المشاركات

عرض المشاركات من سبتمبر, ٢٠٢٢

كيف تقرأ سفر الأمثال

كُتِب سفر الأمثال بواسطة مجموعة من الكُتَّاب، وذلك على خلاف ما هو شائع وما قد يبدو لنا من مقدمة السفر أن سليمان هو كاتبه الوحيد. إلا أن سليمان كَتَبَ الجزء الأكبر منه، بالإضافة إلى قيامه بتجميع الكثير من الأمثال المدونة فيه. والتقسيم التالي للسفر يساعدنا على فهم كل من كاتبيه وخط سيره: خطابات مُطَوَّلة للحكمة المُشَخْصَنَة (الحكمة كشخص) ١ : ١ – ٩ : ١٨ أقوال قصيرة لسليمان ١٠ : ١ – ٢٢ : ١٦ أقوال قصيرة للحكماء ٢٢ : ١٧ – ٢٤ : ٣٤ تجميع ثاني لسليمان تم في زمن حزقيا ٢٥ : ١ – ٢٩ : ٢٧ أقوال أجور ٣٠ : ١ – ٣٣ أقوال الملك لموئيل ٣١ : ١ – ٩ مدح للمرأة الفاضلة ٣١ : ١٠ – ٣١ بعض الصعوبات في السفر قد توجهنا بعض الصعوبات عند قراءة السفر. أولاً، لا يوجد بالسفر رواية تاريخية أو أحداث متسلسلة تسهل علينا قراءته. فرغم أن كل من أيوب والجامعة والأمثال جميعًا أسفار شعرية، إلا أننا نجد فقط كل من أيوب والجامعة يسيران في تسلسل روائي (وإن كان الجامعة لا يفعل ذلك بنفس الوضوح الذي نجده في أيوب). وهذا الأمر ينطبق أيضًا إلى حد ما على سفر نشيد الأنشاد (أنظر مقال: كيف تقرأ سفر نشيد الأنشاد). بينما لا نجد هناك قصة في

بعض الأناجيل المزيفة في كلمات

إنجيل الرخاء: المسيح بموته حقق لنا النجاح والرخاء والشفاء. لهذا فالله لا يريدك فقيرًا أو مريضًا أو فاشلاً زمنيًا. الإنجيل العلاجي: المسيح بموته اشترى لك السعادة النفسية. لهذا فالله يريدك سعيدًا، ذاتك متحققة، مُشْبَع نفسيًا. إنجيل اللاهوت الشرقي (إنجيل صوفي): الله صار إنسانًا لكي يصيرنا آلهة. والله يريدك أن تختبره عن طريق الإتحاد به ومن ثم التأله. إنجيل التشكيل الروحي (إنجيل أعمال صوفي) عليك أن تتشكل روحيًا، من خلال تدريبات روحية، لتصير مثل المسيح. ممارسة التدريبات الروحية ستمنحك السكينة والسعادة من خلال التمثل بالمسيح كمنوذج أخلاقي وليس كمُخَلِّص. الإنجيل الأخلاقي أو إنجيل الأعمال (البيلاجي): المسيح جاء لكي يعطينا قوة الإرادة والنموذج الأخلاقي اللذان يمكننا بهما أن نخلص أنفسنا. الله يريدك مثل يسوع في القداسة من خلال صلاحك الشخصي وقوة إرادتك. كل الأناجيل السابقة تحوي شيئًا من الحقيقة، لكن مع الأسف كل الأناجيل السابقة مركزها الإنسان man-centered ، لهذا فهي تغفل جانب جوهري من الحقيقة أيضًا. الإنجيل الحقيقي الوحيد هو الإنجيل المتمركز حول الله God-centered ، الله في المسيح. المسيح جاء لكي ي

