المشاركات

عرض الرسائل ذات التصنيف أنثروبولوجي

الخطية الجدية والخطية الأصلية في عجالة

الخطية الجدية Ancestral Sin مصطلح (ومفهوم) أرثوذكسي شرقي، وهو مختلف عن مصطلح (ومفهوم) الخطية الأصلية Original Sin الذي يعلم به البروتستانت. والفرق بين المصطلحين ومن ثم المفهومين كبير. يُقصد بالخطية الجدية وراثة تبعات السقوط فقط؛ الموت وفساد الطبيعة. بينا تعني الخطية الأصلية وراثة كل من الفساد والذنب والدينونة. ومفهوم الخطية الجدية شرقي أرثوذكسي تعلم به الكنائس اليونانية. وبينما لا يُستعمل هذا المصطلح بين البروتستانت، إلا أن المفهوم نفسه ينادى به بواسطة غير المحافظين منهم. مثل قولهم أننا وارثون لنتائج السقوط فقط دون الاشتراك في ذنب آدم. والحجة اللاهوتية لدى القائلين بمفهوم الخطية الجدية، سواء اِسْتُعْمِل هذا المصطلح أم لا، هو أن الله ليس بظالم حتى يجعل نسل آدم يرثوا ذنبه. إذ ليس من العدل أن يكونوا مشتركين في ذنب لم يفعلوه. إلا أنه يبدو أن أصحاب مفهوم الخطية الجدية لم يدرسوا جيدًا تبعات هذا الادعاء. فبينما يرون أننا لم نرث سوى الموت من آدم، لا يصبح لديهم سى خيار من الإثنين؛ إما أن هذا الموت يحدث بصورة تلقائية دون يد لله فيه، أو أنه عقاب الله للإنسان. الادعاء بأن الموت يحدث بصورة تلقائية...

هل حقًا الخطية لم توقف مضخة الحب في القلب ولكن حولت اتجاهها كما يدعي الدكتور ماهر صموئيل؟

صورة
في هذه الكلمات الخطيرة يفترض الدكتور ماهر صموئيل هنا عدة افتراضات مسبقة غير كتابية: ١ – يفترض أن المحبة هي الصفة المركزية في الإنسان كما هي في الله. في حين أن المحبة لا هي الصفة المركزية في الإنسان ولا الله. فالبر والقداسة جوهريان في الله بقدر جوهرية المحبة فيه. لا يوجد صفة مركزية في الله على حساب صفة أخرى. فهو محبة، وفي نفس الوقت قدوس قدوس قدوس، ونار آكلة، بنفس القدر. والإنسان لكونه مخلوق على صورة الله ومثاله فقد خُلق بمجموعة من الصفات المتساوية؛ البر، المحبة، القوة (مع ملاحظة أنها جميعًا محدودة). والكتاب يطالبنا بالقداسة بقدر ما يطالبنا بالمحبة. ٢ – يفترض أن التأثير الرئيسي للخطية هو على الإنسان وليس على الله، بالقول أن الخطية جعلت مسار المحبة ينحرف لدى الإنسان. هذا صحيح من منظور ما، إلا أن التأثير الرئيسي للخطية هو نحو الله؛ فهي تغضبه وتؤدي إلى عقابه. إن الله هنا يغيب عن الصورة وكأن الخطية لا تضيره. إن ماهر صموئيل يختزل مشكلة الخطية في الإنسان مع نفسه بدلاً من الإنسان في مواجهة قداسة الله وعدله. ٣ – يفترض أن الخطية لم تؤثر بصورة جوهرية في الإنسان، بل فقط غيرت اتجاه محبته فظل كائن مح...

