مركزية الكلمة في العبادة الإنجيلية المصلحة



منهج العبادة الإنجيلي يعكس المكانة المركزية التي تتمتع بها كلمة الله. وهذه المركزية يُسْتَدل عليها من خلال الأمور الآتية:

نجد أولاً العبادة الإنجيلية تخلو من المذبح والقداس والطقوس السرائرية. في ظل المسيحية القروسطية، والآن أيضًا لدى الطوائف الطقسية، تُمْنَح النعمة بواسطة ممارسة الأسرار الكنسية السبعة (ولا سيما سر الإفخارستيا من خلال القداس والمذبح). لكن تلك الممارسات لم تعد وسائط للنعمة في ظل الإصلاح البروتستانتي. بل الكلمة بصورة مركزية. الوعظ بالكلمة والتعليم هي الوسائط المركزية للنعمة.

ثانيًا، مركزية الوعظ التفسيري مقابلة بأي مادة وعظية أو منهج وعظى آخر. الوعظ، طبقًا للمنهج البروتستانتي المصلح، يتميز بمادته الكتابية. إنه يعظ النص الكتابي أصحاحًا أصحاحًا وآية آية. النص الكتابي، مُفَسَّرًا، هو تلك الثروة التي يثمنها ويقدرها الواعظ المصلح.

ثالثًا، الـ ليكتيو كونيتنوا Lectio continua ، أي القراءة المرتبة المتواصلة (ومن ثم الوعظ) كمنهج تعكس مركزية الكلمة. أثناء وعظ كالفن في جينيف كان يتابع عظاته من أصحاحات الكتاب المقدس بالتريب. يعظ من العهد الجديد أيام الأحاد، ثم من العهد القديم أثناء أيام الأسبوع الأخرى. نُفِيَ كالفن لبضعة سنوات خارج جينيف، بسبب خلافات نشأت بينه وبين مجلس المدينة الذي أراد الاستحواذ على السلطة في الكنيسة. ولكن عندما عاد إلى جينيف بدأ وعظ من حيث آخر نص كتابي توقف عنده. هذه العادة متبعة في الكنائس الأمريكية المصلحة.

رابعًا، العبادة المقننة regulative principle كمنهج يعكس مركزية الكلمة. أُفضل ترجمة regulative إلى عبادة مقننة وليس مجرد عبادة تنظيمية. وذلك لأن كل عبادة تأخذ نظام ما. لكن ما أقصده بـ العبادة المقننة، هو تلك العبادة التي قننتها فقط كلمة الله. العبادة تكون وفقًا للنموذج الكتابي دون الحذف منه أو الإضافة إليه. وهذا المبدأ المصلح هو عكس مبدأ آخر تأخذ به الكثير من الكنائس الإنجيلية (وطواف اخرى أيضًا)، وهو المبدأ المَنْعِي normative principle، أي أن العبادة يمكن أن تحتوي على أية ممارسة لم تُمْنَع بواسطة الكتاب المقدس.

هذه الأمور الأربعة، تدل على المكانة المركزية التي تحتلها الكلمة في العظة البروتستانتية. إن كل شيء في الكنيسة الإنجيلية المصلحة صُمِّمَ ليعكس مركزية الكلمة، سواء مرنمة، أو مقروءة، أو مُفَسَّرة، أو موعوظة، أو مُطَبَّقة، أو مرموزًا إليها في فريضتا المعمودية ومائدة الرب. الكلمة هي ذلك الكنز الذي يثمنه كل من الواعظ والعابد. لهذا فهي تحتل تلك المكانة المركزية في العبادة الإنجيلية.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

لماذا قام المسيح في اليوم الثالث بالذات؟

هل حقا تغير الصلاة مشيئة الله؟

أربعة أعمدة في رحلة قديس