المشاركات

عرض الرسائل ذات التصنيف تاريخ كنسي

الطاعة الإيجابية للمسيح

"إن طاعة المسيح للناموس، وإحتسابها لنا، ليست أقل أهمية لتبريرنا أمام الله، من تحمله لآلام عقوبة الناموس، وإحتسابه لنا، لتحقيق نفس الغاية". (جون أوين) الطاعة الإيجابية تعليم مهمل ‏ رغم القيمة الكفارية العُظمى لطاعة المسيح الإيجابية عنا طيلة حياته على الأرض، إلا أنه مع كل أسف فهو تعليم مهمل. ولا سيما لدى ‏البروتستانت الناطقون بالعربية. بالمقابلة مع ذلك، ينسب أصحاب اللاهوت الشرقي تقريبًا كل القيمة الكفارية للتجسد وحياة المسيح ‏على الأرض مع إهمال الصليب لدرجة الطعن في البدلية العقابية. فالكفارة بالنسبة لهم هي اتحاد اللامحدود بالمحدود لكي يشفه (وهذا ‏صحيح ولكن بشرط عدم إنكار باقي جوانب الكفارة من طاعة إيجابية وبدلية عقابية). وبينما يشكل موت الصليب لنا كبروتستانت ‏مركز الكفارة، إلا أننا لسنا في حاجة لإنكار القيمة الكفارية لحياة المسيح للرد على هذا التطرف لللاهوت الشرقي. بل إننا نكون قد ‏أخطأنا خطأً كبيرًا إن أنكرنا تمثيل المسيح لنا في طبيعته وحياته وتقواه. وكما يقول بافينك "لذلك، إنه لأمر متناقض تمامًا مع الكتاب ‏المقدس، أن نحصر عمل المسيح ‏‎‘‎الإسترضائي‎’‎‏ (الكفاري) في آلام...

الثالوث الاجتماعي

صورة
عزيزي البروتستانتي الشرقي المعاصر، لقد صدروا لك مفهومًا اجتماعيًا عن الثالوث. فكثيرًا ما يتم تعريف الثالوث على أنه كائن علاقاتي. وأن الآب والابن والروح القدس في علاقة محبة أزلية. وأنه لابد من وجود علاقة محبة أزلية بين الأقانيم قبل الخلق، وإلا لكان الله بلا محبة. إلا أن هذا مفهومًا اجتماعيًا للثالوث يؤدي إلى كافة الهرطقات! الثالوث الاجتماعي طبقًا لأحد التعريفات: "هو تفسير مسيحي للثالوث على أنه يتكون من ثلاثة أقانيم في علاقة حب، مما يعكس نموذجًا للعلاقات البشرية. يؤكد (هذا) التعليم أن الله كائن اجتماعي بطبيعته. تقترب الوحدة البشرية من التوافق مع صورة وحدة الله من خلال العطاء الذاتي، والتعاطف، والعشق لبعضنا البعض، وما إلى ذلك. هذا الحب هو تشابه أخلاقي ملائم مع الله، ولكنه يتناقض بشكل صارخ مع وحدة الله في الكينونة". طبقًا لهذا التعريف، إذًا، يتم النظر إلى الثالوث نظرة اجتماعية، وليس طبقًا لما هو الله في ذاته (لهذا يرى التعريف تناقض بين المفهوم الاجتماعي للثالوث والمفهوم الأنطولوجي؛ الكينونة). أي تعريفه بناء على العلاقات وليس بناء على الكينونة. وبما أن ما نعتقده عن الله يؤسس لما ن...

