المشاركات

عرض المشاركات من 2019

شمولية الخلاص لدى سي إس لويس

يعرّف أحد القواميس اللاهوتية شمولية الخلاص على أنها: "نظرية خلاصية تعلم بأنه على الرغم من أن الله يُخَلِّص الناس فقط بناءً على استحقاقات المسيح، إلا أن ليس كل الذين نالوا الخلاص قد عرفوا يسوع عن وعي أو سمعوا الإنجيل. يُخَلِّص الله أولئك الذين، بالرغم من أنهم لم يسمعوا عن يسوع، إلا أنهم يستجيبون، بأفضل ما لديهم من معرفة (دينية)، لإعلان الله المتاح لهم. وهذه النظرة تقف في مقابلة مع كل من الحصرية (من ناحية)، التي تشير إلى أن الله يخلص فقط أولئك الذين يستجيبون بوعي لدعوة إنجيل يسوع المسيح، و مع التعددية (من ناحية أخرى)، والتي ترى قيمة خلاصية في الأديان غير المسيحية". [1] يؤمن سي إس لويس بهذه النظرة الشمولية للخلاص. أي أنه يعتقد بأن المسيح هو المخلص الوحيد، لكن هناك من سيخلص دون أن يكون قد سمع عنه أو آمن به عن وعي أثناء حياته على الأرض. ومن الناحية العملية، لا يوجد فرق بين الشمولية والتعددية، وإن بدت الشمولية أكثر تحفظًا، إلا أن النتيجة في النهاية واحدة، ذلك لأن هناك عاملاً مشتركًا جوهريًا بينهما، أن هناك من سيخلصون دون معرفة واعية عن المسيح. وهذا في حد ذاته كافي لتقويض حصرية المس

هل أراد الشيطان صلب المسيح أم إثناءه عن ذلك؟

البعض يتساءلون عما إذا كان الشيطان يريد صلب أم المسيح أم يريد أن يثنيه عن ذلك. إذ يظهر من انتهار الرب لبطرس أن الشيطان يريد تنحيته عن موت الصليب.  في حين يُفهم من قول يوحنا أن الشيطان دخل يهوذا وأن المسيح أخبره بأن يفعل ما هو فاعله بسرعة يدل على أن الشيطان أراد قتل المسيح. في الحقيقة، إن المشكلة تكمن في مدى علم الشيطان بتفاصيل خطة الفداء. هل كان الشيطان يعلم كل شئ؟ قطعاً لا، وإلا لكان كلي المعرفة مثل الله. ولكن، ألم يعلم الشيطان النبوات على الأقل؟ صحيح، لكن النبوات تتكلم عن المسيا المتألم، وفي نفس الوقت تتكلم أيضا عنه منتصراً. والسؤال الذي يثور هنا: هل استطاع الشيطان أن يميز الفرق بين مجيئي المسيح، الأول كالخادم المتألم، والثاني كالملك المنتصر؟ لا أعتقد. ولكن على فرض أنه عرف ذلك، هل أمكنه أن يدرك أن المسيا الخادم المتألم سيموت ميتة اللعنة على الصليب ويباع بثلاثين من الفضة؟ أعتقد إلى حد كبير أن الشيطان لم يكن يعلم هذه الأشياء. وإن كان يعرف أن المسيا سيأتي وسيدين العالم، كما نفهم   من اعتراف الشياطين "أجئت إلى هنا قبل الوقت لتعذبنا". هذا الأمر ظل مستغلق حتى

