أكذوبة كاريزماتية معاصرة: اللعنات المتوارثة عبر الأجيال


ماذا يُقصد باللعنات المتوارثة عبر الأجيال؟

إن اللعنات المتوارثة عبر الأجيال، طبقًا لـ ديرك برنس، وهو أبرز من تحدثوا في هذا المجال، يمكن أن تكون: الذلّ، العقم وعدم الإثمار، الأمراض النفسية والجسدية، الانهيار العائلي، الفقر، الانهزام، الغم وضيق الصدر، الفشل، عدم رضى الله، التعرض لحوادث متكررة، الموت المبكر في أسرة ما. البعض يضيفون إلى ذلك الفشل، الزنا، ادمان المخدرات أو المسكرات، الانتحار، الخوف، والتردد. كل هذه، وغيرها، لعنات متوارثة إن كانت إحداها أو أكثر نمطًا متكررًا في العائلة. إنها تنتقل عبر الأجيال كما ينتقل الحمض النووي DNA .

داخل الحركة الكاريزماتية هناك من يقول أن هذه يرثها المؤمنون والأشرار على حد سواء. وهناك من يقولون أن الأشرار فقط هم من يرثونها (مثل ديرك برنس والأب دانيال). على أنه من غير الواضح من هو المنوط بإنزال تلك اللعنات. فالكاريزماتيين مثلاً يدعمون تعليمهم باللعنات المتوارثة عبر الأجيال من خلال النص الشهير في (خر ٢٠ : ٣ – ٥) مما يعني أنها دينونات من الرب. في حين عندما يقدم أولئك الحل (السحري) لكسر تلك اللعنات بعضهم يقول لك أنه عليك انتهار الأرواح وقوى الشر التي تسبب تلك القيود واللعنات. المهم أنها جمعيًا بسبب شرور فعلها الآباء فجاءت على الأجيال اللاحقة في أي صورة من الصور التي ذُكرت سابقًا.

إلا أن الأمر يزداد تشويشًا عن ذلك! فمع أن الأب دانيال يقول أن المؤمنين لا يرثون اللعنات من آبائهم، إلا أنك قد تُؤْذَىَ من زيارة شخص آخر مريض عليه لعنة متوارثة. فقد يحدث أي شيء أثناء تواجدك معه. عليك الصلاة قبلها إذًا حتى لا يصيبك الأذى. الصلاة ستوفر لك الحماية. وإن لم يمنحك الرب سلام نتيجة الصلاة فلا تذهب لأن البيت عليه لعنة.

أما عن الحل الذي يقدمه الكاريزماتيون ودعاة إنجيل الرخاء، فهناك وصفات لكسر اللعنات، تمامًا بقدر ما لكل شيخ طريقة. على سبيل المثال، احداهن لها موقع باللغة العربية تطرح قائمة قصيرة بها بعض الأشياء التي عليك فعلها لكي تنجو من اللعنات المتوارثة من ضمنها تقديم توبة عن شرورك بل وعما فعله والداك. البعض الآخر يدعوك في صلاة لانتهار الأرواح الشريرة المتسببة في تلك اللعنات المتوارثة على حياتك. وآخرون يشترطون مسامحتك لكل من آذاك حتى تتخلص من تلك اللعنات العابرة للأجيال.

الأكثر إثارة وغرابة هو أن الاعتقاد بوجود لعنات متوارثة عبر الأجيال ليس فقط لدى الكارزماتيين، بل يُعَلَّمُ به أيضًا بواسطة الوثنيون والعلمانيون. العرافة جوسي جروس مثلاً تقول أن السبيل إلى كسر اللعنات العابرة للأجيال هو القرار الذي يقوم بتحويل اتجاه العجلات الكارماتية (نسبة إلى عقيدة الكارما الوثنية التي تقول أن هناك ثواب وعقائب تلقائي في الكون سواء في هذه الحياة أو عند إعادة تجسدك). التغيير الذي تصنعه أنت يكون من خلال قرارك. برنامج علماني آخر يدعى The Real يقول الضيوف فيه أن كسر اللعنات المتوارثة عبر الأجيال يكون عن طريق الوعي بذلك ثم اتخاذ القرار بعدم الخوف ثم التغيير. إن اشتراك الوثيون والعلمانيون مع الكاريزماتيون في التعليم بـ "اللعنات المتوارثة عبر الأجيال" كفيل بإخبارنا شيئًا عن أصل ذلك التعليم.

