هل من إرتباط بين رسامة المرأة (النسوية) وتأييد المثلية الجنسية؟


قد يبدو من الوهلة الأولى أنه لا علاقة بين الإثنين، إلا أنه في الحقيقة هناك علاقة تفسيرية ومنطقية وثيقة بينهما.

طبعًا ليس كل من يؤيد رسامة المرأة يؤيد المثلية الجنسية، لكن العكس صحيح، كل من يؤيد المثلية الجنسية يؤيد رسامة المرأة أيضًا. وكل من يؤيد رسامة المرأة ليس لديه (أو لا ينبغي أن يكون لديه) مانع منطقي أو تفسيري لرفض المثلية الجنسية، وإن لم يدرك ذلك.

الفكرة هنا هي أن الذين يدافعون عن رسامة المرأة، يقولون أن أي نص كتابي ضد رسامتها هو في الحقيقة مرتبط بالزمن والثقافة اللذين كُتِبَ بهما. وأن كتبة الوحي، لو كانوا كتبوا الكتاب المقدس الآن في ظل الثقافة المعاصرة، لأيدوا رسامة المرأة. بكلمات أخرى، فإن الكتاب المقدس يُقْرَأ لديهم بطريقة المسار المنحني Trajectory hermeneutic. مثلما تقوم بقذف الكرة فتأخذ مسار ما منحني عند هبوطها. الكتاب لا يقدم نقط ثابتة من الأخلاقيات، لكن مسار متغير تبعًا للثقافة. والكتاب المقدس بالنسبة لهؤلاء يُفَسَّر بمنهجية تدريجية progressive . يقدم الأخلاقيات في ظل الثقافة التي كُتِبَ بها، ولو كُتِبَ في يومنا لأيد أخلاقيات العصر.

يرى النسويون الذين يؤيدون رسامة المرأة، ويعلمون ضد خضوعها في البيت والكنيسة (كما يقول الكتاب اخضعن لرجالكن)، أن النصوص الكتابية في العهد القديم التي تعلم ضد النسوية، ترجع إلى عصر ذكوري سادت فيه السلطة الأبوية الذكورية patriarchy . لهذا يتجه العهد الجديد في مسار نحو التصريح برسامة المرأة فتجده يعلم بأنه "ليس ذكر وأنثى، لأنكم جميعًا واحد في المسيح يسوع". وإن كان العهد الجديد قد اتخذ خطوات بعيدًا عن ذكورية وأبوية العهد القديم، ونحو مساواة المرأة بالرجل، إذًا، فلكان سيؤيد رسامة المرأة.

نفس الشيء ينطبق على المثلية الجنسية طبقًا لهذا المنظور غير الكتابي. الأخلاقيات المرتبطة بالأسرة التي يحض عليها الكتاب المقدس كُتِبَت بدورها في ظل مجتمع يهودي قديم لا يسمح بغير ذلك. فضلاً عن ذلك، فإن كانت الثقافة هي التي تحدد الأخلاقيات المرتبطة بدور كل من الرجل والمرأة، فهي التي تحدد أيضًا ماهية الأسرة والرجل والمرأة. إن كانت المرأة تستطيع ويحق لها أن تفعل كل ما يفعله الرجل، فلماذا لا تستغني عن الرجل من الأساس وتتزوج امرأة أخرى مثلها؟ لا سيما أن من يؤيدون الشذوذ الجنسي يتذرعون بالعلم والچينات، فيصبح بذلك ليس فقط أن الثقافة (الغربية) تؤيد المثلية بل إن العلم يدعهما أيضًا (طبقًا لزعمهم).

ما من أدنى شك أن العهد الجديد رفض كل من رسامة المرأة وعلّم بأن المثلية الجنسية شر. والأمران كانا موجودان في زمني كتابة العهد القديم والجديد. فعندما رفض بولس أن تعلّم المرأة أو تتسلط على الرجل كان رفضه مؤسسًا: أولا على النظام المرتب في الخليقة "لآن آدم جُبِلَ أولاً ثم حواء" (١ تي ٢ : ١٣). وثانيًا على ما حدث في السقوط، وأنه بسبب التلاعب بهذا النظام المرتب من الله عندما قررت المرأة ذلك القرار الخطير بالتفاوض مع الحية ثم الأكل من الشجرة بدون مشورة رجلها حدث السقوط "وآدم لم يغو، لكن المرأة أغويت فحصلت في التعدي" (١ تي ٢ : ١٤). وثالثا طبقًا لما يقوله الناموس "لتصمت نساؤكم في الكنائس .. بل يخضعن كما يقول الناموس أيضًا" (١ كو ١٤ : ٣٤).

فضلاً عن ذلك، إن كانت الثقافة هي التي تحدد الأخلاقيات المرتبطة بدور كل من الرجل والمرأة، وماهية الأسرة، وطبيعة كل من الذكورة والأنوثة، فلن يكون هناك عائق منطقي من قبول الولع الجنسي بالأطفال pedophilia عندما تزول العوائق الثقافية أمام ممارسته. وبالتالي، فهذه النظرة الهيرمانوتيكية في غاية الخطورة. أن تقول أن الأخلاقيات الكتابية المتعلقة بالأسرة والذكورة والأنوثة أخلاقيات تدريجية وليست مباديء ثابتة وفاصلة هو أن تقول أنه لا يوجد أخلاقيات أساسًا، والموضوع يصبح برمته نسبي ومتغير من زمن إلى زمن ومن مجتمع إلى آخر.

وهكذا فكل من تأييد رسامة المرأة، وتأييد المثلية الجنسية، يجمعهما مبدأ تفسيري واحد، أن الكتاب المقدس لا يكفي من حيث الاخلاقيات، وأن الثقافة هي التي تحدد منظومة الأسرة وطبيعة الأدوار بين كل من الرجل والمرأة. لهذا فرسامة المرأة والنسوية يقودان منطقيًا وتفسيريًا إلى المثلية وما هو أخطر من ذلك أيضًا.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

لماذا قام المسيح في اليوم الثالث بالذات؟

هل حقا تغير الصلاة مشيئة الله؟

أربعة أعمدة في رحلة قديس