المشاركات

عرض المشاركات من ديسمبر, ٢٠١٥

الحياة والوجود .. هل هما مترادفان؟

مَنْ وَجَدَ حَيَاتَهُ يُضِيعُهَا وَمَنْ أَضَاعَ حَيَاتَهُ مِنْ أَجْلِي يَجِدُهَا (مت 10 : 39) هذه العبارة – كسائر عبارات الرب يسوع المسيح – محملة بالمعاني العميقة، وصادمة للطبيعة البشرية التي تعاف التضحية وتميل إلي اللذة الأنانية العابرة. وإلي جانب المعني البسيط المباشر بالحض علي التضحية من أجل نوال المكافآت الأبدية، فإن قول المسيح هنا يشير إلي الفرق بين الحياة والوجود الحقيقي. وقبل أن نستعرض بعض الأمور، وجب التنويه علي أن لفظتا "يجد" و"وجود" هما من نفس مصدر الفعل "وجد"، ولا يخفي علي القارئ الترابط اللغوي بين "الإيجاد" بمعني "العثور" وبين "الوجود" بالمقابلة مع العدم، فأن تجد شئ هو أن تعثر عليه ويصبح موجودا لديك. وعليه فإن المعني الذي استخدمناه في السطور الآتية يشير إلي الوجود الإنساني كشئ تم إيجاده والعثور عليه بعد أن كان ضائعا أو منعدما. وفي ضوء ذلك لنا بعض الملاحظات علي قول الرب أعلاه : أولا، أن الحياة والوجود ليست مترادفات، وأنها - أي الحياة - في حد ذاتها ليست هي الوجود الحقيقي. بمعني أننا قد نري مِن حولنا –

قد أكمل .. قد دفع الثمن كاملا

فَلَمَّا أَخَذَ يَسُوعُ الْخَلَّ قَالَ:«قَدْ أُكْمِلَ». وَنَكَّسَ رَأْسَهُ وَأَسْلَمَ الرُّوحَ . ( يو 19 : 30 ) إلي جانب ما تعنيه الكلمة التي قالها الرب يسوع علي الصليب "قد أكمل" بأنها إكمال لنبوات العهد القديم وإكمال لمخطط الخلاص وتتميم لتصريحات الرب الشخصية عن آلامه وموته، فهي تفيد أيضا إكتمال دفع الثمن. فتعبير "قد أكمل" في الأصل اليوناني هو "تيتلستاي"، وكان هذا التعبير باللذات يستعمله التجار في القرن الأول للتوثيق بأن الشئ قد دفع ثمنه بالكامل. يقول قاموس (Moulton and Milligan)   أنه كان يتصدر إيصال الإستلام عبارة "تيتلستاي" والتي كانت عادة ما تكتب بصورة مختصرة. ويؤكد أيضا ذلك جون ماكارثر في شرحه لإنجيل يوحنا أن تلك الكلمة اليونانية المفردة "تيتلستاي" وجدت علي برديات قديمة كإيصالات سداد للضرائب لتعني "مدفوع بالكامل". ويتأكد لنا أيضا هذا المعني من كون كلمة "تيلوس" والتي تعني "ضريبة" هي من نفس مصدر الفعل اليوناني "تيتلستاي ". ألم يقل أيضا المسيح – له المجد – بأن ملكوت السموات يشبه ت

"أما قرأتم .."

