المشاركات

عرض المشاركات من 2016

المعاهدات السيادية الحثية مفتاح لفهم العهود الكتابية

Suzerain Treaties أصدر الدكتور جورج مندنهول، أستاذ الدراسات الكتابية واللغات السامية وحضارات شرق أدني بجامعة ميشيجن (توفي شهر أغسطس الماضي)، في القرن العشرين دراسة علمية عنوانها "الناموس والعهد في إسرائيل والشرق الأدني القديم". وتحدث في تلك الدراسة عن الإكتشاف الأثري المذهل لوثائق ترجع إلي الدولة الحثية (*) تُظهر صيغة قانونية معينة استعملها الحثيون في معاهداتهم. فقد أبرم الحثيين نوعين من المعاهدات: معاهدات أطرافها متساوون، ومعاهدات سيادية بين سيد وبين تابعيه. أو بين سيد وسيد أعظم ينوب عن أو يمثل مجموعة من التابعين له أو الخاضعون لولايته. وقد اكتشف البروفيسير مندنهول أن هذا الأسلوب الأخير أتبع أيضا في الكتب المقدسة اليهودية. وقد كانت صيغة تلك المعاهدات كالآتي: 1– تمهيد، وهو يحوي تعريفا بالسيد وذكر لألقابه. 2 –  مقدمة تاريخية، وبها ملخص لتاريخ التعاملات بين السيد والتابع له. ويقصد بذكر هذا الملخص إبراز المنافع التي جناها التابع من علاقته بالسيد، ومن ثم عليه الخضوع له. 3– الشروط ويراد بها بنود المعاهدة التي تنص علي الواجبات التي علي التابع تنفيذها. 4 – بركات ولعنات

لقاء مع عالم الآثار الدكتور كليفورد ويلسون

كليفورد ويلسون هو عالم أثار ميداني ومدير سابق للمعهد الإسترالي لعلوم الآثار ومشرف فريق التنقيب الأثري لمنطقة جازر الأثرية في إسرائيل بالتعاون مع المدارس الأمريكية للبحث الأثري. وعمل أيضا كالمدير المساعد للحفر الأول في تل نصيح والمرجح أنه الموقع الكتابي لـ "عاي". وقام أيضا بأعمال حفر في نينوي حيث اكتشف طريق بين قصر الملك سنحاريب في العراق والمعبد، مع نقش عليه يقول أن الطريق مهدي إلي الإلهة إيزاجيلا. وفي لقاء أجري معه ذكر ما يمكن تلخيصه في الآتي: أثناء التنقيب في جازر، بالتعاون مع البروفيسير نلسون جلويك أحد الآثريين البارزين، قام بإكتشاف أن الرماد الموجود في المنطقة يرجع إلي الحريق الذي ذكره الكتاب المقدس في (1 مل 9 : 16) "صعد فرعون ملك مصر وأخذ جازر وأحرق جازر بالنار، وقتل الكنعانيين الساكنين في المدينة، وأعطاها مهرا لإبنته إمرأة سليمان". ويذكر الدكتور ويلسون أن هذا الأمر الذي أثبت دقة المحتوي التاريخي للكتاب المقدس لم يعجب بعض علماء الآثار مثل البروفيسير ج. إيرنست رايت من جامعة هارفارد. ولكنهم إضطروا للإعتراف بالموثوقية التاريخية للكتاب المقدس ككتاب به نصو

الأبوة العالمية لله والإخوة العالمية للبشر .. هل هي فكرة كتابية؟

يقول الدكتور آر سي سبرول أنه في القرن التاسع عشر كان هناك ولعا بين الفلاسفة والمؤرخين بالدراسات المقارنة والتحليلة للأديان، فسعوا لإستخلاص جوهر الدين مختزلين المسيحية إلي ما رأوا أنه القاسم المشترك الأصغر لها. وقد ظهر اللفظ الألماني ( Wesen ) والذي يعني "كينونة" أو "جوهر"، في الكثير من الدراسات اللاهوتية الألمانية، من ضمنها كتاب أدولف هارناك "ما هي المسيحية". قام هارناك بإختزال المسيحية إلي أمرين جوهريين "الأبوة العالمية لله والإخوة العالمية للبشر"، والكتاب المقدس لا يعلم بأي من هذين الإثنين بالمعني الذي ذكره هارناك. (من كتاب ما هو اللاهوت المصلح). وقد يعترض أحدهم قائلا وماذا عن قول بولس للأثينيين "لأننا به نحيا ونتحرك ونوجد. كما قال بعض شعرائكم أيضا: لأننا أيضا ذريته" (أع 17 : 29). ردا علي ذلك نقول أن الكلمة اليونانية المترجمة "ذريته" هي ( genos )، وتعني "نوع" أو "جنس" أو "قرابة"، وهي تحمل معني الإنتماء إلي فئة معينة بالميلاد البيولوجي فيها. والفكرة هنا أننا كبشر خلقنا خالق واحد وننتمي جم