ما معنى أن الخطية موجهة ضد الله في الأساس؟

للخطية تأثيرات متعددة. فهي تغضب الله (تأثير على الله)، وتدمر الإنسان (تأثير على الإنسان)، وتفسد العلاقات بين البشر (تأثير على الخليقة). إلا أن التأثير الجوهري لها هو تأثيرها إلى أعلى، أي نحو الله. فالخطية في الأساس موجهة ضد الله وإن كانت فعل شرير تجاه الآخرين أو الذات أو الخليقة غير العاقلة. إنها تعدي على ناموسه وتحدي لسلطانه وإهانة لقداسته! هذا التعدي (التأثير على الله)، يؤدي بدوره إلى تدمير الإنسان (التأثير على الإنسان). إن كل حق متعلق بالخطية والفداء يجد أساسه في كون الخطية موجهة ضد الله. وكون الخطية موجهة ضد الله في الأساس أمر له تطبيقات لاهوتية عدة: ١ – أن عقاب الخطية (الموت) موجه من الله إلى الإنسان. أي أنه لا يحدث بصورة تلقائية أو أوتوماتيكية. بل هو قضاء مباشر من الرب. إنه شئ لا يعقل أن تكون الخطية موجهة ضد الله بينما لا يكون لله دخل في عقاب الإنسان. ٢ – أن كفارة المسيح موجهة إلى الله كثمن مدفوع نيابة عنا. استرضاء لغضبه المقدس واستيفاء لعدله وإكرام لقداسته وسلطانه. إن كانت الخطية موجهة ضد الله، وهي حقًا كذلك، فلابد لكفارة المسيح تأثير على الله (استرضاءه). ٣ – إن لم تكن الخطية في...

ما المشكلة في تعريف الخطية على أنها مجرد انتفاء للبر؟

أوضحت في مقالات سابقة كيف أن هناك بعض التعريفات للخطية تحوي بعض الحق عنها. إلا أنها في نفس الوقت تشوه مفهوم الخطية، إن كان المقصود بها تعريف جوهر الخطية. على سبيل المثال، هناك من يُعَرِّف الخطية على أنها (في الأساس) "الأنانية"، أو "الإنحصار في الذات" (ومن ثم أيضًا فالجحيم هو أن يسلمك الله لذاتك كما يقول سي إس لويس). ما من شك أن هذا هو أحد أبعاد الخطية. إلا أن تعريف الخطية بهذا الشكل غير صحيح. ليس فقط لأنه تعريف ذو منطق دائري يفترض صحة معيار ما آخر يقول أن الأنانية خطأ. وليس فقط لأن هناك أشكال من الاهتمام بالذات امتدحها الكتاب المقدس. فالله مثلاً يطلب مجده، والإنسان عليه أن يقوت جسده ويربيه. وليس أيضًا، لأن هناك أشكال من تفضيل الآخرين على أنفسنا إلا أنها في نفس الوقت غير مدفوعة بمجد الله أو محبته (مثل أن يفضل الإنسان أحباءه على الله). بل الأهم من كل ما سبق هو أن ذلك التعريف للخطية يغفل حقيقة كونها تعدٍ على ناموس الله في الأساس. البعض أيضًا يُعَرِّف الخطية على أنها، التعلق بغير الله. مرة أخرى، فإن هذا أحد أبعاد الحق الكتابي المتعلق بالخطية. على أن اعتبار جوهر الخطية ه...

النصرة على الشيطان من خلال البدلية العقابية

تلخيص لأفكار جيرمي تريت إحدى الطرق التي يتم من خلالها الهجوم على تعليم البدلية العقابية هو وضعه في منافسة أو تضاد مع النصرة على الشيطان والتي يطلق عليها أكاديميًا "كريستوس فيكتور" (المسيح المنتصر). وكأن كل منهما يستبعد الآخر بالضرورة. إلا أن هذا غير صحيح. بل إن هناك تناغم وتكامل بين هذين الجانبين من الكفارة. في السطور التالية سألخص أفكار اللاهوتي جيرمي تريت حول العلاقة بين البدلية العقابية والنصرة على الشيطان. يبدأ تريت معالجته للموضوع بالتعمق إلى جذور المشكلة. أي أن الكفارة هي حل لمشكلة. ومشكلة الإنسان متعددة الجوانب. فهو في عداوة مع الله وتحت عبودية الشيطان في آن واحد. إلا أن ثمة علاقة وطيدة بين هذين الجانبين من المعضلة الإنسانية. يُعَلِّم تريت بأن مشكلة الشيطان اشتقاقية من مشكلة الإنسان مع الله. أي أن كون الإنسان مهزوم أو مستعبد من الشيطان لهو أثر من آثار العلاقة المكسورة مع الله. بكلمات أخرى، فإن الإنسان مستعبد في مملكة الشيطان لأنه مطرود من ملكوت الله. وهو تحت سلطان الشيطان لكونه تمرد على مُلك الله. لكن كيف يمارس الشيطان سلطانه على الإنسان؟ يجيب تريت بأن الشيطان يمارس سل...

