قصة إيمان



وَأَمَّا الإِيمَانُ فَهُوَ الثِّقَةُ بِمَا يُرْجَى وَالإِيقَانُ بِأُمُورٍ لاَ تُرَى. فَإِنَّهُ فِي هَذَا شُهِدَ لِلْقُدَمَاءِ. بِالإِيمَانِ نَفْهَمُ أَنَّ الْعَالَمِينَ أُتْقِنَتْ بِكَلِمَةِ اللهِ، حَتَّى لَمْ يَتَكَوَّنْ مَا يُرَى مِمَّا هُوَ ظَاهِرٌ. بِالإِيمَانِ قَدَّمَ هَابِيلُ لِلَّهِ ذَبِيحَةً أَفْضَلَ مِنْ قَايِينَ، فَبِهِ شُهِدَ لَهُ أَنَّهُ بَارٌّ، إِذْ شَهِدَ اللهُ لِقَرَابِينِهِ. وَبِهِ، وَإِنْ مَاتَ، يَتَكَلَّمْ بَعْدُ! بِالإِيمَانِ نُقِلَ أَخْنُوخُ لِكَيْ لاَ يَرَى الْمَوْتَ، وَلَمْ يُوجَدْ لأَنَّ اللهَ نَقَلَهُ - إِذْ قَبْلَ نَقْلِهِ شُهِدَ لَهُ بِأَنَّهُ قَدْ أَرْضَى اللهَ. وَلَكِنْ بِدُونِ إِيمَانٍ لاَ يُمْكِنُ إِرْضَاؤُهُ، لأَنَّهُ يَجِبُ أَنَّ الَّذِي يَأْتِي إِلَى اللهِ يُؤْمِنُ بِأَنَّهُ مَوْجُودٌ، وَأَنَّهُ يُجَازِي الَّذِينَ يَطْلُبُونَهُ. بِالإِيمَانِ نُوحٌ لَمَّا أُوحِيَ إِلَيْهِ عَنْ أُمُورٍ لَمْ تُرَ بَعْدُ خَافَ، فَبَنَى فُلْكاً لِخَلاَصِ بَيْتِهِ، فَبِهِ دَانَ الْعَالَمَ، وَصَارَ وَارِثاً لِلْبِرِّ الَّذِي حَسَبَ الإِيمَانِ. بِالإِيمَانِ إِبْرَاهِيمُ لَمَّا دُعِيَ أَطَاعَ أَنْ يَخْرُجَ إِلَى الْمَكَانِ الَّذِي كَانَ عَتِيداً أَنْ يَأْخُذَهُ مِيرَاثاً، فَخَرَجَ وَهُوَ لاَ يَعْلَمُ إِلَى أَيْنَ يَأْتِي. بِالإِيمَانِ تَغَرَّبَ فِي أَرْضِ الْمَوْعِدِ كَأَنَّهَا غَرِيبَةٌ، سَاكِناً فِي خِيَامٍ مَعَ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ الْوَارِثَيْنِ مَعَهُ لِهَذَا الْمَوْعِدِ عَيْنِهِ. لأَنَّهُ كَانَ يَنْتَظِرُ الْمَدِينَةَ الَّتِي لَهَا الأَسَاسَاتُ، الَّتِي صَانِعُهَا وَبَارِئُهَا اللهُ.  بِالإِيمَانِ سَارَةُ نَفْسُهَا أَيْضاً أَخَذَتْ قُدْرَةً عَلَى إِنْشَاءِ نَسْلٍ، وَبَعْدَ وَقْتِ السِّنِّ وَلَدَتْ، إِذْ حَسِبَتِ الَّذِي وَعَدَ صَادِقاً. لِذَلِكَ وُلِدَ أَيْضاً مِنْ وَاحِدٍ، وَذَلِكَ مِنْ مُمَاتٍ، مِثْلُ نُجُومِ السَّمَاءِ فِي الْكَثْرَةِ، وَكَالرَّمْلِ الَّذِي عَلَى شَاطِئِ الْبَحْرِ الَّذِي لاَ يُعَدُّ. فِي الإِيمَانِ مَاتَ هَؤُلاَءِ أَجْمَعُونَ، وَهُمْ لَمْ يَنَالُوا الْمَوَاعِيدَ، بَلْ مِنْ بَعِيدٍ نَظَرُوهَا وَصَدَّقُوهَا وَحَيُّوهَا، وَأَقَرُّوا بِأَنَّهُمْ غُرَبَاءُ وَنُزَلاَءُ عَلَى الأَرْضِ. فَإِنَّ الَّذِينَ يَقُولُونَ مِثْلَ هَذَا يُظْهِرُونَ أَنَّهُمْ يَطْلُبُونَ وَطَناً. فَلَوْ ذَكَرُوا ذَلِكَ الَّذِي خَرَجُوا مِنْهُ، لَكَانَ لَهُمْ فُرْصَةٌ لِلرُّجُوعِ. وَلَكِنِ الآنَ يَبْتَغُونَ وَطَناً أَفْضَلَ، أَيْ سَمَاوِيّاً. لِذَلِكَ لاَ يَسْتَحِي بِهِمِ اللهُ أَنْ يُدْعَى إِلَهَهُمْ، لأَنَّهُ أَعَدَّ لَهُمْ مَدِينَةً. بِالإِيمَانِ قَدَّمَ إِبْرَاهِيمُ إِسْحَاقَ وَهُوَ مُجَرَّبٌ - قَدَّمَ الَّذِي قَبِلَ الْمَوَاعِيدَ، وَحِيدَهُ الَّذِي قِيلَ لَهُ: «إِنَّهُ بِإِسْحَاقَ يُدْعَى لَكَ نَسْلٌ». إِذْ حَسِبَ أَنَّ اللهَ قَادِرٌ عَلَى الإِقَامَةِ مِنَ الأَمْوَاتِ أَيْضاً، الَّذِينَ مِنْهُمْ أَخَذَهُ أَيْضاً فِي مِثَالٍ. (عب 11 : 1 - 19)