هذه العبارة تكررت علي فم الرب يسوع المسيح أربعة مرات في إنجيل متي في أربعة مناسبات مختلفة. الأولي عندما جاع تلاميذه وابتدوأ يقطفون سنابل ويأكلونها في يوم السبت، فاعترض الفريسيون علي انتهاك التلاميذ للسبت، فقال لهم الرب يسوع "أما قرأتم ما فعله داود حين جاع هو والذين معه؟ .. وأما قرأتم في التوراة أن الكهنة في السبت في الهيكل يدنسون السبت وهم أبرياء" (مت 12 : 3 ) والمرة الثانية عندما جاء الفريسيون إلي المسيح ليجربوه سائلين إياه إن كان يحل للرجل أن يطلق امرأته لكل سبب، فأجابهم المسيح "أما قرأتم أن الذي خلق من البدء خلقهما ذكرا وأنثي؟" (مت 19 : 4 ) والمرة الثالثة جاءت في مناسبة دخوله الإنتصاري لأورشليم وتطهيره للهيكل، ولما رأي رؤساء الكهنة الأولاد يصرخون في الهيكل "أوصنا لإبن داود" اعترضوا علي ذلك وقالوا للمسيح "أتسمع ما يقول هؤلاء؟" فقال لهم "نعم! أما قرأتم قط: من أفواه الأطفال والرضع هيأت تسبيحا؟" (مت 21 : 16 ) والمرة الرابعة والأخيرة عندما جاء إليه الصدوقيون الذين لم يؤمنوا بالقيامة ليمتحنوه بمسألة المرأة التي تزوجت سبعة إ

إجابات علي كتاب "أسئلة في العهد القديم" (12)

إِجابة 12: أسطورة الخلق إنوما إليش .. دماء وعنف وصراع وجنس بين الآلهة نصل هنا إلى نهاية الفصل الأول من كتاب "أسئلة في العهد القديم"، وتحت العنوان الفرعي "أساطير الخلق البابلية" (ص 51) يذكر د. أ. الآتي: "كما سبق وأشرت لم تكن قضية نشأة الأرض ونظرية التطور هما فقط التحديان الوحيدان اللذان يقابلا القارئ المعاصر لسفر التكوين، لكن أيضا التشابه بين قصة الخلق في سفر التكوين وأسطورة الخلق البابلية إنوما إليش .. هذه الأسطورة تحكي انتصار الإله مردوخ على باقي الآلهة وحيازته المكانة الأولى في مجمع الآلهة البابلية وهذا نحو القرن الثامن عشر قبل الميلاد (وهذا بالتأكيد قبل اكتمال ظهور قصة الخلق العبرانية بوقت طويل)". هذا بالنص ما قاله د. أ. في كتابه، والملاحظة السابقة التي ذكرت بين القوسين اقتبسناها كما أوردها هو حرفيا. وتلخيصا لما ذكره د. أ. هنا، فهو أنه يرى أن قصة الخلق المدونة في الإصحاحات الأولى من التكوين هي في الأساس أسطورة بابلية أعيد صياغتها، والدليل على ذلك هو أنها ترجع إلى القرن الثامن عشر، أي قبل اكتمال ظهور قصة الخلق العبرانية بوقت طويل.

إجابات علي كتاب "أسئلة في العهد القديم" (11)

إِجابة 11: لماذا لا يُمْكِن أن يكون الله استخدم التطور في الخلق في هذا الحوار الذي دار بين د. أ. وصديقته الملحدة، والتي أشارت إلى إلحادها من طرف خفي بقولها عن نفسها أنها "مختلفة"، والذي يبدو أنه حوارا مُخْتَلَقَاً أكثر منه حقيقيا، ترد الكثير من الأشياء التي لم استطع استساغتها أو ابتلاعها. والحجج التي ساقها د. أ. لصديقته الملحدة لو كان قد ساقها لي لكنت قد أثرت فيّ أنا شخصيا سلبا. والحوار طويل ويتعرض لأكثر من قضية خطيرة مثل الألم والصراع، الحياة والموت، والمسيحية كمنظور فلسفي، ويمس أيضا واحدا من أخطر التعاليم وأكثرها جوهرية للإيمان المسيحي: شخص الرب يسوع المسيح. وقد حاولت كتابة الحوار كله، ولكني عزفت عن ذلك لأني وجدت فيه إضاعة لوقت القارئ الثمين ولوقتي أنا أيضا. وبدلا من ذلك سنقوم بذكر أحد المقاطع الهامة بالإضافة إلى تلخيص الفكرة الرئيسية للكاتب، وهي كما يلي: الفكرة الرئيسية التي يحاول د. أ. معالجتها هو أن الله استخدم التطور في الخلق. وكنا قد أشرنا من قبل إلى أن التطور أضحى لدى د. أ. منظورا يرى من خلاله الكون، وعدسات هيرمانوطيقية يفسر من خلالها الكتاب