مشروع الكتاب المقدس ولاهوت مجمع الآلهة

صورة
يروج تيم ماكي صاحب خدمة مشروع الكتاب المقدس الشهير Bible Project لما يسمى بـ "لاهوت مجمع الآلهة" Divine Council Theology. في سلسلة فيديوهات منشورة على قناة مشروع الكتاب المقدس باللغة الإنجليزية بعنوان "الكائنات الروحية" وأبرزها فيديو بعنوان The Divine Council يطرح تيم ماكي هذا الفكر. له أيضًا لقاء يعلن فيه صراحة عن تأثره بهذا المنهج اللاهوتي. فضلاً عن ذلك فإن هذه التعاليم غير القويمة قد أخذت في الانتشار في الأوساط الإنجيلية الغربية والفضل يرجع لصياغة وترويج اللاهوتي مايكل هايزر لهذا الفكر من خلال كتابه وفيلمه الوثائقي The Unseen Realm . وعلى حد معرفتي (وبدون ذكر أسماء) هذا الكتاب موجود باللغة العربية ولكن تحت إسم مؤلف آخر غير مؤلفه الأصلي. سأقوم أولاً بتقديم مخلص لهذا الفكر ثم تفنيد عام له. قرأت كتاب هايزر السابق الإشارة إليه وشاهدت الوثائقي ثلاث مرات. سأستعين بالوثائقي لأنه أكثر إيجازًا في عرض أفكار هايزر. يبدأ الوثائقي بهذه العبارة الرنانة: "يومًا ما سنحل نحن المؤمنون محل بنو الله المتمردون في المجمع الإلهي". وهي ملخص لفكر هايزر حول الخلق والسقوط والفداء...

تعليق على عظة الدكتور ماهر صموئيل "الإنجيل والدين"

استمعت إلى هذه العظة مرتين وأستطيع القول أنه ليس فيها جديد، نفس التعاليم غير الكتابية التي يقولها منذ سنين. وهذه العظة، وإن كان عنوانها هو "الدين والإنجيل"، إلا أنها في الحقيقة طعن في الإنجيل. ولكي لا أطيل سأقدم لك أربعة خيوط في هذا العظة كتلخيص للتعاليم المضادة للإنجيل فيها. أولاً، بها مأزق مفتعل بين العقيدة والمسيح. وهذا هو منهج الدكتور ماهر صموئيل كما اعتدناه منذ سنين. هو دائمًا يخيرك بين الاعتقاد عن المسيح والاتحاد بالمسيح. بين أن يكون لك فكر عنه وأن يكون لك علاقة به. وهذا يتضح من عبارات قالها مثل: "يمكن أن تكون بوذيًا بدون بوذا، ولا يمكن أن تكون مسيحيًا بدون المسيح". "الإنجيل ... ليس قبول تعليم (عن) المسيح، لكن انفتاج القلب لقبول شخص المسيح". "البوذية من غير بوذا بوذية، المسيحية من غير شخص المسيح، ماهياش مسيحية". النتيجة التي يريدك أن تخلص إليها الدكتور ماهر صموئيل هنا، ودون أن يقولها صراحة، هي: طالما أن العقيدة غير هامة لمعرفة المسيح، إذًا، معرفة المسيح يمكن أن تكون متاحة خارج المسيحية. وهذا ما سيتأكد لنا عند مناقشة النقطة الأخيرة. ولكن، ...

