"النعمة ليست ضد الأعمال أو الجهاد بل ضد الاستحقاق" ... هل هو ادعاء كتابي؟


يتحدثون عن الخلاص بالنعمة، وكأن الجهاد بعد الخلاص ليس بالنعمة. أو كأن أعمال الإيمان ليست نعمة. أو كأن التقديس ليس ‏بالنعمة. فيقولون عبارات مثل:

‏"النعمة ليست ضد الأعمال، بل ضد الاستحقاق".

‏"النعمة ليست ضد الجهاد، بل ضد الاستحقاق".

أو كما طعن دالاس ويلارد في النعمة قائلاً (واقتبسه ماهر صموئيل):

‏"خلصنا بالنعمة، واتشلينا بالنعمة".

لكن،

نحن لا نبدأ بالنعمة ونكمل بدونها، فالنعمة هي التي تهبنا البداية والنهاية وما بينهما. تهبنا الحياة الجديدة والحياة المجاهدة. تهبنا كل من ‏الجهاد والأعمال والاستحقاق.

نحن لا نبدأ بالنعمة ونكمل بالأعمال، وكأننا فقط محتاجين زقة.

والنعمة تظل ضد أعمال الناموس، وضد البر الذاتي، وضد الاتكال على الذات، قبل وبعد أن نؤمن بالمسيح.

والنعمة مسئولة عن تقديسنا بقدر ما هي مسئولة عن تبريرنا وتمجدينا.

عندما نتحد بالمسيح، نأخذ بره وقداسته. مثلما تشرق الشمس فتمنحنا نورها وحرارتها.

وعندما نؤمن فنحن نتبرر بالإيمان بدون أعمال، إلا أن الذي يعمل فينا هو الإيمان العامل.

من يدعي أنه أخذ التبرير دون أن يظهر بسلوكه التقديس، فهو لم يأخذ أي من الإثنين.

أنت مدين بحياتك بأكملها، وبالخليقة الجديدة، لعمل النعمة. إرادتك، ورغبتك في عمل البر، وقوتك للجهاد، جميعًا من عطايا النعمة.

عندما خلق الله، لم يتقوف عن العمل، بل يعتني بخليقته. وعندما يُخَلِّص الله، لا يتوقف عن العمل، بل يعتني بمن فداهم.

الله يعطي خلاصًا كاملاً، وبالنعمة من أوله إلى آخره، لكل من يؤمنون به: يبررهم ويجددهم ويقدسهم ويمجدهم.

نحن نخلص (نتبرر) بالنعمة، لأننا أموات بالخطايا، نحتاج للقيامة من الموت. ونتقدس بالنعمة، لأن ذات الخليقة الجديدة التي فينا تستمد ‏وجودها من عمل النعمة.

المسيح عَمِل من أجلنا، بطاعته للناموس، بالنعمة. وهو يعمل فينا الآن، بروحه الأقدس، بالنعمة.

الفرق الوحيد بين التبرير والتقديس، هو أن التبرير بإرادة الله وعمله المنفردين ‏Monergistic‏ . بينما التقديس هو عمل مشترك بيننا ‏وبين الروح القدس Synergistic . لكن يظل كلاهما، التبرير والتقديس، عملاً للنعمة.

الادعاء بأن النعمة ليست ضد الأعمال، بل ضد الاستحقاق، هو ازدراء بالنعمة، وجهل بعمل المسيح، ومحاولة لتمرير أعمال الناموس ‏من الباب الخلفي كما يفعل أصحاب التعليم غير الكتابي "الناموسية العهدية"، والذين يعلمون بأننا ندخل بالنعمة ونبقى بالأعمال.

إلا أننا ندخل بالنعمة، ونبقى بالنعمة.

لو كانت مهمة النعمة هي أن تتركنا عند الإيمان، لنكمل بمجهوداتنا، فلن يصمد أحد، لأننا جميعًا أقل من العالم والجسد والشيطان بدون ‏النعمة. ولأن أعمالنا بعد الإيمان تظل من منظور ما منقوصة وغير كاملة، تحتاج إلى القبول بالنعمة. حتى المكآفأت ستكون بالنعمة.

نحن خلصنا بالنعمة ونستمد أعمالنا الصالحة، وذات وجودنا، من النعمة.

النعمة ضد الازدراء بها سواء قبل الإيمان أو بعده.

النعمة ضد الجهاد المتكل على الذات والمنكر لفضل النعمة.

النعمة ضد أعمال ‏الجسد سواء في التبرير أو التقديس.

‏"أهكذا أنتم أغبياء. أبعدما ابتدأتم بالروح تكملون الآن بالجسد" (غل ٣ : ٣)

‏"لأننا نحن عمله، مخلوقين في المسيح يسوع لأعمال صالحة، قد سبق الله وأعدها لكي نسلك فيها" (أف ٢ : ١٠)

‏"لأنه قد ظهرت نعمة الله المخلصة، لجميع الناس، معلمة إيانا أن ننكر الفجور والشهوات العالمية، ونعيش بالتعقل والبر والتقوى في ‏العالم الحاضر ... مخلصنا يسوع المسيح، الذي بذل نفسه لأجلنا، لكي يفدينا من كل إثم، ويطهر لنفسه شعبًا خاصًا غيورًا في أعمال ‏حسنة" (تي ٢ : ١١ – ١٤)

‏"فَتَقَوَّ أنت يا ابني بالنعمة التي في المسيح يسوع" (٢ تي ٢ : ١)‏

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

لماذا قام المسيح في اليوم الثالث بالذات؟

هل حقا تغير الصلاة مشيئة الله؟

أربعة أعمدة في رحلة قديس