كما نفهم من إسم الرسالة إلي العبرانيين أنها وجهت إلي المؤمنين من خلفية عبرانية. لذلك نجد موضوع الرسالة عموما هو العمل علي حفظ المؤمنين اليهود من الإرتداد عن الإيمان المسيحي والرجوع إلي اليهودية ، إذ كانوا في خطر الإرتداد بسبب ما كانوا يواجهونه من إضطهادات وتجارب ومعاناة شديدة. وليس ثمة شئ يمكن أن يحفظهم من هذا الإرتداد الذي يمكن أن تسببه تلك المحاربات سوي الإيمان. لهذا نجد كاتب الرسالة في الأصحاح الحادي عشر  يستخدم التاريخ اليهودي الذي لا شك أنه كان معروفا لمن وجهت لهم الرسالة ليحدثهم عن بطولات إيمانية لرجال الله في العهد القديم من أربعة تدابير مختلفة: هابيل وأخنوخ ونوح في تدبير الضمير ، نوح وإبراهيم في تدبير الحكومة البشرية ، ومن إبراهيم إلي يوسف في تدبير الوعد ، ثم موسي وبقية الأبطال المذكورين في تدبير الناموس. ورغم إختلاف التدابير ، وإختلاف الظروف والتجارب والضيقات والآلام التي عاش فيها كل هؤلاء القديسون إلا أن القوة التي جعلتهم ينتصرون علي تحدياتهم المختلفة كانت هي العامل المشترك بين هؤلاء جميعا ، ألا وهي إيمانهم بمواعيد الله التي  نظروها من بعيد وصدقوها وحيوها دون أن ينالوها. فالله لا ينتظر منا سوي الإيمان بغض النظر عن الزمن أو الظرف الذي نعيش فيه ، وهذا ما أراد كاتب الرسالة إيضاحه للمؤمنين اليهود بالحديث عن أبطال عديدين في أزمنة مختلفة وتحت تدابير وظروف مختلفة ، فلم يمدح الوحي المقدس الطقوس أو الذبائح التي قدمها هؤلاء ولكن إيمانهم فقط كما يقول "فإنه في هذا – أي في الإيمان –  شهد للقدماء" (عب 11 : 2).

وبعد أن يعرف الكاتب الإيمان بأنه "الثقة بما يرجي والإيقان بأمور لا تري" ، يقدم النماذج البطولية من واقع حياة رجال الله في العهد القديم واحدا تلو الآخر. ففي هابيل نري "الإيمان باعتباره أساس القبول لدي الله" وذلك بالثقة في طريق الذبيحة الذي تحدد لإرضاءه ، إذ أن كلا الأخوين كانا يعلمان لزوم الذبيحة لكن الذي احتقرها واستحسن شئ آخر لم يُقبل ، أما الذي آمن وعمل بالذبيحة قبل لدي الله ، وهذا ما يقوله كاتب الرسالة "فبه – أي بالإيمان – شهد له أنه بار" (عب 11 : 4). في أخنوخ نري "الإيمان باعتباره واسطة الشركة مع الله" ، وتعبير "سار مع الله" يكلمنا عن الحميمية في المسير الروحي مع الله.  فهو بالإيمان سار مع الله إلي أن نقل إلي السماء دون أن يري الموت. وفي نوح نري "مسؤولية وإرسالية الإيمان" ، فليس فقط أنه صدق إرسال الله للطوفان بل أنه تحمل مسؤولية بناء الفلك لخلاص بيته ، فعاش الإيمان الذي نادي به وبالتالي دان العالم به. أما إبراهيم فيلمع إيمانه بشدة وسط هذه السحابة المضيئة للشهود ، إذ يحتل الحديث عنه جزءا كبيرا من الأصحاح لكي نري فيه "طاعة الإيمان ومثابرته وإنتصاره" ، من اللحظة التي خرج فيها من أور إلي تلك اللحظة التي وطئت فيها قدماه أرض الموعد الروحية ، المدينة العتيدة التي لها الأساسات التي صانعها وبارئها الله.

