المشاركات

عرض المشاركات من ديسمبر, ٢٠٢٠

هل يليق بنا كبروتستانت أن نستعمل مصطلح "والدة الإله"؟

تعودنا، كبروتستانت، أن نسمع الكثيرون بيننا يعلنون رفضهم القاطع لمصطلح ثيؤطوكوس، أي والدة الإله، والذي اِسْتُخْدَمَ في القرن الرابع للدفاع عن اتحاد الطبيعتان في المسيح منذ لحظة الحمل به. لكن الرفض البروتستانتي لهذا المصطلح غير مُبَرَّر. وإن كان هناك من منظور ما أسبابًا تجعلنا نتفهم الرفض، ألا وهي تلك الكرامات التي من الممكن أن يوحي بها ذلك المصطلح والتي نُسِبَت إلى العذراء بدءً من القرن الخامس حتى صارت مريم على قدم المساواة مع شخص المسيح نفسه. إلا أن الأمر لم يكن هكذا منذ الوقت الذي دافعت فيه الكنيسة عن هذا المصطلح. بل ولم يكن هذا المصطح قد صيغ لإكرام العذراء أو للدفاع عنها هي بصورة أساسية. الأمجاد والكرامات التي ينسبها الطقسيون لمريم، كما أشرنا، جاءت لاحقًا. لكن المشكلة في القرن الرابع كانت إصرار النساطرة أنه لا يجوز القول أن مَنْ وُلِدَ من العذراء هو الله، بل المسيح كإنسان. للرد على نسطور وأتباعه، كان لدى الكنيسة عدة إختيارات للتعبير عن إتحاد الطبيعتان في شخص المسيح منذ لحظة الحمل به: ١ - ثيؤطوكوس (والدة الإله)، ٢ - كريستوطوكوس (والدة المسيح)، ٣ - أنثروبوطوكوس (والدة الإنسان). من قالو

لماذا تسجل الأناجيل معجزات المسيح؟

ليس الغرض الوحيد لمعجزات المسيح هو إثبات حقيقته المسيانية كما علّم يوحنا "لتؤمنوا أن يسوع هو المسيح ابن الله" (يو 20 : 31). بل هناك، على الأقل، غرض آخر للمعجزات يمكن أن نسميه الربط بين المادي والروحي. أو التصعيد من الزمني إلى الأبدي. إن المعجزات كانت علامة أو إشارة إلى حقيقة أعظم: أن من يستطيع شفاء الجسد، أو تسديد الحاجة المادية، يستطيع أن يشفي الروح، ويستطيع تقديم الشبع الروحي (مت 9 : 6). فالذي له سلطان على الطبيعة المادية، له سلطان أيضًا على عالم الروح. لا يوجد شيء غير خاضع له. معجزات المسيح، من منظور ما، تشير إلى عمل تكاملي شامل للنعمة holistic . لهذا يرى بعض الشراح أن من شفوا جسديًا بواسطة المسيح خلصوا أيضًا روحيًا. وهذا ليس بأي حال من الأحوال تأييد لإنجيل الرخاء. المسيح يقدم فعلاً خلاصًا شاملاً للروح والجسد. ولكن خلاص الجسد مؤجل إلى وقت مجيئه. وإن لم يكن كل الذين شفاهم المسيح جسديًا شفاهم أيضًا روحيًا، تظل هذه الحقيقة باقية وغير متأثرة: أن المعجزات تربط الخلاص الزمني بالخلاص الأبدي. خلاص الجسد بخلاص الروح. لقد كانت، بصورة جوهرية، للفت الأنظار إلى حقيقة الخلاص من سلطان ال

