المعاهدات السيادية الحثية مفتاح لفهم العهود الكتابية

Suzerain Treaties


أصدر الدكتور جورج مندنهول، أستاذ الدراسات الكتابية واللغات السامية وحضارات شرق أدني بجامعة ميشيجن (توفي شهر أغسطس الماضي)، في القرن العشرين دراسة علمية عنوانها "الناموس والعهد في إسرائيل والشرق الأدني القديم". وتحدث في تلك الدراسة عن الإكتشاف الأثري المذهل لوثائق ترجع إلي الدولة الحثية (*) تُظهر صيغة قانونية معينة استعملها الحثيون في معاهداتهم. فقد أبرم الحثيين نوعين من المعاهدات: معاهدات أطرافها متساوون، ومعاهدات سيادية بين سيد وبين تابعيه. أو بين سيد وسيد أعظم ينوب عن أو يمثل مجموعة من التابعين له أو الخاضعون لولايته. وقد اكتشف البروفيسير مندنهول أن هذا الأسلوب الأخير أتبع أيضا في الكتب المقدسة اليهودية.

وقد كانت صيغة تلك المعاهدات كالآتي: 1– تمهيد، وهو يحوي تعريفا بالسيد وذكر لألقابه. 2 –  مقدمة تاريخية، وبها ملخص لتاريخ التعاملات بين السيد والتابع له. ويقصد بذكر هذا الملخص إبراز المنافع التي جناها التابع من علاقته بالسيد، ومن ثم عليه الخضوع له. 3– الشروط ويراد بها بنود المعاهدة التي تنص علي الواجبات التي علي التابع تنفيذها. 4 – بركات ولعنات السيد للتابع، البركات إذا نفذ الشروط، واللعنات إذا قام بخرق تلك الشروط. لدي كل طرف من طرفي المعاهدة نسخة يحتفظ بها. 5– الأقسام، وتكون مقترنة بطقس تقطع فيه الذبائح إلي شطرين يسير بينهما طرفي العهد، أي ليكن مصير من يخرق العهد كمصير تلك الذبائح. تضمن أيضا هذا الأمر وجود الآلهة كشهود. 6 – حفظ النسخ، كان السيد يحفتظ بنسخته والتابعين أيضا بنسختهم التي يودعونها في مكانا عاما.

تطيبقات كتابية:
1– تمهيد: "أنا الرب إلهك .." (خر 20 : 2)، فيهوه هنا هو السيد الذي يقوم بتعريف نفسه. 

2– مقدمة تاريخية: "الذي أخرجك من أرض مصر من بيت العبودية" (خر 20 : 2).
3– الشروط أو بنود العهد: الوصايا العشر (خر 20 : 3 – 17).
4– والجزاءات كانت مثل افتقاد الرب لذنوب الآباء لدي الآبناء في الجيل الثالث والرابع من مبغضيه، وأنه أيضا يصنع إحسانا إلي ألوف من محبيه وحافظي وصاياه (خر 20 : 6 – 6، 12)، وأيضا اللعنات والبركات الواردة في سفر التثنية والذي يعتبر بأكلمه وثيقة عهدية (تث 28 : 2 ، 45).
5– الإقسام: "وأخذ كتاب العهد وقرأ في مسامع الشعب، فقالوا: كل ما تكلم به الرب نفعل ونسمع له" (خر 24 : 7)، أيضا "ويقول جميع الشعب آمين" (تث 27). أما عن الذبيحة فيقول "وأخذ موسي الدم ورش علي الشعب وقال: هوذا دم العهد الذي قطعه الرب معكم علي جميع هذه الأقوال" (خر 24 : 8). ونفس الشئ ينطبق أيضا علي الختان بإعتباره قطع في الجسد كإقرار علي العهد. أنظر أيضا (تك 15 : 17). أما عن الشهود، ففضلا عن أن الرب نفسه هو الشاهد الأعظم، إلأ أن الرب نفسه تكلم بصورة رمزية قائلا "أشهد عليكم السماء والأرض أنكم تبيدون سريعا عن الأرض التي أنتم عابرون الأردن إليها لتمتلكوها. لا تطيلون الأيام عليها، بل تهلكون لا محالة" (تث 4 : 26).
 6– حفظ النسخ: لوحي الشريعة "وقال الرب لموسي: اصعد إلي الجبل، وكن هناك، فأعطيك لوحي الحجارة والشريعة والوصية التي كتبتها لتعليمهم" (خر 24 : 12)، أنظر أيضا (خر 34 : 27).

(*) بحسب ما ذكره عالم الآثار الميداني المسيحي ديفيد داون أن نهاية الدولة الحثية التي امتدت لمعظم أجزاء تركيا الحالية جاءت في حوالي عام 1200 ق.م.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

لماذا قام المسيح في اليوم الثالث بالذات؟

هل حقا تغير الصلاة مشيئة الله؟

أربعة أعمدة في رحلة قديس