هل يحب الله الشرير أم يبغضه؟


أعتقد الاثنين معًا، ولكن من منظورين مختلفين. الله يبغض الشرير، لأنه يقاوم سلطانه ويكره صلاحه. ولكن من منظور آخر، وفي نفس الوقت الله يحب الإنسان، لأنه خلقته، ولأن صورته لا تزال فيه رغم فسادها.

وهذا ليس تناقصًا. لأننا لا نقول أن الله يحب الإنسان ويكرهه في نفس الوقت لأجل أعماله الشريرة. ولا نقول أنه يحب الإنسان ويكرهه في نفس الوقت لأن فيه صورته الأدبية الروحية. ولكن يبغضه لسبب، ويحبه لسبب آخر. حتى في الغرب يقولون أن علاقة ما يمكن أن تكون علاقة حب وكراهية في نفس الوقت love-hate relationship . فقد يكون هناك شيء أو شخص تحبه وتكرهه في نفس الوقت لسببين مختلفين. طبعا مع فارق قياس الله على الإنسان. فأحيانا تكون علاقة الكراهية والحب لنفس الشئ أو الشخص هي نوع من التناقض الداخلي لدى الإنسان. الله يخلو من التناقض. الله مثلنا، وفي نفس الوقت مختلف عنا، لكن غير مختلف عنا كليًا.

ونظرًا لأنه في أوساط المحافظين، يتم التأكيد فقط على بغضة الله للشرير، دون وجود أي نوع من المحبة نحوه، الأمر الذي اختلف معه، ولكني أؤكد على المحبة والبغضة في نفس الوقت، سأكتفي بالإشارة إلى بعض الأدلة التي تؤكد محبة الله للشرير من منظور ما.

مثل أن يعطي الله الشرير صورته الأدبية. ويعطيه نعم وخيرات مادية. ويعطيه إعلاناته العامة والخاصة عن نفسه. وأعظم الكل أعطاه نفسه متجسدًا ومصلوبًا ومقامًا. وحتى ولو لم يؤمن الإنسان الشرير بذلك، وأصرّ على رفضه عمل المسيح، يظل من منظور ما عام أن المسيح قدم له نفسه. إلا أن تأثيرات الخلاص على غير المؤمن ليست هي ذاتها على المؤمن. الأمر أشبه بأن تلقي بحجر في الماء فيتولد عنه مركزًا ثم دوائر محيطة به والتي كلما ابتعدت عن المركز أخذت تخبو. المؤمن في مركز العمل الخلاصي، بينما غير المؤمن خارج ذلك المركز يتمتع ببعض التأثيرات للعمل الخلاصي. كأن يتواجد غير المؤمن في كنيسة مسيحية أو مجتمع مؤسس على مفاهيم مسيحية متمتعًا بالتأثيرات الفكرية والأخلاقية والاجتماعية للمسيحية.

فهل الله يعطي هذه الأشياء وهو مجرد من المحبة؟ تأدية واجب مثلاً؟ أو كالتزام أخلاقي عليه دون أن يُعَبِّرُ فعلاً عن حقيقة شعوره؟ هل بكاء يسوع على أورشليم كان تمثيلية؟ أم أنه شعور قوي بالمحبة (رغم أنه نطق بالدينونة عليها في نفس القرينة)؟ لا أعتقد. إن الله في هذه الحالة يكون متناقض. ويصبح ما يفعله لا يعبر عن طبيعته. أعتقد أيضًا أن محبة الله لأبنائه الذين يحبوه، مختلفة من حيث النوع والدرجة عن نظيرتها تجاه الإنسان الشرير الذي يبغضه.

أرى أن هذه الصورة المتكاملة هي الأقرب للحق الكتابي لأنهة تستطيع استيعاب كل ما يعلمه الكتاب عن موقف الله من الشرير.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

لماذا قام المسيح في اليوم الثالث بالذات؟

هل حقا تغير الصلاة مشيئة الله؟

أربعة أعمدة في رحلة قديس