تيم كيلر لا يعرف إن كان هناك باب سري للخلاص لغير المسيحيين

شمولية الخلاص لدى تيم كيلر

كلمات كيلر الآتية (أنظ الفيديو بالأسفل) جاءت في حواره مع الصحفي مارتن بشير من قناة NBC . وكلمات كيلر مفعمة بالغموض والمواربة والشمولية والكثير من المحاولات التي يبدو أنه يتجنب فيها ذكر مصطلحات لاهوتية بعينها. سأضع تعليقي بعد نهاية كل إجابة لكيلر.

يبدأ بشير سؤاله للقس تيم كيلر قائلاً: "هل تؤمن بأنه يوجد إله واحد فقط، وأنه يوجد طريق واحد فقط للوصول إلى هذا الإله؟".

يجيب كيلر على هذا السؤال مترددًا: "نعم، لو. تمام؟ نعم، لو. أنا أجيب بصفتي مسيحيًا هنا. إن كان يسوع المسيح هو فعلاً ما يقوله عن نفسه. أي، إذا كان هو ابن الله من السماء، إذا كان فعلاً قد قام من الموت جسديًا، وإن كان خالقنا الأصلي، إن كان كل ذلك صحيح، فهذا ما يقوله (عن نفسه)، إذًا، فبالطبع ليس هناك سوى طريق واحد إلى الله. لأن نفوسنا تحتاج إليه، أو إما أنها ستذبل أبديًأ. تمامًا مثلما يحتاج جسدك إلى الطعام أو إما أنه سيذبل. وحقيقة أن جسدي يحتاج إلى طعام وإلا سيذبل، ليست ضيق أفق، ولكنه الواقع. إن كان يسوع حقًا هو ما يقوله عن نفسه، سيكون على نفوسنا الحصول عليه، حتى تكون مُشْبَعَة أبديًا، ومزدهرة. وإن لم نحصل عليه سنذبل أبديًا. لهذا، أن تقول، أن هذا يبدو تعصب أن تنادي بطريق واحد فقط إلى الله، في حقيقة الأمر إن هذا الاعتراض يناقض إمكانية أن يكون يسوع ما يقوله عن نفسه. إن كان يسوع هو حقًا ما يقوله عن نفسه، إذًا، فليس أمامنا خيار سوى أن نؤكد ذلك (أنه لا يوجد سوى طريق واحد إلى الله). إن لم يكن يسوع فعلاً ما يقوله عن نفسه، إذًا، فهو تعصب أن تنادي بأنه لا يوجد سوى طريق واحد إلى الله. لهذا، وفي الأساس، عليك أن تجلس لتسأل نفسك سؤالاً بخصوص الحقائق حول حياة يسوع، ولا تقل أنك لا تريد أن تنظر حتى إلا يسوع، أو لا تريد مجرد سماع ادعاءات المسيحية لأنها تبدو حصرية جدًا".

إن إجابة كيلر السابقة، رغم أنها تبدو كتابية من الوهلة الأولى، إلا أنها تتسم بالكثير من التردد والشكوكية والافتراضية "إن كان يسوع حقًا ما يقوله عن نفسه ...". إنه لا يتكلم عن المسيح على أنه الحق، بل على افتراض أنه كذلك. وفضلاً عن أنه يتجنب الإشارة إلى "الجحيم" حرفيًا، فهو يشير إليه باعتباره ذبول يحدث كنتيجة طبيعية للحرمان من الطعام الذي هو المسيح. إن في هذا جانب من الحقيقة، إلا أنها ليست الصورة بأكملها. فهذه الصورة لا تتسق مع الصورة التي يرسمها الكتاب المقدس عن الله كقاضٍ سيدين الأشرار على شرورهم في النهاية وسيحكم عليهم بالعقاب الأبدي.

ومع ذلك، فالأسئلة الملحة والمحرجة التي سألها بشير لاحقًا أخرجت كيلر عن صوابه اللاهوتي. يسأل بشير:"كيف إذًا ينصرف هذا الكلام على ملايين المسلمين والسيخ واليهود؟ هل هم مع الأسف موهومون تمامًا؟". وما إن يبدأ كيلر في الإجابة قائلاً: "الناس الذين لم يسمعوا أبدًا عن يسوع ..." يسارع بشير بمقاطعته سائلاً: "أنا لا أتكلم عن هؤلاء. لأن بعض هؤلاء الناس سمعوا بالفعل عنه. أنا أتكلم عن ملايين المسلمين والسيخ واليهود الذين سمعوا عن يسوع، ما هو مصيرهم طبقًا لطرحك؟".