افعل هذا فتحيا .. وقد فعل المسيح فصارت لنا الحياة

من الناحية النظرية، كان من المتفرض للناموس أن يقدم الحياة للخاطئ. لهذا قال الرب للناموسي الذي أتي ليجربه بسؤاله يا معلم ماذا أعمل لأرث الحياة الأبدية: "ما هو مكتوب في الناموس كيف تقرأ؟ فأجاب (الناموسي) وقال: تحب الرب إلهك من كل قلبك، ومن كل نفسك، ومن كل قدرتك، ومن كل فكرك، وقريبك مثل نفسك. فقال له (يسوع): بالصواب أجبت، افعل هذا فتحيا" (لو 10 : 25 – 28). وإستحالة تنفيذ هذا الشرط، الذي هو حفظ الناموس، غير خافية علي أحد، فمن يستطيع أن يحب الرب من كل قلبه ونفسه وقدرته وفكره، وقريبه مثل نفسه؟ لهذا جاء المسيح، لكي يتمم هو الناموس نيابة عنا. وقد أراد المسيح أن يلفت نظر الشاب إلي ذلك بطريقة غير مباشرة. بأن يجعله يصصدم مع عجزه عن حفظ الناموس بصورة مطلقة فليجأ إلي المسيح. لأنه لو كان هناك إمكانية للإنسان أن يحفظ الناموس بصورة كاملة، ما كان هناك حاجة لكي يتجسد المسيح. فقول المسيح المتجسد هنا هو أكبر دليل علي عجز الإنسان عن حفظ الناموس، ولا أقول "عجز الناموس"، لأن الناموس (نظريا) له هذه الإمكانية لو كان الإنسان يستطيع حفظه. وفي نهاية المطاف فقد خلصنا نحن بالأعمال، لا بأعما

من القلب تولد الشرور

قال الرب يسوع المسيح "لأن من القلب تخرج أفكار شريرة: قتل، زني، فسق، سرقة، شهادة زور، تجديف" (مت 15 : 19) الكلمة اليونانية المترجمة "تخرج" هي (exerchomai) بحسب قاموس ثايير تعني أيضا "يَنشأ ماديا من الشئ" أو "يُولد منه". وقد جاءت بهذا المعني في قول متي "وأنت يا بيت لحم أرض يهوذا، لست الصغري بين رؤساء يهوذا، لأن (منك يخرج) مدبر يرعي شعبي اسرائيل" (2 :6). وأيضا في قول بولس "وأما الذين هم من بني لاوي، الذين يأخذون الكهنوت، فلهم وصية أن يعشروا الشعب بمقتضي الناموس، أي إخوتتهم، مع أنهم قد (خرجوا من صلب) إبراهيم" (عب 5 : 7). وهذا من شأنه هدم الفكرة البيلاجيوسية الليبرالية بأن الإنسان محايد تجاه البر والإثم، وأن الشر الذي يقترفه الإنسان ليس سوي الإقتداء بالأمثلة السيئة في المجتمع. فالرب يسوع يقول هنا أن المشكلة عميقة الجذور في الإنسان، فليس ما يدخل الإنسان ينجسه، بل ما ينشئه قلبه من أفكار شريرة تخرج إلي العالم المادي (المجتمع).  يؤكد أيضا هذا الأمر الكثير من المقاطع الكتابية: "فرأت المرأة أن الشجرة جيدة للأكل، وأنها

مسيحيوا داروين (الليبراليون) يبيعون الغالي من أجل الرخيص

بينما كان العلماء المسيحيين الخلقيين يجرون التجارب في معاملهم وفي الأديرة ويقومون برصد ومشاهدة الظواهر الطبيعية مدفوعين بإيمانهم بخالق كلي الحكمة خلق كونا متناغما ومنظما بحسب سفر التكوين، ظل الفلاسفة المتشككون حبيسي جدران غرفهم ومكاتبهم يصوغون الفرضية تلو الأخري في معزل عن الطبيعة وبعضهم كان تحت تأثير الأرواح الشيطانية. صعد العلم علي أكتاف العلماء المسيحيين الذين صدقوا الرواية الحرفية لسفر التكوين فأثمر ذلك عن إنجازات طبية وصناعية وزراعية وفضائية، وظل الفلاسفة يتأرجحون بين النظريات التي تشكك في وجود الخالق وفي إمكانية معرفة الإنسان للحق من الأساس. وهذه بعض الأمثلة لهؤلاء: إيمانويل سويدينبورج (1688 – 1772) في كتابه (Principia) عام 1734 صاغ فرضية السديم وهي أن الشمس وكواكب المجموعة الشمسية تكونت من سديم يدور بسرعة. وادعي أنه حصل علي تلك المعلومات من جلسة عرافة مع سكان كوكب المشتري. وهذا الشق من التطور يقال له التطور الكوني أو تطور النجوم. المرجع: أحد البحوث العلمية المنشورة علي الموقع الرسمي لجامعة برشلونة قسم الفضاء. http://www.am.ub.edu/~robert/master/01-introduction.pdf

