إيه - يون


بِالإِيمَانِ نَفْهَمُ أَنَّ الْعَالَمِينَ أُتْقِنَتْ بِكَلِمَةِ اللهِ، حَتَّى لَمْ يَتَكَوَّنْ مَا يُرَى مِمَّا هُوَ ظَاهِرٌ  (عب 11 : 13).

اللفظ اليوناني المترجم هنا عالمين هو (αἰών) وينطق (aiōn) ، ويعني أيضا "دهر" أو "زمن"، ومنه اشتقت الكلمة الإنجليزية (aeon) والتي تعني حقب زمنية طويلة جدا. وقد ترجم هذا اللفظ اليوناني في الكثير من المواضع في العهد الجديد بهذا المعني، مثل قوله "ليظهر في الدهور الآتية غني نعمته الفائق باللطف علينا في المسيح يسوع" (أف 2 : 7)، وأيضا في قوله "السر المكتوم منذ الدهور ومنذ الأجيال لكنه أظهر الآن لقديسيه" (كو 1 : 26). وقد تبنت بعض الترجمات الإنجليزية هذا المعني واستبدلت كلمت "عالمين" بـ "أزمنة". وفي ضوء ما سبق فإن كلمة "عالمين" هنا يمكن لها أن تشمل الأزمنة أيضا.

وعلي ذلك فإن الزمان يتساوي مع المكان (أو المادة) في كون كلاهما مخلوقان، وأن أحدهما لم يبدأ وجوده بدون الآخر. وقد ذكر بعض الفلاسفة ما يؤيد ذلك، مثل ما قاله أغسطينس علي أنه لا يمكن أن يوجد أي من الزمان أو المكان بمعزل عن الآخر، وأنه لا يمكن الإحساس بأحدهم دون ادراك الثاني. وقال أيضا عمانوئيل كانط أنه لكي نتمكن من اكتساب اي ادراك مجد للعالم الخارجي فإننا نفهم هذا الأخير بالنسبة للزمان والمكان. وفي كل مرة نحدد فيها المدة الزمنية لابد أن يكون هناك حركة بين شيئين، وأنه لكي يكون لدينا إحساس بالوقت لابد أن يكون لدينا المادة والوقت.

تطبيقا لذلك فإن كان الله عليم بأسرار وتفاصيل المادة ولا يوجد مكان لا يوجد فيه (مز 139 : 7 – 8) فإنه تباعا لذلك لابد أن يكون الله عليما بأسرار الزمان وتفاصيل الأحداث أيضا، وأنه ليس هناك حدثا مخفيا عليه سواء كان ماضيا أم حاضرا أم مستقبلا. ومن ثم فالقول بأن الله لا يعلم المستقبل هو هراء لا معني له، لأن كل من الزمان والمكان مخلوقان بواسطته وأنه من غير المنطقي ادراك أحدهما دون الآخر، كما أنه لابد للخالق أن يحيط علما بخليقته بصورة مطلقة.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

لماذا قام المسيح في اليوم الثالث بالذات؟

هل حقا تغير الصلاة مشيئة الله؟

أربعة أعمدة في رحلة قديس