النصرة على الشيطان من خلال البدلية العقابية
تلخيص لأفكار جيرمي تريت
إحدى الطرق التي يتم من خلالها الهجوم على تعليم البدلية العقابية هو وضعه في منافسة أو تضاد مع النصرة على الشيطان والتي يطلق عليها أكاديميًا "كريستوس فيكتور" (المسيح المنتصر). وكأن كل منهما يستبعد الآخر بالضرورة. إلا أن هذا غير صحيح. بل إن هناك تناغم وتكامل بين هذين الجانبين من الكفارة. في السطور التالية سألخص أفكار اللاهوتي جيرمي تريت حول العلاقة بين البدلية العقابية والنصرة على الشيطان.
يبدأ تريت معالجته للموضوع بالتعمق إلى جذور المشكلة. أي أن الكفارة هي حل لمشكلة. ومشكلة الإنسان متعددة الجوانب. فهو في عداوة مع الله وتحت عبودية الشيطان في آن واحد. إلا أن ثمة علاقة وطيدة بين هذين الجانبين من المعضلة الإنسانية. يُعَلِّم تريت بأن مشكلة الشيطان اشتقاقية من مشكلة الإنسان مع الله. أي أن كون الإنسان مهزوم أو مستعبد من الشيطان لهو أثر من آثار العلاقة المكسورة مع الله. بكلمات أخرى، فإن الإنسان مستعبد في مملكة الشيطان لأنه مطرود من ملكوت الله. وهو تحت سلطان الشيطان لكونه تمرد على مُلك الله.
لكن كيف يمارس الشيطان سلطانه على الإنسان؟ يجيب تريت بأن الشيطان يمارس سلطانه من خلال مكائده الشريرة ضد الإنسان والتي هي التجربة، والخداع، والشكاية، التي تقود جميعًا إلى الموت. وبأكثر تحديد، إنه يمارس سلطانه هذا من خلال كلمته المُجَرِّبَة والخادعة والشاكية التي تقود إلى الموت. وهو في ذلك عكس الله في عمله. إن الله يتكلم فيعطي حياة. بينما يتكلم الشيطان فيجلب الموت.
على أن أقوى أسلحة الشيطان أو مكائده هو شكايته. لأن شكايته تمس جذور المعضلة الإنسانية. وعلى حد تعبير تريت:
"هذه المكيدة الشيطانية (يقصد شكايته)، وهي على خلاف مكائده الأخرى، هي أقوى ما لديه، لأنها تستمد قوتها من حقيقة أنها تحتكم إلى معيار الله المقدس: الناموس. بعبارة أخرى، الشيطان على حق. فالخطاة مذنبون أمام القاضي القدوس ويستحقون تمامًا عقوبة غضب الله وفي النهاية الموت. ومن ثم يُترك الخطاة عاجزين عن الكلام، غير قادرين على دحض اتهامات الشيطان، وبالتالي يتم استعبادهم بسلطته الاتهامية".
وهذا يقودنا إلى سؤال آخر: كيف انتصر المسيح على الشيطان؟ إننا في ضوء المشكلة نستطيع أن نفهم الحل (الكفارة). وبالتعامل مع المشكلة الأصلية وهي العداوة مع الله يمكننا أن ندرك كيفية النصرة على الشيطان. بكلمات أخرى، بما أن مشكلة الإنسان مع الشيطان اشتقاقية، أي بسبب العداوة مع الله. فإن النصرة على الشيطان أيضًا اشتقاقية، أي أثر من آثار استرضاء غضب الله واشباع عدله. ذلك لأن عبودية الشيطان حلّت بسبب العداوة مع الله. والعداوة مع الله تعني الوقوع تحت غضبه وطائلة حكم ناموسه. ترتيبًا على ذلك، فإن السبيل إلى النصرة على الشيطان كان من خلال إبطال شكايته بتحمل المسيح للعقاب عنا. الشيطان يخيف بالموت الذي حل علينا كدينونة من الله، ويثقل الضمائر بشكايته. البدلية العقابية تعني أن المسيح أباد الموت وأبطل شكاية الشيطان (عب ٢ : ٥ – ١٨، كو ٢ : ١٣ – ١٥، رؤ ١٢ : ٩ – ١١، ١ يو ٣ : ٤ – ٩). بناء على ذلك، فإن النصرة على الشيطان (كريستوس فيكتور) في حاجة إلى البدلية العقابية وليست في منافسة معها. بكلمات أخرى، النصرة على الشيطان تحققت من خلال البدلية العقابية.
