هل كون كلمات المسيح الأصلية كانت باللغة الآرامية يؤدي إلى مشكلة في مصداقية الأناجيل؟


هناك قول نسمعه كثيرًا بأنه ليس لدينا كلمات المسيح الأصلية لأنه تحدث بالآرامية بينما دُوِّنَ العهد الجديد باليونانية. وهذا حق لكن يُراد به باطل.

شتان الفرق بين القول ماذا قال المسيح بالضبط، وماذا كانت كلمات المسيح المستعملة في اللغة الآرامية.

طبعًا أن تقول أنه من المستحيل أن نعرف ماذا قال المسيح بالضبط هو اتهام للروح القدس بعدم قدرته على توصيل ما قاله المسيح بالضبط حتى بعد ترجمتها إلى لغة أخرى.

ليس لدينا الكلمات الآرامية ذاتها، لكن لدينا ترجمة يونانية لها أشرف عليها الروح القدس نفسه. ليس لدينا الكلمات الآرامية، لكن لدينا الكلمات التي قصدها روح الله الأقدس بالضبط. ونستطيع أن نتيقن أن أقنوم الروح القدس لن يسيء اقتباس أقنوم الابن أو ينقل شيء غير الحقيقة.

الروح القدس لن يعجز حتى في ظل الترجمة من الآرامي لليوناني بتوصيل ما قاله المسيح لنا بدقة. ففي نهاية المطاف، ترجم الروح القدس الحقائق الأزلية عن الله إلى لغة بشرية نستطيع أن نفهمها accommodation ، أي قام بالترجمة من اللامحدود إلى المحدود، فلن يستعصي عليه ترجمة من الآرامي إلى اليوناني دون الإخلال بدقة المعاني التي استعملها المسيح.

سواء لدينا الكلمات الأصلية الآرامية، أو ترجمة لها، لدينا في النهاية وحي لفظي معصوم ودقيق لما قصد المسيح قوله.

أخيرًا، الإختلافات بين الأناجيل مرجعها معالجة نفس الحقائق المتعلقة بحياة وتعاليم المسيح من زوايا مختلفة تدعم هدف كل بشير على حدة. وليس أن كتبة الأناجيل احتاروا في الترجمة أو لم تكن لديهم كلمات المسيح بالضبط. المثال على ذلك هو أنه في الكثير من الأحيان لم تكن اقتباسات كتبة العهد الجديد لكتابات العهد القديم حرفية، بل هناك اختلافات (وليس تناقضات) لإبراز جوانب معينة من الحق لإقاء الضوء عليها طبقًا لما يخدم غرض الكاتب.

ينبغي التعامل مع الاختلافات بين الأناجيل مثل التعامل مع ما يذكره أو يغفله كل كاتب منهم. وإلا لكانت النتيجة المنطقية لذلك هو أن ذِكْر أحد البشريين لأمر أغفله بشير آخر يعني أننا لا نستطيع التأكد إذا كانت حدثت أم لا. لكن ذِكْرْ أمر بعينه بواسطة أحد البشيرين، وفي نفس الوقت إغفاله بواسطة بشير آخر، يعني أن هناك غرض معين من ذِكْرُهُ.

إِذْ كَانَ كَثِيرُونَ قَدْ أَخَذُوا بِتَأْلِيفِ قِصَّةٍ فِي ٱلْأُمُورِ ٱلْمُتَيَقَّنَةِ عِنْدَنَا، كَمَا سَلَّمَهَا إِلَيْنَا ٱلَّذِينَ كَانُوا مُنْذُ ٱلْبَدْءِ مُعَايِنِينَ وَخُدَّامًا لِلْكَلِمَةِ، رَأَيْتُ أَنَا أَيْضًا إِذْ قَدْ تَتَبَّعْتُ كُلَّ شَيْءٍ مِنَ ٱلْأَوَّلِ بِتَدْقِيقٍ، أَنْ أَكْتُبَ عَلَى ٱلتَّوَالِي إِلَيْكَ أَيُّهَا ٱلْعَزِيزُ ثَاوُفِيلُسُ، لِتَعْرِفَ صِحَّةَ ٱلْكَلَامِ ٱلَّذِي عُلِّمْتَ بِهِ.
(لوقا ١ : ١)

وَأَمَّا ٱلْمُعَزِّي، ٱلرُّوحُ ٱلْقُدُسُ، ٱلَّذِي سَيُرْسِلُهُ ٱلْآبُ بِٱسْمِي، فَهُوَ يُعَلِّمُكُمْ كُلَّ شَيْءٍ، وَيُذَكِّرُكُمْ بِكُلِّ مَا قُلْتُهُ لَكُمْ.
(يوحنا ١٤ : ٢٦)

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

لماذا قام المسيح في اليوم الثالث بالذات؟

هل حقا تغير الصلاة مشيئة الله؟

أربعة أعمدة في رحلة قديس