المشاركات

عرض المشاركات من 2020

هل يليق بنا كبروتستانت أن نستعمل مصطلح "والدة الإله"؟

تعودنا، كبروتستانت، أن نسمع الكثيرون بيننا يعلنون رفضهم القاطع لمصطلح ثيؤطوكوس، أي والدة الإله، والذي اِسْتُخْدَمَ في القرن الرابع للدفاع عن اتحاد الطبيعتان في المسيح منذ لحظة الحمل به. لكن الرفض البروتستانتي لهذا المصطلح غير مُبَرَّر. وإن كان هناك من منظور ما أسبابًا تجعلنا نتفهم الرفض، ألا وهي تلك الكرامات التي من الممكن أن يوحي بها ذلك المصطلح والتي نُسِبَت إلى العذراء بدءً من القرن الخامس حتى صارت مريم على قدم المساواة مع شخص المسيح نفسه. إلا أن الأمر لم يكن هكذا منذ الوقت الذي دافعت فيه الكنيسة عن هذا المصطلح. بل ولم يكن هذا المصطح قد صيغ لإكرام العذراء أو للدفاع عنها هي بصورة أساسية. الأمجاد والكرامات التي ينسبها الطقسيون لمريم، كما أشرنا، جاءت لاحقًا. لكن المشكلة في القرن الرابع كانت إصرار النساطرة أنه لا يجوز القول أن مَنْ وُلِدَ من العذراء هو الله، بل المسيح كإنسان. للرد على نسطور وأتباعه، كان لدى الكنيسة عدة إختيارات للتعبير عن إتحاد الطبيعتان في شخص المسيح منذ لحظة الحمل به: ١ - ثيؤطوكوس (والدة الإله)، ٢ - كريستوطوكوس (والدة المسيح)، ٣ - أنثروبوطوكوس (والدة الإنسان). من قالو

لماذا تسجل الأناجيل معجزات المسيح؟

ليس الغرض الوحيد لمعجزات المسيح هو إثبات حقيقته المسيانية كما علّم يوحنا "لتؤمنوا أن يسوع هو المسيح ابن الله" (يو 20 : 31). بل هناك، على الأقل، غرض آخر للمعجزات يمكن أن نسميه الربط بين المادي والروحي. أو التصعيد من الزمني إلى الأبدي. إن المعجزات كانت علامة أو إشارة إلى حقيقة أعظم: أن من يستطيع شفاء الجسد، أو تسديد الحاجة المادية، يستطيع أن يشفي الروح، ويستطيع تقديم الشبع الروحي (مت 9 : 6). فالذي له سلطان على الطبيعة المادية، له سلطان أيضًا على عالم الروح. لا يوجد شيء غير خاضع له. معجزات المسيح، من منظور ما، تشير إلى عمل تكاملي شامل للنعمة holistic . لهذا يرى بعض الشراح أن من شفوا جسديًا بواسطة المسيح خلصوا أيضًا روحيًا. وهذا ليس بأي حال من الأحوال تأييد لإنجيل الرخاء. المسيح يقدم فعلاً خلاصًا شاملاً للروح والجسد. ولكن خلاص الجسد مؤجل إلى وقت مجيئه. وإن لم يكن كل الذين شفاهم المسيح جسديًا شفاهم أيضًا روحيًا، تظل هذه الحقيقة باقية وغير متأثرة: أن المعجزات تربط الخلاص الزمني بالخلاص الأبدي. خلاص الجسد بخلاص الروح. لقد كانت، بصورة جوهرية، للفت الأنظار إلى حقيقة الخلاص من سلطان ال