"النعمة ليست ضد الأعمال أو الجهاد بل ضد الاستحقاق" ... هل هو ادعاء كتابي؟

يتحدثون عن الخلاص بالنعمة، وكأن الجهاد بعد الخلاص ليس بالنعمة. أو كأن أعمال الإيمان ليست نعمة. أو كأن التقديس ليس ‏بالنعمة. فيقولون عبارات مثل: ‏"النعمة ليست ضد الأعمال، بل ضد الاستحقاق". ‏"النعمة ليست ضد الجهاد، بل ضد الاستحقاق". أو كما طعن دالاس ويلارد في النعمة قائلاً (واقتبسه ماهر صموئيل): ‏"خلصنا بالنعمة، واتشلينا بالنعمة". لكن، نحن لا نبدأ بالنعمة ونكمل بدونها، فالنعمة هي التي تهبنا البداية والنهاية وما بينهما. تهبنا الحياة الجديدة والحياة المجاهدة. تهبنا كل من ‏الجهاد والأعمال والاستحقاق. نحن لا نبدأ بالنعمة ونكمل بالأعمال، وكأننا فقط محتاجين زقة. والنعمة تظل ضد أعمال الناموس، وضد البر الذاتي، وضد الاتكال على الذات، قبل وبعد أن نؤمن بالمسيح. والنعمة مسئولة عن تقديسنا بقدر ما هي مسئولة عن تبريرنا وتمجدينا. عندما نتحد بالمسيح، نأخذ بره وقداسته. مثلما تشرق الشمس فتمنحنا نورها وحرارتها. وعندما نؤمن فنحن نتبرر بالإيمان بدون أعمال، إلا أن الذي يعمل فينا هو الإيمان العامل. من يدعي أنه أخذ التبرير دون أن يظهر بسلوكه التقديس، فهو لم يأخذ أي من الإثنين. أنت م

ما المشكلة في تعريف الخطية على أنها كل ما نفعله عندما نكون غير مكتفون بالله؟

صورة
يُعَرِّفُ جون بايبر الخطية على أنها: "الخطية هي كل ما تفعله عندما يكون قلبك غير مكتف بالله". ميزة هذا التعريف أنه يلفت النظر إلى حالة القلب بحيث أن كل شئ يعمله الإنسان، بما في ذلك الأعمال الصالحة والخدمة، بينما هو غير مكتف بالله، فهو خطية. وهذا أمر سليم، إلا أنه ليس الصورة بأكملها. إنه جزء من الحقيقة ولا ينبغي أن يشكل الحق الجوهري المتعلق بالخطية. إن هذا التعريف به أكثر من مشكلة. أهمها هو أنه متمركز حول الإنسان. إذ ينطلق في تعريف الخطية من أسفل إلى أعلى، وليس من أعلى إلى أسفل (كما ينبغي أن يكون). فما يحدد الخطية من عدمها في الأساس، طبقًا لهذا التعريف، هو موقف الإنسان نحو الله (وليس موقف الله تجاه الإنسان كما يغفل التعريف). مدى اكتفاء الإنسان بالله، وليس مدى رضا الرب عن الإنسان. بكلمات أخرى، إن هذا التعريف يحدد معنى الخطية بالإشارة إلى الإنسان نفسه وليس الله. قياس طبيعة الإنسان على الإنسان ذاته. أنثروبولجي غير مؤسس على الثيولوجي بروبر (وهذا مخالف للمنهج المصلح المؤسس على مركزية الله). إن المشكلة في هذا التعريف تتضح أكثر إن سالنا أنفسنا هذا السؤال: طبقًا لأي مقياس أنا مكتف بالل

كيف تقرأ سفر أيوب

يمكننا تقسيم سفر أيوب إلى افتتاحية (١ – ٢)، رثاء (٣)، جدال (٤ – ٣١)، استدراك (٣٢ – ٣٧)، لقاء (٣٨ – ٤١)، استرداد (٤٢). الأسلوب الأدبي لكل من الافتتاحية والخاتمة (الاسترداد) هو النثر. وما بين الافتتاحية والخاتمة شِعْر. الافتتاحية تحدثنا بأسلوب نثري عن معضلة أيوب. والخاتمة تسرد لنا عاقبة صبره ومكآفأة الرب له. ولكن بين الأولى والثانية سجال شعري طويل بين أيوب وأصدقاءه. وسفر أيوب سفرًا تاريخيًا على عكس ما يدعيه البعض (وعلى رأسهم سي إس لويس) بأنه غير تاريخي. وإلا فما ينطبق على أيوب ينطبق على باقي شخصيات السفر: الرب والشيطان. إذ تصبح هذه بدورها غير واقعية. ويصبح إكرام الرب لأيوب مجرد وهم. يُذكر أيوب أيضًا ضمن شخصيات تاريخية كنوح ودانيال (حز ١٤ : ١٤ ، ٢٠). يعقوب بدوره يشجع على الصبر واحتمال المشقات بإستخدام أيوب كنموذج. وإن لم يكن أيوب شخصية واقعية فإن حض يعقوب هنا هو بلا قيمة (يع ٥ : ١١). الافتتاحية (١ – ٢) في هذا المشهد، الذي يحدث خلف الستار في السماء، نجد شكاية الشيطان على أيوب وأنه لا يتقي الرب مجانًا. بل بمجرد حرمانه مما لديه سيجدف أيوب على الرب في وجهه. تحدث هذه الشكاية من الشيطان ضد أيوب