لماذا نجد هذه الفكرة شائعة؟

وهذا الاعتقاد يبدو أنه اعتقادًا شائعًا جدًا. فنسبة مشاهدة الفيديوهات التي تخبرك كيف تَكْسِرُ اللعنات هي بالآلاف باللغة العربية، وبمئات الآلاف بل وبالملايين باللغة الإنجليزية. ويكفي أن تقوم بعمل بحث في السوشيال ميديا بإدخال مصطلح "اللعنات المتوارثة" في محرك البحث لِتُفَاجَيء بكم من المنشورات لا حصر له تدعم هذا الأمر.

والأسباب لشيوع مثل هذا الفكر يمكن أن تكون كثيرة. مثل أن البعض يستخدمها لإلقاء اللوم على الآخرين. ولا سيما إن كان الأمر متعلق بخطية نرتكبها ونريد أن نلقي باللوم على الآباء. وهنا يصبح الأمر محاولة للتنصل من المسؤولية. وإن كانت متعلقة بمرض أو فقر، فإن البعض يرى أن هناك طريقة ما، أو قل وصفة ما، لكسر هذه اللعنة ومن ثم التخلص من الضيقات الجسدية أو المادية. وهذا، فضلاً عن كونه نوع من التنمية البشرية التي تضع القدرة والسلطان في يد الإنسان لتغيير أمورًا خطيرة مثل الخطية والضيقات المادية، فهو يعد أيضًا تمردًا على سلطان الله. ففي الحالة الأولى، أي الخطية، يتم محاولة التصالح مع الخطايا بإلقاء اللوم على الآخرين. بينما لا يريدنا الرب أن نتصالح مع خطاينا ولكن نتركها. بنيما في الحالة الثانية، كالصعوبات المادية، لا يريدون التصالح معها باعتبارها مشيئة الله، بل التمرد على سلطان الله. يكمن خلف التعليم باللعنات المتوارثة أيضًا تفيسرًا خاطئًا لبعض نصوص الكتاب خاصة (خروج ٢٠ : ٣ – ٥ ). الغريب أننا لا نسمعهم ينقاشون كيف يمكن تفسير هذا النص في ضوء نص آخر هام متعلق بنفس الموضوع في (حزقيال ١٨ : ٢ – ٤ ، ٢٠) كما سيأتي الذكر.

هل التعليم بوجود لعنات عابرة للأجيال تَسَبَّبَ بها الآباء يجانب الصواب تمامًا؟

كقاعدة عامة لا يوجد لعنات متوارثة عبر الأجيال كما سنرى. إلا أن الكتاب المقدس يعلّم بوجود بعض الحالات التي أنزل فيها الرب دينونات مباشرة على بعض الأفراد وعائلاتهم. مثل الدينونة التي جاءت على جيحزي بواسطة أليشع "فبرص نعمان يلصق بك وبنسلك إلى الأبد. فخرج من أمامه أبرص كالثلج" (٢ مل ٥ : ٢٧). ومثل التأديب الذي جاء على عالي الكاهن "هوذا تأتي أيام أقطع فيها ذراعك وذراع بيت أبيك حتى لا يكون شيخ في بيتك. وترى ضيق المسكن في كل ما يُحسن به إلى إسرائيل، ولا يكون شيخ في بيتك كل الأيام، وجميع ذريتك يموتون شبانًا" (١ صم ٢ : ٣٠ – ٣٤). وأخيرًا كالتأديب الذي جاء على داود أيضًا "والآن لا يفارق السيف بيتك إلى الأبد، لأنك احتقرتني، وأخذت امرأة أوريا الحثي لتكون لك امرأة" (٢ صم ١٢ : ١٠).

إن الحالات السابقة حالات خاصة ولا نستطيع تعمميها في ضوء ما قاله الرب يسوع عن المولود أعمى "لا هذا أخطأ ولا أبواه، لكن لتظهر أعمال الله فيه" (يو ٩ : ٣). إن الرب يسوع المسيح ينفي هنا وجود علاقة مباشرة بين الضيقات الجسدية والمادية وبين الخطايا التي يرتكبها الإنسان أو بين التي يرتبكها آباءه.