الميول المرقيونية لدى بعض البروتستانت

صورة
ما من شك أن هناك صعوبة في فهم العلاقة بين العهدين القديم والجديد، والصورة التي يرسمها كل منهما عن الله. أيًا كانت الاختلافات بين الصورتين، فإن أي مسيحي كتابي لا يستطيع إلا وأن يؤكد على أنهما صورتان لنفس الإله، ذو نفس الجوهر والصفات، ولكن في ظل تدبيرين أو عهدين مختلفين. على أنه يوجد فيما بيننا من يقولون بغير ذلك. وهذا نوع من المرقيونية. وقبل أن نقدم أمثلة على من يضعون الله (وغضبه) في العهد القديم في مواجهة مع يسوع (ومحبته) في العهد الجديد، سنقوم أولاً بتعريف ما هي المرقيونية. المرقيونية، طبقًا لتعريف أحد القواميس اللاهوتية هي: "تعاليم مرقيون (المتوفى ١٦٠ م.)، والتي تميزت بالفصل الحاد بين ‘إله الغضب’ للعهد القديم و ‘إله المحبة’ في العهد الجديد، وهي الرأي القائل بأن المسيح لم يتجسد أبدًا. في المرقيونية، تحل المسيحية محل اليهودية. والأسفار القانونية التي تعترف بها (هذه الهرطقة) هي: إنجيل لوقا وعشر رسائل بولس (فقط)". [1] يُعَرِّفها قاموس لاهوتي آخر على أنها: "حركة بدأت مع مرقيون في القرن الثاني، والتي رفضت صلاحية شهادة العهد القديم للمسيحيين لأن إله العهد القديم كان يُعتقد أن...

هل ينبغي رفض المصطلحات اللاهوتية لأنها لم ترد في الكتاب المقدس؟

البروتستانتي الشرقي المعاصر مغترب عن التاريخ الكنسي، مع أنه مدين بالفضل إلى هذا التاريخ بشدة. البعض يرفضون المصطلحات اللاهوتية بحجة أنها لم ترد في الكتاب المقدس. في حين أنهم يستعملون مصطلحات لم ترد في الكتاب المقدس ولكنها متعلقة بعقائد خطيرة. على سبيل المثال، أول من استعمل مصطلح "ثالوث" باليونانية Trias للتعبير عن الأقانيم الثلاثة في وحدة جوهرية كان ثاؤفيلس الأنطاكي (تقريبًا 180 م.). ثم بعده بقليل صاغ ترتليانوس مصطلح Trinitas اللاتيني ليعبر عن نفس المفهوم. بالإضافة إلى ذلك صك ترتليانوس مصطلحات أخرى مثل Persona والتي يقابلها أقنوم بالعربية، و Substantia والتي يقابلها جوهر. كمثال آخر لمصطلح غير موجود في الكتاب المقدس ولكن تم صياغته للتعبير عن مفهوم كتابي هو مصطلح الخطية الأصلية peccatum originale . وقد صاغه أغسطينوس (في القرن الرابع) في شرحه لرسالة رومية للإشارة إلى مفهوم الفساد الموروث. على الرغم أن مصطلحي "الثالوث" و"الخطية الأصلية" لم يردا في الكتاب المقدس، إلا أن المفهومان موجدان بوضوح فيه. وهما مصطلحان يعبران عن مفهومان جوهريان في الحق المسيحي وربما ل...

نسطورية القس سامح موريس

يوجد بيننا كبروتستانت نساطرة كثيرون معاصرون، يفصلون بين طبيعتي المسيح، سواء عند الحديث عن ولادته أو تجربته في البرية أو موته. يؤكدون على أن يسوع وُلِد أو جُرِّبَ أو صُلِبَ فقط كإنسان. لكن هذا خطأ. لأن طبيعة اللاهوت اشتركت في كل شيء فعله المسيح كإنسان. أي شيء بشري فعله المسيح، اشتركت فيه الطبيعة الإلهية. إن كان المسيح وُلِد كإنسان، فاللاهوت أيضًا اشترك في ذلك. وكل شيء فعله المسيح كإله، مثل المعجزات، اشتركت الطبيعة البشرية فيه. في هذا الفيديو الخطير، يدمج سامح موريس مجموعة من الهرطقات الكريستولوجية معًا. بدءًا من النسطورية، بالقول أن مَنْ وُلِدَ من العذراء ليس المسيح كإله، بل كإنسان فقط. الأمر الذي يعني أنه لم يصر إلهًا إلا بعد ولادته. وحينها يثور السؤال: عند أي نقطة من حياته، وبعد ولادته، صار إلهًا؟ الثانية هي الأبولينارية، والقائلة بأن يسوع لم يكن له روح (أو عقل) بشري. أكد موريس في الفيديو أن المسيح ليس مثلنا له روح بشرية، بل روح الله الذي حل في جسده. أن تقول أن المسيح لم يكن له روح أو عقل بشرية فهذا يعني أنه لم يكن له طبيعة بشرية حقيقية كاملة. وهذا يصل بنا إلى الهرطقة الدوسيتية (الثال...