ما معنى اشتراكنا في موت المسيح؟

هناك الكثير من النصوص الكتابية التي تقول أننا مُتنا مع المسيح (رو ٦ : ٨، ١٤ : ٨)، وصُلبنا معه (رو ٦ : ٦، ، غل ٢ : ٢٠)، واشرتكنا في آلامه (رو ٦ : ٦، ، غل ٢ : ٢٠). إلا أن ولا واحد من هذه النصوص يعني أننا اشتركنا في آلامه أو موته الكفاريين. ولكن للأسف فإن دعاة اللاهوت الشرقي يستغلون تمييزًا خطيرًا بين البدلية والنيابية لكي يطعنوا في البدلية العقابية أو الجانب القضائي من الخلاص. فالخلاص لدى هؤلاء شفاء أو تأله، المهم أن ينأوا به بعيدًا عن غفران الخطاية والنجاة من الجحيم. على سبيل المثال، يوجد قول منتشر للأب متى المسكين يُفهم منه أننا اشتركنا في موت المسيح الفدائي الذي أخذ فيه فسادنا: "أن المسيح لم يأخذ الخطية منا ليموت بها عوضًا عنا؛ بل أخذ جسد خطيتنا بعينه، وأمات الخطية الفعلية فيه، ولاشاها منه بموته. فهو لم يمت وحده على الصليب، فنحن كنا فيه علي الصليب ‘مع المسيح صلبت’. ونحن كنا فيه لما مات بالجسد الذي هو جسدنا وأمات الخطية، خطية العمد القاتلة، التي في الجسد الذي هو جسدنا ... ". المشكلة في هذا التعليم في الحقيقة هي مشكلة مزدوجة: أننا اشتركنا في آلام المسيح الكفارية، وأنه أخذ فساد...

ما هو العامل المشترك بين أشباه العلوم النفسية، وبين التشكيل الروحي؟

كلاهما مادة خارجة عن الكتاب المقدس وليست موجودة فيه extra-biblical. وكلاهما ينافس كلمة الله من حيث كفايتها لتقديسنا. أشباه العلوم النفسية تدعي لنفسها إمكانية تحريرك من الغضب أو الإدمان .. إلخ. وهي ذات الأمور الحياتية، الخلاصية والتقديسية، التي علمنا بولس أن كلمة الله تكفينا لتحقيقها "كل الكتاب .. نافع للتعليم والتوبيخ، للتقويم والتأديب الذي في البر، لكي يكون إنسان الله كاملاً، متأهبًا لكل عمل صالح" (٢ تي ٣ : ١٦). مُدَّعو التشكيل الروحي يُملون عليك تدريبات روحية معينة (كالصلاة التنفسية والعزلة والتقشف) بحجة أنها هامة وحيوية لنمونا وتقديسينا. هل يمكن أن تكون حيوية وخطيرة والكتاب المقدس لم يذكرها؟ غير صحيح لأن "كل ما سبق فكتب كتب لأجل تعليمنا، حتى بالصبر والتعزية بما في الكتب يكون لنا رجاء" (رو ١٥ : ٤). ليس فقط أن أشباه العلوم النفسية والتشكيل الروحي ينافسان الكتاب المقدس في كونه كافيًا للتقديس (وبهذا فهو طعن في سولا سكريبتورا)، بل بهما أمورًا مضادة للحق الكتابي anti-biblical . أشباه العلوم النفسية مؤسسة على صلاح الإنسان وقدرته على مساعدة نفسه، وهدفها إرضاؤه وتحقيق سع...