لاهوت الصليب ولاهوت المجد .. الإله المُخْفَىَ والإله المُعْلَن .. لدى لوثر

فَرَّقَ لوثر بين نوعين من اللاهوتيين: لاهوتي الصليب ولاهوتي المجد. يقول في مناظرة هايدلبرج: 19. "لا يستحق أن يُدعى لاهوتياً، ذلك الشخص الذي ينظر إلى أمور الله، كما لو كانت مدركة بصورة واضحة، في تلك الأشياء التي حدثت بالفعل (رو 1 : 20)". 20. "بينما يستحق أن يُدعى لاهوتياً، مَنْ يفهم أمور الله المنظورة والظاهرة من خلال الألم والصليب". 21. "لاهوتي المجد يدعو الشر خير، والخير يدعوه شراً. لاهوتي الصليب يدعو الشئ بما هو عليه في الواقع". لاهوتي الصليب يقدم لك حق الله المُعْلَنُ في الصليب كما هو، بغض النظر عن الإستحسان البشري. دون أي تجميل، أو تزيين، رغم كون الصليب في ظاهره مُعثِرَاً للإنسان بأطيافه المختلفة. لاهوتي المجد يطرح عليك فكره المؤسس، لا على مجد الله، ولكن على مجد الإنسان الدنيوي الزائل. لاهوتي المجد لا يقدم لك الحق كما هو، بل بعد الإضافة إليه والحذف منه كيفما اتفق مع الإستحسان الإنساني المفسد بالخطية. لاهوت الصليب، هو لاهوت المجد الإلهي المُخْفَىَ في ألم وخزي الصليب. ولاهوت المجد (الإنساني)، هو لاهوت الخزي الإنساني المُخْتَ

أهمية التمييز بين الكلمة غير المكتوبة والكلمة المكتوبة فيما يتعلق بسلطة الكتاب المقدس

كثيرا ما نسمع عبارة أن الكنيسة هي التي كتبت الكتب المقدسة، وهي أيضا التي جمعت الأسفار القانونية وأضفت عليها تلك السلطة بعد أن ميزت بينها وبين الأسفار غير القانونية. وبالتالي، حسب ادعاء أولئك، يصير للكنيسة سلطة مساوية لسلطة الكتاب المقدس. ويصير للتقليد الآبائي أيضا سلطة مساوية للأسفار القانونية الستة والستون، بما أنها منتج الكنيسة أيضا والتي من حقها أن تضفي على ما تراه السلطة القانونية الملزمة.  لكن هذا الإدعاء يخفق في إدراك أن كلمة الله كانت موجودة قبل أن يتم تدوينها في الأسفار القانونية. الكتاب المقدس، بعهديه، كان موجودا في صورة شفوية منطوقة، بواسطة الأنبياء والرسل، قبل تدوينه. التدوين، بعمل الروح القدس المُوحِي، حول الرسالة المنطوقة إلى رسالة مكتوبة. هذه الرسالة التي كانت منطوقة فقط وصارت مكتوبة، هي التي ولدت الكنيسة وأوجدتها. صحيح أنه من منظور ما أن الكنيسة، بأنبيائها في العهد القديم ورسلها في العهد الجديد، هي التي كتبت الحق الكتابي، لكن من منظور آخر أكثر جوهرية، لم يكن هذا التدوين اختراع لشئ جديد لم يكن موجود من قبل. بل كان موجودا ولكن في صورة شفوية منطوقة. هذا الأمر

هل يُفهم من كلمات بولس في آريوس باغوس أن الأثينيون عبدوا الله الحي الحقيقي؟

أَنَّنِي بَيْنَمَا كُنْتُ أَجْتَازُ وَأَنْظُرُ إِلَى مَعْبُودَاتِكُمْ، وَجَدْتُ أَيْضًا مَذْبَحًا مَكْتُوبًا عَلَيْهِ:«لإِلهٍ مَجْهُول». فَالَّذِي تَتَّقُونَهُ وَأَنْتُمْ تَجْهَلُونَهُ، هذَا أَنَا أُنَادِي لَكُمْ بِهِ.  (أع 17 : 23) قد يبدو لنا من الوهلة الأولى أن بولس قصد القول في أعمال (17 : 23) أن الأثينيون عبدوا الله الحي الحقيقي الذي عبده كل من اليهود والمسيحيين. لكن إن أخذنا في الإعتبار بعض الملاحظات يتضح لنا أن بولس لم يعني ذلك.  أول كل شئ، فإن كلمة "تتقونه" وردت في بعض الترجمات الإنجليزية "توقرونه" Reverence ، وفي ترجمات أخرى عربية وإنجليزية: "تعبدونه". وعرّفها أيضاً أحد قواميس اللغة اليونانية القديمة كالآتي: "أن تحيا أو تتصرف تقوياً أو دينياً".  مما يدل على أنه قد يُقصد بها "سلوكاً دينياً".  ففي نهاية المطاف، لا يوجد شئ في النص يدل على أن ما جعل بولس يقول ذلك، هو أو صلاة أو أعمال صالحة أو عبادة قلبية معينة قام بها الأثينيون أكثر من مجرد بناءهم مذبح يحمل نقش: "لإله مجهول". الإستخادم الآخر الوحيد له

