الفرق بين الضرورة والإكراه فيما يخص فساد الإنسان وعبودية إرادته لدى كالفن


الفساد الموروث في الطبيعة البشرية، وعبودية إرادة الإنسان للشر، لا يعني الإكراه أو الإجبار على فعل الشر. بل يعني أن الإنسان يفعل ما يريده بالإتساق مع طبيعته التي تحب فعل الشر. حاول كالفن (في رأيي محاولة ناجحة) بشرح هذا التعقيد من خلال التفريق بين الضرورة والإكراه. 

والأمر يتضح لنا بقياسه على صلاح الله. بما أن الله صالح، ولا يستطيع إلا فعل الصلاح، فإن هذا في حد ذاته لا يعني أن الله فقد حريته، وإلا فالله بلا حرية في فعل الصلاح. الله مطلق الصلاح، ويفعل الصلاح بالضرورة لأنه صالح، لكنه غير مُجْبَر أو مُكْرَه على فعل الصلاح. وهذا ما قاله كالفن حرفيًا:

"لقد فقدت إرادة الجنس البشري حريتها وأصبح عليها – بالضرورة – أن تفعل الشر. هذا تقرير يصعب قبوله. لكن، يجب أن نعرف أن هناك فرقاً بين الضرورة وبين الجبر (الإكراه). ولنأخذ مثلاً لذلك: نتفق جمعيًا على أن طبيعة الله بالضرورة خيرة وصالحة، وأن صلاحه اللامحدود يجعل من المستحيل أن يفعل الشر. ومع ذلك فإن الله يحتفظ بحرية إرادته في ممارسة الخير والإحسان. وبنفس الطريقة، نجد أنه بالرغم أن الإنسان تحت ضرورة بأن يخطيء، لكنه ليس مجبرًا ولا مكرهًا على ذلك. فالبشر يخطئون راغبين في الخطية وذهن الإنسان يتجبه بشغف ولهفة نحو الخطية ليس لأنه واقع تحت إكراه جبري عنيف، بل إنطلاقًا من رغبته الخاصة". (مسيحية الكتاب المقدس)

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

لماذا قام المسيح في اليوم الثالث بالذات؟

هل حقا تغير الصلاة مشيئة الله؟

أربعة أعمدة في رحلة قديس