ويحدثنا الأصحاح الحادي عشر من رسالة العبرانيين عن ثلاثة تحديات إيمانية واجهها أبو المؤمنين ، تدرجت فيها التضحية وإزداد معها لمعان الإيمان ، بداية من الخروج من أرضه وعشيرته والذهاب إلي أرض لا يعلمها ، ثم السكني في هذه الأرض التي وعد بإمتلاكها دون أن يمتلكها فعلا ، إلي أن وصل التحدي إلي أوج الصعوبة والمخاطرة حين طلب منه أن يضع اسحق إبنه وحيده – الذي سيتم فيه وفي نسله إمتلاك الأرض موضوع الوعد – علي المذبح علي جبل المريا. التحدي الأول يرينا طاعة الإيمان الذي لم يتردد في تنفيذ دعوة الله ، والتحدي الثاني يرينا مثابرة الإيمان الذي بعد أن وصل إلي الأرض الموعودة عاش بها كغريب دون أن يمتلكها فعليا بل متطلعا إلي المدينة العتيدة ، وأخيرا فإن التحدي الثالث يرينا تفوق ونصرة الإيمان علي الإمتحان.

أولا طاعة الإيمان

في هذا التحدي نري بذرة الإيمان تخرج أولي ثمارها ، وهي ثمرة الطاعة ، إذ لا يمكن أن يكون هناك إيمان بدون طاعة ، فإن وجدت بذرة الإيمان فلابد أن تعبر عن الحياة التي فيها بأعمال الطاعة. ولا شك أن خروج إبراهيم من أور المدينة العظيمة كان تحديا له ، فلماذا يترك أهله ومكان راحته ومدينته التي كانت من أعظم مدن العالم ليذهب إلي مكان لا يعلم ما هو؟ لماذا يخسر كل شئ تقريبا؟ أليس ممكنا أن يبقي في أور بين أهله ويعبد الله في نفس الوقت؟ ولماذا لا يخبره الرب عن المكان الذي يريده أن يذهب إليه وعن إمتيازات هذه الأرض؟ وكيف يحيا في هذه الأرض الغريبة بدون أبناء؟ بكل تأكيد خطرت هذه الأسئلة وغيرها في عقل إبراهيم ، لكنه لم يتردد أن يطيع الوصية ، فالكتاب يخبرنا أنه "لما دعي أطاع". ولكن ما هي سمات طاعة الإيمان هذه؟
أولا كانت طاعة فورية: فبحسب الأصل اليوناني فإن الفعل "أطاع" تم أثناء حدوث الفعل "دعي" ، أي أن إبراهيم أطاع الله في نفس الوقت الذي كان فيه الله يدعوه ، فقد كانت طاعة لا تعرف التراخي ، بل تمتلك الأشواق والحماس الكافيين للنهوض والسير في طريق الرب. ولكن من أين إستمد إبراهيم هذا الحماس في طاعته؟ هل من ذلك الإختبار المجيد مع الرب؟ بكل تأكيد نعم ، فرؤيته للرب التي حدثنا عنها أسطفانوس في (أع 7 : 2) قائلا "ظهر إله المجد لأبينا إبراهيم وهو فيما بين النهرين ، قبلنا سكن في حاران" تخبرنا عن فعلها العجيب في قلبه ، فمن ظهر لإبراهيم هو "إله المجد" ، فهذا المجد الذي رآه كان هو القوة المحركة لحماسه وأشواقه.

ثانيا كانت طاعة تقدس الوصية: فلم يجادل مع الرب إلي أين ينبغي أن يذهب ، وعندما لم يعلم إلي أين هو ذاهب لم يعقلن هذا الأمر ويرفضه ، بل أطاع الوصية بلا جدال أو دمدمة أو عقلنة. وهذان الأمران كانا من ضمن الأسباب التي أدت إلي سقوط البشرية ، فحواء جادلت الحية بخصوص وصية الله ، ثم قامت بعقلنة الإقتراح الذي قدمته الحية وهو الأكل من الثمرة المحرمة ، فإنتهي بنا الحال جميعا بالسقوط في الشر. وقد يبدو الإيمان دربا من الجنون للعين التي لم تري إله المجد فيما بين النهرين ، ولكنه في الحقيقة يسمو فوق العقل ويتخطاه إلي حيث أرض الموعد. إنه يصدق الوصية ويرتكن إليها.

