المشاركات

عرض المشاركات من فبراير, ٢٠٢١
يحتفل العالم بذكرى ميلاد ووفاة تشارلز داروين في هذه الأيام. ونحن لا نستطيع أن نفوت هذه المناسبة دون الإحتفال بطريقتنا. الفرق بين مسيحية سفر التكوين وبين الداروينية كالفرق بين السماء والأرض. المسيحية تختلف جوهريًا عن الداروينية من حيث تعليم كل منهما عن الله والإنسان. المسيحية، طبقًا لأحداث سفر التكوين التاريخية الحرفية، تعلّم بأن الله الكائن الأزلي خلق الإنسان على صورته. بينما تقول الداروينية أن الإنسان خلق الله كخرافة دينية تطورت مع الوقت. يقول الباحث الكبير في هذا المجال بودي هودج: "خلق الله الإنسان (تك ١ : ٢٧)، ولكن في الثقافة العلمانية الحديثة اليوم، يحاول الإنسان أن يرفع نفسه ليكون أعلى من الله بالقول أن الإنسان خلق الله! رَوَّجَ تشارلز داروين لهذا في صيغته الحديثة في كتابه 'نشأة الإنسان' في عام 1871. قال: '(من هنا يبدأ كلام داروين) نفس القدرات العقلية العالية التي قادت الإنسان في البداية إلى الإيمان بالقوى الروحية غير المظورة، ثم في الأرواحية (سكنى الأرواح في المادة) ، وتعدد الآلهة، وفي نهاية المطاف في التوحيد، ستقوده بطريقة لا تقبل الخطأ، طالما ظلت قواه العقلية غ

كلية اللاهوت المشيخية بالعباسية واعتمادها الأكاديمي من أوروبا

صورة
تحتفل كلية اللاهوت المشيخية بالعباسية هذه الأيام باعتمادها الأكاديمي من أوروبًا. وهذا شىء جيد. إلا أن ما تقر به كلية اللاهوت المشيخية بالعباسية حول الكتاب المقدس أمر لا يدعو للإحتفال بالمرة. جاء في إقرار إيمانها والبند الثاني المتعلق بالكتاب المقدس: "تؤمن كلية اللاهوت الإنجيلية بألوهِيَّة وَحْي الكتاب المقدس، وبالتالي أهليته للثقة، وسلطانه في كل ما يتعلق بالإيمان والأعمال". ولي بعض الملاحظات على البند الثاني. أقل ما يمكن أن يقال عن هذا البند هو غموضه وقصره واقتضابه وضعفه. الأمر الذي لا يتناسب مع عقيدة خطيرة مثل الكتاب المقدس يُطلق عليها "المبدأ التشكيلي" للإصلاح البروتستانتي Formal Principle لأنه من خلال عقيدة الكتاب المقدس تَشَكَّلَ كل عقيدة وكل شىء آخر آمنت به الكنيسة الإنجيلية على مر القرون. الإقرار يصر على القول أن الكتاب المقدس "أهل للثقة"، وليس "معصوم". تعبير أهل للثقة تعبير ضعيف جدًا لا يناسب ما تشهد به كلمة الله عن نفسها. ولا يأتي بالإتساق مع المبدأ المصلح سولا سكريبتورا. ولا يعكس ما جاء في إقرار الإيمان الويستمينستري. هناك الكثير من الأش

خلصنا بالنعمة ونكافىء أيضًا بالنعمة

يعتقد الكثير من المسيحيين أن الله مدين لهم بالمكافآت في مقابل تقواهم أو خدمتهم أو أعمالهم الصالحة. إلا أن المسيحي الذي يظن أن الله مدين له بالمكافآت لا يختلف من حيث بالمبدأ عن الخاطىء الذي يريد أن يتبرر بأعماله الصالحة. والسبب هو أنه لا يوجد عمل صالح بصورة مطلقة. حتى الأعمال التقوية والخدمات التي يقوم بها المؤمن بعد تجديده تظل ناقصة ومعيبة، كمًا وكيفًا. ولكن الله يقبلها لأنها تُقَدَّم في استحقاق المسيح. ويتنازل ويكافئنا عليها من قبيل نعمته فقط وليس من قبيل أي إلتزام من طرفه نحونا. الله ليس مديونًا لأحد بشىء. يقول تعليم هايدلبيرج: س: كيف يمكن أن يُقال لأعمالنا الصالحة أنها لا تستحق أي شيء بينما وعد الله أن يكافىء عليها في هذه الحياة وفي الحياة الأخرى؟ (١) ج: هذه المكافآت لا تُكتسب؛ إنها عطية النعمة. (٢) (١) "افرحوا وتهللوا، لأن أجركم عظيم في السموات، فإنهم هكذا طردوا الأنبياء الذين قبلكم" (مت ٥ : ١٢). "ولكن بدون إيمان لا يمكن إرضاؤه، لأنه يجب أن الذي يأتي إلى الله يؤمن بأنه موجود وأنه يجازي الذين يطلبونه" (عب ١١ : ٦). (٢) "كذلك أنتم أيضًا، متى فعلتم كل ما أمرتم

