتشكل أنواع جديدة. يمكن أن تُسمى هذه بـ "نظرية التطور الخاصة"، ويمكن إظهارها في بعض الحالات عن طريق التجارب. من ناحية أخرى، هناك نظرية مفادها أن جميع الأشكال الحية في العالم قد نشأت من مصدر واحد هو نفسه جاء من شكل غير عضوي. يمكن تسمية هذه ال...