يسوع الطوبى والويل

شوهوا صورة يسوع، واختزلوها في المحبة دون الغضب، والرحمة دون العدل، والتسامح دون الحزم، واللطف دون الصرامة، والرقة دون القوة. دقوا بين يسوع ويهوه إسفينا. لكن يسوعهم ليس يسوع المكتوب. بل صنعوه على صورة فسادهم العقلي والقلبي. فشوهوا جمال تكامله وتوازنه الأدبي. يسوع المكتوب: نطق بالطوبى للجياع والعطاش إلى البر، وزمجر بالويل للشباعى والأغنياء والضاحكين والمرائين وللذين يقول فيهم جميع الناس حسنا. امتدح ذوي الإيمان، ووبخ قليلي الإيمان. بسط يديه قائلا تعالوا إلىّ يا جميع المتعبين، وسيرفع صولجانه وصوته في آذان من لم يعرفهم قائلا: اذهبوا عني يا ملاعين. وصف أتباعه بالخراف، وآخرون بالذئاب والثعالب. علّم بأن ملائكة المؤمنون به ينظرون وجه الآب، ووصف آخرون بأنهم شياطين ومن أب هو إبليس. صنع طينا ليطلي به عيني الأعمى لشفائه، وضفر سوطا من حبال لطرد التجار من بيت أبيه. قال لباعة الحمام ارفعوا هذه من ههنا دون خسارة مادية، وسمح للشياطين بالدخول في الخنازير فسقطت في الماء وخسر أصحابها ثمنها. بكى على أورشليم، ونطق عليها بالدينونة والخراب. أطعم الجموع لئلا يخوروا في الطريق، ووبخ شهوانية

فريدريك شلايرماخر أبو اللاهوت الليبرالي: حيٌّ يرزق فيما بيننا!

صورة
١٧٦٨ - ١٨٣٤ لاهوتي وفيلسوف ألماني. لُقِّبَ بأبو اللاهوت الليبرالي. كان ولا يزال له تأثير كبير على اللاهوت في الغرب والشرق. كان لشلايرماخر أصدقاء معتنقين للفلسفة الرومانسية (حركة شملت الفن والأدب والفلسفة تركز على الجانب الشعوري الفردي) والتي نشأت كرد فعل على جمود وتجريد الفلسفة العقلانية (العقل هو معيار الحق). وأصدقاءه هؤلاء كانوا محتقرين للدين أيضا لأنهم نفروا من كل ما هو عقيدي مجرد (أي تعثروا من العقيدة إن شئنا أن نستعمل لغة معاصرة). فألّف كتابه: "في الدين: أحاديث لمحتقري الدين المثقفين". ومن ناحية أخرى فقد رأى شلايرماخر أنه لا يمكن الاعتقاد بالمسيحية الكتابية القويمة بسبب الهجوم الذي تعرضت له من العقلانيين. لا مجال للعودة من جديد، للمسيحية الكتابية بعد أن قوضها هجوم التنوير العلماني بشقيه العقلاني والتجريبي. بل ولا تستحق ذلك في نظره. فرأى شلايرماخر أن الحل لتفادي الهجوم العقلاني على المسيحية ومن ثم إنقاذها من بين براثنه من ناحية، وفي نفس الوقت الكرازة لأصدقائه الرومانسيون من ناحية أخرى، هو أن ينأى بالمسيحية عن النص الكتابي والعقيدة، ويحصرها في الشعور والاختبار. لهذا رأى أ

