لماذا يبقى المسيح بطبيعتيه إلى الأبد؟


بكلمات أخرى، لماذا يظل المسيح بطبيعته البشرية رغم أنه أنجز الفداء؟ ألا يبدو معقولاً أن الحاجة إلى أن يكون للمسيح طبيعة بشرية قد انتهت بما أنه أنجز لنا الكفارة التي كانت تتطلب التجسد؟

لقد أصبح المسيح حياة وهوية الكنيسة. إن الكنيسة تظل في حاجة إلى المسيح كما يظل الجسد في حاجة إلى الرأس التي يستمد منها حياته ووجوده. يظل المسيح بكلتا طبيعتيه رأسنا وآدمنا الأخير وعريسنا السماوي. إن اتحادنا بالمسيح المتجسد هو اتحاد أبدي. هل معنى ذلك أن الكفارة لم تكتمل بعد؟ الكفارة أُنْجِزَت بموت المسيح وقيامته وصعوده. لكن كل من الخليقة الجديدة والمقام الذي يحصل عليه المؤمن هما في شخص المسيح المتحتدان فيه الطبيعتين. وبقاء المؤمن أو الكنيسة مرتبطان تمام الارتباط ببقاء شخص المسيح المتحدتان فيه الطبيعتين.

سبب آخر هو أن الله تمجد ولا يزال يتمجد من خلال اتحاد الطبيعتان في المسيح. لقد أُكْرِمَ وكوفيء المسيح، على اتضاعه في التجسد وطاعته للناموس وعمله الكفاري بأكمله، كالشخص الواحد المتحدتان فيه الطبيعتين. وهذا الإكرام أبدي. إن الله يظل يتمجد باتضاع المسيح ثم إكرامه إلى الأبد. فعندما تحدث بولس عن سر التقوى، التجسد، كانت الكفارة في صميم تعريفه لهذا السر (١ تي ٣ : ١٦). لا كفارة لا سر للتقوى ومن ثم لا مجد ناتج عن ذلك "رُفِعَ في المجد". لهذا يظل المسيح باقٍ بطبيعتيه إلى الأبد.

المسيح أيضًا، يظل بقايًا إلى الأبد، بكلتا طبيعتيه الإلهية والبشرية، لأنه رئيس الكهنة الذي تُقدم فيه وباستحقاقه كل عبادة إلى الله. إن عبادتنا في الحالة الأبدية ستظل في حاجة إلى الوساطة الكهنوتية للمسيح. صحيح أننا سنكون قد نلنا فداء الأجساد، أي تكلمنا وتمجدنا، إلإ أن هذا ليس بمعزل عن رأسنا. يظل هو رأسنا ورئيس كهنتنا الذي تُقْبل وتُكَمَّل فيه كل عبادة. كما يظل هو أساس قبولنا الدائم في محضر الله. "وَأَمَّا هذَا فَمِنْ أَجْلِ أَنَّهُ يَبْقَى إِلَى الأَبَدِ، لَهُ كَهَنُوتٌ لاَ يَزُولُ" (عب ٧ : ٢٤).



تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

لماذا قام المسيح في اليوم الثالث بالذات؟

هل حقا تغير الصلاة مشيئة الله؟

أربعة أعمدة في رحلة قديس