علم النفس كديانة لعبادة الذات

يظن البعض أن تحفظنا على استعمال مصطلحات نفسية للحديث عن مفاهيم مسيحية مثل التقديس، ورفض بعض محتوى علم النفس، هو نوع من الأصولية من طرفنا. إلا أن هذا هو موقف كثيرون من علماء النفس منذ بضعة عقود مضت. الدكتور بول فيتز، عالم النفس بجامعة نيويورك، هو واحد من أوائل علماء النفس الذين هاجموا السيكولوجيا كفرع من العلم يخفي وراءه عبادة دينية علمانية يعبد فيها الإنسان ذاته. يقول الدكتور فيتز في كتابه "علم النفس كديانة: بدعة عبادة الذات":

"كما يوحي العنوان، سوف يُحاجج [في هذا الكتاب] بأن علم النفس أصبح دينًا: عبادة علمانية للذات. وأعني بهذا أنه نظرة كونية يُتَمَسَّك بها بشدة، أي فلسفة حياة أو أيديولوجية. وبشكل أكثر تحديدًا، فإن علم النفس المعاصر هو شكل من أشكال الإنسانوية العلمانية القائمة على رفض الله وعبادة الذات".

ثم يوضح عالم النفس الدكتور فيتز أهدافه التي سيسعى لإثباتها في الكتاب وهي كالآتي:

"1. علم النفس كدين موجود، وهو موجود بقوة عبر الولايات المتحدة.
2. يمكن انتقاد علم النفس كدين لأسباب عديدة تمامًا وباستقلال عن الدين.
3. علم النفس كدين معادٍ للمسيحية بشدة.
4. علم النفس كدين مدعوم على نطاق واسع من قبل المدارس، والجامعات، والبرامج الاجتماعية التي تُمَوَّل من الضرائب المحصلة من ملايين المسيحيين. هذا الاستخدام لأموال الضرائب لدعم ما أصبح أيديولوجية علمانية يثير قضايا سياسية وقانونية خطيرة.
5. دأب علم النفس كدين منذ سنوات على تدمير الأفراد، العائلات والمجتمعات. لكن في السنوات الأخيرة، ابْتُدِأَ في فهم المنطق المدمر لهذا النظام العلماني، وبينما يكتشف المزيد والمزيد من الناس فراغ عبادة الذات فإن المسيحية تحظى بفرصة تاريخية كبيرة لتقدم المعنى و الحياة".

ودكتور بول فيتز ليس الوحيد الذي يرى أن علم النفس الحديث هو ديانة علمانية يعبد فيها الإنسان ذاته، بل يشاركه علماء آخرون في هذا الرأي. وفي نفس المقدمة السابقة من كتابه يعطي فيتز لمحة تاريخية عن النقد الذي تم توجيهه لعلم النفس كديانة لعبادة الذات:

"صدرت الطبعة الأولى من هذا العمل بعنوان ‘علم النفس كديانة: بدعة عبادة الذات’ في عام 1977، ويبدو أنه كان أول نقد في حجم كتاب ضد الطابع النرجسي وعبادة الذات للكثير من علم النفس الحديث. أثناء نشره، ظهر مقال توم وولف الشهير ‘عصر الأنا’. في عام 1978 تم نشر كتاب كريستوفر لاش الأكثر مبيعًا بعنوان ‘ثقافة النرجسية’. وثق لاش ببراعة الأنانية والنرجسية المنتشرة في المجتمع الأمريكي الحديث، ومعظمها مستمد من علم النفس و'المهن المساعدة' الأخرى. بعد ذلك بقليل، نشر ديفيد جي مايرز كتابه "الذات المنتخفة"، الذي ناقش الميل البشري الواسع الانتشار – والوهم – لرؤية الأشياء على أنها مواتية للذات. النجاح هو إنجازنا؛ الفشل هو خطأ شخص آخر، أو البيئة، أو سوء الحظ، وما إلى ذلك. في عام 1983، اثنان من علماء النفس، مايكل وليزا والاك، نشرا نقدًا منهجيًا لجميع النظريات الرئيسية في علم النفس منذ فرويد. أظهر كتابهما ... أن جميع النظريات النفسية الحديثة للدوافع البشرية والشخصية تفترض أن مكافأة الذات (أي الأنانية) هي المبدأ الأخلاقي الوظيفي الوحيد. باختصار، إن التزام علم النفس العميق بالنرجسية والأنانية وعبادة الذات والفرد والذات المنعزلة - أو كما أسميها 'الذاتية' - قد تم إثباته تمامًا".

إن علم النفس معادٍ للمسيحية – كما ذكر الدكتور فيتز – لأنه (طبقًا للمنظور المصلح) ضد الخطية الأصلية ويفترض صلاح الإنسان وقدرته على مساعدة ذاته. إن مفاهيم ومصطلحات مثل "تحقيق الذات" و"تطوير الشخصية" هي مصطلحات تغفل كل من الفساد الجذري وعمل النعمة. 


Vitz, Paul C. Psychology As Religion : The Cult Of Self-Worship. Grand Rapids, Mich., W.B. Eerdmans Pub. Co, 1994.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

لماذا قام المسيح في اليوم الثالث بالذات؟

هل حقا تغير الصلاة مشيئة الله؟

أربعة أعمدة في رحلة قديس