الشيطان يعظ: ريتشارد دوكينز لا يحترم من يبني تصرفاته الجيدة على أساس الخوف من كاميرا المراقبة السماوية

صورة
الصورة من صفحة التواصل الإجتماعي فيسبوك للمفكر خالد منتصر دوكينز يبرر الخيانة الزوجية، والعلاقات الزوجية المفتوحة بين أكثر من شريك في نفس الوقت. يتسائل دوكينز لماذا لا يكون للزوجة أكثر من رجل في نفس الوقت؟ ولماذا يغير الرجل على زوجته أو صديقته ويطالبها بأن تكرس حبها له هو وحده؟ أليس الحب الجنسي في النهاية يتساوى مع حب الموسيقى مثلا؟ والسبب لديه في غيرة الزوج على زوجته (والعكس) يمكن تفسيره بواسطة الانتخاب الطبيعي. فالانتخاب الطبيعي لآبائنا المتوحشون فضّل الذكور الذين حفظوا شركائهم بسبب الخوف من تبذير الموارد الاقتصادية على أبناء رجال آخرين. http://web.archive.org/web/20140530001435/http://old.richarddawkins.net/articles/1926-banishing-the-green-eyed-monster دوكينز يقول أيضا أن هناك بيدوفيليا معتدلة لا بأس منها (البيدوفيليا: الولع الجنسي بالأطفال). فقد تعرض وهو صبي صغير لحادثة تحرش جنسي بواسطة معلمه الذي أجلسه على ركبتيه ووضع يده داخل الشورت. نفس المعلم أيضا قام بالتحرش بأطفال آخرون، ولكن دوكينز يرى أنه لم يلحق بأي منهم ضرر باق. لأنها كانت بيدوفيليا معتدلة!! يضيف دوكينز أ

النصوص التي تبدو متعارضة تقدم جوانب متميزة لنفس الحق الواحد

الكثير من التعارض البادي بين النصوص الكتابية يزول إن أخذنا في الإعتبار أن أي تناقض ظاهري بين نص وآخر هو معالجة لنفس الحقيقة من زوايا مختلفة. وهذا أمر ينبغي أن نفترضه مسبقا لأننا نتعامل مع حق إلهي غير محدود، ومع كاتب إلهى حاذق، وليس كالاجتهادات البشرية التي قد تأتي متناقضة ذايتا. ينطبق هذا بصورة خاصة على العلاقة بين العهدين القديم والجديد. فإله العهد القديم ليس غاضبا وصارما بلا رحمة أو محبة، ولا إله العهد الجديد رحيما ومحبا من دون صرامة أو غصب. فضلا عن أن يهوه إله العهد القديم هو نفسه يسوع إله العهد الجديد، فإن العهد القديم به الكثير من النعمة والرحمة، وإن كان يركز على عدل الله وغضبه. والعهد الجديد به الكثير من الصرامة والدينونة وإن كان يبرز نعمة الله ولطفه أكثر. العهدان يحدثانا عن إله واحد وجوهره المتسق والمتناغم أدبيا، ولكن من جوانب مختلفة وفي ظل تدابير متباينة. نفس الشئ يمكن أن نقوله عن الأناجيل الأربعة. فبينما تبرز الأناجيل الإزائية، متى ومرقس ولوقا، إنسانية يسوع وقربه، يسلط يوحنا الضوء على لاهوته وسموه. في الوقت نفسه أيضا الذي تقدم فيه الأناجيل الإزائية ثلاثة جوانب مختل