وثالثا كانت طاعة مكلفة: لم يكن خروج إبراهيم من أرضه ومن عشيرته بالأمر السهل ، بل تطلب الكثير من التضحية. ضحي أولا بالعلاقات الوطيدة بالأهل والأصدقاء الذين طالما عاش بينهم وإستدفئ بمحبتهم واستقوي بوجودهم إلي جواره. وضحي براحته فترك أور المدينة التي كانت تعد أعظم مدن العالم واكثرها تحضرا حينذاك ، والتي عرف عنها غناها فكانوا يصدرون القمح ، وعرف عنها خصوبة أرضها بسبب وقوعها بالقرب من نهري دجلة والفرات ، وعرف عنها أيضا أسوارها العالية الضخمة. وأخيرا ضحي بكبرياءه فلم يسأل الله أين وما هي الأرض التي يريده أن يذهب إليها ، لكنه سلم تسليما كاملا وسار خلف الله إلي تلك الأرض بل بالحري سار أمام الله في خوف وتقوي. ما أعظم إيمان هذا الرجل!

رابعا كانت طاعة كاملة: علي الرغم من أن ذهاب تارح مع إبراهيم كان مشجعا له في البداية أن يذهب إلي أرض لا يعلم عنها شيئا ، إلا أنه لا شك أن خروجه مع إبراهيم كان سببا في تعطيل أبو المؤمنين عن الوصول إلي كنعان مباشرة بعد الخروج من أور ، إذ يقال أنهم عاشوا لمدة خمسة عشرة سنة في حاران إلي أن مات هناك تارح أبو إبراهيم ، وحينئذ تكررت له هناك دعوة الله حتي ما يخرج من هناك إلي كنعان. وحاران تعني "محروق" أو "ملفوح" ، ولو كان إبراهيم استقر بها نهائيا ولم يكمل مسيره إلي كنعان لكان بكل تأكيد قد خسر تحقق مواعيد الله له ، ولكانت حاران بالنسبة له حينئذ إسما علي مسمي. ولعل المخاوف والشكوك ساورت إبراهيم بعد موت أبيه أن لا يكمل الرحلة ، فأبيه الذي كان بمثابة القائد لهذا الركب المرتحل مات ، كما أن مضي سنوات كثيرة عليه منذ أن خرج من أور جعله طاعنا في السن ، ناهيك عن كونه بدون أولاد. ضف إلي ذلك ما قد يكون إبراهيم واجهه من دعوات للرجوع من زوجته وأهله الذين خرجوا معه. ولكننا نجد هنا دعوة الرب تأت إليه ثانية لتجدد شباب ذلك الإيمان الذي مر عليه الآن خمسة عشرة سنة منذ أن ولد ، حتي نراه من جديد يلملم حاجياته وينزع أوتاد خيامه من الأرض ويجمع عبيده حتي ما ينطلق إلي كنعان بغير رجعة.

ثانيا مثابرة الإيمان

رأينا كيف خرج إبراهيم من أرضه ومن عشيرته ومن بيت أبيه إلي أرض لا يعلم عنها شيئا متحديا بإيمانه مستقبلا مجهولا ينتظره في أرض غريبة. وبعد أن ذهب من هناك هو وأقاربه توقفوا في حاران واستقروا بها لمدة خمسة عشرة سنة ، إلي أن مات أبيه تارح فجاءت دعوة الله له ثانية بمتابعة السير نحو كنعان. وإذا تأملنا النصين الذين أشرنا إليهما سابقا (تك 12 : 1 – 6 ، أع 7 : 2 – 4) لوجدنا أن الوعد بالبركة لإبراهيم لم يعط له في الدعوة الأولي عندما خرج من أور واستقر في حاران ، بل عندما جاء له صوت الرب ثانية وهو في حاران وحينئذ حصل علي المواعيد  من الرب كما نري في (تك 12 : 1 – 6). وبعد أن إجتاز إبراهيم تحدي طاعة دعوة الله بالخروج من موطنه والإستقرار في أرض غريبة ، ها هو يواجه تحديا آخر وهو أن يصدق وعد الرب له بإعطاءه الأرض التي ذهب إليها. ولعل المرء يظن أن الرب سيعوض خليله الذي خاطر بنفسه وعائلته عن كل التضحيات والمشقات التي تكبدها بخروجه من وطنه وتركه لأهله وأحباءه  بأن يعطيه الرب هذه الأرض التي وعده بها فور وصوله إليها. ولكننا نفاجئ بوجود تحديا إيمانيا آخر أمامه بعد أن وصل الأرض التي توقع إمتلاكها ، فهو لن يمتكلها فعليا ، بل سيحيا فيها غريبا ساكنا في خيام هو واسحق ويعقوب أيضا (عب 11 : 9). يا لها من صعوبة أخري يواجهها أبو المؤمنين ، أن يحيا في الأرض التي وعده بها الله علي الرغم أنه "َلَمْ يُعْطِهِ فِيهَا مِيرَاثًا وَلاَ وَطْأَةَ قَدَمٍ، وَلكِنْ وَعَدَ أَنْ يُعْطِيَهَا مُلْكًا لَهُ وَلِنَسْلِهِ مِنْ بَعْدِهِ، وَلَمْ يَكُنْ لَهُ بَعْدُ وَلَدٌ" (أع 7 : 5) ، بل " بِالإِيمَانِ تَغَرَّبَ فِي أَرْضِ الْمَوْعِدِ كَأَنَّهَا غَرِيبَةٌ، سَاكِناً فِي خِيَامٍ مَعَ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ الْوَارِثَيْنِ مَعَهُ لِهَذَا الْمَوْعِدِ عَيْنِهِ" (عب 11 : 9) ، لم يعتبر نفسه مالكا للأرض بل نراه يشتري فيها قبرا لدفن زوجته (تك 23 : 7 – 20) ، لم يفكر بخوض حرب تجاه ساكني الأرض لكي يحررها منهم ، ولكنه حسب نفسه غريبا ساكنا في خيام هو وإبنه وحفيده. وكما يقول أحد المفسرين "لقد آمن إبراهيم بوعد الله ، لكنه بالإيمان كان يتطلع إلي ما هو أكثر من الإتمام الحرفي للوعد ، وإلي ما هو أعظم من كنعان الأرضية".

