الكتاب المقدس ليس كتاب تعاليم وعظات طبقًا للدكتور ماهر صموئيل:


(١)

"كلمة الله هي القوة الوحيدة القادرة على تجديد الذهن بشرط استعمالها استعمالا صحيحا، ما هو الاستعمال الخاطئ؟ تحويل الكتاب المقدس إلى مجموعة ضخمة من التعاليم والممعلومات التي يمتلئ بها ذهن الانسان ويرددها لسانه ويدافع عنها بكل كيانه، التعامل الصحيح مع الكتاب المقدس أن يكشف من هو الله وكشف من هو أنا، الكتاب المقدس يقدم واقعنا البشري بكل دقة مش علشان نقراه ونختزله إلى وعظات ومعلومات، لا أقرأ الكتاب كفرض، أو كوسيلة دينية ولا نشاط فكري يعطيني مكانة أفضل بين الوعاظ، الجهل ليس غياب المعرفة، الجهل الحقيقي هو الاستعمال الخاطئ للمعرفة .."

https://fb.watch/foYkXNFzHl/

(٢)

"قراءة الكلمة وفهمها، اسمحولي أقول كمان، وحفظها، وترديدها، هي المادة الخام، التي تعمل عليها الروح، لتسهيل الدخول لمحضر الله، ولتحقيق الاندماج اللحظي مع الله. دالاس ويلارد تعلمت منه هذا الأمر. عنده مقاطع كتابية معينة. كان يحفظها عن ظهر قلب. وبيقول لما بلاقي روحي مش قادر أدخل لمحضر الله، مجرد ترديد هذه المقاطع كان يساعدني على الدخول لمحضر الله. امتى آخر مرة حاولت تحفظ آية من كلمة الله؟ ... تخيل كدة إنك في وقت الدنيا جافة معاك ... ومش عارف تصلي. حاول تعيش معايا التجربة البسيطة دي. وبدأت تقول: الله، بعدما كلم الآباء بالأنبياء قديمًا بأنواع وطرق كثيرة ...". وبدون أي شرح للنص يسأل الحاضرين: "تحس إن في شئ اتحرك ولا مفيش؟ هذه هي كلمة الله"

https://fb.watch/foYv36ee8W/

تعليق:

في المقطع الأول، يستنكر الدكتور ماهر صموئيل استعمال الكتاب المقدس ككتاب به تعاليم وعظات. وهو يقول أنه لا ينبغي أن يُختزل في تعاليم أو عظات إلا أنه في حقيقة الأمر لا يريد أن يُستخدم من هذا المنطلق. الغريبة أنه هو شخصيًا يملأ الدنيا وعظًا وتعليمًا من الكتاب المقدس. ولكن طبعًا وعظ وتعليم غير كتابيين. وهذه اللاأدرية الصوفية ذكرتني أيضًا بمنهجه في التعامل مع الصليب. فهو له عبارات مثل "هل تعلم يا يسوع أني لا أفهم صليبك"، "الصليب ... سر عظيم لا نستطيع أن نفهمه بالكامل"، "سأظل طول عمري لا أفهم أبعاد الصليب حتى حينما أذهب إلى الرب هناك"، "عندما قبلت الصليب لا أدعي أني فهمت لكن أزعم أني اختبرت ... أكتر من ٣٥ سنة مرت عليّ منذ أن أحببت المصلوب والتحمت به لا أزعم قط أني أفهم أبعاد الصليب".

المهم أنه، بعد أن يُحَرِّم استخدام الكتاب المقدس ككتاب تعاليم وعظات، فهو في المقطع الثاني، يدعو للاستعمال الروحاني أو الصوفي للكتاب المقدس. وهو لا يسمي هذه الطريقة كذلك. إلا أن مصدر هذه الممارسة، ألا وهو دالاس ويلارد (وهو أحد أهم قطبين من أقطاب التشكيل الروحي)، وطبيعتها، كلاهما يؤكدان أنها ممارسة صوفية وليست كتابية.

صحيح أن الكتاب المقدس يقود للسجود، إلا أنه يقود إلى السجود أو العبادة عندما يتم التأمل به والاجترار على معاني نصوصه. وليس أن مجرد ترديده ينتج أحاسيسًا بعينها. الملفت للانتباه أن الدكتور ماهر صموئيل يردد آية من رسالة العبرانيين ثم يسأل الحاضرين "تحس إن في شئ اتحرك ولا مفيش؟ هذه هي كلمة الله". لكن لم يقل لنا الدكتور ماهر صموئيل ما هو الشئ الذي تحرك أو الإحساس الذي شعر به، والذي توقع أنه نفس الاحساس الذي شعر به الحاضرون أيضًا. الجدير بالذكر، أن من يستمع للغناء "بيحس إن في شئ اتحرك" جواه أيضًا ويصيح "الله ... عظمة على عظمة". ومن يقوم بترتيل نصوص غير مسيحية مسجوعة "بيحس إن في شئ اتحرك" ويصرخ "الله ... الله يفتح عليك".

لا يا عزيزي هذه ليست كلمة الله. هذه روحانية أو صوفية أو تقوية ... سمها ما شئت. صحيح أننا مدعون لحفظ كلمة الله، وصحيح أن كلمة الله تقود إلى السجود، إلا أن هذا السجود يأتي نتيجة التأمل والشرح ثم الإيمان. المعنى هو الذي يقود إلى السجود ويحض على الإيمان وليس مجرد الترديد الذي يؤدي إلى مشاعر سطحية. يمكن لأي كلام أن يحرك فينا الأحاسيس. الطريقة الصوفية تركز على الشعور وليس على العقل أو المعنى. لكن استخراج المعاني من النصوص الكتابية وحده هو الذي يقود إلى العبادة ويغذي الإيمان.

يقول لوقا عن تليمذي عمواس أن قلبهما كان ملتهبًا فيهما نتيجة توضيح الكتب "ألم يكن قلبنا ملتهبًا فينا إذ كان يكلمنا في الطريق ويوضح لنا الكتب" (لو ٢٤ : ٣٢). وبولس بعدما شرح عاليمة الخطية والمذنوبية أمام الله، ثم التبرير، والتقديس، والاختيار، استطاع أن يهتف "يا لعمق غنى الله وحكمته وعلمه. ما أبعد أحكامه عن الفحص وطرقه عن الاستقصاء" (رو ١١ : ٣٣).

أن تطعن في كون الكتاب المقدس كتابًا للتعاليم والعظات من ناحية، مع الأخذ في الاعتبار أن هذا ركن من أركان حياة التقوى المسيحية، ثم تدعو لترديد نصوص كتابية لكي تحرك فيك أحاسيس لا نعلم ماهيتها من ناحية أخرى، هو ضربة مزدوجة موجهة ضد الكتاب المقدس. ليس أقل من انحرافًا تعليميًا. وحيدان عن المنهج البروتستانتي الذي اتخذ كل من القراءة النحوية التاريخية لنصوص الكتاب المقدس، ومركزية التعليم، والوضوح العقيدي، منهجًا راسخًا.





 

 

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

لماذا قام المسيح في اليوم الثالث بالذات؟

هل حقا تغير الصلاة مشيئة الله؟

أربعة أعمدة في رحلة قديس