المشاركات

عرض الرسائل ذات التصنيف تأملات ودراسات كتابية

كيف تقرأ سفر عاموس

"عاموس ليس مجرد نداء أخلاقي، بل إعلان عن قضاء إله قدوس على شعب نكث عهده. العدالة هنا ليست قضية اجتماعية فقط، بل قضية عهد بين الله وشعبه." (مايكل هورتون) "كان إعلان عاموس ضد الكاهن الكاذب أماصيا بمثابة نسخة مختصرة من رسالة الدينونة التي وجهها النبي للأمة بأكملها" (راجع ٧ : ١٠ - ١٧)" (جون والتون) مقدمة يختلف الباحثون حول طبيعة مهنة عاموس. إذ من خلال مقارنة النظير الأوغاريتي ugratic للكلمة العبرية "نوكيد" في (١ : ١)، والمترجمة "راعي"، استنتج الباحثون الأكاديميون أن هذا المصطلح يشير إلى مربي أغنام أو مالك قطعان ينتمي إلى الطبقة الغنية وليس إلى مجرد راعي غنم فقير كما كان يُعقتد سابقًا. إلا أنه من ناحية أخرى، سواء كان عاموس غنيًا أو فقيرًأ، فإن هذا لن يؤثر كثيرًا على فهم السفر. فهو مثلاً لم يكن من الكهنة. ولم يكن نبيًا جاء من مدرسة الأنبياء. الأمر الذي يسلط الضوء على سلطان الله في اختياره من ناحية وأصالة دعوة عاموس من قبل الرب. كما أنه من ناحية أخرى يضع عاموس في مقابلة مع فساد المنظومة الدينية (الكهنة) وتواطئها مع السلطة السياسية في بيت إيل. الخلف...

كيف تقرأ سفر الجامعة

القراءة العابرة لهذا السفر قد تواجه صعوبة في إيجاد مكان له بين باقي أسفار الكتاب المقدس بل وفي مصالحته مع المنظور الكوني المسيحي. فكلمات كاتب السفر تبدو من الوهلة الأولى وكأنها تُقْر بعبثية الحياة وافتقارها للمعنى. وهذه معالجة للأمر من منظور أفقي (تحت الشمس) وليس من منظور رأسي (فوق الشمس). إلا أن الصورة التي يرسمها الجامعة للحياة أكثر تعقيدًا من ذلك. والنظرة المدققة للسفر ستجده في تمام الاتساق مع كل من الحق الكتابي العام وتسلسل أحداث التاريخ الفدائي في باقي الأسفار القانونية. ما هو الموضوع الرئيسي للسفر؟ إن الموضوع الرئيسي للسفر هو الصراع مع بُطل الحياة، أي عبثيتها، وطريق الإنتصار على هذه العبثية. فكلمة "باطل" العبرية (hebel) ترد ٣٨ مرة في السفر. ومن ثم فهي موضوعه المحوري. ولتلك الكلمة العبرية هذه المعان الثلاثة: زائل ووقتي، مُحْبِط وفارغ، مُحَيِّر وعويص. هذه المعاني متداخلة ومترابطة بصورة يصعب فصلها عن بعضها. في المقابلة مع بُطْل الحياة تحت الشمس يدعو الجامعة إلى التلذذ بمسراتها كحل مضاد لهذا البُطْل. إلا أن الترياق الباقي لبُطْل الحياة تحت الشمس، كما يعلمنا الجامعة أيضًا، ه...

