المشاركات

عرض المشاركات من 2014

بيستس

أَيُّهَا الأَحِبَّاءُ، إِذْ كُنْتُ أَصْنَعُ كُلَّ الْجَهْدِ لأَكْتُبَ إِلَيْكُمْ عَنِ الْخَلاَصِ الْمُشْتَرَكِ، اضْطُرِرْتُ أَنْ أَكْتُبَ إِلَيْكُمْ وَاعِظًا أَنْ تَجْتَهِدُوا لأَجْلِ الإِيمَانِ الْمُسَلَّمِ مَرَّةً لِلْقِدِّيسِينَ. (يه 3) كان يهوذا عاقدا العزم ويصنع كل الحهد علي أن يكتب للإخوة عن الخلاص المشترك لكنه رأي أن هناك ضرورة أخري ملحة وهي الإجتهاد من أجل الإيمان الْمُسَلَّمِ مرة للقديسين إذ يقول "أضطررت أن أكتب إليكم واعظا أن تجتهدوا لأجل الإيمان المسلم مرة للقديسين". فقد رأي من حوله حالة من الإرتداد الغير مسبوق. وفي حديثه عن الإرتداد السلوكي يخص بالذكر أولئك الفجار الذين دخلوا خلسة بيننا فحولوا نعمة إلهنا إلي الدعارة، وقد ذكرت كلمة "فجور" ومشتقاتها ستة مرات في رسالة يهوذا وحدها. ويقارن يهوذا الحالة الروحية في الأيام الأخيرة بتلك التي كانت للشعب الذي خلص قليلون منه وأهلك الرب في البرية الذين لم يؤمنوا (وقد كانوا أكثرية)، وسدوم عمورة والمدن التي حولهما والتي كابدت عقاب نار أبدية. أما عن سبب هذا الإرتداد فيقول أنه انكار الإيمان المسلم مرة للق

الوقوف أمام الرب

"وَقَالَ إِيلِيَّا التِّشْبِيُّ مِنْ مُسْتَوْطِنِي جِلْعَادَ لأَخْآبَ: حَيٌّ هُوَ الرَّبُّ إِلهُ إِسْرَائِيلَ الَّذِي وَقَفْتُ أَمَامَهُ، إِنَّهُ لاَ يَكُونُ طَلٌّ وَلاَ مَطَرٌ فِي هذِهِ السِّنِينَ إِلاَّ عِنْدَ قَوْلِي" (1 مل 17 : 1). "قَالَ إِيلِيَّا: حَيٌّ هُوَ رَبُّ الْجُنُودِ الَّذِي أَنَا وَاقِفٌ أَمَامَهُ، إِنِّي الْيَوْمَ أَتَرَاءَى لَهُ" ( 1 مل 18 : 15). تحدثنا سابقا عن إليشع وسؤاله "أين هو الرب إله إيليا"، واليوم نتكلم عن إيليا واجابته علي سؤال إليشع، فقد كان إيليا يعرف أين إلهه لأنه كان دائم الوقوف أمامه. وقبل أن نتأمل في ذلك فنحن في حاجة إلي معرفة القليل بخصوص الخلفية التاريخية لموضوع تأملنا، لأن هذا سيساعدنا كثيرا علي فهم المعني. كانت الأمة الإسرائيلة في وقت إيليا منقسمة إلي مملكتين، المملكة الشمالية وهي تضم عشرة أسباط وعاصمتها السامرة، والمملكة الجنوبية وتضم سبطين وعاصمتها أورشليم. وقد حدث هذا الإنقسام بعد موت سليمان كعقاب له علي خطيته بإتباعه لآلهة غريبة وتركه لعبادة الرب الإله، إلا أن الرب لم يرد أن يمزق المملكة في أيامه اكراما