فضلاً عن ذلك، هناك حقًا آثار وعواقب نتحملها لكوننا جزءًا من عائلة أو قرية أو بلد لكنها ليست لعنات متوارثة عبر الأجيال بسبب خطايا الآباء. على سبيل المثال فإن الجيل الذي وُلِد في السبي تحمل تبعات أو آثار الدينونة التي جاءت على آباءهم: "في تلك الأيام لا يقولون بعد: الآباء أكلوا حصرمًا، وأسنان الآباء ضرست" (إر ٣١ : ٢٩). يقول مكارثر أن "هذا مثل قيل بواسطة الأبناء الذين وُلدوا في السبي ليعبروا عن أنهم حصدوا نتائج خطايا آبائهم وليس خطاياهم هم". إلا أنه يظل أن من وُلِدوا في السبي بسبب خطايا آبائهم سيشهدوا العودة إلى أرض الموعد نظرًا لتوبتهم وعدم تكرار خطايا آبائهم طبقًا لعهدهم مع الرب "متى أتت عليك كل هذه الأمور، البركة واللعنة، اللتان جعلتهما قدامك، فإن رددت في قلبك بين جميع الأمم الذين طرك الرب إلهك إليهم، ورجعت إلى الرب إلهك، وسمعت لصوته حسب كل ما أوصيك به اليوم، أنت وبنوك، بكل قلبك وبكل نفسك، يرد الرب إلهك سبيك ويرحمك، ويعود يجمعك من جميع الشعوب الذين بددك إليهم الرب إلهك" (تث ٣٠ : ١ – ٣). هل لاحظت أن الشرط الموجود "إن رجعت إلى الرب إلهك"؟ إن دينونات الله دائمًا مشروطة بعدم التوبة. لهذا السبب لم تنقلب نينوى لأن أهلها تابوا بمناداة يونان. ولهذا السبب أيضًا جاءت الدينونة على الأمم الكنعانية (تك ١٥ : ١٦).

أما بخصوص ما يدعيه الكاريزماتيون مثلاً حول كون أشياء الانتحار أو ادمان المخدرات أو المسكرات أو الزنا أو التهور أو التخاذل، سببها لعنات متوارثة بسبب خطايا الآباء، فهو غير صحيح. لكن محتمل جدًا أن سببها التأثر بذلك كنموذج سلوكي شائع في العائلة ومن ثم اتباعه واختياره من قبل بعض أفراد العائلة. إن من يرى أبيه يزني أو يسكر أو ينتحر من المحتمل أنه سيفعل نفس الشيء لكون الأب نموذجًا سلوكيًا.

اللعنة الوحيدة المتوارثة هي الخطية الأصلية

إن وُجِدَ شيء من الصحة في الادعاء بانتقال لعنات متوارثة عبر الأجيال فهو لعنة الخطية الأصلية. يقول بولس "من أجل ذلك كما بإنسان واحد دخلت الخطية إلى العالم، وبالخطية الموت، وهكذا اجتاز الموت إلى جميع الناس، إذ أخطأ الجميع" (رو ٥ : ١٢). لقد ورث الإنسان كل من ذنب آدم وطبيعته الفاسدة إثر السقوط. فصار فاسدًا فسادًا جذريًا. لهذا يعلّم الرب يسوع المسيح بأن الخطية لا تأتينا من الخارج، أو بسبب أفعال الآخرين، بل "من الداخل، من قلوب الناس، تخرج الأفكار الشريرة: زنى، فسق، قتل، سرقة، طمع، خبث، مكر، عهارة، عين شريرة، تجديف، كبرياء، جهل. جميع هذه الشرور تخرج من الداخل وتنجس الإنسان" (مر ٧ : ٢١ – ٢٣). إنه يوجد نبع فاسد داخل كل إنسان يجد جذوره في تلك الفعلة المشينة التي فعلها أبينا آدم في جنة عدن. إلا أنه بسقوط آدم وطرده من جنة عدن انتهت صفته النيابية لجيمع البشر وأصبح يمثل نفسه فقط. وهذا ينقلنا إلى النقطة التالية وهي أخطر ما في الموضوع!