هل الاهتمام بدراسة اللاهوت يؤدي إلى الجفاف الروحي أم يحفظ منه؟

سألني صديق السؤال التالي عن قيمة التعليم أو اللاهوت بالنسبة لحياة التقوى والعبادة الفردية: "ماذا تعمل عندما تكون حياة العبادة الفردية جافة؟ هل تنحي دراسة اللاهوت جانبًا وتلجأ مثلاً إلى الكتابات التأملية؟". ويبدو أن هذا السؤال نابعًا من التأثر بالهجوم على التعليم أنه بلا قيمة لحياة التقوى أو أن له تأثيرًا عكسيًا عليها. إلا أن العكس من ذلك صحيح. فالتعليم السليم، بقوة الروح القدس، يقود إلى التقوى والسجود. لا شك أن القراءات التأملية جيدة، إلا أن الأفضل منها بالنسبة لي كانت دائمًا دراسة اللاهوت بصفة عامة. في الحقيقة عندما تكون الحياة الروحية الفردية جافة أجد نفسي مدفوعًا إلى ترك الدراسات اللاهوتية. وعندما تكون الحياة الروحية بصحة جيدة (نسبيًا على الأقل) أجد نفسي في حالة من الجوع الدراسي. الأكثر من ذلك، فإن مواصلة تلك القراءات أو الدراسات هي التي كانت تحفظني من الانجراف أثناء فترة الجفاف الروحي. صحيح أن الدراسة يمكن أن تكون أكاديمية جافة. إلا أن الدراسة المصحوبة بقوة الروح القدس تقود إلى العبادة والتقوى. وشخصيًا أرى أن الهزال الروحي الذي قد يصيب المؤمن سببه ليس الاهتمام بدراسة اللا

الكتاب المقدس ليس كتاب تعاليم وعظات طبقًا للدكتور ماهر صموئيل:

صورة
(١) "كلمة الله هي القوة الوحيدة القادرة على تجديد الذهن بشرط استعمالها استعمالا صحيحا، ما هو الاستعمال الخاطئ؟ تحويل الكتاب المقدس إلى مجموعة ضخمة من التعاليم والممعلومات التي يمتلئ بها ذهن الانسان ويرددها لسانه ويدافع عنها بكل كيانه، التعامل الصحيح مع الكتاب المقدس أن يكشف من هو الله وكشف من هو أنا، الكتاب المقدس يقدم واقعنا البشري بكل دقة مش علشان نقراه ونختزله إلى وعظات ومعلومات، لا أقرأ الكتاب كفرض، أو كوسيلة دينية ولا نشاط فكري يعطيني مكانة أفضل بين الوعاظ، الجهل ليس غياب المعرفة، الجهل الحقيقي هو الاستعمال الخاطئ للمعرفة .." https://fb.watch/foYkXNFzHl/ (٢) "قراءة الكلمة وفهمها، اسمحولي أقول كمان، وحفظها، وترديدها، هي المادة الخام، التي تعمل عليها الروح، لتسهيل الدخول لمحضر الله، ولتحقيق الاندماج اللحظي مع الله. دالاس ويلارد تعلمت منه هذا الأمر. عنده مقاطع كتابية معينة. كان يحفظها عن ظهر قلب. وبيقول لما بلاقي روحي مش قادر أدخل لمحضر الله، مجرد ترديد هذه المقاطع كان يساعدني على الدخول لمحضر الله. امتى آخر مرة حاولت تحفظ آية من كلمة الله؟ ... تخيل كدة إنك في وقت الد