تكرار ذبيحة القداس الطقسي هو خرق لذبيحة المسيح الواحدة على الصليب

ترتكز العقيدة الطقسية حول ذبيحة القداس. لهذا تمارس الطوائف التقليدية ذبيحة القداس بصفة متكررة، إذ يتكرر فيها ذبيحة المسيح على الصليب. المذبح الطقسي هو صليب آخر يُصلب عليه المسيح. وهي بذلك ذبيحة كفارية للخلاص. تصبح كذلك عندما يتحول العنصران حقًا إلى جسد ودم المسيح نتيجة الصلاة التي يقوم بها الكاهن الطقسي. وكما كان المسيح حاضرًا ببشريته وألوهيته على الصليب، فهو حاضر أيضًا في ذبيحة القداس (الخبز والخمر) ببشريته وألوهيته. صلاة الكاهن تصنع كل هذا. على سبيل المثال يقول التعليم الكاثوليكي الرسمي والمنشور على موقع الفاتيكان: ١٣٦٧ – "ذبيحة المسيح وذبيحة الإفخارستيا هما ذبيحة واحدة، إنها نفس الضحية، والذي يُقرب الآن ذاته بواسطة الكهنة هو نفسه الذي قرب ذاته يومًا على الصليب، طريقة التقريب وحدها تختلف، وبما أنه في هذه الذبيحة الإلهية التي تتم في القداس هذا المسيح نفسه الذي قدم ذاته مرة بطريقة دموية على مذبح الذبيحة هي حقًا ذبيحة تكفير عن الخطايا". أيضًا: ١٣٧٤ – فسر الإفخارستيا الأقدس يحتوي حقًا وحقيقيًا وجوهريًا جسد ربنا يسوع المسيح ودمه مع نفسه وألوهيته، ومن ثم، فهو يحتوي المسيح كله كا

ألوهية المسيح في غلاطية ١

ألوهية المسيح ومساواته للآب يتخللان حجج بولس عن رسوليته وصدق إنجيله في غلاطية ١ في مواجهة المعلمين الكذبة. في غل ١ يضع بولس المسيح في مقابلة مع الإنسان عدة مرات، في إشارة ضمنية قوية عن ألوهية المسيح: في مواجهة المعلمين الكذبة يثبت بولس رسوليته بكونها لم تأتي من الناس ولا بإنسان بل من يسوع المسيح: "بُولُسُ، رَسُولٌ لَا مِنَ ٱلنَّاسِ وَلَا بِإِنْسَانٍ، بَلْ بِيَسُوعَ ٱلْمَسِيحِ وَٱللهِ ٱلْآبِ ٱلَّذِي أَقَامَهُ مِنَ ٱلْأَمْوَاتِ". غَلَاطِيَّةَ ١ : ١ إن كان الإنجيل الذي يكرز به بولس ليس بحسب إنسان، ولم يقبله من عند إنسان، ولم يتعلمه بل أُعْلِنَ له بواسطة يسوع المسيح، فمن هو يسوع إذًا سوى الله نفسه؟ "وَأُعَرِّفُكُمْ أَيُّهَا ٱلْإِخْوَةُ ٱلْإِنْجِيلَ ٱلَّذِي بَشَّرْتُ بِهِ، أَنَّهُ لَيْسَ بِحَسَبِ إِنْسَانٍ. لِأَنِّي لَمْ أَقْبَلْهُ مِنْ عِنْدِ إِنْسَانٍ وَلَا عُلِّمْتُهُ. بَلْ بِإِعْلَانِ يَسُوعَ ٱلْمَسِيحِ". غل ١ : ١١ - ١٢ لم يسعى بولس لإرضاء البشر أو استعطافهم، أيًا كانت مكانتهم، بل كان شغله الشاغل هو أن يكون عبد صالح للمسيح: "أَفَأَسْتَعْطِفُ ٱلْآنَ ٱلنَّاسَ أَم

هل كلمة "ثيؤبنويستوس" المترجمة "موحى به" في ٢ تي ٣ : ١٦ تعنى "قادمة من الله"

