اقتباسات القرآن من الأناجيل الغنوصية


الصورة التي يرسمها الإسلام عن المسيحية مزيج من المسيحية الحقيقية والمسيحية غير القويمة (الإببيونية) التي وُجِدَت في شبه الجزيرة العربية وبعض ما جاء في الأناجيل الغنوصية.

يوجد في القرآن على الأقل ثلاثة اقتباسات من الأناجيل الأبوكريفية (الغنوصية)، ولا تتسق لاهوتيًا مع الحق المسيحي. والأناجيل الأبوكريفية هي كتابات شبه مسيحية جاءت في وقت متأخر انتحل كاتبوها لأنفسهم أسماء الرسل، إلا أنها رُفِضَت بواسطة الكنيسة الأولى ككتابات غير موحى بها.

وهذه الإقتباسات الثلاث هي كالتالي.

أولاً، سورة مريم والآيات 23 – 26:

فَأَجَاءَهَا الْمَخَاضُ إِلَىٰ جِذْعِ النَّخْلَةِ قَالَتْ يَا لَيْتَنِي مِتُّ قَبْلَ هَٰذَا وَكُنْتُ نَسْيًا مَنْسِيًّا ﴿23﴾ فَنَادَاهَا مِنْ تَحْتِهَا أَلَّا تَحْزَنِي قَدْ جَعَلَ رَبُّكِ تَحْتَكِ سَرِيًّا ﴿24﴾ وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ تُسَاقِطْ عَلَيْكِ رُطَبًا جَنِيًّا ﴿25﴾ فَكُلِي وَاشْرَبِي وَقَرِّي عَيْنًا ۖ فَإِمَّا تَرَيِنَّ مِنَ الْبَشَرِ أَحَدًا فَقُولِي إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمَٰنِ صَوْمًا فَلَنْ أُكَلِّمَ الْيَوْمَ إِنْسِيًّا ﴿26﴾ فَأَتَتْ بِهِ قَوْمَهَا تَحْمِلُهُ ۖ قَالُوا يَا مَرْيَمُ لَقَدْ جِئْتِ شَيْئًا فَرِيًّا

إنجيل متى الغنوصي (كُتِبَ ما بين القرنين السابع والتاسع بعد الميلاد) ص 20:

ثم قال الطفل يسوع، الذي كان جالسًا بوجه سعيد في حضن أمه ، للنخلة: "أميلي أغصانك، أيتها الشجرة، وأنعشي أمي بثمارك" وعلى الفور عند هذا الأمر انحنت النخلة إلى قدمي المطوبة مريم، فجمعوا من ثمرها وانتعشوا ... [يقول يسوع مخاطبًا النخلة:] وافتحي تحت جذورك عرقًا من الماء ... ودعي المياه تتدفق ... فلما رأوا ينبوع الماء فرحوا جدًا وأرووا عطشهم.

ثانيًا، سورة مريم والآيات 29 – 33: 

فَأَشَارَتْ إِلَيْهِ ۖ قَالُوا كَيْفَ نُكَلِّمُ مَنْ كَانَ فِي الْمَهْدِ صَبِيًّا ﴿29﴾ قَالَ إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ آتَانِيَ الْكِتَابَ وَجَعَلَنِي نَبِيًّا ﴿30﴾ وَجَعَلَنِي مُبَارَكًا أَيْنَ مَا كُنْتُ وَأَوْصَانِي بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ مَا دُمْتُ حَيًّا ﴿31﴾ وَبَرًّا بِوَالِدَتِي وَلَمْ يَجْعَلْنِي جَبَّارًا شَقِيًّا ﴿32﴾ وَالسَّلَامُ عَلَيَّ يَوْمَ وُلِدْتُ وَيَوْمَ أَمُوتُ وَيَوْمَ أُبْعَثُ حَيًّا ﴿33﴾

إنجيل الطفولة العربي للمخلص (كُتِبَ ما بين القرنين الخامس والسادس بعد الميلاد):

ونجد ما يلي في سفر يوسف رئيس الكهنة الذي عاش في زمن المسيح. يقول البعض أنه قيافا. قال إن يسوع تكلم، وفي الحقيقة، عندما كان مستلقيًا في مهده، قال لمريم أمه: أنا يسوع، ابن الله، الكلمة، الذي ولدته، كما أعلن الملاك جبرائيل. اليك وقد أرسلني أبي لخلاص العالم. (1)

