المشاركات

عرض المشاركات من نوفمبر, ٢٠٢١

هل اتخذ المسيح طبيعة بشرية فاسدة؟

يبدو أن الاعتقاد بأن يسوع اتخذ طبيعة بشرية فاسدة أو ملوثة بالخطية اعتقادًا منتشرًا إلى حدٍ ما. فنجده مثلاً، وإن لم يكن بصفة ‏رسمية، لدى بعض الكاثوليك واللوثريون، ولدى الأرثوذكسية الشرقية بصفة خاصة. ولسنا هند بصدد تقديم تأريخ لهذا التعليم لكن لابد ‏من الإشارة إلى أنه في الفترة الحديثة علّم به كارل بارت ورَوَّج له توماس تورانس. كلاهما علّم بأن المسيح اتخذ طبيعة بشرية ساقطة، ‏وإن لم يخطيء فعليًا. ‏ وهذا السؤال مرتبط تمام الإرتباط بسؤال آخر حول بشرية المسيح: هل كان من الممكن أن يسقط المسيح في الخطية؟ أجبت بالنفي عن ‏هذا السؤال الأخير في مقالين آخرين وسأكتفي هنا بالتركيز على مسألة ما إذا كان قد اتخذ المسيح فعلاً طبيعة بشرية فاسدة. إلا أن واحدًا من أوجه الارتباط بين السؤالين هو أن ‏الادعاء باتخاذ يسوع طبيعة بشرية ساقطة يفترض أنه كان قابلاً للخطأ أيضًا. ‏ وجه آخر من أوجه الارتباط بين السؤالين هو أن كلاهما يهدفان إلى التأكيد على بشرية المسيح وأنه شابهنا في كل شيء. إلا أن السؤال حول ما إذا ‏كان المسيح قد اتخذ جسدًا فاسدًا (طبيعة ساقطة) يهدف إلى أمر آخر غير قويم؛ اعطاء التجسد مكانة مركزية من خلا

الفرق بين الضرورة والإكراه فيما يخص فساد الإنسان وعبودية إرادته لدى كالفن

الفساد الموروث في الطبيعة البشرية، وعبودية إرادة الإنسان للشر، لا يعني الإكراه أو الإجبار على فعل الشر. بل يعني أن الإنسان يفعل ما يريده بالإتساق مع طبيعته التي تحب فعل الشر. حاول كالفن (في رأيي محاولة ناجحة) بشرح هذا التعقيد من خلال التفريق بين الضرورة والإكراه.  والأمر يتضح لنا بقياسه على صلاح الله. بما أن الله صالح، ولا يستطيع إلا فعل الصلاح، فإن هذا في حد ذاته لا يعني أن الله فقد حريته، وإلا فالله بلا حرية في فعل الصلاح. الله مطلق الصلاح، ويفعل الصلاح بالضرورة لأنه صالح، لكنه غير مُجْبَر أو مُكْرَه على فعل الصلاح. وهذا ما قاله كالفن حرفيًا: "لقد فقدت إرادة الجنس البشري حريتها وأصبح عليها – بالضرورة – أن تفعل الشر. هذا تقرير يصعب قبوله. لكن، يجب أن نعرف أن هناك فرقاً بين الضرورة وبين الجبر (الإكراه). ولنأخذ مثلاً لذلك: نتفق جمعيًا على أن طبيعة الله بالضرورة خيرة وصالحة، وأن صلاحه اللامحدود يجعل من المستحيل أن يفعل الشر. ومع ذلك فإن الله يحتفظ بحرية إرادته في ممارسة الخير والإحسان. وبنفس الطريقة، نجد أنه بالرغم أن الإنسان تحت ضرورة بأن يخطيء، لكنه ليس مجبرًا ولا مكرهًا على ذلك.

حق وما نعتقده عنه أم حق وباطل؟

كثيرًا ما نسمع الادعاء، والذي غالبًا ما يكون بواسطة غير الكتابيين، بأن هناك فرق بين الحق وما نعتقده عنه. ويُقال أيضًا بصيغ أخرى مثل أن هناك فرق بين العقيدة وتفسيرك لها. أو أن إدراكنا للحق دائمًا متغير ونسبي. وخطورة هذا الادعاء تكمن في أنه يقال في سياقات مثل الحديث عن تفسير الكتاب المقدس، والتعاليم الكتابية. بينما فعلاً يظل الحق موضوعي غير متأثر بموقفنا منه، سواء قبولا أو رفضًا. إلا أن الادعاء السابق، بأشكاله المتنوعه، هو بمثابة القول بأن الحق نسبي، وذلك من خلال تَجَنُّب القول بأن هناك صواب وخطأ. بل حق ومعتقد عنه، أو عقيدة وتفسير لها. إنها في النهاية آراء أو محاولات أو اجتهادات صوب الحق. بناء على ذلك فأنت لا تستطيع القول أن لديك الحق، بل مجرد تفسير له. وهذه لاأدرية أن تقول أنه لا يوجد صواب وخطأ، بل حق ومعتقد عنه، أو عقيدة وتفسير لها. إلا أن هذا الادعاء غير صحيح. فهناك حق وباطل. خطأ وصواب. وليس حق ومعتقد، أو عقيدة وتفسير لها. ما أعتقده أنا عن الحق، إما أن يكون الحق نفسه، أو إما أن يكون باطل. وتفسيري للعقيدة إما أن يكون صواب أو خطأ. ليس هناك حل وسط بين الحق والباطل وبين الصواب والخطأ. الح