هل الكتاب المقدس يصادق على كل شيء يسجله؟

بكلمات أخرى، هل النصوص الواردة بها لعنات في المزامير هي مشاعر شريرة لا تليق أن تصدر من داود؟ هل كلام أيوب وأصدقاؤه، مجادلاتهم اللاهوتية فيما بينهم، صحيحة لاهوتيًا؟ هل اقتباس بولس لأشعار الفلاسفة يعني أن الفلسفة كلها صحيحة لاهوتيًا (الفلاسفة كانوا شعراء في نفس الوقت)؟ هذه الأسئلة وأخرى مشابهة لها تثور حول هذه القضية. والإجابة على هذا السؤال هي بالنفي. لا، الكتاب المقدس لا يصادق على كل شيء يسجله. ولكن، كل شيء مسجل فيه هو وحي لفظي معصوم نافع للتعليم والتوبيخ للتقويم والتأديب لكي يكون إنسان الله كاملاً متأهبًا لكل عمل صالح. على سبيل المثال، الكتاب المقدس لا يصادق على القول "ليس إله" لأن قائله جاهل كما نفهم من القرينة المباشرة. ولا يصادق على طلب إيليا الموت لنفسه لأن هذه لم تكن مشيئة الله كما نفهم من مغزى الأحداث فضلاً عن أنها مقولة ليست من الإيمان. ويصادق جزئيًا على لوم آدم لامرأته، أي أن حواء مسؤولة فعلاً (فقال الرب الإله للمرأة: ما هذا الذي فعلتِ تك 3 : 13)، رغم أن المسؤولية الرئيسية تقع على عاتق آدم. ويصادق كليًا على نبوة قيافا عن المسيح "خير أن يموت إنسان واحد عن الشعب&q

من هو عمانوئيل؟

ثمة اعتراضان يوجهان إلى نبوة إشعياء؛ حول هوية عمانوئيل من ناحية، وحول الميلاد العذراوي من ناحية أخرى. بالنسبة للأول، يقول بعض الباحثون أن عمانوئيل في إشعياء ٧ : ١٤ ليس يسوع المسيح لكن ابن إشعياء، ماهير شلال حاش بز. وإلا فما معنى أن يَعد الرب بخلاصًا لآحاز الملك، في شخص عمانوئيل (والمفترض أنه ابن إشعياء)؟ بالنسبة للثاني، يعترض البعض على الميلاد العذراوي بحجة أن المصطلح المستعمل بواسطة إشعياء ٧ : ١٤ "عَلْمَه" لا يعني عذراء لم تتزوج، بل فتاة. والاعتراضان مرتبطان ببعضهما البعض. فإن كان عمانوئيل هو ابن إشعياء، إذًا، فلا حاجة للميلاد العذراوي. وإن كان مصطلح "عَلْمَه" لا يعني عذراء، فإن هذا بدوره يعني أن عمانوئيل ليس هو المسيح، بل ابن إشعياء المولود لأبويه. لكي نجيب عن هذان الاعتراضان نحتاج أولاً أن نفهم القليل عن الخلفية التاريخية لنبوة إشعياء عن عمانوئيل. الوعد بعمانوئيل، والذي أعطاه الرب لآحاز (إش ٧ : ١٤)، كان في ظل تحالف آرام (سوريا) وإسرائيل (المملكة الشمالية) ضد يهوذا (المملكة الجنوبية). استعانت مملكة يهوذا، ممثَّلة في ملكها آحاز، بآشور لصد هذا الهجوم من قِبل التحالف

هل أُصِيبَ يسوع بالاكتئاب؟

نسمع أحيانًا ادعاءات بأن يسوع عانى من أو أُصَيبَ بالاكتئاب. حتى أن بعض المواقع الإنجيلية المحافظة، ادعت ذلك. مثل موقع اشتهاء الله للواعظ الكتابي القدير جون بايبر. أو دار النشر الإنجيلية المحافظة Crossway . ولا شك أن من يقولون أن يسوع صارع مع الاكتئاب يفعلون ذلك بحسن نية، حتى يكون يسوع بالنسبة لهم مجرب في كل شيء مثلنا بلا خطية. كما أنه من المحتمل جدًا أن قولهم أن يسوع عانى من الاكتئاب جاء بدون فحص ذلك في ضوء الأعراض الإكلينيكة لهذا المرض. لكن الرب يسوع المسيح لم يعاني من كل ألم يعانيه الإنسان. وليس بالضرورة أن نقول ذلك لكي يكون مجرب في كل شيء مثلنا. إذ أن "كل شيء" قطعًا لا تفيد الحصر. وإلا فإن هذا يعني أن يسوع عانى مثلاً من الفصام أو الذهان. لقد اختبر يسوع آلامًا نفسية شديدة دون الحاجة للقول أنه اختبر أمراضًا نفسية أو عصبية تفقده السيطرة على نفسه أو الاتصال بالواقع. فقد اختبر الحزن حتى الموت "نفسي حزينة جدًا حتى الموت". لدرجة أن عرقه كان يتصبب دمًا. شتان الفرق بين القول أن يسوع اختبر الحزن العميق، وبين الإدعاء أنه عانى من الاكتئاب. إن تعبير "كل شيء" هنا ي