يجيب كيلر: "أين مكانهم الآن ... إن لم يكن هناك أي تغيير، فإنهم لم يحصلوا على يسوع. إن كان هو فعلاً ما يقوله عن نفسه، إذًأ، على المدى الطويل، فإنه ليس لديهم الله. من الناحية الأخرى، كل ما أستطيع قوله عن ذلك هو، كخادم معي الكتاب المقدس، إن الله يعطيني المعلومات التي أحتاج أن أعرفها الآن فقط. وبناء على أني أُعْطِيت المعلومات التي أحتاجها الآن، هذا هو كل ما أستطيع اخبارك به، إن لم تحصل على يسوع المسيح، الذي خلقك، إن لم تتحد معه في وقت ما، لن يوجد مستقبل من الازدهار ... إن مات شخص ولم يحصل على يسوع؟ لا أعلم! بكلمات أخرى، فإن ما أعرفه الآن فقط هو ما أحتاج أن أعرفه. هذا فقط كل ما أعرفه: أنت تحتاج إلى يسوع. أنا أعلم بكل تأكيد أن الله أكثر حكمة ورحمة مني. وأعرف أيضًا أنه عندما سأكتشف في النهاية كيف يتعامل الله مع كل نفس لن يكون لديّ أسئلة حول ذلك".

إن كيلر لم يستعمل كلمة "إيمان" في إجابته ولو مرة واحدة. بل يقول "إن لم يكن هناك تغيير، فإنهم لم يحصلوا على يسوع". إنه يجعل التغيير هو المعيار لكون الإنسان مسيحيًا من عدمه. ليس الإيمان بل التغيير. بناء على هذا المعيار، فإن اللص الذي آمن بالمسيح لم يخلص لأننا لم يتسنى لنا رؤية التغيير فيه. ثم ما هو مدى التغيير الذي ينبغي أن يكون لكي نستطيع اعتبار مُخَلَّصون؟ هل المسيحي يصير كذلك بناء على التغيير أم بناء على ثقته في الإنجيل؟ هل مثلاً لو تغيَّر شخص دون أن يعرف المسيح، من كونه فوضويًا مستبيحًا أو مجرمًا وصار رجل أسرة يربي أولاده ويطيع القانون، هل هو بهذا المعيار مُخَلَّص؟ إن كان كذلك، فالخلاص بالناموس وليس بالنعمة! أما تعبيره "على المدى الطويل" فيدل على أن المرء لا يستطيع أن يقول عن نفسه مسيحيًا بمجرد الإيمان أو تصديق وعد الإنجيل بل الأمر يأخذ الكثير من الوقت.

كرر كيلر أكثر من مرة العبارة "أنا أعرف المعلومات التي أحتاج أن أعرفها فقط الآن"، وكأنه يتوقع مفاجآت في النهاية. فمن لم يعرفوا المسيح في حياتهم على الأرض سنفاجيء بوجودهم في السماء مع المسيح. إن كيلر بقوله أنه يعرف المعلومات التي يحتاج أن يعرفها الآن فقط يشير من طرف خفي أن الأمر قابل للتغيير في النهاية. إلا أن هذا طعن في وضوح وكفاية وثبات الكتب المقدسة. صحيح أن الكتاب المقدس هو كل ما نحتاج أن نعرفه عن الله والخلاص، إلا أن هذا لا يعني أن الله سيغير المباديء التي أرساها في كلمته لاحقًا كما يحاول كيلر إيهامنا. إن الكتاب المقدس واضح جدًا في تعليمه بأن من ليس لهم المسيح الآن ليس لهم فرصة أخرى.