إيه - يون

بِالإِيمَانِ نَفْهَمُ أَنَّ الْعَالَمِينَ أُتْقِنَتْ بِكَلِمَةِ اللهِ، حَتَّى لَمْ يَتَكَوَّنْ مَا يُرَى مِمَّا هُوَ ظَاهِرٌ  (عب 11 : 13). اللفظ اليوناني المترجم هنا عالمين هو ( αἰών ) وينطق ( aiōn ) ، ويعني أيضا "دهر" أو "زمن"، ومنه اشتقت الكلمة الإنجليزية ( aeon ) والتي تعني حقب زمنية طويلة جدا. وقد ترجم هذا اللفظ اليوناني في الكثير من المواضع في العهد الجديد بهذا المعني، مثل قوله "ليظهر في الدهور الآتية غني نعمته الفائق باللطف علينا في المسيح يسوع" (أف 2 : 7)، وأيضا في قوله "السر المكتوم منذ الدهور ومنذ الأجيال لكنه أظهر الآن لقديسيه" (كو 1 : 26). وقد تبنت بعض الترجمات الإنجليزية هذا المعني واستبدلت كلمت "عالمين" بـ "أزمنة". وفي ضوء ما سبق فإن كلمة "عالمين" هنا يمكن لها أن تشمل الأزمنة أيضا. وعلي ذلك فإن الزمان يتساوي مع المكان (أو المادة) في كون كلاهما مخلوقان، وأن أحدهما لم يبدأ وجوده بدون الآخر. وقد ذكر بعض الفلاسفة ما يؤيد ذلك، مثل ما قاله أغسطينس علي أنه لا يمكن أن يوجد أي من الزمان أو

قدم

إلهي رحمته تتقدمني (مز 59 : 10) الكلمة المترجمة "تتقدمني" في الأصل العبري هي "قدم"، وقد ترجمت أولا بمعني يلاقي كما في قوله "من أجل أنهم لم يلاقوك بالخبز والماء في الطريق عند خروجك من مصر" (تث 23 : 4)، وبهذا المعني يمكن القول أن رحمة الله تجدنا وتلاقينا في أوقات تيهاننا واغترابنا لتقدم لنا المعونة اللازمة. وترجمت ثانيا بمعني الإحاطة بالشئ كما وردت في صلاة المرنم "جبال الهاوية أحاطت بي. شرك الموت أصابتني" (2 صم 22 : 6)، وعليه فإننا نستطيع القول أن رحمة الله تحيط بنا ولا يوجد احتياج مادي أو روحي لا تشمله. وترجمت أيضا بمعني يستبق الشئ ويتقدمه كما جاءت في آيتنا هنا، وفي هذا نري أن مراحم الله تسبق حاجتنا كما علمنا رب المجد يسوع "لأن أباكم يعلم ما تحتاجون إليه قبل أن تسألوه"، وعلمه هنا يشمل الشعور بحاجتنا وقدرته علي سدادها أو نعمته لكي نحتمل عدم ملئها، فقد يجعل السمكة تبلع الإستار ويرسلها إلي حيث يأتينا جباة الضرائب (مت 17 : 27). وقد تضطر مراحم الله لاستباقنا حتي تمنعنا من فعل الشعر كما حدث مع أبيمالك عندما كان سيأخذ ساره لنفسه فظهر له ا

أبوكالوبسيس

أكثر الأسفار التي يمكن أن نعتبرها غامضة في الكتاب المقدس، ألا وهو سفر الرؤيا، يشير إلي نفسه بعكس ذلك. فهو يبدأ بالقول "إعلان يسوع المسيح". وكلمة "إعلان" هنا جاءت في اليونانية ( apokalupsis ) وتعني "تعرية الشئ وكشف النقاب عنه". وقد ذكرت لفظة "أبوكا-لوب-سيس" في الترجمة السبعينية للعهد القديم في قول شاول لإبنه يوناثان "فحمي غضب شاول علي يوناثان وقال له: يا بن المتعوجة المتمردة، أما علمت أنك قد اخترت بن يسي لخزيك ولخزي عورة أمك" (1 صم 2 : 30). وعلي هذا فإن إعلان يسوع المسيح يعني كشف النقاب عن وجه يسوع المسيح. وذكرت أيضا نفس اللفظة اليونانية في العهد الجديد لتعني استنارة ناتجة عن الإعلان كما في قوله "نور إعلان للأمم ومجدا لشعبك اسرائيل" (لو 2 : 32). وهذه الإستنارة الناتجة عن الإعلان ذكرت أيضا في (أف 1 : 17) كشئ يمكن أن يتحقق للمؤمن لأن لديه روح الحكمة والإعلان "كي يعطيكم إله ربنا يسوع المسيح، أبو المجد، روح الحكمة والإعلان في معرفته". فليس فقط أن الحق الكتابي هو في ذاته إعلان واضح قابل للفهم بل أيضا لدينا روح الحكمة و

