المشاركات

عرض المشاركات من ديسمبر, ٢٠٢١

الصورة الكتابية لغضب الله

المتابع لما يُطرح على الساحة اللاهوتية يستطيع أن يرصد الكثير من التعاليم غير الكتابية عن موضوع غضب الله. ويوجد سمتان مشتركتان لتلك التعاليم؛ فضلاً عن كونها غير كتابية، فمعظمها لا تنكر أن الله يغضب. بل تقوم بإعادة تعريف ما هو غضب الله. إن الهجوم على الحق الكتابي كثيرًا ما يكون بإعادة تعريفه وليس بمجرد إنكاره المباشر. لكن، أن تعيد تعريف غضب الله هو أن تعيد تعريف المفاهيم اللاهوتية المتربطة به، ولا سيما عدل الله والكفارة ومن ثم الجحيم. إن ما تقوله عن غضب الله سيشكل ما تقوله عن العقائد الكتابية الأخرى. لهذا، فإن التأكيد على ما يقوله الكتاب المقدس عن موضوع غضب الله لهو أمر في غاية الخطورة. محاولات إعادة تعريف غضب الله إن هناك من ينفون الغضب عن شخص الله من الأساس. فبعد أن يُعَرِّف عدنان طرابلسي نظرية أنسلم للاسترضاء، ويقصد بذلك البدلية العقابية، يقول أن بها ثلاث مشاكل. والمشكلة الأولى، طبقًا له، هي "إنها مبنية على أن الله ذو خصائص بشرية: فهو يغضب، ويحقد، ويثأر، ويُهان، وتُجرح كرامته، إلخ. لكن الله لا يتغير. نظرية التكفير هذه تعني أن الله يتغير، وأن هذا التغيير سببته أعمال الإنسان! ه

التطبيقات الرعوية لسلسة نسب المسيح في متى ١

لا شك أن مشكلة اقتطاع الآيات من سياقها مشكلة حقيقية، لكن هذا في حد ذاته ليس مسوغًا للقول أنه لا توجد أبعاد تطبيقية لأي نص كتابي. كل سفر من أسفار الكتاب المقدس كُتب لجمهور معين في ظروف معينة. لو كان المنطق أنه لا يجوز تطبيق آية بعينها علينا لأنها أتت في سياق معين، فالكتاب المقدس كله لا يلزمنا لأنه بأكمله مكتوب في سياقات معينة. صحيح أن هناك تطبيقات خاطئة، لكن هذه التطبيقات الخاطئة لا تلغي وجود التطبيقات الصحيحة. ما قيمة اللاهوت الرعوي Pastoral Theology لو لم يكن لكل نص كتابي تطبيق لحياتنا؟ خذ مثلاً نص سلسلة نسب المسيح في متى ١ والتي قد تبدو لنا بلا قيمة تطبيقية. إن أول ما يخبرنا عنه هذا النص هو أمانة الله لوعوده، وكيف حفظ الله وعوده للآباء عبر الأجيال بمجئ المخلص. إن سلسلة نسب المسيح في متى ١ تشهد أيضًا عن سلطان الله. فمن خلال إرادات البشر بالتزاوج والتناسل حقق الله مشيئته المحتومة. ولا تستطيع أن تتكلم عن سلطان الله دون أن تشير إلى قوته. هناك ملك له سلطة لكن بلا فاعلية، وهناك ملك مغتصب للسلطة بدون قانونية. لكن الله له سلطان وقوة. الله متحكم في التاريخ لأنه صاحبه. سلسة نسب المسيح في متى ١

