كلية اللاهوت المشيخية بالعباسية واعتمادها الأكاديمي من أوروبا


تحتفل كلية اللاهوت المشيخية بالعباسية هذه الأيام باعتمادها الأكاديمي من أوروبًا. وهذا شىء جيد. إلا أن ما تقر به كلية اللاهوت المشيخية بالعباسية حول الكتاب المقدس أمر لا يدعو للإحتفال بالمرة.

جاء في إقرار إيمانها والبند الثاني المتعلق بالكتاب المقدس:

"تؤمن كلية اللاهوت الإنجيلية بألوهِيَّة وَحْي الكتاب المقدس، وبالتالي أهليته للثقة، وسلطانه في كل ما يتعلق بالإيمان والأعمال".

ولي بعض الملاحظات على البند الثاني.

أقل ما يمكن أن يقال عن هذا البند هو غموضه وقصره واقتضابه وضعفه. الأمر الذي لا يتناسب مع عقيدة خطيرة مثل الكتاب المقدس يُطلق عليها "المبدأ التشكيلي" للإصلاح البروتستانتي Formal Principle لأنه من خلال عقيدة الكتاب المقدس تَشَكَّلَ كل عقيدة وكل شىء آخر آمنت به الكنيسة الإنجيلية على مر القرون.

الإقرار يصر على القول أن الكتاب المقدس "أهل للثقة"، وليس "معصوم". تعبير أهل للثقة تعبير ضعيف جدًا لا يناسب ما تشهد به كلمة الله عن نفسها. ولا يأتي بالإتساق مع المبدأ المصلح سولا سكريبتورا. ولا يعكس ما جاء في إقرار الإيمان الويستمينستري. هناك الكثير من الأشياء التي يمكنها أن تكون أهل للثقة، البشر، وبعض وكالات الأخبار النزيهة. لكن ليس هناك شىء معصوم غير الكتاب المقدس.

كما أن تجنب الإقرار لمصطلحات بعينها واضح جدًأ. فهو يتحاشى مصطلحات مثل: العصمة اللفظية، العصمة الكلية، الوحي اللفظي. حتى أنه مثلاً لم يقل أنه "معصوم فقط بالنسبة للإيمان والأعمال". بل "أهل للثقة فيما يخلص الإيمان والأعمال".

تعبير "في كل ما يتعلق بالإيمان والأعمال" تعبير يحصر أهلية الكتاب المقدس للثقة في الأمور الإيمانية فقط. ويفتح الباب للادعاءات بوجود أخطاء علمية وتاريخية في الكتاب المقدس. إن كان الكتاب المقدس أهل للثقة فيما يتعلق بالإيمان والأعمال، فهذا يدعو للاستنتاج بأنه غير أهل للثقة فيما ورد به من تاريخ وحقائق عن الطبيعة. تعبير "الإيمان والإعمال"، أو صيغته الأخرى "الإيمان والحياة" هو تعبير متوارث عن إقرارات الإيمان المصلحة. لكنه يُستعمل الآن بواسطة غير قويمو الإيمان لحصر موثوقية الكتاب المقدس فقط فيما يخص الإيمانيات دون أي شىء آخر مثل التاريخ أو الحقائق العلمية.

إقرار إيمان كلية اللاهوت المشيخية بالعباسية جاء خلو من أي تصريح عن كفاية الكتاب المقدس ووضوحه. كفاية الكتاب المقدس ووضوحه يسيران جنبًا إلى جنب مع سلطانه وموثوقيته. لكن الإقرار قصد أن يتجنب أو يتغافل التعليم المصلح بكفاية كلمة الله ووضوحها. أية سلطان يمكن أن يكون لكتاب غير كافٍ أو غير واضح؟

ختامًا، وكما أشرت سابقًا، فإن إقرار كلية اللاهوت المشيخية بالعباسية أيضًا لم يعكس أي شىء من إقرار الإيمان الويستمنستري المفترض أن الكنيسة المشيخية المصرية تقر به. سأتركك مع ما جاء بإقرار إيمان ويستمينستر حول الكتاب المقدس لتقارن بينه وبين ما جاء بإقرار إيمان كلية اللاهوت المشيخية بالعباسية.

يقول إقرار إيمان ويستمينستر:

5 – قد نُساق ونُستَحثّ بواسطة شهادة الكنيسة إلى تقديرٍ عالٍ ومُوقِّرٍ للكتاب المقدس. وسماويّة مادته، وفاعليّة تعاليمه، وعظمة أسلوبه، واتفاق جميع أجزائه، وهدفه الكلي (الذي هو تقديم كل المجد لله)، والكشف التام الذي يقدمه فيما يتعلق بالطريق الوحيد لخلاص الإنسان، والأفضال الكثيرة الأخرى التي لا نظير لها، وكماله الكلي، هي حجج بموجبها يبرهن نفسه بغنى أنه كلمة الله: على الرغم من ذلك، فإن اقتناعنا ويقيننا الكاملين بالحق المعصوم وسلطانه الإلهيّ، هما من العمل الداخلي للروح القدس الذي يشهد بواسطة الكلمة ومعها في قلوبنا.

9 – إن القانون المعصوم لتفسير الكتاب المقدس هو الكتاب المقدس نفسه: وبالتالي، عندما يكون هناك سؤال حول المعنى الصحيح والكامل لأيّ نص كتابيّ (المعنى الذي هو ليس متعددًا بل واحدًا)، لابد من البحث عنه ومعرفته من خلال مواضع أخرى تتكلم بوضوح أكثر.

10 – إن الحاكم الأعلى الذي بواسطته يُفصل في كل الخلافات الدينيّة، وبه يجب أن تُفحص كل قرارات المجامع، وآراء الكتّاب القدامى، وتعاليم الناس، والادّعاءات باستنارات خاصة، والذي نتكل على قراراته، لا يمكن أن يكون آخر سوى الروح القدس متحدِّثًا في الكتاب المقدس.

انتهت الاقتباسات من إقرار إيمان ويستمينستر. لكن بقيت كلمة. في ضوء ما جاء في إقرار كلية اللاهوت المشيخية بالعباسية حول الكتاب المقدس، وفي ضوء ما أغفله وما تجنبه الإقرار، يتضح لنا أن كلية اللاهوت المشيخية بالعباسية لا نظرة سامية لديها للكتاب المقدس.



تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

لماذا قام المسيح في اليوم الثالث بالذات؟

هل حقا تغير الصلاة مشيئة الله؟

أربعة أعمدة في رحلة قديس