هل يحب الله الشرير أم يبغضه؟

أعتقد الاثنين معًا، ولكن من منظورين مختلفين. الله يبغض الشرير، لأنه يقاوم سلطانه ويكره صلاحه. ولكن من منظور آخر، وفي نفس الوقت الله يحب الإنسان، لأنه خلقته، ولأن صورته لا تزال فيه رغم فسادها. وهذا ليس تناقصًا. لأننا لا نقول أن الله يحب الإنسان ويكرهه في نفس الوقت لأجل أعماله الشريرة. ولا نقول أنه يحب الإنسان ويكرهه في نفس الوقت لأن فيه صورته الأدبية الروحية. ولكن يبغضه لسبب، ويحبه لسبب آخر. حتى في الغرب يقولون أن علاقة ما يمكن أن تكون علاقة حب وكراهية في نفس الوقت love-hate relationship . فقد يكون هناك شيء أو شخص تحبه وتكرهه في نفس الوقت لسببين مختلفين. طبعا مع فارق قياس الله على الإنسان. فأحيانا تكون علاقة الكراهية والحب لنفس الشئ أو الشخص هي نوع من التناقض الداخلي لدى الإنسان. الله يخلو من التناقض. الله مثلنا، وفي نفس الوقت مختلف عنا، لكن غير مختلف عنا كليًا. ونظرًا لأنه في أوساط المحافظين، يتم التأكيد فقط على بغضة الله للشرير، دون وجود أي نوع من المحبة نحوه، الأمر الذي اختلف معه، ولكني أؤكد على المحبة والبغضة في نفس الوقت، سأكتفي بالإشارة إلى بعض الأدلة التي تؤكد محبة الله للشرير من

كيف تقرأ سفر أعمال الرسل

سفر أعمال الرسل هو قصة نشأة الكنيسة وخروجها خارج حدود إسرائيل ثم توسعها إلى العالم. وهو بماثبة الجسر بين الأناجيل والرسائل. فالأناجيل تؤرخ لنا حياة المسيح وتعاليمه وموته وقيامته وصعوده. والرسائل هي التعاليم والوصايا الموجهة لأتباع المسيح. سفر أعمال الرسل يملأ الفجوة بين الإثنين. إذ كيف خرج الإنجيل خارج اليهودية والسامرة إلى أقصى الأرض. وكيف تأسست الكنائس الأولى في آسيا الصغرى وحوض البحر المتوسط. وأعمال الرسل هو الجزء الثاني، إن شئنا التعبير، لإنجيل لوقا. ففي إنجيل لوقا (الجزء الأول) نقرأ عن حياة الرب يسوع المسيح وعمله "ما ابتدأ يسوع يفعله ويعلِّم به" (١ : ١). وفي سفر الأعمال (الجزء الثاني) نقرأ عن العمل المستمر للمسيح من خلال تلاميذه بقوة روحه القدوس. فالروح القدس هو "روح يسوع" كما نجد لوقا يخبرنا في السفر (١٦ : ٧) "فلما أتوا إلى مِيسيَّا حاولوا أن يذهبوا إلى بثينية، فلم يدعهم روح يسوع" (طبقًا لأوثق المخطوطات وليس فقط "الروح" كما يوردها فانديك). في أعمال الرسل نرى تحقق البركة العالمية الموعودة في العهد القديم لإبراهيم بدخول الأمم الإيمان. إذ تبدأ

مركزية غفران الخطايا في ملكوت الله

يستغل الليبراليون موضوع ملكوت الله، أو إنجيل الملكوت، ليهمشوا به غفران الخطايا (والجانب القضائي من الخلاص بصفة عامة مثل: التبرير، الحياة الأبدية، النجاة من دينونة الله في الجحيم)، بحجة أن هذا فقط أحد جوانب الملكوت. وأن إنجيل الملكوت يشمل على أكثر من مجرد الغفران. وأن التركيز على غفران الخطايا بواسطة المحافظين هو تشويه لإنجيل الملكوت المتسع والمتعدد الجوانب. إلا أنهم في حقيقة الأمر يستغلون علاقة على قدر من التعقيد بين الصليب والملكوت، أو بين إنجيل النعمة وإنجيل الملكوت، ليطعنوا في غفران الخطايا. إنهم يقولون أن غفران الخطايا هو أحد جوانب الملكوت، بينما يغفلون البعد المركزي الذي يشكله هذا الجانب في ملكوت الله. على سبيل المثال يقول ماهر صموئيل "أكثر كلمة نطق بها الرب يسوع في الأناجيل، ليست المحبة، ولا الخلاص، لكن ملكوت الله". أيضًا، يقول دالاس ويلارد "لا يتعلق الإنجيل بكيفية الدخول إلى ملكوت السماوات بعد موتك، بل يتعلق أكثر بكيفية العيش في ملكوت السماوات قبل أن تموت". يوجد أمثلة أخرى كثيرة لمحاولات الطعن في غفران الخطايا بحجة أنه مجرد بعد (ثانوي) من أبعاد الملكوت ولكن أ