أول ما نلحظه هنا بخصوص مثابرة الإيمان هذه أنها تستند إلي الإعلان. رأينا أن الخروج يستند علي الدعوة والإعلان المصاحب لها ، وهنا نري أن المثابرة في الحاضر تنبع من الرجاء المؤسس علي الإعلان المصاحب له أيضا. أشرنا سابقا أن الله ظهر لإبراهيم كإله المجد وهو فيما بين النهرين قبلما سكن في حاران (أع 7 : 2) ، ثم نفهم أيضا من (عب 11 : 10) أن هناك إعلان آخر رآه إبراهيم للمدينة التي لها الأساسات ، بالرغم أن العهد القديم لم يسجل لنا هذه الإعلانات. وهذا الإعلان الذي حصل عليه خليل الله كان بمثابة القوة المحركة له كسائح ومغترب في الأرض الموعودة له ، رغم عدم وجود أي محاولات من قبله لكي يحوزها ، ولا نري أنه عاش صراعا في داخله بسبب عدم تحقق وعد الإمتلاك ، بل نراه يحسب نفسه غريبا في تلك الأرض ، بل ويحسب أيضا أهلها غرباء بالنسبة له ، ومع أنه بني مذبحا للرب إلا أنه لم يبن بيتا لنفسه بل آثر السكني في خيام هو وإسحق ويعقوب.

وثانيا فإن مثابرة الإيمان قدمت شهادة وأرست مثالا يحتذي به. يقول الوحي "ساكنا في خيام مع إسحق ويعقوب الوارثين معه لهذا الموعد عينه" (عب 11 : 9) ظل إبراهيم عائشا حتي كان إسحق في سن الخامسة والسبعين ، وكان أيضا وقتها يعقوب إبن خمسة عشرة سنة ، ولا شك أن رؤيتهم لأبيهم إبراهيم ساكنا في خيام جعلت منه نموذجا يحتذي به في الإيمان والتمسك بالوعد ، إذ أنهما كانا وارثين أيضا لهذه المواعيد كما يذكر الكتاب المقدس في (تك 26 : 3 – 4 ، 28 : 13 – 15). كانت مثابرة إيمان إبراهيم شهادة حية عن الوعد الذي قبله من الرب ، وعن الرجاء المجيد الذي كان يتطلع له ، وكيف أن هذا الرجاء أمده بالقوة لكي يرتقي فوق المنظور والواقع ليتطلع إلي ميراث ونصيب أعظم ، إلي المدينة التي لها الأساسات التي صانعها وبارئها الله.