ما المشكلة في ترانيم العشق الإلهي؟

الترانيم أداة لاهوتية خطيرة سواء فيما تطرحه أو حتى فيما تغفله. بكلمات أخرى، ليست فقط المشكلة يمكن أن تكون في الترانيم التي تحتوي على عقائد خاطئة، بل أيضًا في الترانيم التي لا تحتوي على أية عقائد من الأساس. وهذه المشكلة الأخيرة لا تقل خطورة عن الأولى. إن هذه النوعية الأخيرة من الترانيم نجدها في كل من الدوائر الكاريزماتية والصوفية معًا. مع الفارق في أن ترانيم العشق تلك قد تحوي على إسم يسوع في الأوساط الكاريزماتية، بينما لا نجد أي مصطلح مسيحي في الترانيم الصوفية مثل بعض ترانيم المنشد الصوفي ("أنا حي بيك يا شمس الحياة"). لكن كلاهما يمكن أن يندرجا تحت مسمى "ترانيم العشق الإلهي". إن عدم احتواء بعض الترانيم على أية تعاليم كتابية (الأمر الذي يمكن أن يدل على توجه مسكوني أيضًا)، وفي نفس الوقت الاستعاضة عن ذلك بتصريحات بها مشاعر فائرة نحو الله، دون مراعاة لسموه أو سلطانه أمر يجد جذوره في الغنوصية. يشرح اللاهوتي الكبير مايك هورتون كيف أن الغنوصية تشدد على قرب الله وتغفل سموه: "فيما يتعلق بعلاقة الفرد بالله، يشدد الغنوصي على قرب الله أكثر من قداسته وسلطانه الساميان. في الوا...

الكنيسة كواسطة للنعمة

إحدى نقاط الضعف الخطيرة في البروتستانتية الشرقية المعاصرة هو عدم وجود عقيدة إنجيلية صلبة عن الكنيسة (إكليزيولوجي مُصْلَح)، الأمر الذي يؤثر بصورة حرجة على أهمية الكنيسة لدى الفرد البروتستانتي المعاصر. في المقابلة مع ذلك، علّم المصلحون بحيوية الدور الذي تقوم به الكنيسة في الخلاص (الكرازة) والتقديس. وبينما اختلف المصلحون فيما بينهم حول طريقة إدارة الكنيسة، وحول ما ينبغي أن تتضمنه العبادة (المبدأ التنظيمي في مقابل المبدأ المعياري)، إلا أنهم اتفقوا فيما بينهم على مركزية الكنيسة كواسطة للنعمة في حياة الفرد المسيحي. لطالما علّمت الكنيسة التاريخية بأنه "لا خلاص خارج الكنيسة". الآباء علّموا بذلك، والمصلحون من بعدهم وعلى منهجهم. طبعًا ما يُقْصد بذلك ليس ما تقصده الكنيسة الكاثوليكية (والكنائس التقليدية بصفة عامة) أنه لا خلاص خارج الكنيسة لكون الكنيسة هي مانحة النعمة الخلاصية من خلال الأسرار، فالمصلحين هم أول من رفض هذا المعنى. ولا أن الكنيسة تمنح صكوك معينة يحصل الإنسان بموجبها على الخلاص، فهذا الادعاء غير الكتابي كان الشرارة الأولى للإصلاح البروتستانتي وتسمير لوثر لأطروحاته الخمس والتس...