هل كون كلمات المسيح الأصلية كانت باللغة الآرامية يؤدي إلى مشكلة في مصداقية الأناجيل؟

هناك قول نسمعه كثيرًا بأنه ليس لدينا كلمات المسيح الأصلية لأنه تحدث بالآرامية بينما دُوِّنَ العهد الجديد باليونانية. وهذا حق لكن يُراد به باطل. شتان الفرق بين القول ماذا قال المسيح بالضبط، وماذا كانت كلمات المسيح المستعملة في اللغة الآرامية. طبعًا أن تقول أنه من المستحيل أن نعرف ماذا قال المسيح بالضبط هو اتهام للروح القدس بعدم قدرته على توصيل ما قاله المسيح بالضبط حتى بعد ترجمتها إلى لغة أخرى. ليس لدينا الكلمات الآرامية ذاتها، لكن لدينا ترجمة يونانية لها أشرف عليها الروح القدس نفسه. ليس لدينا الكلمات الآرامية، لكن لدينا الكلمات التي قصدها روح الله الأقدس بالضبط. ونستطيع أن نتيقن أن أقنوم الروح القدس لن يسيء اقتباس أقنوم الابن أو ينقل شيء غير الحقيقة. الروح القدس لن يعجز حتى في ظل الترجمة من الآرامي لليوناني بتوصيل ما قاله المسيح لنا بدقة. ففي نهاية المطاف، ترجم الروح القدس الحقائق الأزلية عن الله إلى لغة بشرية نستطيع أن نفهمها accommodation ، أي قام بالترجمة من اللامحدود إلى المحدود، فلن يستعصي عليه ترجمة من الآرامي إلى اليوناني دون الإخلال بدقة المعاني التي استعملها المسيح. سواء لدينا

الرد على ادعاءات الأخ أمجد بشارة حول البدلية العقابية

يقول بشارة: "البدلية العقابية هي إحدى النظريات التي تشرح عقيدة الفداء وتقول في أصلها أن الآب صب غضبه على الابن في الصليب بدلًا من أن يصب غضبه علينا. وهذا مفهوم يرفضه اللاهوت الشرقي لإن خلاص المسيح غير محصور في الصليب فقط، فالمسيح جاء لكي: 1- يصلح بين الطبيعة الإلهية والطبيعة البشرية بتجسده حيث اتحدت فيه الطبيعتان. 2- يصلح أفكارنا البشرية المشوهة عنه الله حيث المسيح هو إعلان الله عن ذاته كما هو، كما أن لتعاليمه هذه الدور في خلاصنا. 3- بتألمه شارك البشرية آلامها ليشفي آلامها فيه. 4- بموته وقيامته أمات الموت الذي سيطر على طبيعتنا". سأقوم الآن بتفنيد ما سبق عبارة عبارة. "البدلية العقابية هي إحدى النظريات التي تشرح عقيدة الفداء" معنى قول بشارة هنا أنها ليست حق، لكن محاولة لفهم الحق. مما يشير ضمنًا إلى أن التعليم الجوهري في المسيحية غير واضح ويمكن الاختلاف عليه. لكن لا يمكن أن يكون هناك آراء متعارضة حول تعليم جوهري مثل الفداء. وإلا لكان ذلك بمثابة إتهام لله بأن إعلانه عن نفسه غامضًا. لا يمكن أن تكون البدلية العقابية صحيحة وغير صحيحة في نفس الوقت. وفي الحقيقة، فإن المنهج

