المسيح الكوني لريتشارد رور


في مقال على الموقع الرسمي للراهب الفرانسيسكاني والمؤلف ريتشارد رور (الذي قال أوسم وصفي أنه على نفس الموجة معه) بعنوان "المسيح الكوني" يدعي أن "شخص يسوع الناصري" و"المسيح" مفهومان غير متطابقان. معرفتك وعلاقتك بيسوع الناصري لا تعني أنك تعرف، أو أن لك علاقة بـ "المسيح". يقول رور:

"يعرف معظم المسيحيين عن يسوع الناصري، لكن القليل منهم يعرفون عن المسيح، وعدد أقل منهم تَعَلَّم كيفية الجمع بين الاثنين".

والسبب في أن رور يعتقد بوجود فرق هكذا بين "شخص يسوع الناصري" وبين "المسيح" هو أن يسوع الناصري مفهوم ضيق ومحدود لـ "المسيح". إذ يرى أن تجسد المسيح من خلال ولادته من مريم العذراء هو تجسد ثان وأصغر من التجسد الأول الأكبر. لكن ماذا كان التجسد الأول والأكبر طبقًا له؟ الإنفجار العظيم. أو طبقًا لكلمات ريتشارد رور نفسها:

"حدث التجسد الأول والكوني للمسيح الأبدي، والتلازم الكامل للمادة والروح (أفسس 1: 3-11)، في الانفجار العظيم قبل 13.8 مليار سنة. يعتقد المسيحيون أن يسوع الناصري كان تجسيدًا بشريًا لذلك السر نفسه قبل 2000 عام فقط، عندما كنا على الأرجح مستعدين لهذا الإعلان".

طبقًا لـ رور فإن يسوع الناصري، الذي اتحد في جسده، البشري والإلهي، هو نموذج مصغر لـ "المسيح الكوني" الذي تتحد فيه، على مستوى أكبر وأعظم، المادة والروح:

"يقدم يسوع نفسه على أنه "الممسوح" أو المُتَمَسْيِح الذي كان إنسانًا وإلهيًا متحدًا في جسد بشري واحد - كنموذج لنا ومثالنا ... [لقب] المسيح هو التعبير المختصر لـ "جسد الله" أو "الله المتجسد".

لهذا يرى رور أنه ليس من الصواب أن تختزل "المسيح" في شخص "يسوع الناصري"، ذلك لأن:

"هذا المسيح أكبر وأقدم بكثير من يسوع ناصري ومن الديانة المسيحية، لأن المسيح يوجد حيث يتواجد معًا المادي والإلهي - وهو دائمًا وفي كل مكان".

بناء على ذلك يصبح كل شيء من حولنا هو المسيح، وعبادة المادة ببساطة، هي عبادة للمسيح:

"أصبحت المادة شيئًا مقدسًا والعالم المادي هو المكان الذي يمكننا فيه أن نعبد الله بشكل مريح بمجرد السير على المادة، من خلال حبها، من خلال احترامها. المسيح هو قوة الله الفعالة داخل العالم المادي".

تعليق:

طبعًا يطعن هنا رور في عدة تعاليم خطيرة معًا. أولا إزالة الفرق بين الخالق والمخلوق creator/creature distinction . فالمادة هي الله، والله هو المادة. وبما أن الإنسان جزء من الخليقة المادية، فإن الإنسان أيضًا إله. هذا الأمر ينعكس على ألوهية يسوع أيضًا إذ يصبح الفرق بين حضور الله في يسوع وبين أي شيء آخر (إنسان أو حيوان أو جماد) مجرد فرق في درجة الحضور وليس نوعه.

فضلاً عن أن الإنفجار العظيم أكذوبة شبه علمية، فالقول أن المسيح تجسد في بداية الخلق، وأن ذلك المسيح الكوني أكبر وأعظم من يسوع الناصري، يؤدي حتمًا إلى الإقلال من قيمة التجسد الحقيقي والوحيد في شخص ربنا يسوع المسيح. إذ يجعل لا تمييز بين المسيح الكوني الذي يحوي الأشرار والأحجار وبين يسوع الناصري. أن تطعن في حضور الله في يسوع الناصري، الذي يحل فيه كل ملء اللاهوت جسديًا، هو أن تطعن في الفداء نفسه، إذ تجعل عمل يسوع الكفاري بلا قيمة.

وجود المسيح في المادة، بما في ذلك الأشرار، يؤدي في النهاية إلى عالمية الخلاص. أي طالما أن المسيح موجود في كل أجزاء الكون، والأشرار جزء من الكون، إذًا فهذا يعني أن في النهاية لا يمكن أن يهلك أي شيء في المسيح.

مما لا شك فيه أن تعليم الثالوث هنا يغيب عن المشهد كليًا. يحاول رور أن يعطي هنا مركزية للمسيح، طبعًا زورًا، لكن ينتهي به الحال مقصيًا الثالوث من المشهد تمامًا. لا نرى أي دور أو فعالية للثالوث هنا. لا ضرورة منطقية أو لاهوتية له. وهذا لا يعني سوى أن رور يؤمن بالواحدية المطلقة monism . وهو أمر يميز الديانات الشرق آسيوية مثل الـ pantheism .

خلاصة القول أنه لا يمكن وصف ما يؤمن به ريتشارد رور على أنه مسيحية، بل وثنية تم إعادة تعبئتها وتغليفها بمصطلحات مسيحية.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

لماذا قام المسيح في اليوم الثالث بالذات؟

هل حقا تغير الصلاة مشيئة الله؟

أربعة أعمدة في رحلة قديس