لماذا لم يمت آدم فورًا ولماذا يظل المسيحي يموت جسديًا؟

لماذا لم يمت آدم فورًا بمجرد أكله من الثمرة المحرمة طبقًا لإنذار الله له "موتًا تموت"؟ ولماذا يموت المسيحي جسديًا بينما أخذ عنه المسيح حكم الموت طبقًا لوعد الإنجيل "له حياة أبدية"؟ هل إنذارات الله ووعوده لا تتحقق؟  مات  آدم روحيًا بالفعل بمجرد أكله من الثمرة المحرمة. والموت الجسدي بدأ يعمل به فصار جسده مائتًا (١ كو ١٥ : ٥٣ – ٤٥). له مظهر الحياة بينما يعمل فيه الموت روحيًا وجسديًا. والمؤمن ينال الحياة الأبدية بينما لم يزل يمت جسديًا. إلا أن هذا الموت الجسدي منتزع الفعالية والقوة. هو مجرد رقاد، وخلع مسكن كما يعلّم بولس، وعبور إلى الجانب الآخر من النهر كما صوره لنا يوحنا بنيان في سياحة المسيحي. المؤمن له مظهر الضعف والمرض والشيخوخة والموت الجسدي لكن الحياة الأبدية تعمل به. في الحالة الأولى نجد الموت الجسدي يعمل بصورة سرية حتى يصل إلى ذروته بإنفصال الروح عن الجسد. في الحالة الثانية نجد حياة الدهر الآتي تعمل بصورة سرية، وبقايا الموت فيه هي بلا فعالية، إلى أن تصل الحياة لذروتها عند قيامة الأجساد.  إن إنذار الرب بالموت، ووعده بالحياة، متحققان وإن كانا بصورة سرية لا ترى بال...

التطبيقات الرعوية لسلسة نسب المسيح في متى ١

لا شك أن مشكلة اقتطاع الآيات من سياقها مشكلة حقيقية، لكن هذا في حد ذاته ليس مسوغًا للقول أنه لا توجد أبعاد تطبيقية لأي نص كتابي. كل سفر من أسفار الكتاب المقدس كُتب لجمهور معين في ظروف معينة. لو كان المنطق أنه لا يجوز تطبيق آية بعينها علينا لأنها أتت في سياق معين، فالكتاب المقدس كله لا يلزمنا لأنه بأكمله مكتوب في سياقات معينة. صحيح أن هناك تطبيقات خاطئة، لكن هذه التطبيقات الخاطئة لا تلغي وجود التطبيقات الصحيحة. ما قيمة اللاهوت الرعوي Pastoral Theology لو لم يكن لكل نص كتابي تطبيق لحياتنا؟ خذ مثلاً نص سلسلة نسب المسيح في متى ١ والتي قد تبدو لنا بلا قيمة تطبيقية. إن أول ما يخبرنا عنه هذا النص هو أمانة الله لوعوده، وكيف حفظ الله وعوده للآباء عبر الأجيال بمجئ المخلص. إن سلسلة نسب المسيح في متى ١ تشهد أيضًا عن سلطان الله. فمن خلال إرادات البشر بالتزاوج والتناسل حقق الله مشيئته المحتومة. ولا تستطيع أن تتكلم عن سلطان الله دون أن تشير إلى قوته. هناك ملك له سلطة لكن بلا فاعلية، وهناك ملك مغتصب للسلطة بدون قانونية. لكن الله له سلطان وقوة. الله متحكم في التاريخ لأنه صاحبه. سلسة نسب المسيح...

يسوع المخلص والديّان في أحداث الخروج

ثلاثة نصوص في العهد الجديد تؤكد لنا أن يسوع هو ذاته يهوه الذي كان فاعلاً في أحداث الخروج. قبل أن نقول ما هي تلك النصوص، فإن التأكيد على هذا الحق له قيمة فيما يتعلق بالرد على الادعاءات بأنه يوجد تناقض أو تنازع بين صورة الله في العهد القديم وصورته التي رسمها يسوع في العهد الجديد. الصورة واحدة ولكن في ظل تدبيرين مختلفين. فيسوع المسيح مخلص وديان في كلا العهدين. وهذا يتضح لنا من النصوص الآتية: "فأريد أن أذكركم، ولو علمتم هذا مرة، أن يسوع بعدما خلّص الشعب من أرض مصر، أهلك أيضًا الذين لم يؤمنوا" (يهـ ٥). هذا النص جاء في ترجمة فانديك "أن الرب بعدما خلّص الشعب ...". إلا أن هناك الكثير من الترجمات الإنجليزية الحديثة والقيمة أوردته "يسوع بعدما خلص الشعب ...". مثل: ESV ، NET LSB ، LEB ، NLT . يقول هامش ترجمة NET عن هذا العدد أن القراءة "يسوع بعدما خلّص الشعب" هي القراءة الأصعب لكونها تتضمن يسوع فاعلاً في التاريخ الأولي لإسرائيل. وهذا يعني أن الميل لدى نُسَّاخ العهد الجديد كان هو عدم استساغة التعبير "يسوع بعدما خلّص الشعب" فقاموا باستبداله بـ ...