ثالثا تفوق الإيمان

قبل أن نبرز إنتصار إبراهيم علي آخر وأعظم وأقسي إمتحان إيماني واجهه نود أن نشير إلي ملاحظتنان: أولا أن تقدمة إبراهيم لإسحق إبنه علي المذبح تشير رمزيا إلي عمل الرب يسوع المسيح علي الصليب. وأشعر أنه يفوتنا الكثير من المعني إن لم نلمح بعض من مجد الجلجثة ونحن علي جبل المريا ، فليس المريا سوي صورة مصغرة وباهتة من ذلك الحب الأعظم الذي ظهر علي الجلجثة. يقول التقليد أن "بيدر أرونا اليبوسي" كان في "أرض المريا" التي قدم فيها إبراهيم إسحق إبنه محرقة ، وهو نفس المكان الذي بني فيه سليمان هيكل الرب الذي قدمت فيه ملايين الذبائج ، وهذا ليس صدفة بل إننا بكل تأكيد نري رمزا في كلا الأمرين إلي الآب السماوي الذي قدم الإبن الوحيد الحبيب علي جبل الجلجثة كفارة لخطايانا. وفي تقديم إبراهيم لإبنه إسحق علي المذبح نري صورة للآب السماوي الذي قدم إبن محبته مضحيا وباذلا إياه علي صليب الجلجثة ، ثم أن خضوع إسحق لإبيه يكلمنا علي ذلك الخضوع المتناهي الذي رأيناه من ذلك الذي كان صامتا أمام محاكميه وصالبيه ، بل إنه كان في حقيقة الأمر خاضعا لإرادة إبيه المحب. ونزول إسحق حيا مع أبيه من علي الجبل بعد ثلاثة أيام يخبرنا أيضا عن قيامة الرب يسوع المسيح في اليوم الثالث وإحتسابه ميتا أمام الآب كما كان اسحق ميتا أمام إبراهيم طيلة الثلاثة أيام التي قضاها في الطريق إلي المريا. وعلي الرغم من كون إبراهيم وإسحق رمزا للآب الذي قدم إبنه الحبيب علي الصليب إلا أن الحقيقة أعظم من الرمز بما لا يقاس. إذ أن التضحية التي قدمها الآب السماوي عظيمة بمقدار عظمة الواحدانية في الجوهر مع الإبن ، وبمقدار عظمة محبته اللا محدودة لإبن محبته. ثم أن تضحية الرب يسوع المسيح كانت عظيمة أيضا بما لا يقاس ، فهو الذي أخلي نفسه صائرا في شبه الناس إلي أن وضع نفسه علي الصليب. كما أن الآب السماوي ترك الرب يسوع المسيح ليجتاز أهوال الموت والدينونة المرعبة وحده علي الصليب ، حتي صرخ رب المجد "إلهي إلهي لماذا تركتني" ، وأخيرا فإن إسحق وجد بديلا له وهو الكبش الممسك بقرنية في الغابة ، أما الرب يسوع المسيح فقد كان هو البديل عنا جميعا ، لكي يذوق بنعمة الله الموت عن كل واحد. وكما دعي إبراهيم ذلك المكان "يهوه يرأه" أي "الله الذي يري ويدبر" ، فالله الآب رأي ودبر لنا ذبيحة وخلاصا في الرب يسوع المسيح.

والأمر الثاني الذي نود أن نسلط عليه بعض الضوء هو ما يقوله يعقوب في رسالته بخصوص تقديم إبراهيم لإسحق وإعتبار ذلك تبريرا "ألم يتبرر إبراهيم أبونا بالأعمال ، إذ قدم إسحق إبنه علي المذبح؟" (يع 2 : 21). وفي الحقيقة تبرير إبراهيم أمام الله لم يكن بناء علي تقديمه إسحق ذبيحة ، إذ أن إعلان التبرير قد سبق وقيل عنه في (تك 15 : 6) ، ولا شك أن إبراهيم قد تبرر قبل ذلك عندما أطاع دعوة الله له بالخروج من من أور ، كما يقول عنه كاتب العبرانين أن "بالإيمان إبراهيم لما دعي أطاع أن يخرج إلي المكان الذي كان عتيدا أن يأخذه ميراثا ، فخرج وهو لا يعلم إلي أين يأتي" (عب 11 : 8) فإن كان إبراهيم قد تبرر فقط عندما قدم إسحق فماذا عن الإيمان الذي كان له عندما أطاع دعوة الله بالخروج من أور؟ إذا فليس ما قيل عنه في (تك 15 : 6) سوي إعلان التبرير الذي تم بناء علي الإيمان الذي كان فيه بالفعل عندما أطاع دعوة الخروج. وإلا أفلا فماذا عن قول بولس في (رو 4 : 1 – 10) والذي هو في الأساس إقتباسا من (تك 15 : 6)؟

إذا دققنا النظر واخذنا بعين الإعتبار قرينة كل نص كتابي لوجدنا الآتي: بولس يتكلم عن (تك 15 : 6) حيث آمن ابراهيم بالوعد الذي أعطاه له الرب بأن نسله لن يعد من الكثرة ، أما يعقوب فيشير إلي (تك 22) حيث قدم ابراهيم اسحق ابنه ذبيحة علي المذبح ، وبين (تك 15) و(تك 22) أكثر من ثلاثون سنة فرقا ، فكل منهما يتكلم عن حادثة مختلفة. ويقول جون جيل في توضيح الفرق بين المعني الذي يقصده بولس والمعني الذي يقصده يعقوب "يتكلم بولس عن التبرير أمام الله ، بينما يتكلم يعقوب عن التبرير أمام الناس ، بولس يتكلم عن موضوع تبرير الإنسان بينما يشير يعقوب عن تبرير وتثبيت حقيقة إيمان الإنسان ، بولس يتكلم عن الأعمال كنتيجة للتبرير بينما يحدثنا عنها يعقوب بإعتبارها أثر وبرهان صدق الإيمان ، بولس قصد الإشارة إلي الأبرار في أعين أنفسهم الذين يريدون التبرر علي حساب أعمالهم ، بينما قصد يعقوب الإشارة إلي الغنوصيين الذين تجاهلوا أهمية ممارسة الأعمال الصالحة". وخلاصة القول هنا هو أن الأعمال التي يقصدها بولس هي تلك التي نستحسنها نحن البشر ونظن أنه بناء عليها ننال القبول أمام الله في حين أن هذه الأعمال صادرة من قلب ملوث لم يتطهر أمام الله بعد ، أما الأعمال التي يقصدها يعقوب فهي تلك التي يثمر بها الإيمان في قلوبنا عندما يحل بها ، فتظهر حقيقة وأصالة هذا الإيمان عن طريق رؤية ثمار أعماله الصالحة. لقد تبرر إبراهيم في (تك 12) ، وأعلن تبريره في (تك 15) ، ثم برهن علي تبريره في (تك 22).