مرة أخرى يستبعد كيلر كلمة "إيمان" من إجابته ليجعل المعيار هو "الاتحاد بالمسيح". ويستعبد كلمة "جحيم، عذاب، عقاب" وبدلاً منها يقول "لن يوجد مستقبل من الازدهار". ويضيف أنه رغم أنه لا يعلم الكثير إلا أنه يعلم جيدًا أن الله أكثر رحمة وحكمة منه. وهذا صحيح، إلا أنه أكثر عدلاً وقداسة وبرًا وحفظًا لوعوده وإنذاراته من كيلر أيضًا. إن قول كيلر أنه سيكتشف في النهاية كيف يتعامل الله مع كل نفس وحينها لن يكون لديه أسئلة حول ذلك، بينما يؤكد على حكمة الله، إلا أنه يغفل ما يؤكد عليه الكتاب المقدس أن الله "سيدين المسكونة بالعدل". إن كيلر لا يعلم ماذا سيكون مصير شخص مات ولم يحصل على المسيح مع أنه قال قبلها أنه لم يحصل على الغذاء ومن ثم سيذبل أبديًا.

ثم يسأله بشير مجددًا: "إن كان هذا هو السبيل الوحيد إلى الله، وإن كان المسيحيون في طريقهم إلى مكان يدعى السماء، هل هذا يعني، على سبيل الاستنتاج، أن ملايين المسلمين والسيخ والهندوس واليهود، الذين جميعًا يمارسون إيمانهم بإخلاص شديد، أن جميعهم في طريقهم إلى الجحيم؟".

لم تكن الكاميرا على كيلر في هذه اللحظة، لكن يُسمع صوته وهو يأخذ نفسًا عميقًا، إن كيلر هنا يستعد ليطرح أخطر ما في إجابته؛ شمولية الخلاص. يبدأ كيلر مجيبًا على هذا السؤال بالآتي:

"هناك الكثير من الناس الذين وُلدوا في مقاطعة إنديانابوليس الأمريكية بولاية إنديانا، ونشأوا في الكنيسة المعمدانية الأولى هناك، الذين في طريقهم إلى أبدية بلا مسيح. إن كل إنسان يختار هوية ما. إما أنها بناء على نعمة الله، أو بناء على أعمالك، وبناء على قدرتك، ولذلك فهي بناء على ذاتك. وإن وضعت، بعد مليار سنة من الآن، رجائك في نعمة الله، ستكون جميلاً وسعيدًا. بعد مليار سنة من الآن، لو أسست هويتك على قدرتك وذاتك وأعمالك، ستكون بائسًا. في الحقيقة، بإستطاعتك أن ترى هذا الأمر الآن، فإن الناس المتمركزون حول ذواتهم فهم بائسون الآن، وليس فقط بعد مليار سنة من الآن. ولذلك، هناك الكثير جدًا من الناس الذين تربوا على المسيحية ... إلا أنهم في قلوبهم، لم يتحولوا إلى نعمة الله. الناس الذين يتبعون الديانات الأخرى، إن لم يجدوا المسيح، وأنا لا أعلم طريق آخر، ولكن أنا أيضًا أحصل على معلومات على أساس ما أحتاج أن أعرفه الآن. إن كان هناك باب سري أو شيء من هذا القبيل، لم يتم إخباري بذلك. وأنا أيضًا لا أعلم، أعتقد أنا أريد أن أعرف هذا، عندما يقول شخص أنه يريد أن يعرف كل شيء عن كيف سيتعامل الله ... طول الأبدية، مع جميع البشر، قبل أن أكون مسيحيًا، أشعر وكأنك تستحضر فهمك الأمريكي الفردي الديموقراطي لـ ... أنت تريد رئيس أو حاكم أو عمدة، أنت لا تريد ملك. وأنا أستطيع أن أتفهم ذلك، لأن البشر ناقصون ولذلك، فإن الحكم الملكي لم يكن المعالجة المثالية للأمور. لكن لو لديك إله كامل، ملك كامل، يأتي ليتألم في يسوع المسيح، فإني أثق به عند نقطة ما".