نصوص كتابية تثبت أن الرب يسوع المسيح أقام نفسه من الموت

قَائِلِينَ: "يَا سَيِّدُ، قَدْ تَذَكَّرْنَا أَنَّ ذلِكَ الْمُضِلَّ قَالَ وَهُوَ حَيٌّ: إِنِّي بَعْدَ ثَلاَثَةِ أَيَّامٍ أَقُومُ" (متى ٢٧ : ٦٣). فعل يقوم في صيغة المتكلم 1st person، فهو الذي يقيم نفسه. حتى أن أعدائه، رؤساء الكهنة والفريسين، فهموا ذلك. فرددوا كلامه وكأنه يتكلم عن نفسه. وَابْتَدَأَ يُعَلِّمُهُمْ أَنَّ ابْنَ الإِنْسَانِ يَنْبَغِي أَنْ يَتَأَلَّمَ كَثِيرًا، وَيُرْفَضَ مِنَ الشُّيُوخِ وَرُؤَسَاءِ الْكَهَنَةِ وَالْكَتَبَةِ، وَيُقْتَلَ، وَبَعْدَ ثَلاَثَةِ أَيَّامٍ يَقُومُ (مرقس ٨ : ٣١). يقوم هنا مبني للمعلوم active، أي هو الذي يقوم. وَفِيمَا هُمْ نَازِلُونَ مِنَ ٱلْجَبَلِ، أَوْصَاهُمْ أَنْ لَا يُحَدِّثُوا أَحَدًا بِمَا أَبْصَرُوا، إِلَّا مَتَى قَامَ ٱبْنُ ٱلْإِنْسَانِ مِنَ ٱلْأَمْوَاتِ (مر ٩ : ٩). قام هنا غائب مبني للمعلوم 3rd person active، أي هو قام بنفسه. وَقَالَ لَهُمْ: "هَكَذَا هُوَ مَكْتُوبٌ، وَهَكَذَا كَانَ يَنْبَغِي أَنَّ ٱلْمَسِيحَ يَتَأَلَّمُ وَيَقُومُ مِنَ ٱلْأَمْوَاتِ فِي ٱلْيَوْمِ ٱلثَّالِثِ"(لو ٢٤ : ٤٦). يقوم هنا للمعلوم active وليس للمجهول، ...

العلاقة بين فريضتا المعمودية وعشاء الرب وبين الخلاص

فإني لست أريد أيها الإخوة أن تجهلوا أن آباءنا جميعهم كانوا تحت السحابة، وجميعهم اجتازوا في البحر، وجميعهم اعتمدوا لموسى في السحابة وفي البحر، وجميعهم أكلوا طعامًا واحدًا روحيًا، وجميعهم شربوا شرابًا واحدًا روحيًا، لأنهم كانوا يشربون من صخرة روحية تابعتهم، والصخرة كانت المسيح. لكن بأكثرهم لم يسر الله، لأنهم طرحوا في القفر. وهذه الأمور حدثت مثالاً لنا، حتى لا نكون نحن مشتهين شرورًا كما اشتهى أولئك. فلا تكونوا عبدة أوثان كما كان أناس منهم، كما هو مكتوب: "جلس الشعب للأكل والشرب، ثم قاموا للعب". ولا نزن كما زنى أناس منهم، فسقط في يوم واحد ثلاثة وعشرون ألفًا. ولا نجرب المسيح كما جرب أيضًا أناس منهم، فأهلكتهم الحيات. ولا تتذمروا كما تذمر أيضًا أناس منهم، فأهلكهم المهلك. فهذه الأمور جميعها أصابتهم مثالاً، وكتبت لإنذارنا نحن الذين انتهت إلينا أواخر الدهور. إذًا من يظن أنه قائم، فلينظر أن لا يسقط. (١ كو١٠ : ١ – ١٢) تعلّم الكنائس الطقسية أن فريضتا، أو سري المعمودية وعشاء الرب طبقًا لهم، يخلصان أو يسهمان في خلاص المسيحي. المعمودية تجدد، أو تزيل الخطية الأصلية. ومائدة الرب، أو الإفخارستيا...