لماذا مركزية البدلية العقابية؟

لِإِظْهَارِ بِرِّهِ فِي ٱلزَّمَانِ ٱلْحَاضِرِ، لِيَكُونَ بَارًّا وَيُبَرِّرَ مَنْ هُوَ مِنَ ٱلْإِيمَانِ بِيَسُوعَ. (رومية ٣ : ٢٦) ما نقصده بالبدلية العقابية، هو أن المسيح تحمل ذات العقوبة التي كنا نستحقها نحن، وهي الجحيم الأبدية. العقوبة ذاتها، وليس أن الله تنازل وحسب ساعات الصلب كعقوبة أبدية. العقوبة ذاتها، وليس مثيلتها أو ما يوازيها (كما يدعي البعض). كما أن العبارة "مركزية البدلية العقابية" تفترض أن البدلية العقابية ليست الجانب الوحيد في كفارة المسيح. وهذا صحيح، فكفارة المسيح لها أكثر من بُعد أو فائدة. إنها مثل اللؤلؤة متعددة الجوانب. لكن الواجهة الرئيسية أو المركزية لهذه اللؤلؤة هي البدلية العقابية. كل شيء آخر في كفارة المسيح متوقف على البدلية العقابية. لكن لماذا مركزية البدلية العقابية؟ ١ – لأن البدلية العقابية مؤسسة على لاهوت متمركز حول الله God-centered القول أن كفارة المسيح هي في الأساس، وبصورة مركزية، لإسترضاء عدل الله هو أن نقدم فكر لاهوتي متمركز حول شخص الله. أي أن الله هنا هو محور المعادلة اللاهوتية، إن جاز التعبير. يقولون أن الأشياء بأضدادها تتضح. إذًا، أن تقول ...

المصلح البروتستانتي جون كالفن عن شفاعة القديسين

يقدم كالفن في كتابه "رفات القديسين" الخلفية التاريخية لتطور الإعجاب بالشهداء القديسين، كأبطال، إلى عبادة لهم في صورة صلوات لهم وتشفعات بهم. وكيف أن هذا التحول من الإعجاب والتقدير والتمثل بهم إلى عبادة لهم تجد جذورها في ممارسات وثنية أُدْخِلَت شيئًا فشيئًا من الوثنية إلى المسيحية. وقد اخترت بعض المقتطفات الهامة من مقدمة هذا الكتاب تبرز كيفت تطور الإعجاب بالشهداء القديسين إلى عبادة لهم. يقول كالفن عن تمجيد القديسين وتحويلهم إلى شفعاء على درجة أنصاف آلهة: "عبادة الأبطال شيء فطري في الطبيعة البشرية، وهي مؤسسة على بعض من أسمى مشاعرنا: الامتنان، والحب، والإعجاب. ولكنها، مثل كل المشاعر الأخرى، عندما لا تحكمها المباديء والعقل، قد تتدهور بسهولة إلى المبالغات الجامحة، وتؤدي إلى أخطر العواقب. من خلال هذه المبالغة في تلك المشاعر النبيلة، ملأت الوثنية (جبل) أوليمبوس بالآلهة وأنصاف الآلهة، بما يرقى إلى هذه الرتبة من الرجال الذين غالبًا ما يستحقون امتنان زملائهم المخلوقات، من خلال بعض الخدمات البارزة المقدمة للمجتمع، أو بالإعجاب بهم، من خلال القيام ببعض الأعمال التي تتطلب درجة أكثر من ...

الإرتباط بين وراثة الخطية من الرحم لدى الإنسان وبين اتحاد الطبيعة الإلهية بالطبيعة البشرية في المسيح وهو بعد في الرحم

