المشاركات

عرض المشاركات من يناير, ٢٠٢١

الكتاب المقدس به أخطاء لأن كاتبوه بشرًا؟

كثيرًا ما نسمع في الأوساط الإنجيلية، أو حتى بواسطة المتشككين، الادعاء بأن الكتاب المقدس لابد وأن يكون غير معصوم إن أردنا أن نحتفظ بالإرادة والحرية البشريتين لمن كتبوه. بمعنى أنه لو كان الوحي إملائيًا لكان بذلك كتبة الوحي مجرد روبوتات يُملى عليهم كلام الله. ففي نظر هؤلاء، إما أن يكون الوحي إملائيًا، وبالتالي فهذا تخلي عن إنسانية وإرادة وحرية كتبة الوحي. وإما، وهذا هو الحل الذي يأخذ به أولئك، أن يكون لكتبة الوحي دور بشري، الأمر الذي يضطرنا، على حد زعمهم، للإعتراف بوجود أخطاء في الوحي. لكن، أن يتم تخييرنا بين أن يكون كتبة الوحي مجرد آلات للإملاء، أو أن يكون لهم دور كامل وبالتالي مُنْتَجَهُم به أخطاء، هو مأزق مفتعل. إننا كبروتستانت مصلحون نرفض هذان الإختياران. والسبب في رفضنا لذلك الادعاء بأن الكتاب المقدس به أخطاء لأنه مكتوب بواسطة بشر غير معصومون هو أن أصحاب ذلك الادعاء يفترضون افتراضان غير صحيحان. الأول متعلق بالله، والثاني خاص بالإنسان. فيما يخص الأول، فإن صاحب الادعاء بوجود أخطاء في الكتاب المقدس لأن كاتبوه بشرًا يفترض، ربما دون أن ينتبه، إلى أن الله غير قادر على أن يعصم كتبة الوحي وف

المصلح البروتستانتي جون كالفن عن شفاعة القديسين

يقدم كالفن في كتابه "رفات القديسين" الخلفية التاريخية لتطور الإعجاب بالشهداء القديسين، كأبطال، إلى عبادة لهم في صورة صلوات لهم وتشفعات بهم. وكيف أن هذا التحول من الإعجاب والتقدير والتمثل بهم إلى عبادة لهم تجد جذورها في ممارسات وثنية أُدْخِلَت شيئًا فشيئًا من الوثنية إلى المسيحية. وقد اخترت بعض المقتطفات الهامة من مقدمة هذا الكتاب تبرز كيفت تطور الإعجاب بالشهداء القديسين إلى عبادة لهم. يقول كالفن عن تمجيد القديسين وتحويلهم إلى شفعاء على درجة أنصاف آلهة: "عبادة الأبطال شيء فطري في الطبيعة البشرية، وهي مؤسسة على بعض من أسمى مشاعرنا: الامتنان، والحب، والإعجاب. ولكنها، مثل كل المشاعر الأخرى، عندما لا تحكمها المباديء والعقل، قد تتدهور بسهولة إلى المبالغات الجامحة، وتؤدي إلى أخطر العواقب. من خلال هذه المبالغة في تلك المشاعر النبيلة، ملأت الوثنية (جبل) أوليمبوس بالآلهة وأنصاف الآلهة، بما يرقى إلى هذه الرتبة من الرجال الذين غالبًا ما يستحقون امتنان زملائهم المخلوقات، من خلال بعض الخدمات البارزة المقدمة للمجتمع، أو بالإعجاب بهم، من خلال القيام ببعض الأعمال التي تتطلب درجة أكثر من

البعد الكفاري لختان المسيح

وَلَمَّا تَمَّتْ ثَمَانِيَةُ أَيَّامٍ لِيَخْتِنُوا الصَّبِيَّ سُمِّيَ يَسُوعَ، كَمَا تَسَمَّى مِنَ الْمَلاَكِ قَبْلَ أَنْ حُبِلَ بِهِ فِي الْبَطْنِ.  (لو 2 : 21) نسمع عن كثيرًا عن جزئيات في أحداث ولادة المسيح، مثل النجم والمجوس والرعاة وقتل أطفال بيت لحم. إلا أن ختان المسيح، عندما كان رضيعًا ذو ثمانية أيام، هو واحد من الأشياء التي يتم إغفالها في موضوع التجسد، رغم ما له من دلالة وأهمية. إحدى الدلالات الهامة لختان الرب يسوع المسيح، هو الطبيعة الإسترضائية والكفارية لهذا العمل. إن الدماء التي نزفها المسيح في ختانه، من منظور ما، لها بعدًا كفاريًا، في كونها جاءت كإتمام لوصايا الناموس. لم يمت الرب فقط كبديل عنا، بل أطاع الناموس أيضًا كنائب لنا "لأنه كما بمعصية الإنسان الواحد جُعِلَ الكثيرون خطاة، هكذا أيضًا بإطاعة الواحد سيجعل الكثيرون أبرارًا" (رو ٥ : ١٩). وليس أقل من إثنين من عمالقة الإصلاح البروتستانتي يؤكدان البعد الكفاري للختان. يقول جوناثان إدواردز أن الرب يسوع المسيح اختتن كنائب عنا ووسيط لنا في طاعة الناموس: "وهكذا على سبيل المثال في ختانه، ما تألم به في ذلك كان له طبيع