ثالثا، سورة آل عمران آية 49:

وَرَسُولًا إِلَىٰ بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنِّي قَدْ جِئْتُكُمْ بِآيَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ ۖ أَنِّي أَخْلُقُ لَكُمْ مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ فَأَنْفُخُ فِيهِ فَيَكُونُ طَيْرًا بِإِذْنِ اللَّهِ ۖ وَأُبْرِئُ الْأَكْمَهَ وَالْأَبْرَصَ وَأُحْيِي الْمَوْتَىٰ بِإِذْنِ اللَّهِ ۖ وَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا تَأْكُلُونَ وَمَا تَدَّخِرُونَ فِي بُيُوتِكُمْ ۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَةً لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ ﴿49﴾

إنجيل الطفولة لتوما (كُتِبَ في آوخر القرن الثاني الميلادي):

وإذ كان قد صنع طينًا لينًا، شكله إلى اثني عشر عصفورًا. وكان يوم السبت عندما فعل هذه الأشياء. وكان هناك أطفال آخرون كثيرون يلعبون معه. ورأى أحد اليهود ما كان يسوع يفعله، وهو يلعب في يوم السبت، فخرج على الفور، وقال ليوسف أبيه: هوذا ابنك على النهر، وأخذ الطين وصنع منه اثني عشر عصفورًا، ودنس السبت. ولما جاء يوسف إلى المكان ناظرًا إلى ذلك صرخ إليه قائلاً: لماذا تفعل في السبت ما لا يحل أن فعله؟ وصفق يسوع يديه وصرخ إلى العصافير وقال لهم: انطلقوا! وطارت العصافير وذهبت باكية. (2 : 1)

بعض الملاحظات:

هذه الصورة القرآنية للطفل يسوع متكلمًا في المهد ثم خالقًا لا تتسق مع الصورة التي ترسمها الأناجيل الأربعة القانونية ليسوع، وإن كانت من منظور ما تنسب له كرامة معينة.

طبقًا للإنجيل القانوني الرابع، بشارة الرسول يوحنا، فإن أولى المعجزات التي صنعها يسوع هي معجزة تحويل الماء إلى خمر في قانا الجليل. ولم يصنع ولا معجزة واحدة في طفولته.

لماذا الإصرار على أن يسوع كرضيع أو طفل لم يصنع معجزات؟ لأن هذا من شأنه أن يشوه بشريته الطبيعية. الإنسان يسوع الناضج، ذو الثلاثين عامًا، كان يدرك جيدًا معنى كل معجزة صنعها. أن تقول أن الطفل يسوع صنع معجزات، هو أن تقول أن إرادته الإلهية طغت على إرادته البشرية. لكن يسوع الإنسان أراد أن يصنع المعجزات بقدر ما أرادت الطبيعة الإلهية فيه.

كما أن خلو الأناجيل القانونية الأربعة من هذه الزخارف الأسطورية يؤكد نقاوة تلك النصوص وأصالتها. لو كانت غير موحى بها، أو محرفة، لكنا نتوقع وجود بعض الزخارف الأسطورية، الأمر الذي يميز الكتابات الأبوكريفية. وجود تلك الخرافات الغنوصية في الكتابات الأبوكريفية يدل على أنها كتابات لاحقة على أسفار العهد الجديد، سعت إلى ملء الفراغات التي تركها كتبة العهد الجديد. أي ما تم الصمت عنه، ولا سيما ما يتعلق بطفولة يسوع.

بالإضافة إلى هذا، فإن اقتباس القرآن من الأناجيل الغنوصية له تضميناته فيما يتعلق بكون القرآن وحيًا. إما أن الأناجيل الغنوصية وحيًا مثل القرآن، وأن من كتبها أُطْلِعَ على ما هو مكتوب في اللوح المحفوظ في السماوات، أو إما أن القرآن نقل عنها، وبالتالي لا فضل له فيما جاء به.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

لماذا قام المسيح في اليوم الثالث بالذات؟

هل حقا تغير الصلاة مشيئة الله؟

أربعة أعمدة في رحلة قديس