لفت نظري أن إقرار الإيمان البلجيكي المصلح (1618 – 1619) يؤكد على حقيقتان جوهريتان في المسيحية وفي نفس الوقت متاقبلتان: أولاً، عقيدة الخطية الأصلية في كون الإنسان يرث الفساد وهو في بطن أمه بعد: "نؤمن بأنه من خلال عصيان آدم امتدت الخطية الأصليَّة إلى كل الجنس البشري، وهي فسادٌ للطبيعة بأكملها، ومرض وراثي، يُصاب به الأطفال حتى وهم داخل رحم أمهاتهم، وهي تُنتِج من داخل الإنسان كافة أنواع الخطايا، إذ هي بداخله مثل أصل يثمرها؛ ومن ثمَّ فهي نجسة وكريهة في عيني الله حتى أنها كافية لإدانة كل الجنس البشري". (ترجمة خدمات ليجونير) ثانيًا، وفي المقابلة مع ذلك، يؤكد الإقرار أيضًا أن المسيح له الطبيعة الإلهية وهو بعد في بطن العذراء وقبل أن يولد: "نعترف، إذن، بأن الله قد حقَّق هذا الوعد الذي قطعه للآباء بفم أنبيائه القديسين حين أرسل إلى العالم، في الوقت الذي عيَّنه، ابنه الأزلي وحيده، الذي أخذ صورَةَ عَبدٍ، صائرًا في شِبهِ النّاسِ، متخذًا بالحقيقة الطبيعة البشريَّة، بكل ضعفاتها، ما خلا الخطية؛ إذ حُبل به في رحم العذراء المُطوَّبة مريم، بقوة الروح القدس، دون تدخُّل من رجل". (ترجمة ...

هل يليق بنا كبروتستانت أن نستعمل مصطلح "والدة الإله"؟

تعودنا، كبروتستانت، أن نسمع الكثيرون بيننا يعلنون رفضهم القاطع لمصطلح ثيؤطوكوس، أي والدة الإله، والذي اِسْتُخْدَمَ في القرن الرابع للدفاع عن اتحاد الطبيعتان في المسيح منذ لحظة الحمل به. لكن الرفض البروتستانتي لهذا المصطلح غير مُبَرَّر. وإن كان هناك من منظور ما أسبابًا تجعلنا نتفهم الرفض، ألا وهي تلك الكرامات التي من الممكن أن يوحي بها ذلك المصطلح والتي نُسِبَت إلى العذراء بدءً من القرن الخامس حتى صارت مريم على قدم المساواة مع شخص المسيح نفسه. إلا أن الأمر لم يكن هكذا منذ الوقت الذي دافعت فيه الكنيسة عن هذا المصطلح. بل ولم يكن هذا المصطح قد صيغ لإكرام العذراء أو للدفاع عنها هي بصورة أساسية. الأمجاد والكرامات التي ينسبها الطقسيون لمريم، كما أشرنا، جاءت لاحقًا. لكن المشكلة في القرن الرابع كانت إصرار النساطرة أنه لا يجوز القول أن مَنْ وُلِدَ من العذراء هو الله، بل المسيح كإنسان. للرد على نسطور وأتباعه، كان لدى الكنيسة عدة إختيارات للتعبير عن إتحاد الطبيعتان في شخص المسيح منذ لحظة الحمل به: ١ - ثيؤطوكوس (والدة الإله)، ٢ - كريستوطوكوس (والدة المسيح)، ٣ - أنثروبوطوكوس (والدة الإنسان). من قالو...

أين تجد عقائد مثل الهرمية الكهنوتية والخلافة الرسولية جذورها التاريخية؟

تعلّم الكنائس الطقسية بالهرمية الكهنوتية والخلافة الرسولية. على سبيل المثال، جاء في أحد الكتب الصادرة عن الكنيسة القبطية الأرثوذكسية: "ما هي الخلافة الرسولية في الفكر الأرثوذكسي؟ هي تتابع تسلسل الكهنوت في الكنيسة، مُنحدرًا من القديس الرسول مُؤسس الكنيسة". على أن ذلك الكهنوت الطقسي المنحدر من الرسل في حد ذاته يتألف من درجات كهنوتية وهي مرتبة صعودًا كالآتي: "الشماسية الأسقفية القسيسية". هذه التعاليم وإن كانت قديمة الجذور في التاريخ الكنسي إلا أنه لا أساس لها في العهد الجديد. يشرح المؤرخ الكنسي نيكولاس نيدهام الجذور التاريخية التي أدت إلى بلورة كل من الهرمية الكنهوتية والخلافة الرسولية. طبقًا لنيدهام، يمكننا أن نجد تلك الجذور التاريخية أولاً في إعلاء الأسقف فوق الشيوخ، رغم أن الشيخ هو نفسه الأسقف طبقًا لتعليم العهد الجديد. والسبب الذي جعل بعض رجال الكنيسة الأولى إعلاء أحد الشيوخ (كالأسقف) فوق باقي الشيوخ هو القضاء على الإنقسامات داخل الكنيسة. وأول من دعا إلى إعطاء الأسقف مكانة أولى على باقي الشيوخ والشمامسة لإرساء الوحدة في الكنائس هو إغناطيوس الأنطاكي (110 م.). يقو...