العثرة والمنطق الانتقائي المتناقض ذاتيا

المنطق الانتقائي الذي يجعل البعض ينتقون ما يعجبهم من الكتاب المقدس أو المسيحية، ويتركون ما لا يروقهم، بحجة أن هذا يعثر الناس، أو يعثرهم هم شخصيًا، سيتركهم لا محالة متناقضون مع أنفسهم. لا شك أن هناك الكثير من المسيحية جذاب، مثل الحديث عن محبة الله، وقبوله للتائب مهما كانت خطاياه. وأن لديه الكثير من البركات والنعم الروحية للإنسان. لكن من ناحية أخرى، هناك أيضًا الكثير مما يعثر الإنسان (طبعا هذه العثرات مرجعها كل من التأثيرات الفكرية للخطية الأصلية، ومحدودية العقل البشري معًا). فلا أحد منا يحب أن يسمع عن الخطية الأصلية والفساد الجذري للإنسان. وأن محاولاته للتبرير أمام الله بالأعمال الصالحة هي نفاية. وأن على الإنسان الخضوع لربوبية المسيح، وصلب الذات والشهوات، وأن يُصلب العالم له، إن قرر أن يكون تلميذًا للمسيح. هذا ما يمكن أن نسميه بالأمور التي تشكل "عثرات أخلاقية للإنسان" في حالته الطبيعية غير المُجَدَّدَة. فضلاً عن هذا، هناك ما يمكن أن نطلق عليه "عثرات منطقية لاهوتية" أيضًا. فأن يتجسد الله، ويصير إنسان، له كل الإحتياجات الفسيولوجية التي للإنسان الطبيعي، ونفس محدودي

المسيحية التي مركزها الله

المسيحية التي مركزها الله (ثيوسينتريك)، ترى الله كالغرض الأعظم لكل شئ. فهو مركز الخليقة، وغرضها المطلق. خلقها لكي يتمجد بها ويملك عليها. وأن يملك الإنسان معه، كنائبا مَلَكِيَّاً لِلْمَلِكِ الإلهي الأعظم. وخلق الله جنة عدن كاستراحته المَلَكِيَّة، والإنسان ضيفا على تلك الإستراحة. يستمتع الإنسان أولا بالعلاقة مع صاحب الجنة والأرض، وثانيا يستمتع بمنافع العلاقة معه. الله هو مركز الصليب أيضا. فمتطلبات عدله وقداسته، واتساقه مع طبيعته وأمانته لوعوده، هي التي دفعته إلى تلك التضحية العظيمة. هذا لا يعني أن الله المتجسد، يسوع، لم يصلب من أجل الإنسان. إطلاقا، فلو لم يكن هذا غرضه لكان الله قد أسلم الإنسان لعدله. لكن الله يفعل الأشياء لأجل نفسه أولا. ولأن الله ليس كالإنسان من منظور ما، فهو عندما يفعل لنفسه أمرا، يكون ذلك لأجل خير الإنسان أيضا. والصلاة من أجل الإحتياجات والأمراض، ينبغي أن يكون غرضها الله الأول هو مشيئة الله ومجده. مرة أخرى، هذا ليس معناه، أننا لا ينبغي أن نطلب الشفاء أو النجاح أو ملئ الإحتياجات، على العكس، فكلمة الله تحضنا على ذلك مرات كثيرة. لكن شتان الفرق أن نطلب ذلك وغرضن