الصليب والكأس

وَفِيمَا هُمْ يَأْكُلُونَ أَخَذَ يَسُوعُ ٱلْخُبْزَ، وَبَارَكَ وَكَسَّرَ وَأَعْطَى ٱلتَّلاَمِيذَ وَقَالَ: "خُذُوا كُلُوا. هَذَا هُوَ جَسَدِي". وَأَخَذَ ٱلْكَأْسَ وَشَكَرَ وَأَعْطَاهُمْ قَائِلاً: "ٱشْرَبُوا مِنْهَا كُلُّكُمْ، لأَنَّ هَذَا هُوَ دَمِي ٱلَّذِي لِلْعَهْدِ ٱلْجَدِيدِ ٱلَّذِي يُسْفَكُ مِنْ أَجْلِ كَثِيرِينَ لِمَغْفِرَةِ ٱلْخَطَايَا. وَأَقُولُ لَكُمْ: إِنِّي مِنَ ٱلآنَ لاَ أَشْرَبُ مِنْ نِتَاجِ ٱلْكَرْمَةِ هَذَا إِلَى ذَلِكَ ٱلْيَوْمِ حِينَمَا أَشْرَبُهُ مَعَكُمْ جَدِيدًا فِي مَلَكُوتِ أَبِي". حِينَئِذٍ جَاءَ مَعَهُمْ يَسُوعُ إِلَى ضَيْعَةٍ يُقَالُ لَهَا جَثْسَيْمَانِي، فَقَالَ لِلتَّلاَمِيذِ "ٱجْلِسُوا هَهُنَا حَتَّى أَمْضِيَ وَأُصَلِّيَ هُنَاكَ". ثُمَّ أَخَذَ مَعَهُ بُطْرُسَ وَٱبْنَيْ زَبْدِي، وَٱبْتَدَأَ يَحْزَنُ وَيَكْتَئِبُ. فَقَالَ لَهُمْ: "نَفْسِي حَزِينَةٌ جِدًّا حَتَّى ٱلْمَوْتِ. اُمْكُثُوا هَهُنَا وَٱسْهَرُوا مَعِي". ثُمَّ تَقَدَّمَ قَلِيلاً وَخَرَّ عَلَى وَجْهِهِ، وَجْهِهِ، وَكَانَ يُصَلِّي قَائِلاً: "يَا أَبَتَاهُ، إِنْ أ...

لماذا مركزية البدلية العقابية؟

لِإِظْهَارِ بِرِّهِ فِي ٱلزَّمَانِ ٱلْحَاضِرِ، لِيَكُونَ بَارًّا وَيُبَرِّرَ مَنْ هُوَ مِنَ ٱلْإِيمَانِ بِيَسُوعَ. (رومية ٣ : ٢٦) ما نقصده بالبدلية العقابية، هو أن المسيح تحمل ذات العقوبة التي كنا نستحقها نحن، وهي الجحيم الأبدية. العقوبة ذاتها، وليس أن الله تنازل وحسب ساعات الصلب كعقوبة أبدية. العقوبة ذاتها، وليس مثيلتها أو ما يوازيها (كما يدعي البعض). كما أن العبارة "مركزية البدلية العقابية" تفترض أن البدلية العقابية ليست الجانب الوحيد في كفارة المسيح. وهذا صحيح، فكفارة المسيح لها أكثر من بُعد أو فائدة. إنها مثل اللؤلؤة متعددة الجوانب. لكن الواجهة الرئيسية أو المركزية لهذه اللؤلؤة هي البدلية العقابية. كل شيء آخر في كفارة المسيح متوقف على البدلية العقابية. لكن لماذا مركزية البدلية العقابية؟ ١ – لأن البدلية العقابية مؤسسة على لاهوت متمركز حول الله God-centered القول أن كفارة المسيح هي في الأساس، وبصورة مركزية، لإسترضاء عدل الله هو أن نقدم فكر لاهوتي متمركز حول شخص الله. أي أن الله هنا هو محور المعادلة اللاهوتية، إن جاز التعبير. يقولون أن الأشياء بأضدادها تتضح. إذًا، أن تقول ...

