المشاركات

عرض المشاركات من نوفمبر, ٢٠٢٢

كيف تقرأ سفر المزامير

إن كانت القاعدة العامة في أسفار الكتاب المقدس هي أنها أقوال الله إلى الإنسان، فإن المزامير، في الأساس، هي صلوات أو كلمات الإنسان إلى الله. على أن هذا لا ينبغي أن ينتقص من كونها وحيًا معصومًا كما يحاول بعض الليبراليون الفعل بحجة أنها صلوات للتعبير عن المشاعر الإنسانية. ففي النهاية هي صلوات موحى بها من الروح القدس مثلها في ذلك مثل أقوال الأنبياء وتعاليم الرسل. إلا أنه تظل هناك أهمية لإدراكنا أن المزامير هي في الأساس كلمات الإنسان إلى الله. وهذه الأهمية تكمن في أن المزامير تعبر عن صلوات نابعة من عمق الخبرات الروحية البشرية للأتقياء. فالمزامير كما قال لوثر "كتاب مقدس صغير". وطبقًا لكلمات سبرجون: "هي مستودع أسلحة كامل لمعارك الحياة، وإمدادات مثالية لاحتياجات الحياة. هنا لدينا كل من البهجة والفائدة، العزاء والتوجيه. لكل ظرف يوجد مزمور مناسب ومشجع". ثراء المزامير .. صعوبة وميزة في نفس الوقت! كتبة المزامير كثيرون. وهم كالتالي: مزمورًا واحدًا لموسى ٩٠. ٧٣ مزمورًا لداود في الجزئين الأول والثاني. مزموران لسليمان ٧٢ ، ١٢٧. ١٢ مزمورًا لآساف ٥٠ ، ٧٣ – ٨٣. ١٠ مزامير لبني قورح

المقصود باللاهوت المتمركز حول الإنسان

يمكن لأي طرح لاهوتي أن يكون متمركزًا حول الإنسان. فالادعاءات المتمركزة حول الإنسان كثيرة جدًا وربما لا نستطيع حصرها. من هنا تكمن أهمية محاولة التعريف بهذا المنهج المتمركز حول الإنسان ومن ثم تقديم بعض الأدوات التي تمكنا من رصده. إن خطورة اللاهوت المتمركز حول الإنسان تكمن في كونه هرطقة مستترة تزيح الله ومجده ومسيحه وكلمته وإنجيله من المركز. والوضع بدلاً منها الإنسان واختباره وعمله وحاضره. كتبت مقال سابق حول وجود تعاليم مركزية وأخرى غير مركزية في الإيمان المسيحي. أوضحت فيه أن إحدى الطرق الشائعة للطعن في العقائد الخطيرة، ليس بإنكارها صراحة، بل بإزاحتها من المركز. بإعلاء حقائق أخرى غير مركزية فوقها. أو بتمويع فكرة المركزية عمومًا وجعل كل الحقائق متساوية من حيث الأهمية (أنظر مقال: خطورة التمييز بين العقائد المركزية والعقائد غير المركزية). اللاهوت المتمركز حول الإنسان هرطقة خفية تضع الإنسان في المركر. إن أردنا أن نضع تعريفًا للفكر اللاهوتي المتمركز حول الإنسان، فهو منهج لاهوتي، أكثر منه تعاليمًا بعينها، يرى الإنسان وسيلة وغاية كل شئ، في الخلق والعناية والفداء. وهذا المنهج ينتج عن مساومة بين إ

هل هناك خضوع أزلي من الابن للآب؟

مدى صحة الخضوع الأزلي للابن في ظل العلاقة بين الطبيعة والأقنوم والإرادة يرى فريق من اللاهوتيين، وعلى رأسهم جرودم ووير، أن أبوة الله الآب، وبنوة االله الابن، تشيران إلى أن العلاقة التي بينهما هي علاقة من حيث السُّلطة والخضوع. فالابن لكونه ابنًا يخضع للآب منذ الأزل. وإلا، فطبقًا لهؤلاء، ماذا يعني كون الابن ابنًا والآب آبًا؟ أليست ذات الألقاب، "الآب" و"الابن"، تشير إلى طبيعة العلاقة بين الأقنومين؟ ورغم أن أنصار هذا الرأي يؤكدون على خضوع الابن الأزلي للآب، فهم شديدي الحرص من ناحية أخرى على التأكيد أيضًا على أزلية الابن، وكونه غير مخلوق، وأنه مساو للآب في الجوهر. إلا أن هذا في حد ذاته تناقضًا كما سيأتي الذكر. على أن الرد على ذلك، وهو الموقف اللاهوتي والتاريخي السليم للكنيسة القويمة، هو أن خضوع الابن الأزلي للآب يكون فقط من حيث الثالوث التدبيري (الإيكونومي). أي في ظل تدبير الخلق والفداء وفيما يخص فقط علاقة الأقانيم بالخليقة ad extra . أما من حيث العلاقات الأقنومية الداخلية، قبل الزمن والخلق والفداء، أي الله في ذاته وفيما يتعلق بكينونته ad intra (الثالوث الأنطولوجي)، فلا ي

خطورة التمييز بين العقائد المركزية والعقائد غير المركزية

ليست كل التعاليم المسيحية متساوية من حيث الأهمية. بل يوجد فيها تعاليمًا جوهرية وأخرى ثانوية. وقد أدرك المصلحون البروتستانت هذا الأمر الخطير فقاموا بالتمييز بين ما هو جوهري وما هو ثانوي. وعن هذا التمييز الحرج الذي قام به المصلحون، يقول المؤرخ ريتشارد مولر: "العقائد الأساسية articuli fundamentales : هو مفهوم عقائدي ... يتم بموجبه تمييز العقائد الأساسية الضرورية للإيمان المسيحي عن العقائد الثانوية أو المشتقة منطقيًا. وبالتالي فإن العقائد الأساسية هي تلك العقائد التي بدونها لا يمكن للمسيحية أن توجد والتي تكون سلامتها ضرورية للحفاظ على الإيمان. هذه الفئة من العقائد الأساسية تشمل فقط العقائد التي قدمها الوحي، أي عقيدة الخطية وعواقبها، عقيدة شخص وعمل المسيح، عقيدة القيامة، وعقيدة الكلمة المكتوبة كأساس للإيمان". وعن العقائد غير الأساسية، يضيف مولر: "العقائد غير الأساسية articuli non-fundamentales : هي عقائد لا يهدد إنكارها عقيدة الخلاص لأنها ليست أساسية للحفاظ على الحق المسيحي ولا تتعلق بالأهداف الأساسية للإيمان ... مثل هوية ضد المسيح وطبيعة الملائكة. هذه العقائد، مع ذلك، هي كتا