إن البدلية العقابية تشرح كيف انتصر المسيح على الشيطان. إن كانت البدلية العقابية مثل القلب الذي يضخ حياة إلى باقي جوانب الكفارة، وهي حقًا كذلك، فإن النصرة على الشيطان بمثابة العَقِبْ (الكعب). وطبقًا لكلمات تريت:
"من الناحية المفاهيمية، تتناول البدلية العقابية ‘كيفية’ الكفارة، وتتناول كريستوس فيكتور آثارها على الشيطان والأرواح النجسة والموت – فكلاهما ضمن الهدف الأوسع المتمثل في المصالحة من أجل مجد الله. بقدر ما يُنظر إلى كريستوس فيكتور ليس فقط على أنه انتصار على الشيطان ولكن أيضًا على أنه تأسيس لملكوت الله – باستعادة واقعه وإرساليته العدنية – يوفر كريستوس فيكتور السياق الأوسع للبدلية العقابية. مجازيًا، ربما يمكننا استعارة لغة ‘القلب’. إن كانت البدلية العقابية هي قلب الكفارة، تضخ الحياة في الجوانب الأخرى، فربما يكون كريستوس فيكتور هو العَقِب، الذي يسحق رأس الحية ويقلب اللعنة التي تمنع البشرية من مملكتها العدنية. لكن دعونا لا ننسى أننا بحاجة إلى قلب وعقب. قلب بلا عقب لا يحظى بأي فرصة في المعركة. لكن العقب بدون قلب لا يملك القوة للنصرة".
هذا يقود إلى سؤال آخر: ماذا لو اِتُّخِذَت النصرة على الشيطان كمنهج للكفارة يستبعد البدلية العقابية؟ إن هذا يمكن أن يعني عدة أشياء كما يرى تريت.
أولاً، بإستبعاد البدلية العقابية تصير آلام المسيح كالوسيلة للإنتصار على الشيطان لغزًا لا معنى له: "لذلك، فإن كريستوس فيكتور، بمعزل عن البدلية العقابية، لا تفسر لماذا تألم المسيح من أجل هزيمة الشيطان، بل وتقوض هذا الانتصار". أي لو لم يتألم المسيح لاسترضاء عدل الله بدلاً عنا ومن ثم إبطال شكاية الشيطان فمى معنى آلامه إذًا؟
ثانيًا، ومن منظور آخر، فإنه باستبعاد البدلية العقابية، فإن النصرة على الشيطان تعني أن البشر ضحايا أكثر من كونهم مذنبون. أي أن البشر ليسوا المشكلة، والمشكلة تكمن في قوى الشر، بينما البشر هم مجرد ضحايا. وطبقًا لكلمات تريت: "تشير كريستوس فيكتور وحدها إلى أن البشر هم مجرد ضحايا للشيطان يجب إنقاذهم من المشكلة بدلاً من كونهم خطاة يشكلون جزءًا من المشكلة".
أخيرًا وليس آخرًا، فإن استبعاد البدلية العقابية، واختزال كفارة المسيح في النصرة على الشيطان قد يعني أيضًا أن الله انتصر على الشيطان، لا باسترضاء عدله الإلهي ومن ثم إبطال شكاية المشتكي، بل باستخدامه للبطش. يقتبس جيرمي تريت كلمات أوڤي:
"إذا استثنينا اعتبارات العدالة من انتصار الله (على الشيطان)، فما هي طبيعة ذلك الانتصار؟ يصبح من الصعب إذًا رؤية هذا الانتصار على أنه يستند إلى أي شيء آخر غير القوة: ولن تكون تلك القوة بالضرورة ضد أخلاقية بالطبع، لكنها ستكون في أفضل الأحوال لأخلاقية (لا صفة أخلاقية أو أدبية لها)…. الخطر هنا هو أن انتصار الله يصبح قوة محضة. إلا أن مفاهيم العدالة تخبرنا ليس فقط أن الله قوي، بل أن ملكه عادل".
تلخيصًا لكل ما سبق، إن كان سلطان الشيطان على الإنسان يكمن في الشكاية عليه طبقًا لناموس الله العادل والاحتكام إلى شخص الله البار. فإن النصرة عليه تأتي بإبطال هذه الشكاية من خلال استرضاء عدل الله بموت المسيح البدلي. ليس هناك تنافس إذًا بين البدلية العقابية والنصرة على الشيطان. بل بالحري تكامل. كما أن استبعاد البدلية العقابية تجعل النصرة على الشيطان لغز بلا معنى. ويصير الإنسان ضحية وليس مذنبًا. ويكون الحل ليس بمناشدة عدل الله بل بطشه.