أين تجد عقائد مثل الهرمية الكهنوتية والخلافة الرسولية جذورها التاريخية؟

تعلّم الكنائس الطقسية بالهرمية الكهنوتية والخلافة الرسولية. على سبيل المثال، جاء في أحد الكتب الصادرة عن الكنيسة القبطية الأرثوذكسية: "ما هي الخلافة الرسولية في الفكر الأرثوذكسي؟ هي تتابع تسلسل الكهنوت في الكنيسة، مُنحدرًا من القديس الرسول مُؤسس الكنيسة". على أن ذلك الكهنوت الطقسي المنحدر من الرسل في حد ذاته يتألف من درجات كهنوتية وهي مرتبة صعودًا كالآتي: "الشماسية الأسقفية القسيسية". هذه التعاليم وإن كانت قديمة الجذور في التاريخ الكنسي إلا أنه لا أساس لها في العهد الجديد. يشرح المؤرخ الكنسي نيكولاس نيدهام الجذور التاريخية التي أدت إلى بلورة كل من الهرمية الكنهوتية والخلافة الرسولية. طبقًا لنيدهام، يمكننا أن نجد تلك الجذور التاريخية أولاً في إعلاء الأسقف فوق الشيوخ، رغم أن الشيخ هو نفسه الأسقف طبقًا لتعليم العهد الجديد. والسبب الذي جعل بعض رجال الكنيسة الأولى إعلاء أحد الشيوخ (كالأسقف) فوق باقي الشيوخ هو القضاء على الإنقسامات داخل الكنيسة. وأول من دعا إلى إعطاء الأسقف مكانة أولى على باقي الشيوخ والشمامسة لإرساء الوحدة في الكنائس هو إغناطيوس الأنطاكي (110 م.). يقو

علم النفس كديانة لعبادة الذات

يظن البعض أن تحفظنا على استعمال مصطلحات نفسية للحديث عن مفاهيم مسيحية مثل التقديس، ورفض بعض محتوى علم النفس، هو نوع من الأصولية من طرفنا. إلا أن هذا هو موقف كثيرون من علماء النفس منذ بضعة عقود مضت. الدكتور بول فيتز، عالم النفس بجامعة نيويورك، هو واحد من أوائل علماء النفس الذين هاجموا السيكولوجيا كفرع من العلم يخفي وراءه عبادة دينية علمانية يعبد فيها الإنسان ذاته. يقول الدكتور فيتز في كتابه "علم النفس كديانة: بدعة عبادة الذات": "كما يوحي العنوان، سوف يُحاجج [في هذا الكتاب] بأن علم النفس أصبح دينًا: عبادة علمانية للذات. وأعني بهذا أنه نظرة كونية يُتَمَسَّك بها بشدة، أي فلسفة حياة أو أيديولوجية. وبشكل أكثر تحديدًا، فإن علم النفس المعاصر هو شكل من أشكال الإنسانوية العلمانية القائمة على رفض الله وعبادة الذات". ثم يوضح عالم النفس الدكتور فيتز أهدافه التي سيسعى لإثباتها في الكتاب وهي كالآتي: "1. علم النفس كدين موجود، وهو موجود بقوة عبر الولايات المتحدة. 2. يمكن انتقاد علم النفس كدين لأسباب عديدة تمامًا وباستقلال عن الدين. 3. علم النفس كدين معادٍ للمسيحية بشدة. 4. علم

هل الكتاب المقدس يقول أن الأرض كرة أم دائرة؟

كثيرًا ما يُستخدم قول إشعياء "الجالس على كرة الأرض" (إش 40 : 22) كمحاولة للقول أن الكتاب المقدس به أخطاء علمية. أو على الأقل غير دقيق من الناحية العلمية. ذلك، لأن النص العبري الأصلي لم يقل "كرة" بل "دائرة". الأمر الذي دعا أحدهم للقول "الكتاب المقدس مفيهوش أخطاء علمية لأنه ببساطة مفيهوش حقائق علمية. فالجالس على "دائرة" الأرض كُتبت لبيان قدرة الله السرمدية وليس لإثبات شكل الأرض". قد يبدو أن صاحب هذه الكلمات في صف الكتاب المقدس، إلا أنه في الحقيقة يريد أن يسلب الكتاب المقدس من أي عظمة له، كأن يكون هناك توافق بينه وبين الإكتشافات العلمية مثلاً. وهو قد وضع كلمة "دائرة" بين علامات تنصيص ليؤكد لك أنه لم يقل أنها "كرة". صحيح أن الكتاب لم يقل أنها كرة، بل دائرة. إلا أن المعنى واحد. ذلك لأن الكتاب المقدس نفسه علم بدائرية السماء ودائرية شكل المياه على سطح الأرض. وهذا نستدل عليه من نفس الكلمة العبرية (خوج) التي استخدمها إشعياء لوصف الأرض كدائرة (في إش 40 : 22). فهي نفسها المستخدمة في وصف دائرية الأفق مع السماء أو دائرية السماء ن

