الملحدون يرون خطورة المزج بين التطور والتعليم الكتابي أكثر مما يراها بعض المسيحيون أنفسهم


لم أكن أنوي التعليق علي ما قاله بابا الكنيسة الكاثوليكية بروما فرانسيس بأن هناك امكانية للتوفيق بين نظرية التطور والحق الكتابي، فالأمر لم يصدمني، لأني أعلم جيدا تاريخ الكنيسة الكاثوليكية بأنها منذ القرن التاسع عشر وهي تقف إلي جوار نظرية التطور، بداية من فضيحة إنسان بيلت داون ووصولا إلي نظرية الإنفجار العظيم التي صاغها الأب جورج لاميتري. ولكن يعز عليّ جدا أن الكثير من المسيحيين لا يدركون خطورة المزج بين نظرية التطور والتعليم الكتابي، في الوقت نفسه الذي يدرك فيه أعداء الإنجيل أخطار تزويج الهراء الدارويني بالحق الكتابي الثمين.

النظريتان اللتان مزجتا بين تعليم الخليقة الكتابي وبين التطور وهما الخلق التدريجي والتطور الإيماني كلاهما وضعتا الموت قبل خطية آدم. وذلك لأنه إن كان آدم هو نهاية سلسلة من التطور الذي ((ماتت)) فيه الأنواع البسيطة السابقة له وجاءت منها أنواع أكثر تعقيدا فإننا بذلك نضع الموت قبل خطية آدم. فالكائنات صارعت من أجل البقاء وقتلت الكائنات الأضعف منها، أو أن الكائنات الضعيفة لم تستطع التكيف ومن ثم ماتت وانقرضت وأصبح هناك فرصة أمام الكائنات الأخري للحياة والبقاء. وأن الكائنات التي بقيت تطورت إلي كائنات أكثر تعقيدا. وبالتالي يظل الموت هو آلية التطور التي لا يمكن الإستغناء عنها. وإن وضعنا الموت قبل مجئ آدم وخطيته فإننا بذلك ننفي العلاقة بين خطية آدم والموت الذي جاء كنتيجة لها. ويصبح موت المسيح لكي يكفر عن الخطية لا قيمة له.

وهذه عينة لأقوال بعض الملحدين المدافعين عن نظرية التطور تثبت أنهم يفهمون المسيحية أكثر من بعض المسيحيين:

يقول الملحد الأمريكي الشهير ريتشارد بوزارث "أنه يصبح من الواضح الآن أن موضوع التبرير بحياة يسوع وموته يقوم أو يسقط علي وجود آدم والثمرة التي أكلها هو وزوجته. فبدون الخطية الأصلية، من يحتاج إلي الخلاص؟ بدون سقوط آدم في حياة مستمرة من الخطية تفضي إلي الموت، أي غرض يكون للمسيحية حينئذ؟ لا شئ. وما يعينه كل هذا أن المسيحية لا تحتمل خسارة تعليم الخليقة بحسب سفر التكوين .. المعركة بالنسبة للمسيحية ضرورة لا بد منها لأنها معركة حياة أو موت .. إذا لم يكن يسوع هو من مات لأجل خطايانا، وإذا كان هذا ما يعنيه التطور إذا فالمسيحية لا شئ".

الملحد الأشهر ريتشارد داكينز في مقابلة تليفزيونية مع هاورد كودنر قال "المسيحيين الإنجيليين فهموا بطريقة صحيحة أن التطور هو عدوهم، بينما الأكثرية من اللاهوتيين الذين يبدون سعداء للتعايش معها هم في الحقيقة موهومون. وأعتقد أن الإنجيليين فهموا المشكلة جيدا بأنه لا يمكن أن يكون هناك توافق بين التطور والمسيحية". نعم مستر داكينز أنت فهمتها لكن لم يفهما المسيحيين، وهذه حقيقة مؤسفة!!

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

لماذا قام المسيح في اليوم الثالث بالذات؟

هل حقا تغير الصلاة مشيئة الله؟

أربعة أعمدة في رحلة قديس