لاهوت الصليب ولاهوت المجد .. الإله المُخْفَىَ والإله المُعْلَن .. لدى لوثر
فَرَّقَ لوثر بين نوعين من اللاهوتيين: لاهوتي الصليب ولاهوتي المجد. يقول في مناظرة هايدلبرج:
19. "لا يستحق أن يُدعى لاهوتياً، ذلك الشخص الذي ينظر إلى أمور الله، كما لو كانت مدركة بصورة واضحة، في تلك الأشياء التي حدثت بالفعل (رو 1 : 20)".
20. "بينما يستحق أن يُدعى لاهوتياً، مَنْ يفهم أمور الله المنظورة والظاهرة من خلال الألم والصليب".
21. "لاهوتي المجد يدعو الشر خير، والخير يدعوه شراً. لاهوتي الصليب يدعو الشئ بما هو عليه في الواقع".
لاهوتي الصليب يقدم لك حق الله المُعْلَنُ في الصليب كما هو، بغض النظر عن الإستحسان البشري. دون أي تجميل، أو تزيين، رغم كون الصليب في ظاهره مُعثِرَاً للإنسان بأطيافه المختلفة.
لاهوتي المجد يطرح عليك فكره المؤسس، لا على مجد الله، ولكن على مجد الإنسان الدنيوي الزائل. لاهوتي المجد لا يقدم لك الحق كما هو، بل بعد الإضافة إليه والحذف منه كيفما اتفق مع الإستحسان الإنساني المفسد بالخطية.
لاهوت الصليب، هو لاهوت المجد الإلهي المُخْفَىَ في ألم وخزي الصليب. ولاهوت المجد (الإنساني)، هو لاهوت الخزي الإنساني المُخْتَبِئ وراء المجد الظاهري الدنيوي الزائل.
لهذا يُمَيِّزُ لوثر أيضا بين الإله المُعْلَن والإله الخَفِي. ليس أن الله كان مَخْفِيَّاً وصار مُعْلَنَاً، بل إنه لا يزال مَخْفِيَّاً فيما أعلنه، ومُعْلَنَاً فيما يخفيه. بعبارة أخرى، الصليب يُظْهِرُ شيئا ويخفي شيئاً آخر وراءه. الصليب في ظاهره خزي وألم وموت، لكن في باطنه مجد وراحة وحياة. الصليب يعلن الله ويخفيه في نفس الوقت. ذلك لأن إله الصليب إلها مَخْفِيَّاً ومُعْلَنَاً في نفس الوقت.
وبكلمات ريتشارد مولر:
"مفارقة عدم إمكانية معرفة الله وإعلانه عن نفسه كما ذكر لوثر. ليست المسألة أن الله كان مَخْفِيَّاً ثم صار الآن مُعْلَنَاً، بل أن الإعلان الذي أُعطي للبشر يتحدى حكمة العالم لأنه إعلان الإله المُخْفَىَ. الله مُعْلَن في خفاء ومُخْفَى في إعلانه. إنه يكشف عن نفسه بطريقة متناقضة ظاهريا لإحباط الإنسان المتفاخر، تحت ما هو عكس ذلك: القوة الكلية الواضحة على الصليب".
لاهوت الصليب عند لوثر، إذاً، هو المجد الإلهي المُخْفَىَ وراء الخزي الإنساني الظاهر.
تعليقات
إرسال تعليق