أبولوجيا

مُسْتَعِدِّينَ دَائِمًا لِمُجَاوَبَةِ كُلِّ مَنْ يَسْأَلُكُمْ عَنْ سَبَبِ الرَّجَاءِ الَّذِي فِيكُمْ (1 بط 3 : 15 ) كلمة مجاوبة هنا جاءت في الأصل اليوناني "أبولوجيا" (وهي الكلمة التي اشتقت منها التعبير الإنجليزي  (Apologetics   وتعني تقديم دفاع عقلاني ومنطقي عن الحق الذي نؤمن به، وقد ترجمت بمعني احتجاج في محكمة في قول بولس أثناء محاكمته "أيها الرجال الإخوة والآباء اسمعوا احتجاجي الآن لديكم"(أع 22 : 1) ، وترجمت محاماة في رسالته إلي فيلبي عندما كان موثق في السجن "لأني حافظكم في قلبي في وثقي وفي المحاماة عن الإنجيل وتثبيته" (1 : 7). وكلمة "رجاء" جاءت في اليونانية أيضا لتعني الثقة في حدوث أمر مستقبلي، ولا شك فإن هذا الرجاء المقصود هنا هو استعلان ربنا يسوع المسيح لخلاص الأجساد ، وبناء علي ذلك فإن المعركة فرضت علينا ونحن مطالبون بتقديم دفاع عقلاني من أجل رجاءنا في الحق .

آنتي - كريستوس

أَيُّهَا الأَوْلاَدُ هِيَ السَّاعَةُ الأَخِيرَةُ. وَكَمَا سَمِعْتُمْ أَنَّ ضِدَّ الْمَسِيحِ يَأْتِي، قَدْ صَارَ الآنَ أَضْدَادٌ لِلْمَسِيحِ كَثِيرُونَ. مِنْ هُنَا نَعْلَمُ أَنَّهَا السَّاعَةُ الأَخِيرَةُ . (1 يو 2 : 18) تعبير ضد المسيح جاء في اليونانية "آنتي – كريستوس"، ولفظة "آنتي" اليونانية تعني "بديل"، وقد ترجمت بهذا المعني الآخير في قول متي البشير "ولكن لما سمع أن أرخيلاوس يملك علي اليهودية (عوضا عن) هيرودس أبيه خاف أن يذهب إلي هناك" (2 : 22). ويؤكد ذلك كل من قاموسي ثايير وسترونج. وبناء علي ذلك فليس من الضروري أن يكون ضد المسيح مقاوما صريحا له، بل إن كل من يأخذ مكان الرب يسوع المسيح ويستبدله هو ضدا له. وما أكثر البدلاء الذين أخذوا مكان الرب يسوع المسيح في يومنا هذا، وهم لا يأتون من خارج الكنيسة بل من داخلها، لأنهم يريدون اضفاء الصفة الدينية علي أنفسهم حتي يستطيعوا حبك الخدعة علي البسطاء. إذا فكل من ينسب لنفسه أمجاد المسيح أو كمالاته أو صفاته أو مكانته أو وظائفه هو ضد للمسيح، وكل من يُنسب له هذه هو ضد للمسيح لم يصنع نفسه بل من صناعة ا