هل غضب الله هو قلب الله المجروح كما يدعي الأخ وسيم صبري؟

صورة
جاء في الفيديو (أنظر أسفل المقال) تصريحات لاهوتية خطيرة أهمها: غضب الله هو محبة الله المجروحة؟ لماذا انتقاء محبة الله كصفة مركزية وجعلها هيرمانوتيك (قاعدة تفسيرية) لِيُفَسَّر من خلالها غضب الله؟ لم يقل الكتاب المقدس فقط أن "الله محبة". بل قال أيضًا أنه نور (١ يو ١ : ٥)، أي قداسة وبر، وإلهنا نار آكلة (عب ١٢ : ٢٩)، أي عدل وغيرة مقدسة وبر. كما أن الملائكة تغنت في كلا العهدين بقداسة الله ثلاثة مرات في رؤيا إشعياء وفي رؤيا يوحنا "قدوس قدوس قدوس" (إش ٦ : ٣، رؤ ٤ : ٨). لماذا إذًا تُعطَى محبة الله مركزية على باقي صفاته الجوهرية كالقداسة والبر والعدل والأمانة؟ لطالما علم آباء الكنيسة ورجال الإصلاح البروتستانتي بما يسمى بـ "بساطة الله". أي أنه لا تركيب في الله، فهو غير مكون من مجموع صفاته. بل الله هو صفاته. لو أخذنا مثلاً غضبه، فإن غضبه هو إعمال لصفاته مجتمعة. هو إعمال لقداسته وعدله وسلطانه ومحبته. هو تعبير عن إتساق كل هذه الصفات معًا. هو يغضب لأنه يكره الخطية، ولأنه يحب البر، ولأنه عادل لابد أن يعاقب الشر، ولأنه مطلق السلطان في خليقته فلابد أن تكون له الكلمة الأخير

لماذا يبقى المسيح بطبيعتيه إلى الأبد؟

بكلمات أخرى، لماذا يظل المسيح بطبيعته البشرية رغم أنه أنجز الفداء؟ ألا يبدو معقولاً أن الحاجة إلى أن يكون للمسيح طبيعة بشرية قد انتهت بما أنه أنجز لنا الكفارة التي كانت تتطلب التجسد؟ لقد أصبح المسيح حياة وهوية الكنيسة. إن الكنيسة تظل في حاجة إلى المسيح كما يظل الجسد في حاجة إلى الرأس التي يستمد منها حياته ووجوده. يظل المسيح بكلتا طبيعتيه رأسنا وآدمنا الأخير وعريسنا السماوي. إن اتحادنا بالمسيح المتجسد هو اتحاد أبدي. هل معنى ذلك أن الكفارة لم تكتمل بعد؟ الكفارة أُنْجِزَت بموت المسيح وقيامته وصعوده. لكن كل من الخليقة الجديدة والمقام الذي يحصل عليه المؤمن هما في شخص المسيح المتحتدان فيه الطبيعتين. وبقاء المؤمن أو الكنيسة مرتبطان تمام الارتباط ببقاء شخص المسيح المتحدتان فيه الطبيعتين. سبب آخر هو أن الله تمجد ولا يزال يتمجد من خلال اتحاد الطبيعتان في المسيح. لقد أُكْرِمَ وكوفيء المسيح، على اتضاعه في التجسد وطاعته للناموس وعمله الكفاري بأكمله، كالشخص الواحد المتحدتان فيه الطبيعتين. وهذا الإكرام أبدي. إن الله يظل يتمجد باتضاع المسيح ثم إكرامه إلى الأبد. فعندما تحدث بولس عن سر التقوى، التجسد، ك

تيم كيلر لا يعرف إن كان هناك باب سري للخلاص لغير المسيحيين

صورة
شمولية الخلاص لدى تيم كيلر كلمات كيلر الآتية (أنظ الفيديو بالأسفل) جاءت في حواره مع الصحفي مارتن بشير من قناة NBC . وكلمات كيلر مفعمة بالغموض والمواربة والشمولية والكثير من المحاولات التي يبدو أنه يتجنب فيها ذكر مصطلحات لاهوتية بعينها. سأضع تعليقي بعد نهاية كل إجابة لكيلر. يبدأ بشير سؤاله للقس تيم كيلر قائلاً: "هل تؤمن بأنه يوجد إله واحد فقط، وأنه يوجد طريق واحد فقط للوصول إلى هذا الإله؟". يجيب كيلر على هذا السؤال مترددًا: "نعم، لو. تمام؟ نعم، لو. أنا أجيب بصفتي مسيحيًا هنا. إن كان يسوع المسيح هو فعلاً ما يقوله عن نفسه. أي، إذا كان هو ابن الله من السماء، إذا كان فعلاً قد قام من الموت جسديًا، وإن كان خالقنا الأصلي، إن كان كل ذلك صحيح، فهذا ما يقوله (عن نفسه)، إذًا، فبالطبع ليس هناك سوى طريق واحد إلى الله. لأن نفوسنا تحتاج إليه، أو إما أنها ستذبل أبديًأ. تمامًا مثلما يحتاج جسدك إلى الطعام أو إما أنه سيذبل. وحقيقة أن جسدي يحتاج إلى طعام وإلا سيذبل، ليست ضيق أفق، ولكنه الواقع. إن كان يسوع حقًا هو ما يقوله عن نفسه، سيكون على نفوسنا الحصول عليه، حتى تكون مُشْبَعَة أبديًا، ومزد