الإيمان ولزوم المعرفة عن المسيح لدى كالفن

يوجد تعاليم غير كتابية مطروحة على الساحة تتعلق بتعليم الخلاص الجوهري، كالشمولية والعالمية. ومفاد هذان التعلميان هو أن المسيح سَيُخَلِّص غير المسيحيين، على الرغم من أنهم لم يسمعوا عنه. بل وهناك من يقول أن هناك من يؤمنون بالمسيح دون أن يعوا أنهم مؤمنون به. مما لا شك فيه أن الإدعاء بإمكانية وجود إيمان حقيقي بالله بمعزل عن معرفة المسيح وإنجيله يفصل بين الإيمان والمعرفة. لكن هذا خطأ لاهوتي فادح يؤدى إلى هرطقات مثل الشمولية والعالمية. إن هرطقة مماثلة كانت موجودة أيام كالفن أيضًا تفصل بين الإيمان والمعرفة. وقد سماها مخترعوها بـ "الإيمان الضمني". أي أن الشخص يستطيع أن يكون له إيمان خفي، أو ضمني، بالمسيح، دون أن يكون له معرفة به، عن طريق تصديق وطاعة الكنيسة التي تعرف كل شيء عن المسيح. لكن كالفن قام بتفنيد هذا التعليم غير القويم في كتابه "أسس الدين المسيحي". إن تأكيد كالفن على أن الإيمان تلازمه المعرفة عن المسيح وإنجيله يمكن أن يكون مفيد لنا في الجدل الحالي المتعلق بالشمولية والعالمية. لهذا رأيت أن أقدم بعض ما قاله كالفن عن ذلك مع بعض التعليقات من طرفي لتوضيح وتحليل ما يقوله

أثر التبرير بالإيمان على فعالية الكهنوت الطقسي

تعليم الإصلاح البروتستانتي بالتبرير بالنعمة وحدها من خلال الإيمان وحده لم يكن فقط إعادة اكتشاف للإنجيل، بل كان أيضًا الأمر الذي قَوَّض الطقسية من جذورها. كما أنه لم يكن مجرد خلاف عقيدي ثانوي مع الكنيسة القروسطية حول الخلاص. بل كان يعني أنه لا فعالية أو صلاحية للطقسية بأكملها في نظامها القائم على الأسرار الكهنوتية والكنسية. وقد فهمت الكنيسة القروسطية هذا المعنى جيدًا، من هنا جاء عدائهم للإصلاح البروتستانتي.  ذلك لأنه إن كان الخلاص بالنعمة والإيمان وحدهما، إذًا، فلا حاجة لأسرار الكنيسة، ولا حاجة للنظام الكهنوتي الطقسي بأكمله. التبرير بالإيمان أصاب الطقسية في مقتل في كل من السوتوريولوچي والإكليزيولوچي. وعليه، فلم يكن من فراغ أن المصلحون قالوا أن التبرير هو ذلك التعليم الذي تقوم أو تسقط عليه الكنيسة.   يقول المورخ الكنسي المعاصر سكوت مانيتسك: "رسالة مارتن لوثر بأن الخطاة أبرار أمام الله من خلال الإيمان وحده بالمسيح (سولا فيديه)، ليس فقط أنها قوضت النظام التكفيري الكاثوليكي [الخلاص من خلال القيام بكفارات معينة]، لكنها اقتلعت من الجذور الدور السرائري للكاهن القروسطي كالمانح للنعمة الخلا