وهذا يأتي بنا إلي حيث نري الإيمان في أسمي حالاته فوق جبل المريا ، حين "قدم إبراهيم إسحق وهو مجرب ، قدم الذي قبل الموعيد وحيده ، الذي قيل له أنه: بإسحق يدعي لك نسل". ولا يمكن أن يُظهر الإيمان عظمته وسموه إن لم يجتاز في أتون الإمتحان. ولكن قبل أن يواجه الإيمان الإمتحان الأعظم لابد أن يتدرب علي مواجهة التحديات الصغيرة أولا. وهذا ما حدث مع إبراهيم ، في خروجه وهو لا يعلم إلي أين ، وفي سكناه في أرض الموعد دون أن يمتلكها بل بالحري منتظرا المدينة التي لها الأساسات ، ثم نجده هنا أخيرا يواجه إمتحانا لا يضاهيه شئ في القسوة والصعوبة. ولكن الله لا يدخلنا إمتحانا دون أن يعدنا له ، لذلك نجد قول الوحي "وحدث بعد هذه الأمور أن الله إمتحن إبراهيم". كان الله قد أجاز إبراهيم في بعض الإختبارات التي ضحي فيها ببعض الأمور والعلاقات الثمينة: ضحي أولا ببلده وأقاربه ، ثم بأبيه في حاران ، ثم ضحي بعد ذلك بإبن أخيه لوط ، ثم ضحي بخطته بخصوص إسماعيل ، وأخيرا ها هو يضحي بأغلي وأحب من لديه ، إسحق. إن أراد الله أن يدخلنا في أتون الإمتحان فلن يسمح بذلك إن لم نكن مستعدون للإنتصار.

امتحن إبراهيم في أمور كثيرة: في محبته ، فمن يحب أكتر الله أم إسحق؟ امتحن في طاعته وخضوعه ، فأي صوت يطيع؟ الذات أم الله؟ ولكنه أكثر الكل امتحن في إيمانه. ولكي ندرك قليلا من عظمة إيمان إبراهيم علينا أن نتأمل في صعوبة الإمتحان الذي واجهه. أول صعوبة واجهته هو أنه علي الرغم أن التجربة جاءت بعد ما تدرب إبراهيم كثيرا علي السلوك بالإيمان إلا أنها جاءت أيضا بعد أن فاضت كأسه فرحا ، مباغتة إياه بعد أن جاءه إبن الموعد الوارث الوحيد له الذي يحبه من كل قلبه. ثم أن التجربة أيضا كانت قاسية وصعبة بسبب التوفيق بينها وبين إتمام الوعد ، لأنه إن ذبح إسحق كيف سيتم وعد الله له بأن نسله سيكون مثل نجوم السماء ومثل الرمل الذي علي شاطئ البحر في الكثرة؟ وكيف يقتل إبنه وحيده الذي يحبه ، الذي عاش في إنتظار مجيئه سنين طويلة؟ وإزدادت التجربة صعوبة عندما علم أنه لابد أن ينفذ هذا الذبح بنفسه فتكون اليد الذي إعتنت بإسحق وحملته وأمسكت بيده الصغيرة هي نفس اليد التي تمسك السكين لتذبحه. فكان له حرية الإختيار بين طاعة أمر الرب ورفضه ، علي خلاف بعض التجارب التي لا يكون لنا بها خيارا بل نضطر إلي إجتيازها مثلما حدث مع المرأة الشونمية. وما جعل التجربة تزداد تعقيدا هو أن هناك من يهمه أمر إسحق أيضا ، وهي سارة ، فماذا سيقول لها عندما يعود بدونه؟ بل هل تتحمل هي الصدمة عندما تعلم بما حدث؟ وكيف ستكون صورته أمام من حوله؟ لا شك أن هذه الأسئلة وغيرها الكثير ملئت عقل إبراهيم وهو في طريقه إلي جبل المريا. ولكننا نقرأ عنه أنه ذهب في الصباح الباكر أخذا معه كل الأدوات التي يحتاجها لإصعاد الذبيحة ، السكين والحطب والنار ، لم ينسي أو يتناسي شئ. ما أعظم الإيمان الذي لا يعبأ بشئ سوي أمر الرب ، ويري في ذلك كل الإجابات علي الأسئلة الصعبة والأشياء المستحيلة التنفيذ.