موت الله بين عبثية سليمان وعدمية نيتشه

يقول سليمان "ومهما اشتهته عيناي لم أمسكه عنهما"، كان له الخيل والأموال والنساء والحكمة والسلطان، إلا أنه صرح أخيرا "ثم التفت أنا إلى كل أعمالي التي عملتها يداي وإلى التعب الذي تعبته في عمله فإذا الكل باطل وقبض الريح.. فكرهت الحياة لأنه رديء عندي العمل الذي عمل تحت الشمس لأن الكل باطل وقبض الريح". رأي الحياة كحلقة مفرغة لا نهاية ولا هدف ولا ملأ لها، فالأذن لا تمتلئ سمعا والعين لا تشبع نظرا، والأنهار تجري إلي البحر لتصب فيه، والبحر ليس بملآن، إلي المكان الذي جرت منه الأنهار إلي هناك تذهب راجعة. ولم تكن هذه النظرة نتاج فكر نظري مجرد بل ثمرة واقعه الشخصي الذي عاشه طيلة سنين عديدة ونظره المحصور في الأمور التي "تحت الشمس" فقط، وهو منظور أفقي للحياة يخلو من البعد الروحي تماما. فصارت الحياة له عبثية ولا معني لها أكثر من المعني الذي تراه البهيمة، حيث أن حادثة واحدة تحدث لكليهما في النهاية ألا وهي الموت "فليس للإنسان مزية علي البهيمة لأن كليهما باطل".  ونيتشه (وهو فيلسوف ملحد من فلاسفة التنوير) قال أن "الله مات"، وبموت الله – بحسب نيتشه –

أنواع إلإيمان الثلاثة في اللاهوت الإصلاحي

ميز المصلحين بين ثلاثة أنواع من الإيمان: الأول هو محتوي الإيمان (Notitia)، فلكي نؤمن لابد أن يكون هناك ما نؤمن به، وهو ما نعرفه عن الشخص أو الشئ موضوع الإيمان. محتوي الإيمان المسيحي وموضوعه هو الرب يسوع المسيح وإنجيله (تجسده وصلبه وقيامته). والنوع الثاني هو القناعة العقلية (Assensus) أو التصديق بصحة محتوي الإيمان، فلكي نؤمن بشئ لا يكفي أن نعرف عنه فقط بل لابد أيضا من التسليم بصدقه وصحته. وأخيرا هناك أيضا الإلتزام والإتكال القلبي الشخصي بما نصدقه (Fiducia) فمعرفة وتصديق الإيمان المسيحي ليسا كافيين ليكون الإيمان حقيقي. فالإيمان إذا يصبح حقيقي فعلا عندما تقترن المعرفة عن المسيح وتصديق ما ينسبه لنفسه بثقة شخصية قلبية في ذلك. وبناء علي ما سبق قد يوجد النوعيين الأولي والثاني بمعزل عن الثالث عندما يكون الإيمان علي مستوي العقل فقط ولكن لا يمكن أن يوجد النوع الأخير بدون الأول والثاني.  تطبيقا لذلك فإن ما قصده الرسول يعقوب أولا في قوله "أنت تؤمن أن الله واحد، حسنا تفعل والشياطين يؤمنون ويقشعرون" (يع 2 : 9)، هو الإيمان العقلي الذي لا يتعدي المستوي الثاني، حيث يوجد فقط محتوي الإي

الملحدون يرون خطورة المزج بين التطور والتعليم الكتابي أكثر مما يراها بعض المسيحيون أنفسهم