هل الكتاب المقدس يصادق على كل شيء يسجله؟

بكلمات أخرى، هل النصوص الواردة بها لعنات في المزامير هي مشاعر شريرة لا تليق أن تصدر من داود؟ هل كلام أيوب وأصدقاؤه، مجادلاتهم اللاهوتية فيما بينهم، صحيحة لاهوتيًا؟ هل اقتباس بولس لأشعار الفلاسفة يعني أن الفلسفة كلها صحيحة لاهوتيًا (الفلاسفة كانوا شعراء في نفس الوقت)؟ هذه الأسئلة وأخرى مشابهة لها تثور حول هذه القضية. والإجابة على هذا السؤال هي بالنفي. لا، الكتاب المقدس لا يصادق على كل شيء يسجله. ولكن، كل شيء مسجل فيه هو وحي لفظي معصوم نافع للتعليم والتوبيخ للتقويم والتأديب لكي يكون إنسان الله كاملاً متأهبًا لكل عمل صالح. على سبيل المثال، الكتاب المقدس لا يصادق على القول "ليس إله" لأن قائله جاهل كما نفهم من القرينة المباشرة. ولا يصادق على طلب إيليا الموت لنفسه لأن هذه لم تكن مشيئة الله كما نفهم من مغزى الأحداث فضلاً عن أنها مقولة ليست من الإيمان. ويصادق جزئيًا على لوم آدم لامرأته، أي أن حواء مسؤولة فعلاً (فقال الرب الإله للمرأة: ما هذا الذي فعلتِ تك 3 : 13)، رغم أن المسؤولية الرئيسية تقع على عاتق آدم. ويصادق كليًا على نبوة قيافا عن المسيح "خير أن يموت إنسان واحد عن الشعب&q

من هو عمانوئيل؟

ثمة اعتراضان يوجهان إلى نبوة إشعياء؛ حول هوية عمانوئيل من ناحية، وحول الميلاد العذراوي من ناحية أخرى. بالنسبة للأول، يقول بعض الباحثون أن عمانوئيل في إشعياء ٧ : ١٤ ليس يسوع المسيح لكن ابن إشعياء، ماهير شلال حاش بز. وإلا فما معنى أن يَعد الرب بخلاصًا لآحاز الملك، في شخص عمانوئيل (والمفترض أنه ابن إشعياء)؟ بالنسبة للثاني، يعترض البعض على الميلاد العذراوي بحجة أن المصطلح المستعمل بواسطة إشعياء ٧ : ١٤ "عَلْمَه" لا يعني عذراء لم تتزوج، بل فتاة. والاعتراضان مرتبطان ببعضهما البعض. فإن كان عمانوئيل هو ابن إشعياء، إذًا، فلا حاجة للميلاد العذراوي. وإن كان مصطلح "عَلْمَه" لا يعني عذراء، فإن هذا بدوره يعني أن عمانوئيل ليس هو المسيح، بل ابن إشعياء المولود لأبويه. لكي نجيب عن هذان الاعتراضان نحتاج أولاً أن نفهم القليل عن الخلفية التاريخية لنبوة إشعياء عن عمانوئيل. الوعد بعمانوئيل، والذي أعطاه الرب لآحاز (إش ٧ : ١٤)، كان في ظل تحالف آرام (سوريا) وإسرائيل (المملكة الشمالية) ضد يهوذا (المملكة الجنوبية). استعانت مملكة يهوذا، ممثَّلة في ملكها آحاز، بآشور لصد هذا الهجوم من قِبل التحالف

هل أُصِيبَ يسوع بالاكتئاب؟

نسمع أحيانًا ادعاءات بأن يسوع عانى من أو أُصَيبَ بالاكتئاب. حتى أن بعض المواقع الإنجيلية المحافظة، ادعت ذلك. مثل موقع اشتهاء الله للواعظ الكتابي القدير جون بايبر. أو دار النشر الإنجيلية المحافظة Crossway . ولا شك أن من يقولون أن يسوع صارع مع الاكتئاب يفعلون ذلك بحسن نية، حتى يكون يسوع بالنسبة لهم مجرب في كل شيء مثلنا بلا خطية. كما أنه من المحتمل جدًا أن قولهم أن يسوع عانى من الاكتئاب جاء بدون فحص ذلك في ضوء الأعراض الإكلينيكة لهذا المرض. لكن الرب يسوع المسيح لم يعاني من كل ألم يعانيه الإنسان. وليس بالضرورة أن نقول ذلك لكي يكون مجرب في كل شيء مثلنا. إذ أن "كل شيء" قطعًا لا تفيد الحصر. وإلا فإن هذا يعني أن يسوع عانى مثلاً من الفصام أو الذهان. لقد اختبر يسوع آلامًا نفسية شديدة دون الحاجة للقول أنه اختبر أمراضًا نفسية أو عصبية تفقده السيطرة على نفسه أو الاتصال بالواقع. فقد اختبر الحزن حتى الموت "نفسي حزينة جدًا حتى الموت". لدرجة أن عرقه كان يتصبب دمًا. شتان الفرق بين القول أن يسوع اختبر الحزن العميق، وبين الإدعاء أنه عانى من الاكتئاب. إن تعبير "كل شيء" هنا ي