إحدى الطرق التي يتم من خلالها الهجوم على تعليم البدلية العقابية هو وضعه في منافسة أو تضاد مع النصرة على الشيطان والتي يطلق عليها أكاديميًا "كريستوس فيكتور" (المسيح المنتصر). وكأن كل منهما يستبعد الآخر بالضرورة. إلا أن هذا غير صحيح. بل إن هناك تناغم وتكامل بين هذين الجانبين من الكفارة. في السطور التالية سألخص أفكار اللاهوتي جيرمي تريت حول العلاقة بين البدلية العقابية والنصرة على الشيطان.
يبدأ تريت معالجته للموضوع بالتعمق إلى جذور المشكلة. أي أن الكفارة هي حل لمشكلة. ومشكلة الإنسان متعددة الجوانب. فهو في عداوة مع الله وتحت عبودية الشيطان في آن واحد. إلا أن ثمة علاقة وطيدة بين هذين الجانبين من المعضلة الإنسانية. يُعَلِّم تريت بأن مشكلة الشيطان اشتقاقية من مشكلة الإنسان مع الله. أي أن كون الإنسان مهزوم أو مستعبد من الشيطان لهو أثر من آثار العلاقة المكسورة مع الله. بكلمات أخرى، فإن الإنسان مستعبد في مملكة الشيطان لأنه مطرود من ملكوت الله. وهو تحت سلطان الشيطان لكونه تمرد على مُلك الله.
لكن كيف يمارس الشيطان سلطانه على الإنسان؟ يجيب تريت بأن الشيطان يمارس سلطانه من خلال مكائده الشريرة ضد الإنسان والتي هي التجربة، والخداع، والشكاية، التي تقود جميعًا إلى الموت. وبأكثر تحديد، إنه يمارس سلطانه هذا من خلال كلمته المُجَرِّبَة والخادعة والشاكية التي تقود إلى الموت. وهو في ذلك عكس الله في عمله. إن الله يتكلم فيعطي حياة. بينما يتكلم الشيطان فيجلب الموت.
على أن أقوى أسلحة الشيطان أو مكائده هو شكايته. لأن شكايته تمس جذور المعضلة الإنسانية. وعلى حد تعبير تريت:
"هذه المكيدة الشيطانية (يقصد شكايته)، وهي على خلاف مكائده الأخرى، هي أقوى ما لديه، لأنها تستمد قوتها من حقيقة أنها تحتكم إلى معيار الله المقدس: الناموس. بعبارة أخرى، الشيطان على حق. فالخطاة مذنبون أمام القاضي القدوس ويستحقون تمامًا عقوبة غضب الله وفي النهاية الموت. ومن ثم يُترك الخطاة عاجزين عن الكلام، غير قادرين على دحض اتهامات الشيطان، وبالتالي يتم استعبادهم بسلطته الاتهامية".
وهذا يقودنا إلى سؤال آخر: كيف انتصر المسيح على الشيطان؟ إننا في ضوء المشكلة نستطيع أن نفهم الحل (الكفارة). وبالتعامل مع المشكلة الأصلية وهي العداوة مع الله يمكننا أن ندرك كيفية النصرة على الشيطان. بكلمات أخرى، بما أن مشكلة الإنسان مع الشيطان اشتقاقية، أي بسبب العداوة مع الله. فإن النصرة على الشيطان أيضًا اشتقاقية، أي أثر من آثار استرضاء غضب الله واشباع عدله. ذلك لأن عبودية الشيطان حلّت بسبب العداوة مع الله. والعداوة مع الله تعني الوقوع تحت غضبه وطائلة حكم ناموسه. ترتيبًا على ذلك، فإن السبيل إلى النصرة على الشيطان كان من خلال إبطال شكايته بتحمل المسيح للعقاب عنا. الشيطان يخيف بالموت الذي حل علينا كدينونة من الله، ويثقل الضمائر بشكايته. البدلية العقابية تعني أن المسيح أباد الموت وأبطل شكاية الشيطان (عب ٢ : ٥ – ١٨، كو ٢ : ١٣ – ١٥، رؤ ١٢ : ٩ – ١١، ١ يو ٣ : ٤ – ٩). بناء على ذلك، فإن النصرة على الشيطان (كريستوس فيكتور) في حاجة إلى البدلية العقابية وليست في منافسة معها. بكلمات أخرى، النصرة على الشيطان تحققت من خلال البدلية العقابية.
