عندما يضاف إلي الحق الواحد


يبدو أن الكنيسة الطقسية في حالة عداوة مع "الحق الواحد". إذ تجدهم دائما ما يضيفون إلي الحق الواحد والوحيد أمورا أخري. فلو قلنا أن الرب يسوع المسيح هو الحق الواحد – الحق المتجسد – لوجدتهم وضعوا إلي جواره شفعاء وقديسون في السماء يمكن أن تلجأ لهم عند حاجتك وتصلي لهم لأنهم يسمعونك .. فهم كليّ الحكمة والعلم والمراحم والوجود .. مثله تماما ، وبابوات ورؤساء أساقفة وأساقفة وكهنة علي الأرض بما لهم من سلطان يضارع سلطان الرسل بل ويفوقهم كما يشهد التاريخ عن ذلك.. يربطون ويحلون ما يروق لهم حله أو ربطه.

وتراهم أيضا وضعوا إلي جوار الكتاب المقدس – الحق المكتوب – كتبا أخري لها نفس المصداقية والإلزام، مثل الأبوكريفا التي يسمونها الأسفار القانونية الثانية بما فيها من أخطاء تاريخية وجغرافية وتعليمية، والتقليد الكنسي الذي يعتمد علي التقاليد المتوارثة شفاهيا وما أدراك أن تؤسس عقيدتك علي أمور متوارثة شفهيا لأكثر من ألفي عام، والديداخي بما يحويه من رتب لسنا في حاجة لها لأننا جميعا اخوة (مت 23 : 8) وطقوس كنسية لم ترد في العهد الجديد بل ولا تلزمنا لأن كل الطقوس بطلت بمجئ المرموز إليه فيها وهو شخص الرب يسوع المسيح.

وإلي جوار الممارسة الوحيدة لجماعة الرب عند اجتماعها والمذكورة في سفر الأعمال (تعليم الرسل والشركة وكسر الخبز والصلوات) أضافوا قداسا باسيليا وثان غريغوريا وآخر كريلوسيا، والسؤال هنا لماذا لا يوجد مثلا قداسا بطرسيا أو بولسيا أو يوحناويا؟ أليس في هذه التسمية ما يدحض الإعتقاد بأنهم تسلموها من الرسل وإلا لكانت قد نسبت إليهم؟ 

ناهيك عن أن تلك القداسات تمارس أجزاء منها بلغات عتيقة يستغلق علي العامة فهمها وهذا بالمناسبة عكس ما حدث يوم الخمسين حين تكلم الرسل بألسنة اليهود الذين من الشتات الموجودين لكي يفهموا الرسالة، إلا أن المشكلة الأعظم هو أنه يعاد ذبح المسيح فيها كل مرة، مع أن الكتاب المقدس يقول أن المسيح قدم نفسه ((مرة واحدة)) إلي الأبد "الذي ليس له اضطرار كل يوم مثل رؤساء الكهنة أن يقدم ذبائح أولا عن خطايا نفسه، ثم عن خطايا الشعب، لأنه فعل هذا مرة واحدة إذ قدم نفسه" (عب 7 : 27، أيضا 9 : 12 ، 9 : 26 ، 9 : 28 ، 10 : 10). ولا شك أنه بتقديمهم المتكرر لذبيحة المسيح – التي يعتقدون أنها حقيقية إذ تتحول العناصر فيها إلي جسد ودم حقيقيان – يؤكدون أن تقديم المسيح مرة واحدة من ألفي عام لم يكن كافيا وبالتالي لابد من تقديمه في كل قداس، وبهذا يساوونه بالذبائح الطقسية المتكررة في العهد القديم التي كانت تقدس فقط إلي طهارة الجسد "وليس بدم تيوس وعجول، دخل مرة واحدة إلي الأقداس فوجد فداء أبديا. لأنه إن كان دم ثيران وتيوس ورماد عجلة مرشوش علي المنجسين، يقدس إلي طهارة الجسد، فكم بالحري يكون دم المسيح الذي بروح أزلي قدم نفسه لله بلا عيب" (عب 9 : 13).

أما بخصوص النعمة التي هي المبدأ الوحيد لإستحقاق الخلاص فهي – في نظرهم – لا تكفي وحدها للخلاص، بل لابد أن تسير جبنا إلي جنب مع الأعمال الصالحة. وهم بذلك يضيفون إلي استحقاق القبول في المسيح استحقاقاتهم الذاتية بناء علي أعمالهم الصالحة، فلا تصبح النعمة بعد نعمة ولا يكون العمل بعد عملا ويكون المسيح قد مات عبثا "فإن كان بالنعمة فليس بعد بالأعمال، وإلا فليست النعمة بعد نعمة، وإن كان بالأعمال فليس بعد نعمة، وإلا فالعمل لا يكون بعد عملا" (رو 11)، أليست أي إضافة إلي عمل المسيح واستحقاقاته الشخصية تنقص من قيمة شخصه الإلهي وكفارته الغير محدودة القيمة؟ المشكلة أنه عندما يضاف إلي الحق الواحد والوحيد في الأمثلة السابق ذكرها يُستبدل المسيح ويُنقَص من قيمته ويزال من المركز، وتنسب أمجاده لمن لا يستحقها ومن لم يتعب فيها. ونفس الشئ ينطبق علي كلمة الله باعتبارها الحق المكتوب. لماذا كل هذه الإضافات التي تخل بالجوهر؟ ألا يكفينا المسيح بكل أمجاده وكمالات لاهوته؟ أتحتاج كلمة الله التي هي أنفاسه المباركة إلي كتابات بشرية توضع إلي جوارها؟

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

لماذا قام المسيح في اليوم الثالث بالذات؟

هل حقا تغير الصلاة مشيئة الله؟

أربعة أعمدة في رحلة قديس