كيف تقرأ سفر الأمثال

كُتِب سفر الأمثال بواسطة مجموعة من الكُتَّاب، وذلك على خلاف ما هو شائع وما قد يبدو لنا من مقدمة السفر أن سليمان هو كاتبه الوحيد. إلا أن سليمان كَتَبَ الجزء الأكبر منه، بالإضافة إلى قيامه بتجميع الكثير من الأمثال المدونة فيه. والتقسيم التالي للسفر يساعدنا على فهم كل من كاتبيه وخط سيره: خطابات مُطَوَّلة للحكمة المُشَخْصَنَة (الحكمة كشخص) ١ : ١ – ٩ : ١٨ أقوال قصيرة لسليمان ١٠ : ١ – ٢٢ : ١٦ أقوال قصيرة للحكماء ٢٢ : ١٧ – ٢٤ : ٣٤ تجميع ثاني لسليمان تم في زمن حزقيا ٢٥ : ١ – ٢٩ : ٢٧ أقوال أجور ٣٠ : ١ – ٣٣ أقوال الملك لموئيل ٣١ : ١ – ٩ مدح للمرأة الفاضلة ٣١ : ١٠ – ٣١ بعض الصعوبات في السفر قد توجهنا بعض الصعوبات عند قراءة السفر. أولاً، لا يوجد بالسفر رواية تاريخية أو أحداث متسلسلة تسهل علينا قراءته. فرغم أن كل من أيوب والجامعة والأمثال جميعًا أسفار شعرية، إلا أننا نجد فقط كل من أيوب والجامعة يسيران في تسلسل روائي (وإن كان الجامعة لا يفعل ذلك بنفس الوضوح الذي نجده في أيوب). وهذا الأمر ينطبق أيضًا إلى حد ما على سفر نشيد الأنشاد (أنظر مقال: كيف تقرأ سفر نشيد الأنشاد). بينما لا نجد هناك قصة في...

بعض الأناجيل المزيفة في كلمات

إنجيل الرخاء: المسيح بموته حقق لنا النجاح والرخاء والشفاء. لهذا فالله لا يريدك فقيرًا أو مريضًا أو فاشلاً زمنيًا. الإنجيل العلاجي: المسيح بموته اشترى لك السعادة النفسية. لهذا فالله يريدك سعيدًا، ذاتك متحققة، مُشْبَع نفسيًا. إنجيل اللاهوت الشرقي (إنجيل صوفي): الله صار إنسانًا لكي يصيرنا آلهة. والله يريدك أن تختبره عن طريق الإتحاد به ومن ثم التأله. إنجيل التشكيل الروحي (إنجيل أعمال صوفي) عليك أن تتشكل روحيًا، من خلال تدريبات روحية، لتصير مثل المسيح. ممارسة التدريبات الروحية ستمنحك السكينة والسعادة من خلال التمثل بالمسيح كمنوذج أخلاقي وليس كمُخَلِّص. الإنجيل الأخلاقي أو إنجيل الأعمال (البيلاجي): المسيح جاء لكي يعطينا قوة الإرادة والنموذج الأخلاقي اللذان يمكننا بهما أن نخلص أنفسنا. الله يريدك مثل يسوع في القداسة من خلال صلاحك الشخصي وقوة إرادتك. كل الأناجيل السابقة تحوي شيئًا من الحقيقة، لكن مع الأسف كل الأناجيل السابقة مركزها الإنسان man-centered ، لهذا فهي تغفل جانب جوهري من الحقيقة أيضًا. الإنجيل الحقيقي الوحيد هو الإنجيل المتمركز حول الله God-centered ، الله في المسيح. المسيح جاء لكي ي...