إن البدلية العقابية تشرح كيف انتصر المسيح على الشيطان. إن كانت البدلية العقابية مثل القلب الذي يضخ حياة إلى باقي جوانب الكفارة، وهي حقًا كذلك، فإن النصرة على الشيطان بمثابة العَقِبْ (الكعب). وطبقًا لكلمات تريت:
"من الناحية المفاهيمية، تتناول البدلية العقابية ‘كيفية’ الكفارة، وتتناول كريستوس فيكتور آثارها على الشيطان والأرواح النجسة والموت – فكلاهما ضمن الهدف الأوسع المتمثل في المصالحة من أجل مجد الله. بقدر ما يُنظر إلى كريستوس فيكتور ليس فقط على أنه انتصار على الشيطان ولكن أيضًا على أنه تأسيس لملكوت الله – باستعادة واقعه وإرساليته العدنية – يوفر كريستوس فيكتور السياق الأوسع للبدلية العقابية. مجازيًا، ربما يمكننا استعارة لغة ‘القلب’. إن كانت البدلية العقابية هي قلب الكفارة، تضخ الحياة في الجوانب الأخرى، فربما يكون كريستوس فيكتور هو العَقِب، الذي يسحق رأس الحية ويقلب اللعنة التي تمنع البشرية من مملكتها العدنية. لكن دعونا لا ننسى أننا بحاجة إلى قلب وعقب. قلب بلا عقب لا يحظى بأي فرصة في المعركة. لكن العقب بدون قلب لا يملك القوة للنصرة".
هذا يقود إلى سؤال آخر: ماذا لو اِتُّخِذَت النصرة على الشيطان كمنهج للكفارة يستبعد البدلية العقابية؟ إن هذا يمكن أن يعني عدة أشياء كما يرى تريت.
أولاً، بإستبعاد البدلية العقابية تصير آلام المسيح كالوسيلة للإنتصار على الشيطان لغزًا لا معنى له: "لذلك، فإن كريستوس فيكتور، بمعزل عن البدلية العقابية، لا تفسر لماذا تألم المسيح من أجل هزيمة الشيطان، بل وتقوض هذا الانتصار". أي لو لم يتألم المسيح لاسترضاء عدل الله بدلاً عنا ومن ثم إبطال شكاية الشيطان فمى معنى آلامه إذًا؟
ثانيًا، ومن منظور آخر، فإنه باستبعاد البدلية العقابية، فإن النصرة على الشيطان تعني أن البشر ضحايا أكثر من كونهم مذنبون. أي أن البشر ليسوا المشكلة، والمشكلة تكمن في قوى الشر، بينما البشر هم مجرد ضحايا. وطبقًا لكلمات تريت: "تشير كريستوس فيكتور وحدها إلى أن البشر هم مجرد ضحايا للشيطان يجب إنقاذهم من المشكلة بدلاً من كونهم خطاة يشكلون جزءًا من المشكلة".
أخيرًا وليس آخرًا، فإن استبعاد البدلية العقابية، واختزال كفارة المسيح في النصرة على الشيطان قد يعني أيضًا أن الله انتصر على الشيطان، لا باسترضاء عدله الإلهي ومن ثم إبطال شكاية المشتكي، بل باستخدامه للبطش. يقتبس جيرمي تريت كلمات أوڤي:
"إذا استثنينا اعتبارات العدالة من انتصار الله (على الشيطان)، فما هي طبيعة ذلك الانتصار؟ يصبح من الصعب إذًا رؤية هذا الانتصار على أنه يستند إلى أي شيء آخر غير القوة: ولن تكون تلك القوة بالضرورة ضد أخلاقية بالطبع، لكنها ستكون في أفضل الأحوال لأخلاقية (لا صفة أخلاقية أو أدبية لها)…. الخطر هنا هو أن انتصار الله يصبح قوة محضة. إلا أن مفاهيم العدالة تخبرنا ليس فقط أن الله قوي، بل أن ملكه عادل".
تلخيصًا لكل ما سبق، إن كان سلطان الشيطان على الإنسان يكمن في الشكاية عليه طبقًا لناموس الله العادل والاحتكام إلى شخص الله البار. فإن النصرة عليه تأتي بإبطال هذه الشكاية من خلال استرضاء عدل الله بموت المسيح البدلي. ليس هناك تنافس إذًا بين البدلية العقابية والنصرة على الشيطان. بل بالحري تكامل. كما أن استبعاد البدلية العقابية تجعل النصرة على الشيطان لغز بلا معنى. ويصير الإنسان ضحية وليس مذنبًا. ويكون الحل ليس بمناشدة عدل الله بل بطشه.
تعليقات
إرسال تعليق