أخي المسيحي، لماذا يضايقك مصطلح "هرطقة" ومشتقاته (هرطوقي)؟

هل السبب في ثورة البعض على وصف بعض رجال الدين البارزين بالهرطقة، أن هذا المفهوم مرتبط في أذهانهم بالإهانة؟ لو كان هذا المصطلح يعنى لديك "الإهانة" أو "الشتيمة"، فأنت مخطئ في اعتقادك هذا. لأن المصطلح، بمعناه الكتابي والتاريخي، غير مرتبط بالإهانة أو الشتيمة إطلاقاً. وعندما نستعمله فنحن لا نقصد به إهانة أو تشويه رجال الدين البارزين. اختلفت أو اتفقت معهم، فأنا أعتبرهم جميعاً مخلوقين على صورة الله ومثاله، وهذا كافي بالنسبة لي، بغض النظر عن علمهم أو إنجازاتهم أو حتى تعاليمهم الغريبة، أن يكون مدعاة لاحترامهم.  سأطرح أمامك ما ورد في بعض القواميس اللاهوتية والتاريخية واللغوية، رفيعة المستوى والتي اشترك في كتابتها وإعدادها عشرات العلماء اللاهوتيين، من تعريفات لمصطلح "هرطقة". ولكن، قبل أن تقرأ تلك التعريفات، لاحظ  الآتي: 1 - أن مصطلح "هرطقة" يفترض "وجود حق مُعْلَنْ غير قابل للتفاوض أو التعديل". 2 - الهرطقة متعلقة بالحقائق المسيحية الجوهرية، وليس التعاليم غير المركزية للإيمان المسيحي. 3 - أن "الهرطقة" في جوهرها تعني "اختيار"

ترويض البروتستانتية الشرقية

لدى بروتستانت الشرق، الهرطقة فقط هي ما يخص الثالوث ولاهوت المسيح وناسوته. قل ما تقله عن الخطية الأصلية أو الخلاص أو كفاية النعمة، أو البدلية العقابية، أو التبرير القضائي بالإيمان بدون أعمال، لن يتحرك لهم ساكنا. ولكن إن تعرضت للكريستولجي (ما يتعلق بشخص المسيح وطبيعتيه) أو للثالثوث، فَهُمْ لك بالمرصاد.  لا تسيء فهمي. أنا لا أهون إطلاقا من الهرطقات المتعلقة بالأقانيم أو شخص المسيح الواحد وطبيعتيه. ولكن أريد أن ألفت النظر إلي أن اعتبار الهرطقة هي كل ما يتعلق بالثالوث أو المسيح فقط، وليس مفهوم الخطية والخلاص، إنما ينم عن سوء فهم جوهري للمسيحية والإصلاح البروتستانتي.  ولتوضيح ذلك أقول، إن المجامع المسكونية الأربعة الأولي، والتي انعقدت للدفاع عن وحدانية الله، والثالوث، وأقنومية الروح القدس والمسيح بالتساوى مع الآب في الجوهر، وشخص المسيح الواحد المجتمع فيه الطبيعتين الإلهية والبشرية، كان همها الأساسي هو عقيدة الخلاص. لأن العبث بالعقائد المتعلقة بالثالوث والمسيح، لهو هدم لعقيدة الخلاص. فأن تقول أن المسيح لم يكن الله حق، أو إنسان حق، كأنك تقول أن كفارته لا قيمة لها. لأن الكتاب يعلمنا

الله والإنسان: من الذي يبحث عن من؟

هل هناك من يبحث عن الله؟ ماذا عن كل العابدين في الديانات المختلفة من حولنا؟ أليسوا – بشكلٍ أو بآخر – باحثون عن الله؟ ماذا عن الذين يتصدقون ويصنعون الخير من مختلف الأديان، رغبة في ارضاء الله؟ هل الإنسان هو الذي يأخذ المبادرة في البحث عن الله، ودور الله فقط هو أن ينتظر سلبيًا من يبحثون عنه؟ إن كان الخلاص عمل تعاوني مشترك بين الله والإنسان، ما هي نسبة كل منهما في العمل؟ أو أين يبدأ الإنسان، ومتى يأتي دور الله في الإستجابة له؟  أنظمة الخلاص الأربعة ومشكلة الإنسان  حول دور الإنسان في الخلاص، والذي يشمل البحث عن الله، يوجد أربعة أنظمة سوتوريولوجية (خلاصية). ونقول "أنظمة" لأن نظرتنا للخلاص مؤسسة على ومرتبطة منطقياً ونظامياً بما نعتقده حول طبيعة الإنسان الأدبية. أو بتعبير أدق، مؤسسة على ما نعتقد أن الكتاب يعلمه عن الفساد الجذري للإنسان. فدور الإنسان يتحدد بناءً على مدى قدرته وفعاليته. فكلما كان الإنسان صالحًا وقادرًا، كلما ازداد دوره في الخلاص، وتَقَلَّصَ معه دور الله. والعكس صحيح، الإقرار بالفساد الجذري للإنسان، كما يعلّم التقليد المصلح يعني من الناحية الأخرى مركزية وكفاية عمل الن

المهم يسوع وليس العقيدة .. إذا فلتتفضل ولتقل لنا أي يسوع إذا!