أثر التبرير بالإيمان على فعالية الكهنوت الطقسي

تعليم الإصلاح البروتستانتي بالتبرير بالنعمة وحدها من خلال الإيمان وحده لم يكن فقط إعادة اكتشاف للإنجيل، بل كان أيضًا الأمر الذي قَوَّض الطقسية من جذورها. كما أنه لم يكن مجرد خلاف عقيدي ثانوي مع الكنيسة القروسطية حول الخلاص. بل كان يعني أنه لا فعالية أو صلاحية للطقسية بأكملها في نظامها القائم على الأسرار الكهنوتية والكنسية. وقد فهمت الكنيسة القروسطية هذا المعنى جيدًا، من هنا جاء عدائهم للإصلاح البروتستانتي.  ذلك لأنه إن كان الخلاص بالنعمة والإيمان وحدهما، إذًا، فلا حاجة لأسرار الكنيسة، ولا حاجة للنظام الكهنوتي الطقسي بأكمله. التبرير بالإيمان أصاب الطقسية في مقتل في كل من السوتوريولوچي والإكليزيولوچي. وعليه، فلم يكن من فراغ أن المصلحون قالوا أن التبرير هو ذلك التعليم الذي تقوم أو تسقط عليه الكنيسة.   يقول المورخ الكنسي المعاصر سكوت مانيتسك: "رسالة مارتن لوثر بأن الخطاة أبرار أمام الله من خلال الإيمان وحده بالمسيح (سولا فيديه)، ليس فقط أنها قوضت النظام التكفيري الكاثوليكي [الخلاص من خلال القيام بكفارات معينة]، لكنها اقتلعت من الجذور الدور السرائري للكاهن القروسطي كالمانح للن...

كيف قرأ المصلحون الكتاب المقدس؟

صورة
لم يهتم أو يدافع المصلحون فقط عن سلطان كلمة الله في مواجهة سلطان الكنيسة والتقليد، بل أيضًا بالطريقة التي ينبغي أن يُقْرَأ ويُفَسَّر بها الكتاب المقدس. فمن الممكن أن يعترف أحدهم بسلطة الكتاب المقدس لكنه يقوضها بالطريقة التي يقرأه بها من ناحية أخرى.  كانت هناك طريقة لقراءة الكتاب المقدس سائدة وقت المصلحون تسمى بـ "الكوادريجا" (الكوادريجا كلمة لاتينية تعني عربة تجرها أربعة خيول). والكوادريجا تُعَلِّم بأن للنص الكتابي أربعة معاني مختلفة. وهذه المنهجية موجودة منذ مدرسة الإسكندرية التي تجد جذورها في فيلو اليهودي ثم أوريجانوس وإن كانت بصورة أقل تعقيدًا، إلا أنها أخذت ذلك الشكل النهائي لها في القرون الوسطى.  كوادريجا القرون الوسطى قالت أن للنص الكتابي أربعة معاني مختلفة: المعنى الحرفي المباشر الصريح، المعنى الأدبي (الأخلاقي) الذي يقدم تعليمات عن السلوك الصحيح، المعنى المجازي الذي يشرح محتوى الإيمان أو العقيدة، ثم أخيرًا المعنى الأناجوجي المتعلق بالخلاص المستقبلي.  على سبيل المثال، أي نص في الكتاب المقدس يذكر كلمة "أورشليم"، يمكن أن تشير هذه الكلمة فيه إلى أربعة معاني. بالن...