وقد إنتصر إيمان علي الإمتحان لأنه صدق الوعد "إذ حسب أن الله قادر علي الإقامة من الأموات أيضا". إستطاع الإيمان أن يجيب عن كل الأسئلة التي لم يستطع أن يجيب عنها العقل عندما أمره الرب بتقديم وحيده الذي به قبل المواعيد. ولا شك أن إبراهيم تذكر كيف كان هو نفسه في حكم الموت عندما ولد له إسحق فليس إذا من العسير علي الرب أن يقيمه من الأموات بعد ذبحه ، وهذا ما يقوله كاتب العبرانيين "الذين منهم أخذه أيضا في مثال" ، أي أن اسحق احتسب ميتا علي الرغم من عدم ذبح أبيه له ، فقد أخذ من بين الأموات إحتسابا. لذلك نقرأ في الأصحاح السابق للإمتحان في سفر التكوين أن إبراهيم "دعا هناك بإسم الرب السرمدي" (تك 21 : 33). لقد عرف إبراهيم الرب قبل ذلك بأنه "الإله القدير" (تك 17 : 1) ، لكنه هنا يستلم إعلانا جديدا في قلبه عن الرب بأنه "الإله السرمدي" ، أي الإله الأزلي الأبدي الغير متغير ، ولا شك أن كان لهذا الإعلان تأثيرا عظيما علي إيمان إبراهيم الذي صدق الرب الذي لا يتغير في وعوده ، فكما قال سيصير ، وبذلك هزم التجربة وتفوق عليها بإيمانه الذي تقوي بذلك الإعلان المجيد.

وفي الختام نقول أن في قرارات إبراهيم الثلاثة صورة لثلاثة قرارات هامة ينبغي أن نتخذها نحن أيضا فيما يخص علاقتنا بالله. فخروجه من أرضه وبين أحباءه يرينا إهتداءه للرب وتركه للوثنية وراء ظهره ومسيره نحو النصيب الذي وعده به الرب ، وهذا ما ينبغي أن يفعله كل إنسان ، أن يترك وثنيته وأصنامه التي يعبدها والتي ربما تكون ذواتنا أو نجاحنا أو شهواتنا أو أموالنا أو أحباءنا ، ونأخذ الرب لنا نصيبا لأنه ما أعظمه نصيب ، فيقول المرنم "حبال وقعت لي في النعماء فالميراث حسن عندي" ، هذا هو الميراث الذي اشتهاه واستحسنه المرنم ، فليتك تفعل أنت أيضا نفس الشئ عزيزي القارئ. وعلي الرغم من أن التقليد يقول أن إبراهيم رفض الوثنية قبل أن يخرج من أور ، فالبعض يقول أنه كلما رأي وثنا حطمه وأنه إستطاع أن يتوصل إلي عبادة الله الخالق الواحد ، إلا أن هذا لم يكن كافيا بل كان لابد أن يقبل دعوة الرب بالخروج من أور فيكون له الرب هو النصيب ، فهل تقبل أنت أيضا دعوة الرب لك. وبعد أن وصل إبراهيم إلي أرض كنعان لم يكن له فيها وطأة قدم ، فلم يتذمر أو يشتكي أو يخاصم أو يحارب لكي يحصل علي نصيبا فيها ، وربما لو فعل هذا لكان له عذره إذ أن له وعدا من الرب ، ولكنه تطلع إلي ميراث أعظم من نوع آخر ، ورأي مدينة ليست أرضية بل سماوية لها الأساسات ، صانعها ليس إنسان بل الله ، فقرر أن يصدق الرؤيا ويسمو فوق النصيب الأرضي ويتطلع إلي النصيب السماوي ، عائشا كسائح غريب ساكنا في خيام. وهذا ما ينبغي أن يفعله كل من خرج من أور وإختار الرب نصيبا صالحا ، أن يطلب ما فوق حيث المسيح جالس ، وأن ينفصل عن شرور هذا العالم كما إنفصل إبراهيم ولم يذهب ليسكن في سدوم مثل لوط إبن أخيه. وأخيرا كما وضع إبراهيم كل غالي ونفيس علي مذبح التكريس علينا نحن أيضا أن نقدم أغلي ما نمتلك للرب ، وإن أخذ هو أغلي من أو ما نمتلك دون أن يكون لنا إختيار فليكن لسان حالنا "الرب أعطي الرب أخذ فليكن إسم الرب مبارك" ، بل بالحري ليكن نصب أعيننا تلك المدينة التي لها الأساسات التي صانعها وباريها الله ، حيث لا يفسد سوس ولا ينقب سارقون. ليت لنا جميعا مثل هذا الإيمان! آمين!

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

لماذا قام المسيح في اليوم الثالث بالذات؟

هل حقا تغير الصلاة مشيئة الله؟

أربعة أعمدة في رحلة قديس