إن قياس كيلر هنا خطأ لاهوتي فادح. فليس لأن هناك مؤمنون إسميون غير مُخَلَّصِين، أنه سيكون هناك في السماء مسيحيون لم يسمعوا عن المسيح، وكأن المعرفة العقيدية، التي هي عنصرًا خطيرًا في الإيمان، أمرًا غير ضروريًا للخلاص. بكلمات أخرى، إن كيلر يقول من طرف خفي أن المعرفة عن المسيح ليست هي المعيار، لأنه، بما أن هناك مؤمنون مسيحيون إسميون في الكنائس، سمعوا عن المسيح ليل لنهار، إلا أنهم لن يخلصوا في النهاية. الأمر الذي يعني طبقًا لمنطق كيلر أنه سيكون هناك في السماء من لم يسمعوا عن المسيح. طبعًا كيلر لا يقول هذا صراحة في هذه الجزئية، لكن هذا هو منطق كلامه. ولكن يا له من منطق ملتو ومرواغ. صحيح أن هناك معرفة نظرية أو عقيدية عن المسيح بدون خلاص حقيقي، إلا أنه لا يوجد خلاص حقيقي بدون معرفة عقيدية سليمة عن المسيح "فكيف يدعون بمن لم يؤمنوا به؟ وكيف يؤمنون بمن لم يسمعوا به؟ وكيف يسمعون بلا كارز؟" (رو ١٠ : ١٤).

ورغم أن بشير استعمل كلمة "جحيم" في سؤاله، إلا أن كيلر مُصِرّ على عدم استعمالها في اجابته. كما أن الخلاص ليس هو أن تخلص من دينونة الخطية وسلطانها بل أن "تكون جميلاً وسعيدًا". ومع أن كيلر يؤكد على النعمة هنا، إلا أنه يناقض ذلك بادعاءه الخفي بأن هناك مسيحيون لم يسمعوا عن المسيح، مسيحيون غير واعون بمسيحيتهم. فهم، كما سأل بشير، مجتهدون يمارسون أديانهم، على اختلافها، بإخلاص. ثم ماذا يقصد كيلر بقوله "إن وضعت رجاءك بعد مليار سنة من الآن في نعمة الله"؟ هل هذه إشارة خفية إلى أن هناك فرصة بعد الموت؟ ولكن، لعله لم يقصد ذلك. إلا أن استعماله تعبيرات مثل "وضعت رجاءك ... أسست هويتك"، هي محاولات واضحة لكي ينأى بالإيمان والعقيدة عن المشهد، ليجعل المعيار هو التغيير والرجاء وتأسيس الهوية.

مرة أخرى يؤكد كيلر على أنه رغم كونه لا يعلم طريق آخر سوى المسيح، إلا أنه أيضًا يحصل على معلومات على أساس ما يحتاج أن يعرفه الآن. على ما يبدو أنه سيكون هناك مفاجآت في النهاية طبقًا لكيلر. ربما سيغير الله الإعلان الراسخ الواضح الذي سبق وأعطاه لنا. المهم أن كيلر هنا يصرح بأخطر تصريحاته بوجود باب سري للخلاص لا نعلم عنه شيئًا: "الناس الذين يتبعون الديانات الأخرى، إن لم يجدوا المسيح ... إن كان هناك باب سري Trapdoor أو شيء من هذا القبيل، لم يتم إخباري بذلك. وأنا أيضًا لا أعلم".

إن كيلر لا ينفي وجود باب سري أو خلفي يقوم الله بتسريب أو تهريب أصحاب الديانات الأخرى منه. ولم لا طالما أن هناك مسيحيون إسميون سيذهبون إلى الهلاك؟ أليست المعرفة عن المسيح إذًا غير مهمة؟ ولم لا طالما أن المعيار هو التغيير وتأسيس الهوية على النعمة؟ ولم لا بما أن المبدأ هو الرجاء وليس الإيمان؟ لم لا طالما أنه تم اغفال دينونة الخطايا من المشهد؟ إن كيلر جعل المسيح أكثر كرمًا مما هو معلن في العهد الجديد للدرجة التي لم يعد فيها المسيح ضروريًا من الأساس. ولكن شمولية تيم كيلر واضحة لمن له آذان للسمع.

للرد على شمولية الخلاص أنظر مقال آخر بعنوان "حقيقة الادعاء بوجود خلاص خارج المسيحية".




تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

لماذا قام المسيح في اليوم الثالث بالذات؟

هل حقا تغير الصلاة مشيئة الله؟

أربعة أعمدة في رحلة قديس