الولادة الأزلية للابن

عقيدة قويمة مهملة، لكنها في منتهى الأهمية فيما يتعلق بمساواة الابن للآب من حيث الأزلية والألوهية ووحدة الجوهر، وهي عقيدة ‏‏"الولادة الأزلية للابن".‏ أهمية هذه العقيدة تكمن في أنها تحفظ وحدانية الجوهر، وفي نفس الوقت التميز الأقنومي. لماذا الابن والآب متمايزان، وفي نفس الوقت ‏واحد في الجوهر؟ الإجابة هي "الولادة الأزلية". لأن الابن مولود "أزليًا من نفس جوهر الآب" فهو واحد معه. كما أن هذه الولادة نفسها ‏هي التي تجعلهما متمايزان عن بعضهما. فلو لم يكن هناك ولادة أزلية، ما كان هناك هذا التمايز والتنوع الأقنومي.‏ للأسف مفهوم الولادة الأزلية للابن، بسبب اساءة فهمه، وبسبب طغيان النظرة الاجتماعية للثالوث ‏Social Trinity‏ لدى الكثير من ‏اللاهوتيين المعاصرين (وهي نظرة غير صحيحة)، أدت إلى اهمال هذه العقيدة. في نظري، أحد أهم الأسباب في ضعف عقيدة ‏الثالوث في البروتستانتية المعاصرة، هو عدم تقدير الحق المتعلق بالولادة الأزلية.‏ لكن الولادة الأزلية للابن، لا يُقصد بها أبدًا ولادة إنسان لأبيه جسديًا. فبينما الولادة البشرية الجسدية تعني أن أي ابن يولد لأبيه البشري هو: مخلوق م

نسطورية القس سامح موريس

يوجد بيننا كبروتستانت نساطرة كثيرون معاصرون، يفصلون بين طبيعتي المسيح، سواء عند الحديث عن ولادته أو تجربته في البرية أو موته. يؤكدون على أن يسوع وُلِد أو جُرِّبَ أو صُلِبَ فقط كإنسان. لكن هذا خطأ. لأن طبيعة اللاهوت اشتركت في كل شيء فعله المسيح كإنسان. أي شيء بشري فعله المسيح، اشتركت فيه الطبيعة الإلهية. إن كان المسيح وُلِد كإنسان، فاللاهوت أيضًا اشترك في ذلك. وكل شيء فعله المسيح كإله، مثل المعجزات، اشتركت الطبيعة البشرية فيه. في هذا الفيديو الخطير، يدمج سامح موريس مجموعة من الهرطقات الكريستولوجية معًا. بدءًا من النسطورية، بالقول أن مَنْ وُلِدَ من العذراء ليس المسيح كإله، بل كإنسان فقط. الأمر الذي يعني أنه لم يصر إلهًا إلا بعد ولادته. وحينها يثور السؤال: عند أي نقطة من حياته، وبعد ولادته، صار إلهًا؟ الثانية هي الأبولينارية، والقائلة بأن يسوع لم يكن له روح (أو عقل) بشري. أكد موريس في الفيديو أن المسيح ليس مثلنا له روح بشرية، بل روح الله الذي حل في جسده. أن تقول أن المسيح لم يكن له روح أو عقل بشرية فهذا يعني أنه لم يكن له طبيعة بشرية حقيقية كاملة. وهذا يصل بنا إلى الهرطقة الدوسيتية (الثال