عندما يقول لك أحدهم أنه لا يوجد تعليم صحيح، أو أن العقيدة غير هامة، والمهم فقط هو يسوع، أن تتحد به أو تؤمن بشخصه، لأن يسوع لم يدعو إلى تعليم أو عقيدة، بل إلى نفسه، اسأله هذا السؤال: إن كان المطلوب مني أن أؤمن بشخص يسوع، وليس العقيدة، فأي يسوع هو الذي أؤمن به؟ وأي مسيح هو الذي أتحد به؟ يسوع حسب الإسلام، الذي هو نبي فقط وليس الله الظاهر في الجسد، وأنه لم يصلب وإنما شبه له، والذي سيأتي ليكسر الصليب؟ أم يسوع طبقا للمورمون (طائفة كبيرة بالولايات المتحدة)، الذي تجسد نتيجة تزاوج الآب السماوي وممارسته للعلاقة الحميمة مع مريم العذراء، والذي كان هو ولويسفر الشيطان أخوان خلقا نتيجة تزاوج الآب من نساء؟ أم يسوع الذي يعلم به شهود يهوة والذي كان هو الملاك ميخائيل، وليس هو الله الظاهر في الجسد، وليس أقنوم إلهي مع الآب والروح القدس، وصار مرة ثانية الملاك ميخائيل بعد موته وقيامته، وأنه لم يمت على صليب، بل على قطعة خشب مفردة؟ أم يسوع الليبرالي المعلم الأخلاقي فقط، وليس الله الظاهر في الجسد والمخلص من الدينونة الذي سيأتي ليدين الأحياء والأموات؟ أم يسوع التاريخي الذي ليس هو مسيح الإيمان، كما يعلم

آباء الكنيسة وتاريخية الطوفان الكتابي

تمهيد يواجه  الطوفان الكتابي، على الأقل، هجومًا شرسًا من علم الجيولوجيا، أو بالأحرى افتراض نظري حول تاريخ الأرض لا يمكن إثباته بالعلم التجريبي. وهو الإدعاء بأن الطبقات الصخرية تترسب بمعدلات بطيئة جدا، بحسب المشاهدات التي يتم رصدها في الوقت الحاضر. فما نراه الآن، هو مفتاح لفهم تاريخ تلك الطبقات الصخرية التي تحوي في داخلها الكثير من الحفريات. أي أنه كما تترسب الطبقات الآن بمعدلات بطيئة مُكَوِّنَةً الصخور، فلابد أن تلك المعدلات البطيئة كانت سارية عبر تاريخ الأرض بأكمله. وإن كانت الطبقات الصخرية وحفريات السجل الأحفوري هما دليلان على ملايين السنين من التطور والترسّب البطئ للطبقات الرسوبية، فإن هذا من شأنه استبعاد كارثة طوفان نوح كتفسير لتلك الظواهر الجيولوجية. لأنه لو كان طوفان نوح قد حدث فعلا، وأنه كان عالميا وذو طبيعة تدميرية شديدة، فلابد أننا نرى آثاره في صخور الأرض. وعليه فإما أن يكون السجل الحفري وطبقاته الصخرية دليلا على ملايين السنين من التطور والترسيب البطئ، أو إما أنه دليلا على طوفان نوح. وطبعا الاعتقاد الثاني لن يكون اختيارا لكل متشكك أو لا أدري أو ملحد. يقول د. جون د. م