الادعاء بأن المسيحي الحقيقي يمكن أن يكون وارث للعنات من الأجداد هو طعن في الإنجيل نفسه

إن القول أن المسيحي الحقيقي يمكن أن يكون وارثًا للعنات، أيًا كانت المشكلة خطية أو ضيقة مادية، هو طعن في جوهر الإنجيل. إن كان المسيحي واقعًا تحت لعنات متوارثة فماذا أنجز المسيح إذًا بفداؤه لنا؟ ولكن نشكر الله لأن الكتاب المقدس يعلِّم بعكس ذلك: "المسيح افتدانا من لعنة الناموس، إذ صار لعنة لاجلنا، لأنه مكتوب: ملعون كل من عُلِّقَ على خشبة" (غل ٣ : ١٣). إن المسيح افتدانا من لعنة السقوط التي تسبب بها آدم، ومن لعنة الناموس التي نجلبها نحن أيضًا على أنفسنا بخطايانا المستمرة. ارتباطنا بشخص المسيح كآدم الأخير، الإنسان الثاني، قطع كل ارتباط لنا بآدم الأول واللعنة التي تسبب بها. المسيحي لم يعد تحت أي لعنة لأن المسيح تحمل من أجلنا جميع اللعنات.

وإن تسلطت الخطية على المسيحي، مثل ادمان الخمور أو المخدرات أو الزنا، فهذا يعني أنه ليس مسيحيًا. فالمسيح تحمل عنا لعنة الخطية الأصلية (وراثة الفساد الجذري) مُجَدِّدًا إيانا بالولادة الثانية. المسيح لم يعطنا بره فقط، بل قداسته أيضًا. تمامًا مثلما تعطنا الشمس نورها وحرراتها. لا أحد يستطيع أن يدعي بأنه نال غفرانًا للخطايا دون أن يكون نال تجديدًا. قد يأخذ التجديد بعض الوقت لكن لابد من حدوثه. والادعاء بأن المسيحي يمكن أن يكون وارثًا للعنة الفقر المادي أو العقم أو عدم الارتباط أو المرض الجسدي أو النفسي هو شكل من أشكال التمرد المستتر على سلطان الله. ذلك لأن هذا الادعاء يقال في سياقات إنجيل الرخاء الكاريزماتية التي تفترض أن المسيح أزال عنا الفقر والمرض، وأنك كمسيحي قادر على التخلص من هذه اللعنات من خلال وصفات أو طرق معينة كانتهار الأرواح. إن الحل يكمن في التصالح مع مشيئة الله وليس بالتمرد عليها. وفي إدراكنا بأن المسيح سيزيل حقًا الألم والفقر ولكن ليس الآن بل عند التمجيد.

ماذا عن (خر ٢٠ : ٣ – ٥ )؟

هذا هو النص المفضل لدى دعاة اللعنات المتوارثة عبر الأجيال. لكنه حتمًا يُساء تفسيره، ليس فقط لأنه يتعارض مع الحق الكتابي العام بأن المسيح افتدانا من لعنة السقوط والناموس، بل أيضًا يتعارض والسياق المباشر. نقرأ في هذا النص: "لا يكن لك آلهة أخرى أمامي. لا تصنع لك تمثالاً منحوتًا، ولا صورة ممن في السماء من فوق، وما في الأرض من تحت، وما في الماء من تحت الأرض. لا تسجد لهن ولا تعبدهن، لأني أنا الرب إلهك إله غيور، أفتقد ذنوب الآباء في الأبناء، في الجيل الثالث والرابع من مبغضيَّ" (خروج ٢٠ : ٣ – ٥ ).

إن هذا النص لا يشير إلى اللعنات المتوارثة عبر الأجيال طبقًا للمعنى الذي يقصده الكاريزماتيون، بل يشير إلى لعنات تأتي على من يبغضون الله ومستمرون في نفس خطايا آبائهم. لاحظ القول "مبغضيَّ". أي أن تلك الأجيال هي أجيال عاصية تبغض الرب ولم تتخلى عن خطايا آبائهم. فهم ليسوا أبرياء وآبائهم مذنبون. بل هم وآبائهم مذنبون بنفس القدر، بل وربما أكثر، بنفس الخطايا. كما أننا ينبغي أن نلاحظ هنا أن سياق هذا النص هو اعطاء الناموس، والناموس هو الذي يُنزل اللعنة على من يكسر وصاياه (غل ٣ : ١٠). وقد جاء التحذير بخصوص تلك اللعنات بعد أول وصية عن عبادة الرب وحده وعدم السجود لآلهة أخرى. هذه اللعنات التي نص عليها الناموس تزول بمجرد توبة أحد الأجيال. وهذا ما قلناه سابقًا أن دينونة الله دائمًا مشروطة بعدم التوبة تمامًا مثل كون البركة مشروطة بالطاعة والرجوع إلى الرب.