البراهين على الخطية الأصلية

الخطية الأصلية تعليمًا جوهريًا في المسيحية. لهذا لا عجب أننا نرى الكثير من الهجوم عليه سواء من خارج المسيحية أو من داخلها بواسطة ذوي الأجندات الليبرالية. لكننا لا نستطيع أن نضحي أو حتى نتهاون قليلاً مع الهجوم على هذا التعليم. إن ما نعتقده عن أنفسنا كبشر يؤثر بصورة جذرية على نظرتنا للنعمة وللكفارة بل ولله نفسه. إن كانت عقيدتنا حول الإنسان (الأنثروبولجي) تتسم بالتفاؤل سيؤدي ذلك حتمًا إلى نظرة دونية للنعمة (سوتيريولوجي). وإن كانت عقديتنا حول الإنسان واقعية، أي لا تغفل البؤس والفساد والألم الذي يعاني منه، فإن هذا سينعكس في صورة نظرة سامية للنعمة. فنحن إذًا في مسيس الحاجة إلى دفاعًا عن هذه العقيدة حتى ولو كان مختصرًا. وقبل أن نستعرض البراهين على صدق عقيدة الخطية الأصلية علينا أولاً أن نعرّف ما هي. إن الخطية الأصلية تشير إلى وراثتنا لكل من ذنب آدم وطبيعته الفاسدة. يعرّف بيركهوف الخطية الأصلية على أنها: "بحكم ارتباطهم بآدم، فإن جميع الناس، بعد السقوط، وُلِدُوا في حالة ووضعية خاطئة. هذه الحالة تسمى الخطية الأصلية وهي الجذر الداخلي لجميع الخطايا الفعلية التي تدنس حياة الإنسان. وتحتوي على ع

أكذوبة كاريزماتية معاصرة: اللعنات المتوارثة عبر الأجيال

ماذا يُقصد باللعنات المتوارثة عبر الأجيال؟ إن اللعنات المتوارثة عبر الأجيال، طبقًا لـ ديرك برنس، وهو أبرز من تحدثوا في هذا المجال، يمكن أن تكون: الذلّ، العقم وعدم الإثمار، الأمراض النفسية والجسدية، الانهيار العائلي، الفقر، الانهزام، الغم وضيق الصدر، الفشل، عدم رضى الله، التعرض لحوادث متكررة، الموت المبكر في أسرة ما. البعض يضيفون إلى ذلك الفشل، الزنا، ادمان المخدرات أو المسكرات، الانتحار، الخوف، والتردد. كل هذه، وغيرها، لعنات متوارثة إن كانت إحداها أو أكثر نمطًا متكررًا في العائلة. إنها تنتقل عبر الأجيال كما ينتقل الحمض النووي DNA . داخل الحركة الكاريزماتية هناك من يقول أن هذه يرثها المؤمنون والأشرار على حد سواء. وهناك من يقولون أن الأشرار فقط هم من يرثونها (مثل ديرك برنس والأب دانيال). على أنه من غير الواضح من هو المنوط بإنزال تلك اللعنات. فالكاريزماتيين مثلاً يدعمون تعليمهم باللعنات المتوارثة عبر الأجيال من خلال النص الشهير في (خر ٢٠ : ٣ – ٥) مما يعني أنها دينونات من الرب. في حين عندما يقدم أولئك الحل (السحري) لكسر تلك اللعنات بعضهم يقول لك أنه عليك انتهار الأرواح وقوى الشر التي ت

تفنيد ادعاءات ماهر صموئيل حول التبرير والإصلاح ولوثر

صورة
تصريح حديث لماهر صموئيل يطعن فيه في كل من تعليم التبرير بالإيمان وحده باعتباره، المبدأ الجوهري لحركة الإصلاح البروتستانتي، وفي صلاحية لوثر كلاهوتي. وجاء تصريحه مليئًا بالمغالطات التي تدل على منهج معادٍ للإصلاح البروتستانتي بما يمثله من مباديء كتابية مثل التبرير بالإيمان وحده والجانب القضائي للخطية. في هذا المقال سأقوم بالرد على تلك التصريحات الخطيرة. يقول ماهر صموئيل في هذا المقطع أن "الكنيسة كانت لا تتكلم كثيرًا عن التبرير، بينما نحن كإنجيليين تركيزنا كله على غفران الخطايا والتبرير". الكنيسة لم تتكلم كثيرًا عن التبرير قبل الإصلاح ليس معناه أن التبرير كان أمرًا غير هامًا كما يحاول ماهر صموئيل تهميشه. بل كانت هناك قضايا أخرى ماسة أولت الكنيسة اهتمامها إليها نظرًا للهجوم عليها بواسطة الهراطقة. مثل الثالوث وطبيعتا شخص المسيح الواحد. إن الكنيسة لم تتكلم عن الخلاص (بصورة مباشرة) بقدر كلامها عن الثالوث وطبيعتا المسيح في شخصه الواحد. طبعًا شَكَّلَ الخلاص خلفية الصراع مع الهرطقات التي تعرضت لتعليم الثالوث وأقنومية الابن والروح القدس. وإن كانت الكنيسة لم تتكلم عن التبني كثيرًا (أو بنف