هل كان سيتجسد المسيح لو لم يسقط الإنسان؟

هذا السؤال يفترض مسبقًا أمور غير كتابية. أو على الأقل يتجاهل أمور مركزية في الحق المسيحي. بل ويفصل بين أجزاء الحق المسيحي التي لا يمكن الفصل بينها دون أن تحدث به أضرارًا بالغة. وبينما الإجابة عن هذا السؤال بالإيجاب، هي إجابة غير كتابية، وتطعن في الحق الكتابي المعلن وفي ترابطه، كما سنرى. إلا أنني لن أجيب عليها بالنفي، لأن هذا من ناحية أخرى يصل إلى حد التنظير الذي يضع سيناريوهات أو افتراضات لقصد الله الحكيم الذي عين في سلطانه أن يحدث السقوط ومن ثم التجسد والكفارة في نسيج خطة واحدة. الإجابة المثالية إذًا تأخذ في الإعتبار أن سقوط الإنسان، وتجسد الابن الأزلي، وكفارته، جاءت جميعًا كأحداث في خطة إلهية أزلية واحدة، وعمل إلهي سرمدي واحد. ولدينا بعض الملاحظات على هذا السؤال. السؤال لا ينتبه إلى حقيقة أن التجسد جزء لا يتجزأ، ومرحلة جوهرية، في رحلة إخلاء واتضاع الكلمة التجسد، بحسب فيلبي ٢ : ٦ - ١١، جزء من رحلة الإتضاع والإخلاء، التي كانت نهايتها القبر. أن تقول أن التجسد كان سيحدث بدون سقوط الإنسان هو أن يفقد التجسد عنصر خطير وحيوي من عملية الإتضاع التي انتهت بتحمل الموت واللعنة. إن مجرد الإدعاء بأ

الإرتباط بين وراثة الخطية من الرحم لدى الإنسان وبين اتحاد الطبيعة الإلهية بالطبيعة البشرية في المسيح وهو بعد في الرحم

لفت نظري أن إقرار الإيمان البلجيكي المصلح (1618 – 1619) يؤكد على حقيقتان جوهريتان في المسيحية وفي نفس الوقت متاقبلتان: أولاً، عقيدة الخطية الأصلية في كون الإنسان يرث الفساد وهو في بطن أمه بعد: "نؤمن بأنه من خلال عصيان آدم امتدت الخطية الأصليَّة إلى كل الجنس البشري، وهي فسادٌ للطبيعة بأكملها، ومرض وراثي، يُصاب به الأطفال حتى وهم داخل رحم أمهاتهم، وهي تُنتِج من داخل الإنسان كافة أنواع الخطايا، إذ هي بداخله مثل أصل يثمرها؛ ومن ثمَّ فهي نجسة وكريهة في عيني الله حتى أنها كافية لإدانة كل الجنس البشري". (ترجمة خدمات ليجونير) ثانيًا، وفي المقابلة مع ذلك، يؤكد الإقرار أيضًا أن المسيح له الطبيعة الإلهية وهو بعد في بطن العذراء وقبل أن يولد: "نعترف، إذن، بأن الله قد حقَّق هذا الوعد الذي قطعه للآباء بفم أنبيائه القديسين حين أرسل إلى العالم، في الوقت الذي عيَّنه، ابنه الأزلي وحيده، الذي أخذ صورَةَ عَبدٍ، صائرًا في شِبهِ النّاسِ، متخذًا بالحقيقة الطبيعة البشريَّة، بكل ضعفاتها، ما خلا الخطية؛ إذ حُبل به في رحم العذراء المُطوَّبة مريم، بقوة الروح القدس، دون تدخُّل من رجل". (ترجمة