حق وما نعتقده عنه أم حق وباطل؟


كثيرًا ما نسمع الادعاء، والذي غالبًا ما يكون بواسطة غير الكتابيين، بأن هناك فرق بين الحق وما نعتقده عنه. ويُقال أيضًا بصيغ أخرى مثل أن هناك فرق بين العقيدة وتفسيرك لها. أو أن إدراكنا للحق دائمًا متغير ونسبي. وخطورة هذا الادعاء تكمن في أنه يقال في سياقات مثل الحديث عن تفسير الكتاب المقدس، والتعاليم الكتابية.

بينما فعلاً يظل الحق موضوعي غير متأثر بموقفنا منه، سواء قبولا أو رفضًا. إلا أن الادعاء السابق، بأشكاله المتنوعه، هو بمثابة القول بأن الحق نسبي، وذلك من خلال تَجَنُّب القول بأن هناك صواب وخطأ. بل حق ومعتقد عنه، أو عقيدة وتفسير لها. إنها في النهاية آراء أو محاولات أو اجتهادات صوب الحق. بناء على ذلك فأنت لا تستطيع القول أن لديك الحق، بل مجرد تفسير له. وهذه لاأدرية أن تقول أنه لا يوجد صواب وخطأ، بل حق ومعتقد عنه، أو عقيدة وتفسير لها.

إلا أن هذا الادعاء غير صحيح. فهناك حق وباطل. خطأ وصواب. وليس حق ومعتقد، أو عقيدة وتفسير لها. ما أعتقده أنا عن الحق، إما أن يكون الحق نفسه، أو إما أن يكون باطل. وتفسيري للعقيدة إما أن يكون صواب أو خطأ. ليس هناك حل وسط بين الحق والباطل وبين الصواب والخطأ. الحق لا يمكن أن يتنوع إلى آراء مختلفة. وتغييري لعقيدتي لا يعني، أن فهمي للحق نسبي ومتغير، بل يعني، أني تحولت من الصواب للخطأ أو من الخطأ للصواب أو من خطأ لخطأ آخر.

إن الحق هو مطابقة الواقع. إن كان ما نعتقده مطابقًا للواقع فهذا هو الحق. وإن لم يكن ما نعتقده مطابقًا للواقع، فهو باطل أو خطأ. فإما أن أعتنق الحق أو أعتنق الباطل. إما أن أكون على صواب أو على خطأ.

فضلاً عن ذلك، القول أن هناك فرق بين الحق وما نعتقده عنه يثير السؤال المنطقي: هل هذا الادعاء (بوجود فرق بين الحق واعتقادنا عنه) في حد ذاته حق أم معتقد؟ طبعًا قائل هذا الادعاء يفترض أنه حق وليس معتقد وإلا ما قاله. وبالتالي فالحق غير نسبي. ولا يستطيع اخيتار الإجابة الثانية بأن ادعاءه مجرد اعتقاد لأنه حينها سيكون ملزمًا له فقط.

إذًأ، فالادعاء بأن هناك فرق بين الحق وما نعتقده عنه، أو أن هناك فرق بين العقيدة وتفسيرنا لها، هو ادعاء باللاأدرية، ونسبية الحق، ويتجنب القول أن هناك حق وباطل، وصواب وخطأ.

"إِنْ كَانَ أَحَدٌ يُعَلِّمُ تَعْلِيمًا آخَرَ، وَلَا يُوافِقُ كَلِمَاتِ رَبِّنَا يَسُوعَ ٱلْمَسِيحِ ٱلصَّحِيحَةَ، وَٱلتَّعْلِيمَ ٱلَّذِي هُوَ حَسَبَ ٱلتَّقْوَى، فَقَدْ تَصَلَّفَ، وَهُوَ لَا يَفْهَمُ شَيْئًا، بَلْ هُوَ مُتَعَلِّلٌ بِمُبَاحَثَاتٍ وَمُمَاحَكَاتِ ٱلْكَلَامِ، ٱلَّتِي مِنْهَا يَحْصُلُ ٱلْحَسَدُ وَٱلْخِصَامُ وَٱلِٱفْتِرَاءُ وَٱلظُّنُونُ ٱلرَّدِيَّةُ" (١ تي ٦ : ٣ – ٤)

"تَمَسَّكْ بِصُورَةِ ٱلْكَلَامِ ٱلصَّحِيحِ ٱلَّذِي سَمِعْتَهُ مِنِّي، فِي ٱلْإِيمَانِ وَٱلْمَحَبَّةِ ٱلَّتِي فِي ٱلْمَسِيحِ يَسُوعَ" (٢ تي ١ : ١٣)

لِأَنَّهُ سَيَكُونُ وَقْتٌ لَا يَحْتَمِلُونَ فِيهِ ٱلتَّعْلِيمَ ٱلصَّحِيحَ، بَلْ حَسَبَ شَهَوَاتِهِمُ ٱلْخَاصَّةِ يَجْمَعُونَ لَهُمْ مُعَلِّمِينَ مُسْتَحِكَّةً مَسَامِعُهُمْ" (٢ تي ٤ : ٣).

"مُلَازِمًا لِلْكَلِمَةِ ٱلصَّادِقَةِ ٱلَّتِي بِحَسَبِ ٱلتَّعْلِيمِ، لِكَيْ يَكُونَ قَادِرًا أَنْ يَعِظَ بِٱلتَّعْلِيمِ ٱلصَّحِيحِ وَيُوَبِّخَ ٱلْمُنَاقِضِينَ. فَإِنَّهُ يُوجَدُ كَثِيرُونَ مُتَمَرِّدِينَ يَتَكَلَّمُونَ بِٱلْبَاطِلِ، وَيَخْدَعُونَ ٱلْعُقُولَ" (تيطس ١ : ٩)

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

لماذا قام المسيح في اليوم الثالث بالذات؟

هل حقا تغير الصلاة مشيئة الله؟

أربعة أعمدة في رحلة قديس