مركزية غفران الخطايا في ملكوت الله


يستغل الليبراليون موضوع ملكوت الله، أو إنجيل الملكوت، ليهمشوا به غفران الخطايا (والجانب القضائي من الخلاص بصفة عامة مثل: التبرير، الحياة الأبدية، النجاة من دينونة الله في الجحيم)، بحجة أن هذا فقط أحد جوانب الملكوت. وأن إنجيل الملكوت يشمل على أكثر من مجرد الغفران. وأن التركيز على غفران الخطايا بواسطة المحافظين هو تشويه لإنجيل الملكوت المتسع والمتعدد الجوانب.

إلا أنهم في حقيقة الأمر يستغلون علاقة على قدر من التعقيد بين الصليب والملكوت، أو بين إنجيل النعمة وإنجيل الملكوت، ليطعنوا في غفران الخطايا. إنهم يقولون أن غفران الخطايا هو أحد جوانب الملكوت، بينما يغفلون البعد المركزي الذي يشكله هذا الجانب في ملكوت الله.

على سبيل المثال يقول ماهر صموئيل "أكثر كلمة نطق بها الرب يسوع في الأناجيل، ليست المحبة، ولا الخلاص، لكن ملكوت الله". أيضًا، يقول دالاس ويلارد "لا يتعلق الإنجيل بكيفية الدخول إلى ملكوت السماوات بعد موتك، بل يتعلق أكثر بكيفية العيش في ملكوت السماوات قبل أن تموت". يوجد أمثلة أخرى كثيرة لمحاولات الطعن في غفران الخطايا بحجة أنه مجرد بعد (ثانوي) من أبعاد الملكوت ولكن أكتفي بهذين المثالين كعينة مما يُقال.

صحيح، أن غفران الخطايا، هو بعد من أبعاد الملكوت، إلا أن أصحاب هذا الادعاء أغفلوا أنه بعدًا مركزيًا ومحوريًا له. وشتان الفرق بين القول أنه مجرد بعد، وبين القول أنه البعد المركزي للملكوت. يعلّم جيرمي تريت أن غفران الخطايا هو عنصر حرج ومحوري في ملكوت الله، في كلا العهدين القديم والجديد: "إن غفران الخطايا (المرتبط ارتباطًا وثيقًا بالكفارة في سفر اللاويين) هو عنصر حاسم في مجيء الملكوت".

وبخصوص العهد القديم، يقول جيرمي تريت:

"في العهد القديم، تشمل النصوص النبوية الرئيسية لملكوت الله الوعد بالغفران (إش ٣٣ : ٢٤، ٤٠ : ٢، ٤٣ : ٢٥، ٤٤ : ٢٢، مي ٧ : ١٨ – ٢٠، زك ١٣ : ١)؛ ويعلن دانيال ٩ : ٢٤ أن الملكوت سيأتي "لإنهاء الخطية والتكفير عن الإثم". في قلب العهد الجديد الموعود (به في نصوص العهد القديم) ... يوجد التأكيد على مغفرة الخطايا (إر ٣١ : ٣١ – ٣٤ ؛ حز ١٨ : ٣١، ٣٦ : ٢٢ – ٢٨)".

يؤكد جيرمي تريت أن نصوص العهد الجديد تعطي بدورها بعدًا مركزيًا لغفران الخطايا في الملكوت:

"في العهد الجديد، يصف يسوع مجيء الملكوت بِمَثَل الملك الذي يغفر ديون عبيده (متى ١٨ : ٢٣ – ٢٧). بالنسبة لبولس، إنه أمر ذو أهمية بالغة أن النصان اللذين يتحدث فيهما بوضوح عن الانتقال من سلطان الشيطان إلى ملكوت الله يتضمنان غفران الخطايا (أعمال الرسل ٢٦ : ١٨، كولوسي ١ : ١٣ - ١٤)".

ثم يَخْلُص جيرمي تريت إلى هذه النتيجة:

"لقد أدرك الباحثون هذا الجانب الخطير من مجيء الملكوت، فوصفوا غفران الخطايا بأنه السمة المركزية أو ‘القلب والخُلاصة’ لمجيء الملكوت".

ما ينبطق على غفران الخطايا ينطبق بدوره على الجانب القضائي من الخلاص بصفة عامة، مثل التبرير، وعطية الحياة الأبدية، والنجاة من دينونة الله في الجحيم. إن محاولة تهميش هذا البعد من الملكوت على أنه مجرد أحد أبعاده لهي تصطدم مع النصوص الكتابية في كلا العهدين والتي تؤكد على مركزية هذا الجانب القضائي من الملكوت.

للمزيد أنظر مقال آخر بعنوان "إنجيل النعمة وإنجيل الملكوت ومحاولة تهميش الأول بإعلاء الثاني".

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

لماذا قام المسيح في اليوم الثالث بالذات؟

هل حقا تغير الصلاة مشيئة الله؟

أربعة أعمدة في رحلة قديس