لم أكن أنوي التعليق علي ما قاله بابا الكنيسة الكاثوليكية بروما فرانسيس بأن هناك امكانية للتوفيق بين نظرية التطور والحق الكتابي، فالأمر لم يصدمني، لأني أعلم جيدا تاريخ الكنيسة الكاثوليكية بأنها منذ القرن التاسع عشر وهي تقف إلي جوار نظرية التطور، بداية من فضيحة إنسان بيلت داون ووصولا إلي نظرية الإنفجار العظيم التي صاغها الأب جورج لاميتري. ولكن يعز عليّ جدا أن الكثير من المسيحيين لا يدركون خطورة المزج بين نظرية التطور والتعليم الكتابي، في الوقت نفسه الذي يدرك فيه أعداء الإنجيل أخطار تزويج الهراء الدارويني بالحق الكتابي الثمين. النظريتان اللتان مزجتا بين تعليم الخليقة الكتابي وبين التطور وهما الخلق التدريجي والتطور الإيماني كلاهما وضعتا الموت قبل خطية آدم. وذلك لأنه إن كان آدم هو نهاية سلسلة من التطور الذي ((ماتت)) فيه الأنواع البسيطة السابقة له وجاءت منها أنواع أكثر تعقيدا فإننا بذلك نضع الموت قبل خطية آدم. فالكائنات صارعت من أجل البقاء وقتلت الكائنات الأضعف منها، أو أن الكائنات الضعيفة لم تستطع التكيف ومن ثم ماتت وانقرضت وأصبح هناك فرصة أمام الكائنات الأخري للحياة والبقاء. وأن ال

هل الحق الكتابي نسبي؟

"تعرفون الحق والحق يحرركم" (يو 8 : 32) الحق هنا معرف بالألف واللام، فهو وحيد. واللفظ اليوناني ( alētheia ) المستخدم هنا هو نفسه المتسخدم في قول الرب عن نفسه "أنا هو الطريق والحق والحياة" (يو 14) وهو أيضا نفس اللفظ المستخدم في اشارة الرب للكلمة المقدسة "كلامك هو حق" (يو 17) (مع الملاحظة أنها قيلت عن العهد القديم أيضا لأن العهد الجديد لم يكن قد كتب حينئذ). كما أن الكلمة اليونانية (logos) استعملت للإشارة إلي الرب يسوع في (يو 1) وإلي الكلمة المكتوبة أو الوصية الكتابية في مواضع كثيرة من العهد الجديد، مما يجعلنا نستنتج أن الوصية الكتابية ليست شيئا مختلفا عن الرب يسوع المسيح بل هي المسيح ذاته ولكنه مكتوبا ومقروءا ومسموعا، فكلاهما "الحق الواحد". كما أن قول الرب هنا يدل علي وجود امكانية لمعرفة الحق وإلا لما قال ذلك، لأنه إذا كانت معرفة المسيح (الحق المتجسد) ممكنة ، إذا فهناك إمكانية أيضا لمعرفة كلمة الله (الحق المكتوب). وبحسب بعض القواميس فإن كلمة "تعرفون" المذكورة في الآية أعلاه جاءت في اليوناينة ( ginōskō) وتعني أن "تعرف

لو لم يكن لدينا سوي العهد الجديد ماذا كنا سنتعلم منه عن الخليقة؟

أكثر سفر في الكتاب المقدس يتعرض لأشرس الهجمات هو سفر التكوين، وخاصة الإحدي عشر أصحاحا الأولي منه. ذلك لأنها تحوي قصة نشأة الكون والحياة وخلق الإنسان وسقوطه وتكاثر الجنس البشري وفسادهم وإهلاكهم بالطوفان العالمي. وهذه الحقائق التي يذكرها التكوين بكل تأكيد تتعارض مع فرضيتي التطور والإنفجار العظيم، باعتبارهما يفسران نشأة الكون والحياة وتطور الجنس البشري عن كائن يشبه قرد الغاب. مما دفع البعض إلي محاولة التوفيق بين فرضية التطور والحق الكتابي المذكور في سفر التكوين مدعين أنه لا يوجد تعارض بينهما ، وأنه لا مانع أن يكون الله قد استخدم التطور في اتمام عملية الخلق. والبعض من هؤلاء الذي وضعوا علي عاتقهم التوفيق بين فرضية داروين وبين ما كتبه موسي في سفر التكوين تطرفوا واضطروا لإنكار تاريخية الأصحاحات الإحدي عشر الأولي منه مدعين بأنها أسطورية وليست حقيقية لأنها تتعارض مع مكشفات العلم الحديث، غير مدركين أنهم أولا يخلطون بين العلم التجريبي وبين فرضية التطور التي تنطوي تحت لواء العلم التأريخي المؤسس علي الإفتراضات حيث أنها غير قابلة للإثبات لأنها حدثت في الماضي منذ ملايين السنين وتحدث في الحاضر ببط