ما المشكلة في تعريف الخطية على أنها كل ما نفعله عندما نكون غير مكتفون بالله؟

صورة
يُعَرِّفُ جون بايبر الخطية على أنها: "الخطية هي كل ما تفعله عندما يكون قلبك غير مكتف بالله". ميزة هذا التعريف أنه يلفت النظر إلى حالة القلب بحيث أن كل شئ يعمله الإنسان، بما في ذلك الأعمال الصالحة والخدمة، بينما هو غير مكتف بالله، فهو خطية. وهذا أمر سليم، إلا أنه ليس الصورة بأكملها. إنه جزء من الحقيقة ولا ينبغي أن يشكل الحق الجوهري المتعلق بالخطية. إن هذا التعريف به أكثر من مشكلة. أهمها هو أنه متمركز حول الإنسان. إذ ينطلق في تعريف الخطية من أسفل إلى أعلى، وليس من أعلى إلى أسفل (كما ينبغي أن يكون). فما يحدد الخطية من عدمها في الأساس، طبقًا لهذا التعريف، هو موقف الإنسان نحو الله (وليس موقف الله تجاه الإنسان كما يغفل التعريف). مدى اكتفاء الإنسان بالله، وليس مدى رضا الرب عن الإنسان. بكلمات أخرى، إن هذا التعريف يحدد معنى الخطية بالإشارة إلى الإنسان نفسه وليس الله. قياس طبيعة الإنسان على الإنسان ذاته. أنثروبولجي غير مؤسس على الثيولوجي بروبر (وهذا مخالف للمنهج المصلح المؤسس على مركزية الله). إن المشكلة في هذا التعريف تتضح أكثر إن سالنا أنفسنا هذا السؤال: طبقًا لأي مقياس أنا مكتف بالل...

دالاس ويلارد يزدري بتعليم النعمة ويهمش الجانب القضائي من الخلاص

صورة
من يقرأ لدالاس ويلارد، أو يشاهد لقاءاته مع جون أورتبيرج، سيجد أن ويلارد يزدري بتعليم النعمة وبمركزية البعد القضائي في الخلاص (غفران الخطايا، التبرير، الحياة الأبدية، النجاة من دينونة الله). وله عبارات شهيرة تطعن في مركزية الجانب القضائي للخلاص لحساب الجانب السلوكي أو العملي يردد بعضها كل من ماهر صموئيل وأوسم وصفي. يدعي ويلارد أن تقديم الخلاص على أنه غفران للخطايا أو حياة أبدية أو الذهاب للسماء هو: تركيز على الخطية كذنب (في الماضي) على حساب الخطية كفعل (الآن). تركيز على التبرير على حساب التجديد. تركيز على الصليب على حساب القيامة. تركيز على الذهاب للسماء على حساب التلمذة والملكوت الآن. تركيز على أحد نظريات الكفارة. إن تقديم الخلاص على أنه غفران للخطايا أو حياة أبدية ليس خطأً من طرف الإنجيليين، فالجانب القضائي من الخلاص هو البعد المركزي فيه. وعلى فرض أن هذا خطأ إنجيلي معاصر، فإنك تتوقع أن يقوم ويلارد بأي نوع من التوازن أو ضبط الأمور حيال هذا الخطأ. إلا أنه يقوم بالتركيز على الخلاص من الخطايا الحاضرة وفي نفس الوقت يهمش بل ويطعن في مركزية غفران الخطايا والنجاة من دينونة الله. فهو يدعي أ...

هل جوانب الحق المتعلق بالخطية متساوية أم أن هناك حق مركزي عن الخطية؟

يدعي أحدهم الآتي: بحضَّر سلسلة من الخدمات هقدّمها خلال كام يوم في مدرسة للخُدَّام .. وواحدة من الخدمات دي هتكون عن "الخطيّة" .. وأنا بجمَّع بعض التشبيهات الكتابيَّة للخطيّة .. لقيت أكتر من ١٤ تشبيه للخطيّة استخدمهم الكتاب المُقدَّس .. وفعلًا مستغرب على إصرار بعض الناس .. على حصر الخطيَّة في تشبيه واحد بس، زي المرض أو التَّعدّي مثلًا .. وكأنّهم متعمّدين يبصّوا للموضوع بعين واحدة ويقفلوا التانية .. عشان يأيِّدوا مفهوم معيَّن للكفَّارة عاوزين يتبنّوه ويرفضوا غيره .. مع إن غنى التشبيه الكتابي للخطيّة، بيساعدنا نفهم كل جوانبها .. عشان نفهم عمق وشموليّة عمل المسيح في الصليب، لأجلنا! تعليقًا على ذلك: صاحب هذه الكلمات يبدو، كعادته، أنه يحاول اتخاذ موقف وسط بين مواقف متطرفة. صحيح أن الحق الكتابي حول الخطية متعدد الجوانب. فالخطية تعدٍ وتقصير ومرض وعدم إيمان وتمركز حول الذات إلخ. إلا أن هذه الجوانب ليست متساوية من حيث مركزيتها وثقلها. للحق جوانب متعددة لكن تلك الجوانب ليست متساوية من حيث مركزيتها. والقول بغير ذلك أو محاولة جعل هذه الجوانب متساوية من حيث الأهمية أو المركزية هو تشويه للحق...