الخطية الأصلية: العقيدة المسيحية الوحيدة القابلة للإثبات تجريبيًا

كل أفرع المعرفة الإنسانية الحديثة تتسم بحالة من التفاؤل حول الإنسان. الفلسفة تفترض أن الإنسان قادر على معرفة الحق بواسطة العقل وحده وبدون الإعلان الإلهي (العقلانية) أو أن الحواس تكفي لهذا الغرض (التجريبية). البيولوجيا الداروينية أيضًا تفترض أن الإنسان يصعد من حالة سُفلى إلى حالة عليا في مسار تطوري صاعد. العلوم النفسية (الزائفة) مؤسسة على صلاح الإنسان وقدرته على تحقيق ذاته ومساعدة نفسه. طبقًا لما يقوله المؤرخ والمفكر الأمريكي الراحل بيتر جاي عن روح التنوير العلمناني التي ترعرعت فيها هذه المعارف الإنسانية الحديثة، فإن التنوير العلماني كان يمثل رغبة الفلاسفة والعلماء في الإستقلال عن الميراث الثقافي المسيحي من خلال إعادة تدوير الفلسفات الكلاسيكية الوثنية في شكل جديد. أو طبقًا لكلمات بيتر جاي نفسه: "اكتشفت أن تجربة الفلاسفة كانت صراعًا ديالكتيكيًا من أجل الاستقلال الذاتي، ومحاولة استيعاب الماضيين اللذين ورثوهما - المسيحيً والوثني - لتحريضهما على بعضهما البعض وبالتالي لضمان استقلالهما. يمكن تلخيص التنوير في كلمتين: النقد والسلطة ... كانت وثنيتهم موجهة ضد ميراثهم المسيحي وتعتمد على وثنية

هل من إرتباط بين رسامة المرأة (النسوية) وتأييد المثلية الجنسية؟

قد يبدو من الوهلة الأولى أنه لا علاقة بين الإثنين، إلا أنه في الحقيقة هناك علاقة تفسيرية ومنطقية وثيقة بينهما. طبعًا ليس كل من يؤيد رسامة المرأة يؤيد المثلية الجنسية، لكن العكس صحيح، كل من يؤيد المثلية الجنسية يؤيد رسامة المرأة أيضًا. وكل من يؤيد رسامة المرأة ليس لديه (أو لا ينبغي أن يكون لديه) مانع منطقي أو تفسيري لرفض المثلية الجنسية، وإن لم يدرك ذلك. الفكرة هنا هي أن الذين يدافعون عن رسامة المرأة، يقولون أن أي نص كتابي ضد رسامتها هو في الحقيقة مرتبط بالزمن والثقافة اللذين كُتِبَ بهما. وأن كتبة الوحي، لو كانوا كتبوا الكتاب المقدس الآن في ظل الثقافة المعاصرة، لأيدوا رسامة المرأة. بكلمات أخرى، فإن الكتاب المقدس يُقْرَأ لديهم بطريقة المسار المنحني Trajectory hermeneutic. مثلما تقوم بقذف الكرة فتأخذ مسار ما منحني عند هبوطها. الكتاب لا يقدم نقط ثابتة من الأخلاقيات، لكن مسار متغير تبعًا للثقافة. والكتاب المقدس بالنسبة لهؤلاء يُفَسَّر بمنهجية تدريجية progressive . يقدم الأخلاقيات في ظل الثقافة التي كُتِبَ بها، ولو كُتِبَ في يومنا لأيد أخلاقيات العصر. يرى النسويون الذين يؤيدون رسامة المرأة،