كيف صار المسيح إنسانًا؟

صورة
شَرْح اللاهوتي المُصْلَح جيمز فيشر (١٦٩٧ – ١٧٧٥) للتجسد بطريقة السؤال والجواب كيف صار المسيح، بكونه ابن الله، إنسانًا؟ الجواب: المسيح، ابن الله، صار إنسانًا، إذ اتخذ لنفسه جسدًا حقيقيًا وروحًا عاقلة، حُبل به بقوة الروح القدس، في بطن العذراء مريم، وَوُلد منها، ولكن بلا خطية. (دليل أسئلة وأجوبة ويستمينستر المختصر) س ١: هل اتخذ المسيح شخصية إنسان؟ ج: لا، لقد اتخذ الطبيعة البشرية، ولكن ليس شخصية الإنسان (عب ٢ : ١٦). س ٢: هل كانت للطبيعة البشرية للمسيح شخصية مميزة خاصة بها؟ ج: لا، لم توجد الطبيعة البشرية للمسيح لحظة واحدة بمفردها (لو ١ : ٣٥). س ٣: ما هو سبب عدم وجود الطبيعة البشرية للمسيح بمفردها؟ ج: لأنه تم تشكيلها واتخاذها في وقت واحد، في الوقت الذي اتحدت فيه النفس بالجسد، فوُجدا النفس والجسد معًا في شخص (أقنوم) ابن الله. س ٤: كيف جاءت الطبيعة البشرية لتوجد في شخص الابن؟ ج. هَيَّأَ وكَيَّفَ الثالوث الأقدس الطبيعة البشرية للابن. لكن اتخاذها، في وجود شخصي مع ذاته، كان فعلًا تفرد الابن (عب ٢ : ١٤، ١٦). س ٥: بما أن الطبيعة البشرية للمسيح ليس لها شخصية خاصة بها، أليست بذلك تعتبر ناقصة

يسوع المخلص والديّان في أحداث الخروج

ثلاثة نصوص في العهد الجديد تؤكد لنا أن يسوع هو ذاته يهوه الذي كان فاعلاً في أحداث الخروج. قبل أن نقول ما هي تلك النصوص، فإن التأكيد على هذا الحق له قيمة فيما يتعلق بالرد على الادعاءات بأنه يوجد تناقض أو تنازع بين صورة الله في العهد القديم وصورته التي رسمها يسوع في العهد الجديد. الصورة واحدة ولكن في ظل تدبيرين مختلفين. فيسوع المسيح مخلص وديان في كلا العهدين. وهذا يتضح لنا من النصوص الآتية: "فأريد أن أذكركم، ولو علمتم هذا مرة، أن يسوع بعدما خلّص الشعب من أرض مصر، أهلك أيضًا الذين لم يؤمنوا" (يهـ ٥). هذا النص جاء في ترجمة فانديك "أن الرب بعدما خلّص الشعب ...". إلا أن هناك الكثير من الترجمات الإنجليزية الحديثة والقيمة أوردته "يسوع بعدما خلص الشعب ...". مثل: ESV ، NET LSB ، LEB ، NLT . يقول هامش ترجمة NET عن هذا العدد أن القراءة "يسوع بعدما خلّص الشعب" هي القراءة الأصعب لكونها تتضمن يسوع فاعلاً في التاريخ الأولي لإسرائيل. وهذا يعني أن الميل لدى نُسَّاخ العهد الجديد كان هو عدم استساغة التعبير "يسوع بعدما خلّص الشعب" فقاموا باستبداله بـ "

ملخص التعاليم غير القويمة لـ بول تيليك

يروج أوسم وصفي بحماس شديد لريتشارد رور. وكان من قبلها قد روج ونشر أفكار بول تليك. لذلك من اللائق هنا أن نقدم ولو تلخيص لتعاليم تيليك حتى نكون على دراية بها. والاقتباسات التالية مأخوذة عن المُؤَرِّخَيْن والناقدين اللاهوتيين ستانلي جرينز وروجر أولسون (20th Century Theology, Grenz & Olson). بينما يحذر بولس من بطل الفلسفة وخداعها، بل ومن كونها حماقة لدى الله، يعلّم تيليك بأن المسيحية معتمدة بصورة أساسية على الفلسفة، بحيث أنه لا يمكن التعامل بأي جدية مع أي لاهوتي لا يأخذ الفلسفة على محمل الجد: "ونتيجة لذلك، وضع تيليك الفلسفة في مقام سامٍ: ‘لا ينبغي أن يؤخذ أي لاهوتي على محمل الجد كلاهوتي، حتى لو كان مسيحيًا عظيمًا وباحثًا عظيمًا، إذا تبين من عمله [بحثه اللاهوتي] أنه لا يأخذ الفلسفة على محمل الجد’. وضد مذهب الإيمانية لمفكرين مثل باسكال، قال تيليك: ‘إله إبراهيم وإسحق ويعقوب وإله الفلاسفة هو نفسه الله’ ". استطاع تيليك دمج كل الهرطقات الكريستولوجية (المتعلقة بشخص المسيح) القديمة معًا (الجدير بالذكر أن ريتشارد رور أيضًا أنكر ألوهية يسوع): "كيف يمكن أن يتجنب تيليك الوقوع في اله