تَعَنُّتْ المتشكك ضد الإعلانات الإلهية

ما هو الدليل على كون الكتاب المقدس كتابًا موحى به من الله؟ الدليل ليس السجل الأحفوري، وليس في الإكتشافات الأثرية، ولو أن هذه الأشياء، مع أهميتها، فعلاً تشهد على صدق كلمة الله. لكن الدليل في الكتاب المقدس نفسه. الكتاب المقدس هو الذي يشهد لنفسه self-authenticating . نحن لا نستطيع أن نجعل مصداقية الكتاب المقدس مرهونة بأشياء أخرى. وليس بإمكاننا أن نجعل الدليل على كون الكتاب إلهيًا هو أمر خارج عنه. إذ بذلك نُخْضِع كلمة الله لشيء آخر. وكأن الله يحتاج إلى مصادقة على حقه من كائن آخر. إن النور والجمال والحق والصدق والاتساق والقوة والفعالية والحياة الذين في الكتاب المقدس يشهدون له. ونستطيع أن نجد قياس على هذا الأمر في الكلمة المتجسد. نحن لم نؤمن بالرب يسوع، الكلمة المتجسد، بسبب أية أدلة تاريخية، بل لأننا بالإيمان رأينا النور والجمال والحق والقوة والخلاص والحياة الذين فيه. إن صفات الرب يسوع هي التي تشهد لنفسها. والمسيح هو الشاهد لنفسه. نحن لم نجعل المسيح الله، بل هو الله لذلك انحنينا خضوعًا لألوهيته. بالمثل، نحن لم نجعل الكتاب المقدس كتابًا إلهيًا معصومًا، بل وجدناه كذلك، فخضعنا لرسالته الإلهية. ...

إشارات غضب الله وعدله في الصليب

الطبيعة القضائية لموت المسيح أكثر عقيدة إنجيلية تتعرض للهجوم، من داخل وخارج الحركة الإنجيلية، هي البدلية العقابية والمفاهيم المرتبطة بها مثل غضب الله وعدله. وإحدى الحيل المستخدمة لذلك هي إعتراف البعض بوحي الأناجيل وإنكار رسائل بولس وكأن بولس يقدم تأويلاً لا تقدمه الأناجيل لنفسها. ظنًا منهم أنه لا يوجد بالأناجيل أية إشارات إلى غضب الله أو عدله في كفارة المسيح. لكن الأناجل بها الكثير من النصوص والحقائق التي تشير إلى الطبيعة العقابية لموت الرب يسوع المسيح. مثل النصوص التي تتحدث عن الخطية الأصلية الأمر الذي يفترض منطقيًا الإحتساب القضائي (مت ١٥ : ١٩). وتعليم المسيح بأن الخطية دين (واغفر لنا ديوننا كما يقول الأصل اليوناني، مت ٦ : ١٢). وأنه جاء فدية عن كثيرين (مت ٢٠ : ٢٨). وكونه حمل الله الذي يرفع خطية العالم (يو ١ : ٢٩). ومن لا يؤمن به يمكث عليه غضب الله (يو ٣ : ٣٦). إلا أن الأناجيل تفرد مساحة كبيرة منها إلى موت المسيح، مما يدل على مركزية هذا الحدث في الرواية الإنجيلية. يقول الدكتور مارتن لويد جونز: "كل واحد من الأناجيل هو كتاب قصير نسبيًا، ومع ذلك فإن الشيء المذهل هو أنه في كل منها ي...

الله مذكر أم مؤنث؟

يستغل الليبراليون بعض النصوص الكتابية، التي تشبّه نعمة الله من نحو شعبه بعناية الأم وحنوها، ليدفعوا بأجندتهم الليبرالية والنسوية. لكن كل النصوص التي شبهت نعمة الله من نحو شعبه بعناية الأم استعملت أسلوب التشبيه "كإنسان تعزيه أمه هكذا أعزيكم أنا". في المقابلة مع ذلك، فإن الكتاب المقدس تحدث عن الله بصيغة المذكر. وتشبيه حنو الله وعنايته على خاصته بحنو الأم على أولادها شىء طبيعي، بما أن الله هو خالق الأمومة والأنوثة. إلا أن خلق الله للأمومة والأنوثة لا يبرر عدم الحديث عنه بصيغة المذكر كما يعلم الكتاب المقدس. شتان الفرق بين أن يشبه الكتاب المقدس عناية الله بحنو الأم وبين أن يستعمل صيغة المؤنث للحديث عنه. صحيح أن الله يسمو عن الذكورة والأنوثة، ويسمو عن كل ما هو بشري. لكن يظل أن الكتاب المقدس استعمل صيغة المذكر في الحديث عنه. وُصف بأنه رجل الحرب. ووُصفت علاقته العهدية (الروحية) مع إسرائيل بعلاقة العريس بالعروس. وعندما تجسد اتخذ جسد رجل وسيظل به للأبد. وعلاقته بالكنيسة علاقة العريس بالعروس. فضلاً عن وَصفه بأنه ملك وقاضي وسيد. كما أن وَصف العلاقة الأقنومية الأزلية الفريدة بين الأقنومي ...