إن عدم كتابية ما يُسمى باللعنات المتوارثة عبر الأجيال يتأكد لنا من النص الآخر في (حزقيال ١٨ : ٢ – ٤ ، ٢٠) والذي لا نسمع أصحاب الادعاء باللعنات المتوارثة يتعرضون له أو يحاولوا مصالحته أو تفسيره في ضوء (خروج ٢٠ : ٣ – ٥ ). يقول حزقيال: "ما لكم أنتم تضربون هذا المثل على أرض إسرائيل، قائلين: الآباء أكلوا الحصرم، وأسنان الأبناء ضرست؟ حيٌ أنا، يقول السيد الرب، لا يكون لكم من بعد أن تضربوا هذا المثل في إسرائيل. ها كل النفوس هي لي. نفس الأب كنفس الابن، كلاهما لي. النفس التي تخطيء هي تموت ... النفس التي تخطيء هي تموت. الابن لا يحمل من إثم الأب، والأب لا يحمل من إثم الابن. بر البار يكون عليه، وشر الشرير يكون عليه" (حز ١٨ : ٢ – ٤ ، ٢٠). إن ما يقوله الرب هنا على فم حزقيال يعني أن كل شخص يتحمل مسؤولية أفعاله فقط. صحيح أن هناك بعض العواقب أو الآثار المترتبة على الوجود في أسرة معينة، إلا أنها تكون بسبب النماذج السيئة التي يتم محاكاتها. وصحيح أن الجيل الذي وُلِدَ في السبي تحمل عواقب خطايا آبائهم، إلا أنهم عادوا إلى أرض الموعد بمجرد توبتهم. وعلى فرض أنهم لم يرجعوا إلى الرب، فإن هذا يعني استمرارهم في خطايا آبائهم وبالتالي بقائهم في السبي. لكن نعمة الله وحفظه للعهد مع إبراهيم كانا أقوى من كل ذلك. وتظل القاعدة العامة صحيحة، أن كل شخص يتحمل عقاب خطاياه فقط، ولا يتحمل خطايا آباءه. إن الله لا يعاقب الأبناء على خطايا آبائهم إلا إن استمروا فيها فملأوا مكيال آبائهم (مت ٢٣ : ٣٢).

ختامًا

إن هناك بعض الأسئلة تثور حول هذا الادعاء غير الكتابي بانتقال اللعنات عبر الأجيال. إن كان يمكن كسر اللعنات لماذا لا يقول لنا إذًا من يعلمون بذلك كيف يمكن إعادة شاب ميت أو منتحر إلى الحياة؟ كيف يكسرون لعنة الأمراض المزمنة المتوارثة كالضغط والسكر والكوليسترول والقلب؟ ثم هل توارث اللعنات يعني أيضًا توارث البركات؟ وإلا فلماذا تكون اللعنات فقط هي التي يتم توارثها؟ بمعنى، إن كان الآباء أبرارًا أو أتقياء وكفائهم الرب على ذلك، ثم جاء الأبناء أشرارًا، هل يرثون البركات المادية رغمًا عن شرورهم، بما أن قانون الوراثة يعمل في كل الحالات؟ أخيرًا ألا يستحضر هذا في أذهاننا العهد العتيق بما له من بركات مادية ولعنات مادية؟ أليس الادعاء إذًا بوجود لعنات متوارثة محاولة مستترة لإرجاع ساعة التاريخ الفدائي إلى الوراء والتنكر للإنجيل؟

بناء على كل ما سبق، إذًأ، فإن الادعاء بوجود لعنات متوارثة عبر الأجيال هو أكذوبة كاريزماتية معاصرة، وإن وُجِدَ بعض الصحة فيه فيما يتعلق بأعمال العناية والخلاص الإلهيين.



تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

لماذا قام المسيح في اليوم الثالث بالذات؟

هل حقا تغير الصلاة مشيئة الله؟

أربعة أعمدة في رحلة قديس