أنا أنا هو الماحي ذنوبك

أَنَا أَنَا هُوَ الْمَاحِي ذُنُوبَكَ لأَجْلِ نَفْسِي، وَخَطَايَاكَ لاَ أَذْكُرُهَا (إش 43 : 25) كثيرا ما نسمع القول أن "إله العهد القديم إله قاس وجبار ومنتقم علي عكس إله العهد الجديد إله الغفران والتسامح والنعمة". ولا يوجد أبعد عن الصواب أكثر من هذه المقولة. فإله العهد القديم هو نفسه إله العهد الجديد كلي الرحمة وكلي العدل. وهذه الآية التي نحن بصدد الحديث عنها هنا تثبت لنا خطأ هذا الإدعاء كما سنري. فهي لؤلؤة واحدة من بين لآلئ النعمة الكثيرة التي نجدها متناثرة عبر صفحات العهد القديم، ولعلها أكثرهم لمعانا. وليس بغريب أن نجدها مكتوبة بقلم إشعياء النبي الإنجيلي، فهو نبي الأخبار السارة، فالإنجيل يعني الأخبار السارة. وليس بشك أن قول الرب هنا "أنا أنا هو الماحي ذنوبك لأجلي نفسي وخطاياك لا أذكرها" هو أخبار سارة في وسط مشهد محزن. العدد الأول في هذا الأصحاح يمثل نقطة تحول كبيرة بينه وبين المشهد المظلم في الأصحاح السابق، فثمة فجر جديد علي وشق أن ينبثق من وسط تلك الظلمة. فإشعياء يصف حالة الشعب في السبي البابلي في الأصحاح السابق في قوله "ولكنه شعب منهوب ومسل

هل عقيدة الخطية الأصلية بدعة أغسطينية الأصل؟

الفساد الموروث في أقوال آباء ما قبل نيقية الجدل في موضوع الخطية الأصلية قديم قدم البيلاجيوسية. فقد ظهرت بدعة بيلاجيوس في القرن الرابع الميلادي اعتراضًا علي طلبة صلاة قالها أغسطينوس "يا رب امنح أن يتم ما أمرت به، وأؤمر بما تريد". وقد اعترض المهرطق بيلاجيوس على ذلك بقوله أن الله لن يأمر بشئ لا يستطيع الإنسان فعله، وأن الأمر الإلهي بشئ يتضمن القدرة علي فعله. ومن هنا بدأت الهرطقة البيلاجيوسية. فقد علم أن أحد لم يرث الطبيعة الشريرة من آدم، وأن أحد لم يولد "في الخطية". بل علي العكس فالأولاد يولدون كالألواح الفارغة الخالية من أي محتوى، ولديهم القدرة على طاعة الله بصورة كاملة. وبالتالي يستطيع الشخص أن يعيش حياته بلا خطية. ولكي يخلص الإنسان عليه أن يعمل الأعمال الصالحة. أما النعمة لدى بيلاجيوس، فهي عاملاً مساعدًا فقط وليست أساسية أو ضرورية للخلاص. وهكذا أنكر بيلاجيوس تقريبًا كل شيء في الإنجيل المسيحي. فقد علَّم بأن الإنسان صالح وليس به خطية، ومن ثم يستطيع بالأعمال الصالحة إرضاء الله. والنعمة لا حاجة لنا بها، بل هي عامل مساعد فقط. لقد أنكر بيلاجيوس الخلاص بالإيمان بنعمة الم

"سولا فيديه" في أقوال الآباء

هل التبرير بالإيمان وحده بدون أعمال هو بدعة ابتدعها المصلحون أم علّم بها آباء الكنيسة في القرون الأولي؟ كثيرًا ما نسمع عبارة تلقي علي عواهنها بأن المصلحين البروتستانت انحرفوا عن تعاليم الآباء، وفي الحقيقة لا يوجد أبعد عن الحقيقة من هذا القول. فالمصلحين أكدوا كثيرًا على أن المبادئ التي كانوا ينادون بها هي ما آمن به آباء الكنيسة بالفعل. وهنا نريد أن نستعرض بعض كتابات الآباء عن التبرير بالإيمان فقط دون أعمال، وإثبات أن "سولا فيديه" Sola Fide أو عقيدة التبرير بالإيمان فقط دون أعمال هي ما علم به الآباء الرسوليون ومن بعدهم المصلحون أيضًا. وقبل أن نشرع في سرد بعض هذه الأقوال للآباء وجب علينا هنا التنويه على بعض الملاحظات. أولاً ينبغي لنا هنا أن نذكر أن الكنائس الطقسية ولا سيما الكنيسة الكاثوليكية تعلم عن الخلاص بالإيمان والأعمال معًا. وهنا يكمن الإختلاف الذي دعا المصلحين للمناداة بالخلاص بالإيمان فقط بدون أعمال، على خلاف ما كانت تعلم به الكنيسة الكاثوليكية عن الخلاص بالإيمان والأعمال معًا. وبالتالي فالقول أن الكنائس الطقسية تؤمن أيضا بالخلاص بالإيمان لا يرد على ما خرج المص