اقتباسات القرآن من الأناجيل الغنوصية

الصورة التي يرسمها الإسلام عن المسيحية مزيج من المسيحية الحقيقية والمسيحية غير القويمة (الإببيونية) التي وُجِدَت في شبه الجزيرة العربية وبعض ما جاء في الأناجيل الغنوصية. يوجد في القرآن على الأقل ثلاثة اقتباسات من الأناجيل الأبوكريفية (الغنوصية)، ولا تتسق لاهوتيًا مع الحق المسيحي. والأناجيل الأبوكريفية هي كتابات شبه مسيحية جاءت في وقت متأخر انتحل كاتبوها لأنفسهم أسماء الرسل، إلا أنها رُفِضَت بواسطة الكنيسة الأولى ككتابات غير موحى بها. وهذه الإقتباسات الثلاث هي كالتالي. أولاً، سورة مريم والآيات 23 – 26: فَأَجَاءَهَا الْمَخَاضُ إِلَىٰ جِذْعِ النَّخْلَةِ قَالَتْ يَا لَيْتَنِي مِتُّ قَبْلَ هَٰذَا وَكُنْتُ نَسْيًا مَنْسِيًّا ﴿23﴾ فَنَادَاهَا مِنْ تَحْتِهَا أَلَّا تَحْزَنِي قَدْ جَعَلَ رَبُّكِ تَحْتَكِ سَرِيًّا ﴿24﴾ وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ تُسَاقِطْ عَلَيْكِ رُطَبًا جَنِيًّا ﴿25﴾ فَكُلِي وَاشْرَبِي وَقَرِّي عَيْنًا ۖ فَإِمَّا تَرَيِنَّ مِنَ الْبَشَرِ أَحَدًا فَقُولِي إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمَٰنِ صَوْمًا فَلَنْ أُكَلِّمَ الْيَوْمَ إِنْسِيًّا ﴿26﴾ فَأَتَتْ بِهِ قَوْمَهَا تَحْمِل

المسيح الكوني لريتشارد رور

في مقال على الموقع الرسمي للراهب الفرانسيسكاني والمؤلف ريتشارد رور (الذي قال أوسم وصفي أنه على نفس الموجة معه) بعنوان " المسيح الكوني " يدعي أن "شخص يسوع الناصري" و"المسيح" مفهومان غير متطابقان. معرفتك وعلاقتك بيسوع الناصري لا تعني أنك تعرف، أو أن لك علاقة بـ "المسيح". يقول رور: "يعرف معظم المسيحيين عن يسوع الناصري، لكن القليل منهم يعرفون عن المسيح، وعدد أقل منهم تَعَلَّم كيفية الجمع بين الاثنين". والسبب في أن رور يعتقد بوجود فرق هكذا بين "شخص يسوع الناصري" وبين "المسيح" هو أن يسوع الناصري مفهوم ضيق ومحدود لـ "المسيح". إذ يرى أن تجسد المسيح من خلال ولادته من مريم العذراء هو تجسد ثان وأصغر من التجسد الأول الأكبر. لكن ماذا كان التجسد الأول والأكبر طبقًا له؟ الإنفجار العظيم. أو طبقًا لكلمات ريتشارد رور نفسها: "حدث التجسد الأول والكوني للمسيح الأبدي، والتلازم الكامل للمادة والروح (أفسس 1: 3-11)، في الانفجار العظيم قبل 13.8 مليار سنة. يعتقد المسيحيون أن يسوع الناصري كان تجسيدًا بشريًا لذلك السر نفسه قبل 200

العلاقة بين الخطية الأصلية والكفارة العقابية

لطالما شغلتني مسألة العلاقة بين الخطية الأصلية والكفارة العقابية. الخطية الأصلية هي أننا وارثون لكل من ذنب آدم وفساد طبيعته. الكفارة العقابية هي أن المسيح تحمل عقاب خطيانا وغضب الله بدلاً عنا على الصليب. لكن كيف ترتبط هاتان العقيدتان معًا؟ يمكننا أن نرى على الأقل وجهين لهذا الإرتباط. أولاً: كل من الخطية الأصلية والبدلية العقابية مؤسستان على مبدأ الإحتساب. علّمت المسيحية التاريخية القويمة بأن البشر جميعهم كانوا ممثلون في شخص آدم كرأسهم ونائبهم الجمعي. وأيًا كانت نظرتنا للكيفية التي ينتقل بها إلينا فساد آدم، فإن العلة واحدة، وهي أن ذنب آدم حُسِبَ علينا، ومن ثم عقابه أيضًا. عقاب آدم لم يكن الموت فقط، بل فساد طبيعته أيضًا. أي أن فساد طبيعة آدم كان أحد جوانب العقاب. آدم أراد الخطية فأسلمه الله لفساد الطبيعة. إن رَفَضْنَا احتساب ذنب آدم إلينا، فليس من حقنا أن نقبل احتساب عقاب المسيح وطاعته للناموس لنا. وإن لم يكن آدم ممثل ونائب لنا في عصيانه، فإن المسيح لا يمكن أن يكون ممثل ونائب عنا في طاعته. إن مبدأ الإحتساب في جوهر كل من الخطية الأصلية والبدلية العقابية. إذ لا يمكن أن تؤمن بالخطية الأصلية