عندما يضاف إلي الحق الواحد

يبدو أن الكنيسة الطقسية في حالة عداوة مع "الحق الواحد". إذ تجدهم دائما ما يضيفون إلي الحق الواحد والوحيد أمورا أخري. فلو قلنا أن الرب يسوع المسيح هو الحق الواحد – الحق المتجسد – لوجدتهم وضعوا إلي جواره شفعاء وقديسون في السماء يمكن أن تلجأ لهم عند حاجتك وتصلي لهم لأنهم يسمعونك .. فهم كليّ الحكمة والعلم والمراحم والوجود .. مثله تماما ، وبابوات ورؤساء أساقفة وأساقفة وكهنة علي الأرض بما لهم من سلطان يضارع سلطان الرسل بل ويفوقهم كما يشهد التاريخ عن ذلك.. يربطون ويحلون ما يروق لهم حله أو ربطه. وتراهم أيضا وضعوا إلي جوار الكتاب المقدس – الحق المكتوب – كتبا أخري لها نفس المصداقية والإلزام، مثل الأبوكريفا التي يسمونها الأسفار القانونية الثانية بما فيها من أخطاء تاريخية وجغرافية وتعليمية، والتقليد الكنسي الذي يعتمد علي التقاليد المتوارثة شفاهيا وما أدراك أن تؤسس عقيدتك علي أمور متوارثة شفهيا لأكثر من ألفي عام، والديداخي بما يحويه من رتب لسنا في حاجة لها لأننا جميعا اخوة (مت 23 : 8) وطقوس كنسية لم ترد في العهد الجديد بل ولا تلزمنا لأن كل الطقوس بطلت بمجئ المرموز إليه فيها وهو شخ

البرهان الوجودي للقديس أنسلم لإثبات وجود الله

إن واحدا من أكثر الفرضيات الفلسفية تعقيدا لهو البرهان الوجودي للقديس أنسلم علي وجود الله ، لأنك إن تغلبت علي صعوبه فهمه والإحاطة به وقعت في صعوبه أخري وهي محاولة تلاوته، وإن نجحت في محاولة تلاوته كما هو لوقعت في مشكلة تبسيطه دون أن تخل بمعناه أو تنسب له شئ ليس في مضمونه، مما جعلني أتوخي الكثير من الحذر أثناء نقله في السطور القادمة. والبرهان الوجودي للقديس أنسلم يمكن شرحه كالآتي: أولا: الله هو ما لا يمكن تصور أعظم منه. أي أنك إذا استطعت تصور أعظم من الله فأنت لم تصل إلي الكائن الأعظم في تصورك بعد ولم تتفق مع أنسلم في تصوره عن الكائن الأعظم. ولنفترض أن هذا الكائن موجود في التصور فقط دون الحقيقة ولنسميه (أ). ثانيا: لنضع في اعتبارنا أن الوجود أعظم من العدم. بمعني أن الوجود لابد أن يكون له فائدة ما وبالنظر إلي هذه الفائدة فإن الوجود أفضل من عدم الوجود. ثالثا: بالنظر إلي أنه يمكن للإنسان تصور أشياء في ذهنه لا وجود لها في الحقيقة وأنه قد يوجد أشياء في الحقيقة لم يرها الإنسان ولا يستطيع تصورها، إذا فهناك ما يوجد في التصور فقط دون الحقيقة ، وما يوجد في الحقيقة فقط دون التصور.