كيف تقرأ سفر الجامعة

القراءة العابرة لهذا السفر قد تواجه صعوبة في إيجاد مكان له بين باقي أسفار الكتاب المقدس بل وفي مصالحته مع المنظور الكوني المسيحي. فكلمات كاتب السفر تبدو من الوهلة الأولى وكأنها تُقْر بعبثية الحياة وافتقارها للمعنى. وهذه معالجة للأمر من منظور أفقي (تحت الشمس) وليس من منظور رأسي (فوق الشمس). إلا أن الصورة التي يرسمها الجامعة للحياة أكثر تعقيدًا من ذلك. والنظرة المدققة للسفر ستجده في تمام الاتساق مع كل من الحق الكتابي العام وتسلسل أحداث التاريخ الفدائي في باقي الأسفار القانونية. ما هو الموضوع الرئيسي للسفر؟ إن الموضوع الرئيسي للسفر هو الصراع مع بُطل الحياة، أي عبثيتها، وطريق الإنتصار على هذه العبثية. فكلمة "باطل" العبرية (hebel) ترد ٣٨ مرة في السفر. ومن ثم فهي موضوعه المحوري. ولتلك الكلمة العبرية هذه المعان الثلاثة: زائل ووقتي، مُحْبِط وفارغ، مُحَيِّر وعويص. هذه المعاني متداخلة ومترابطة بصورة يصعب فصلها عن بعضها. في المقابلة مع بُطْل الحياة تحت الشمس يدعو الجامعة إلى التلذذ بمسراتها كحل مضاد لهذا البُطْل. إلا أن الترياق الباقي لبُطْل الحياة تحت الشمس، كما يعلمنا الجامعة أيضًا، ه...

تعليق على ندوة الدكتور ماهر صموئيل "هل احتياجي إلى مرشد روحي أم معالج نفسي"

صورة
شاهدت هذه الندوة مرتين وأستطيع أن أقول أنها مليئة بالتناقضات والمغالطات اللاهوتية إلى حد إنكار قيمة المسيحية وإن كان بطريقة غير مباشرة. سأقوم بالتعليق على أهم ما جاء بها مع تقييم مختصر لمجمل المحتوى المقدم. المشكلة مع العلاج النفسي هو أنه مؤسس على مجموعة من الافتراضات المضادة لجوهر الحق المسيحي. ناقشت هذه الافتراضات بشئ من التفصيل في مقال مستقل بعنوان " علم النفس ديانة مضادة للمسيحية ". من ضمن تلك الافترضات هو أن علم النفس متمركز حول الإنسان، بينما المسيحية متمركزة حول المسيح. علم النفس أيضًا يجعل من الإنسان ضحية، بينما يعلمنا الكتاب المقدس عن مذنوبية الإنسان ومسؤوليته أمام الله. كما أن علم النفس يعرِّف الخطية على أنها إدمان، في حين يقدم الكتاب المقدس حولها منظورًا متكاملاً. مثل كونها مرضًا روحيًا (فساد) يحتاج إلى شفاء، وتعدي على ناموس الله يحتاج إلى الغفران والتبرير، ونجاسة تحتاج إلى التطهير. علم النفس، إذًا، يقدم حلولًا لمشكلة الإنسان بمعزل عن الله بل ومضادة له. بينما تحدث ماهر صموئيل عن أهمية الإيمان في العلاج النفسي، وشدد على ضرورة الروحانية، على خلاف المنهج العلماني الذي...