ماهر صموئيل بين رفض الإختيار للخلاص والترويج للخلاص دون معرفة عن المسيح

ماهر صموئيل يرفض الإختيار للخلاص بحجة أنه يعني الخلاص ضد إرادة الإنسان، وفي نفس الوقت يعلم بأن هناك من سيخلصون دون أن يكونوا قد سمعوا عن المسييح وصليبه الدكتور ماهر صموئيل يطعن في تعليم الإختيار الكتابي بالقول أن الإختيار ليس للخلاص لكن لمقام أو إرسالية. ومن أسباب رفضه لتعليم الإختيار للخلاص هو أنه يضطرنا للقول بأن الله يخلص الإنسان ضد إرادته .   يقول في حلقة كيف نفهم الإختيار في ضوء محبة الله ( 1 ): " أنا مؤمن كل الإيمان إنه فيه إختيار .. لكن أن يُختزل الإختيار إلى أن الله اختار أناسًا ينجيهم من الهلاك، بغض النظر عن حتى رغبتهم .. لأن هو ميت، فهو هيحييه وهيخلصه ".   طبعًا القول أن الإختيار للخلاص يعني أن الله يخلص الإنسان ضد إرادته هو مغالطة رجل القش، أي أن الدكتور ماهر صموئيل اختلق كلامًا لا يقوله المحافظون حول الخلاص. والرد على ذلك ببساطة هو أن الله لا يخلص الإنسان ضد إرادته، لكن من خلالها، بأن يجدد تلك الإرادة الميتة ويحررها من عبوديتها .   الأدهي من ذلك، هو أن الدكتور ماهر صموئيل يرفض الإختيار للخلاص بحجة أنه يؤدي إلى الإعتقاد بأن الله يخلص الإنسان ضد إرادته، و

مركزية الكلمة في العبادة الإنجيلية المصلحة

منهج العبادة الإنجيلي يعكس المكانة المركزية التي تتمتع بها كلمة الله. وهذه المركزية يُسْتَدل عليها من خلال الأمور الآتية: نجد أولاً العبادة الإنجيلية تخلو من المذبح والقداس والطقوس السرائرية. في ظل المسيحية القروسطية، والآن أيضًا لدى الطوائف الطقسية، تُمْنَح النعمة بواسطة ممارسة الأسرار الكنسية السبعة (ولا سيما سر الإفخارستيا من خلال القداس والمذبح). لكن تلك الممارسات لم تعد وسائط للنعمة في ظل الإصلاح البروتستانتي. بل الكلمة بصورة مركزية. الوعظ بالكلمة والتعليم هي الوسائط المركزية للنعمة. ثانيًا، مركزية الوعظ التفسيري مقابلة بأي مادة وعظية أو منهج وعظى آخر. الوعظ، طبقًا للمنهج البروتستانتي المصلح، يتميز بمادته الكتابية. إنه يعظ النص الكتابي أصحاحًا أصحاحًا وآية آية. النص الكتابي، مُفَسَّرًا، هو تلك الثروة التي يثمنها ويقدرها الواعظ المصلح. ثالثًا، الـ ليكتيو كونيتنوا Lectio continua ، أي القراءة المرتبة المتواصلة (ومن ثم الوعظ) كمنهج تعكس مركزية الكلمة. أثناء وعظ كالفن في جينيف كان يتابع عظاته من أصحاحات الكتاب المقدس بالتريب. يعظ من العهد الجديد أيام الأحاد، ثم من العهد القديم أثناء

أصداء السقوط في التاريخ الفدائي

صورة
الكتاب المقدس يقدم لنا أصداء للسقوط التاريخي في جنة عدن في بعض الأحداث التاريخية اللاحقة. نراها على الأقل في نوح وفي شعب إسرائيل. بعد الطوفان والخروج من الفلك أوصى الرب نوح بنفس الوصية التي أوصى بها آدم بأن يثمر ويكثر ويملأ الأرض (تك 1 : 28 ، 9 : 1) ثم "ابتدأ نوح يكون فلاحًا وغرس كرمًا" (تك 9 : 20). إلا أنه كان هناك ثمرة أيضًا سببت سقوطه في جنته الجديدة "وشرب من الخمر فسكر وتعرى داخل خباءه" (تك 9 : 21). هذا السكر بالثمرة أدى إلى التعري ثم التغطية واللعنة. بنو إسرائيل بدورهم آدم جديد ابتدأ يثمر ويتوالد وينمو ويكثر جدًا حتى امتلأت الأرض منهم (خر 1 : 7). وبعد أن أخرجهم الرب من مصر أدخلهم أرض الموعد بعد ذلك بأربعين سنة، والتي هي جنتهم الجديدة. إلا أنه لم يمضي عليهم وقت طويل في تلك الجنة حتى اشتهوا هم أيضًا أن يمارسوا رجاسات الأمم وأن يسجدوا لآلهتهم ويتعروا أمامها (خر 32 : 25) فجاءت علهيم لعنة الناموس ثم طُرِدوا من جنتهم إلى السببين الكبيرين. إلا أن الرب يعدهم على فم إشعياء بأنه سيلبسهم ثياب الخلاص ورداء البر (إش 61 : 10). طبعًا لم يكن سقوط كل من نوح وإسرائيل كآدمين جديد