تفضيل الله للعبادة الجماعية العامة على العبادة الفردية الخاصة

صورة
ملخص عظة اللاهوتي البيوريتاني ديفيد كلاركسون (١٦٢٢ - ١٦٨٦ م.) مقدمة المترجم ليس الغرض من هذا الكلام هو الإقلال من شأن العبادة الفردية الخاصة، أو أننا علينا إهمالها لصالح العبادة العامة. لكن الغرض هو لفت النظر إلى شىء مُهْمَل بالفعل له هذه الفائدة العظيمة: العبادة الجماعية العامة. وليس هدف كلاركسون من هذه الكلمات هو إثناءنا عن العبادة الفردية الخاصة، بل إننا ينبغي أن نفعل هذه (العبادة العامة) ولا نترك تلك (العبادة الخاصة). وحتى لو لم يقنعنا الشرح الوارد هنا بأفضلية العبادة العامة على العبادة الخاصة، يظل أمرًا هامًا أن نتعلم عن أهميتها لنواجه به التطرف المتمثل في إهمال العبادة الجماعية واحتقارها واستبدالها بكنائس البيوت والمجموعات الصغيرة والتركيز على العلاقة الفردية بالله. بهذه الملاحظة الهامة أتركك مع كلمات كلاركسون نفسها بعد أن قمت بترجمتها عن الإنجليزية ثم تلخيصها. الرَّبُّ أَحَبَّ أَبْوَابَ صِهْيَوْنَ أَكْثَرَ مِنْ جَمِيعِ مَسَاكِنِ يَعْقُوبَ. (مز ٨٧ : ٢) "أحب الرب جميع مساكن يعقوب التي كان يُعْبَدُ فيها سرًا. وأما أبواب صهيون (الهيكل) فقد أَحَبَّهَا أكثر من جميع مساكن يعقوب لأ...

ألوهية المسيح في غلاطية ١

ألوهية المسيح ومساواته للآب يتخللان حجج بولس عن رسوليته وصدق إنجيله في غلاطية ١ في مواجهة المعلمين الكذبة. في غل ١ يضع بولس المسيح في مقابلة مع الإنسان عدة مرات، في إشارة ضمنية قوية عن ألوهية المسيح: في مواجهة المعلمين الكذبة يثبت بولس رسوليته بكونها لم تأتي من الناس ولا بإنسان بل من يسوع المسيح: "بُولُسُ، رَسُولٌ لَا مِنَ ٱلنَّاسِ وَلَا بِإِنْسَانٍ، بَلْ بِيَسُوعَ ٱلْمَسِيحِ وَٱللهِ ٱلْآبِ ٱلَّذِي أَقَامَهُ مِنَ ٱلْأَمْوَاتِ". غَلَاطِيَّةَ ١ : ١ إن كان الإنجيل الذي يكرز به بولس ليس بحسب إنسان، ولم يقبله من عند إنسان، ولم يتعلمه بل أُعْلِنَ له بواسطة يسوع المسيح، فمن هو يسوع إذًا سوى الله نفسه؟ "وَأُعَرِّفُكُمْ أَيُّهَا ٱلْإِخْوَةُ ٱلْإِنْجِيلَ ٱلَّذِي بَشَّرْتُ بِهِ، أَنَّهُ لَيْسَ بِحَسَبِ إِنْسَانٍ. لِأَنِّي لَمْ أَقْبَلْهُ مِنْ عِنْدِ إِنْسَانٍ وَلَا عُلِّمْتُهُ. بَلْ بِإِعْلَانِ يَسُوعَ ٱلْمَسِيحِ". غل ١ : ١١ - ١٢ لم يسعى بولس لإرضاء البشر أو استعطافهم، أيًا كانت مكانتهم، بل كان شغله الشاغل هو أن يكون عبد صالح للمسيح: "أَفَأَسْتَعْطِفُ ٱلْآنَ ٱلنَّاسَ أَم...