أين تجد عقائد مثل الهرمية الكهنوتية والخلافة الرسولية جذورها التاريخية؟

تعلّم الكنائس الطقسية بالهرمية الكهنوتية والخلافة الرسولية. على سبيل المثال، جاء في أحد الكتب الصادرة عن الكنيسة القبطية الأرثوذكسية: "ما هي الخلافة الرسولية في الفكر الأرثوذكسي؟ هي تتابع تسلسل الكهنوت في الكنيسة، مُنحدرًا من القديس الرسول مُؤسس الكنيسة". على أن ذلك الكهنوت الطقسي المنحدر من الرسل في حد ذاته يتألف من درجات كهنوتية وهي مرتبة صعودًا كالآتي: "الشماسية الأسقفية القسيسية". هذه التعاليم وإن كانت قديمة الجذور في التاريخ الكنسي إلا أنه لا أساس لها في العهد الجديد. يشرح المؤرخ الكنسي نيكولاس نيدهام الجذور التاريخية التي أدت إلى بلورة كل من الهرمية الكنهوتية والخلافة الرسولية. طبقًا لنيدهام، يمكننا أن نجد تلك الجذور التاريخية أولاً في إعلاء الأسقف فوق الشيوخ، رغم أن الشيخ هو نفسه الأسقف طبقًا لتعليم العهد الجديد. والسبب الذي جعل بعض رجال الكنيسة الأولى إعلاء أحد الشيوخ (كالأسقف) فوق باقي الشيوخ هو القضاء على الإنقسامات داخل الكنيسة. وأول من دعا إلى إعطاء الأسقف مكانة أولى على باقي الشيوخ والشمامسة لإرساء الوحدة في الكنائس هو إغناطيوس الأنطاكي (110 م.). يقو

علم النفس كديانة لعبادة الذات

يظن البعض أن تحفظنا على استعمال مصطلحات نفسية للحديث عن مفاهيم مسيحية مثل التقديس، ورفض بعض محتوى علم النفس، هو نوع من الأصولية من طرفنا. إلا أن هذا هو موقف كثيرون من علماء النفس منذ بضعة عقود مضت. الدكتور بول فيتز، عالم النفس بجامعة نيويورك، هو واحد من أوائل علماء النفس الذين هاجموا السيكولوجيا كفرع من العلم يخفي وراءه عبادة دينية علمانية يعبد فيها الإنسان ذاته. يقول الدكتور فيتز في كتابه "علم النفس كديانة: بدعة عبادة الذات": "كما يوحي العنوان، سوف يُحاجج [في هذا الكتاب] بأن علم النفس أصبح دينًا: عبادة علمانية للذات. وأعني بهذا أنه نظرة كونية يُتَمَسَّك بها بشدة، أي فلسفة حياة أو أيديولوجية. وبشكل أكثر تحديدًا، فإن علم النفس المعاصر هو شكل من أشكال الإنسانوية العلمانية القائمة على رفض الله وعبادة الذات". ثم يوضح عالم النفس الدكتور فيتز أهدافه التي سيسعى لإثباتها في الكتاب وهي كالآتي: "1. علم النفس كدين موجود، وهو موجود بقوة عبر الولايات المتحدة. 2. يمكن انتقاد علم النفس كدين لأسباب عديدة تمامًا وباستقلال عن الدين. 3. علم النفس كدين معادٍ للمسيحية بشدة. 4. علم