صورة
في تعريفه لكلمة "ثيؤبنويستوس"، يقول جون دانيال مدرس اللغة اليونانية في كلية اللاهوت المشيخية بالعابسية: الكلمة اليونانية θεόπνευστος المترجمة موحى هي كلمة هيلينستية (أي ظهرت في العصر الهيلينستي، القرن الثالث قبل الميلاد على أقصى تقدير) وهي دمج للكلمة اليونانية θεός وتعني "الله" (أي اله حتى لو وثني) مع الكلمة πνευστός وتعنى "متنفس به" والكلمة ايتومولوجيا (العلم الذي يهتم بأصول الكلمات) تعني "متنفس به من قبل الله" ولكننا لا يمكننا التعامل ايتومولوجيا مع الكلمة إذ اصبح لها معنى جديد بتركيبها وتعني هنا "قادمة من الله" أو "مصدرها الله". والكلمة وجدت ثلاث مرات خارج العهد الجديد: ١) في كتاب Pseudo Phocylides 129 وهو كتاب يهودي يثبت اليهودية من الفلسفة ويقول فيه أن "الحكمة قادمة من الله". ٢) في Plutarchus Biographus et Philosophus 2.904f وهو كتاب للمؤرخ Plutarch ويقول فيه أن "الأحلام قادمة من الله". ٣) في Astrologus لعالم الفلك Vettius Valens ويقول فيه أن "الخليقة كما نحن مصدرها الله". بالتالي فأنه في

هل ظهرت العقائد المسيحية الأساسية فقط في القرن الرابع كتطورات لمسيحية القرن الأول؟

منهج النقد التاريخي وتجاهل قراءة المسيحية في سياق نصوص العهد القديم لاحظت أن أحد الأخطاء الجوهرية في منهج النقد التاريخي هو تجاهل العهد القديم. الكثير من هجومهم على المسيحية مؤسس على تقييم المسيحية بمعزل عن جذورها في نصوص العهد القديم. الادعاءات الآتية هي أمثلة لذلك: لاهوت المسيح شيء مستحدث لم يكن موجود قبل مجمع نيقية في القرن الرابع. الثالوث تعليم مستحدث لم يوجد قبل انعقاد مجمع نيقية في القرن الرابع. يسوع التاريخي مختلف عن مسيح الإيمان والأول غير معروف هويته. الميلاد العذراوي ليسوع تعليم ظهر في القرون اللاحقة على مسيحية القرن الأول. كان هناك أكثر من مسيحية واحدة. المسيحية التي تُعرف بالقويمة انتشرت وسادت العالم فقط بسبب أن المنتصرون هم الذين يكتبون التاريخ. الكنيسة لم يكن لديها كتاب مقدس قبل مجمع نيقية في القرن الرابع. فضلاً عن أن تلك الإدعاءات السابقة في حد ذاتها غير صحيحة كتابيًا وتاريخيًا، إلا أن تعنت حركة النقد التاريخي ضد المسيحية واضح في التجاهل المتعمد لتأصيل الرسل للمسيحية التي كرزوا بها في السياق اليهودي للعهد القديم. إذ يدعي أولئك النقاد أن تعاليم الثالوث وألوهية المسيح

الوعظ مالوش صاحب أم خدمة منبرية للقادة بصورة أساسية؟

يحاول البعض مؤخرًا أن يطعن في الوعظ كمهمة منوط بها قادة الكنيسة متمثلون في الشيوخ. فيقولون أن الوعظ يعني في الأساس التشجيع، وليس كما يُشاع أنه يعني خطبة تقال من على المنبر. أي أن الوعظ، طبقًا لهؤلاء، ينغبي ألا يكون ممارسة رسمية للكنيسة في العبادة، بل شىء يُمارس بصورة رئيسية على المستوى الفردي بمعزل عن المنبر.  وهذا نموذج لما قاله أحدههم في هذا الموضوع بعد أن أعاد صياغة قول بولس "أما الواعظ ففي الوعظ": "واللي بيشجع خليه يشجع" (رو ١٢ : ٨) ملحوظة: كل مرة فاندايك استخدم كلمة وعظ، أو يعظ παρακαλέω أو παράκλησις مش مقصود بيها الوعظ بمعناه التقني اللي احنا فاهمينه (إن واحد يقف قدام جمهور ويلقي خطبة). لكن مقصود به التشجيع، الحث، التعزية، الراحة سواء بشكل فردي أو جماعي. تعليقي: هل هذا معناه أنه لا يوجد واعظ؟ هل هذا طعن في السلطة التعليمية للمنبر؟ هذا ما يبدو أن الكلمات تشير إليه (الوعظ مش واحد يقف قدام جمهور ويلقي خطبة). المشكلة في الكلمات أعلاه أن صاحبها ارتكب مغالطتان. الأولى هي أن الوعظ تشجيع فقط. والثانية (مؤسسة على الأولى بصورة غير منطقية) بما أن الوعظ تشجيع، فهو شىء يم