من هم الهُيُوجُونَتْس الفرنسيون؟

الهيوجونتس Huguenots الفرنسيون هم بروتستانت كالفينيو المذهب. ظهر الهيوجونتس في فرنسا في منتصف القرن السادس عشر تحديدًا عام 1550 م. نتيجة احضار الوعاظ الكتب المقدسة من سويسرا. نمت الحركة بسرعة حتى انعقد أول سنودس لهم بعد خمسة سنوات. في غضون قرنًا صاروا قرابة المليون تابع.  حدثت الصدامات المتوقعة بينهم وبين الكاثوليك فخشيت كل من الكنيسة الكاثوليكة نموهم والحكومة الفرنسية مطالبتهم بالحكم. شنت عليهم الكنيسة الكاثوليكية حروبًا فما كان من الهيوجونتس سوى حمل السلاح والدفاع عن أنفسهم، لكن ما لبث أنهم تخلوا عن استعمال السلاح فيما بعد كويسلة للدفاع.  بلغ الاضطهاد ضد الهيوجونتس ذروته في 24 أغسطس 1572 والذي يعرف بـ مذبحة يوم القديس بارثيلماوس والتي قَتَل فيها الكاثوليك حوالي مئة ألف هيوجونتس كالفيني. فر الهيوجونتس على إثر تلك المذبحة إلى مخابئهم. هذا فضلاً عن عشرات الألاف منهم الذين فروا قبل المذبحة كلاجئين دينيين إلى دول أوربية أخرى ولا سيما سويسرا واستوطنوا هناك. وقد كان من بين أولئك الذين فروا في البداية كالفن، فقد حفظته النعمة لنا لكي نتعلم منه حق الإنجيل.  لم يتوقف الأمر عند المذبحة، فقد بدأ

الخروج أكثر من مجرد حدث تاريخي واحد

(بتصرف عن أصداء الخروج لـ أليستير روبرتس) الخروج ليس مجرد حدث تاريخي واحد منفصل، لكنه حدث ونمط pattern   يربط تعاملات الله ببعضها البعض عبر التاريخ الفدائي.  في الخروج نجد: أزمة (غالبًا مجاعة) يبتعد بسببها شعب الله عن مسكنهم وموطنهم معه. ثم يقيم الرب خلاصًا، يفضح من خلاله الآلهة الوثنية موجهًا لها ضربات موجعة، ويخرج شعبه بمقتنيات وأملاك جزيلة، مظهرًا لهم قوته على الطبيعة. إلى أن يسكنهم في أرضهم الموعودة وهو ساكنًا في وسطهم في هيكله.  الخروج كنموذج ونمط موجود عبر كل أجزاء التاريخ الفدائي. طبعًا لا ينبغي لنا أن نتوقع تطابق بين نموذج الخروج الأصلي في سفر الخروج وباقي الأحداث التي تشبه النموذج. ومع ذلك سنجد أحداث التاريخ الفدائي على مر تاريخ تعاملات الله الفدائية مع شعبه، جميعها مصممة على ذلك النمط.  الخروج في الخليقة والبدايات:  وهو خروج قبل خروج شعب إسرائيل من مصر.  الخليقة خرجت من العدم إلى الوجود ex-nihilo ، والأرض من قلب المياه "لتجتمع المياه تحت السماء إلى مكان واحد ولتظهر اليابسة".  خروج نوح وعائلته من مياه الموت والدينونة ثم عهد الله معهم.  خروج إبراهيم من مصر بأملاك جزيل