المسيحية التي مركزها الله

المسيحية التي مركزها الله (ثيوسينتريك)، ترى الله كالغرض الأعظم لكل شئ. فهو مركز الخليقة، وغرضها المطلق. خلقها لكي يتمجد بها ويملك عليها. وأن يملك الإنسان معه، كنائبا مَلَكِيَّاً لِلْمَلِكِ الإلهي الأعظم. وخلق الله جنة عدن كاستراحته المَلَكِيَّة، والإنسان ضيفا على تلك الإستراحة. يستمتع الإنسان أولا بالعلاقة مع صاحب الجنة والأرض، وثانيا يستمتع بمنافع العلاقة معه.

الله هو مركز الصليب أيضا. فمتطلبات عدله وقداسته، واتساقه مع طبيعته وأمانته لوعوده، هي التي دفعته إلى تلك التضحية العظيمة. هذا لا يعني أن الله المتجسد، يسوع، لم يصلب من أجل الإنسان. إطلاقا، فلو لم يكن هذا غرضه لكان الله قد أسلم الإنسان لعدله. لكن الله يفعل الأشياء لأجل نفسه أولا. ولأن الله ليس كالإنسان من منظور ما، فهو عندما يفعل لنفسه أمرا، يكون ذلك لأجل خير الإنسان أيضا.

والصلاة من أجل الإحتياجات والأمراض، ينبغي أن يكون غرضها الله الأول هو مشيئة الله ومجده. مرة أخرى، هذا ليس معناه، أننا لا ينبغي أن نطلب الشفاء أو النجاح أو ملئ الإحتياجات، على العكس، فكلمة الله تحضنا على ذلك مرات كثيرة. لكن شتان الفرق أن نطلب ذلك وغرضنا المركزي والأساسي هو حاجاتنا أو رغباتنا، وليس ميشئته ومجده أولا. طلب مجد الله يؤدي إلى مجد الإنسان. وسعى الإنسان لوضع نفسه في المركز لا يؤل إلى مجده ولا إلى مجد الله. 

والزواج المسيحي غرضه الأول هو أن تظهر صورة الله فينا من خلاله، وليكون انعكاسا لصورة العلاقة الأبدية الدائمة بين المسيح وكنيسته. الزواج المسيحي هو علاقة أسسها الله لكي تشير، ولكي تقود إلى ، ولكي تخدم، العلاقة الأسمى والأبقى، علاقتنا به كأفراد وكجماعة. هذا لا يعني أن الله لم يؤسس الزواج من أجل الإنسان، ولكن الزواج كأي أمر آخر، أسسه الرب لكي يتمجد به، ويُشْرِكُ الإنسان معه في هذا المجد.

طبعا هذا المنظور اللاهوتي ليس سهل التطبيق. كما أنه قد يثير حفيظة الكبرياء البشري الذي يميل بشدة لجعل الإنسان هو المركز لكل شئ (أنثروبوسينتريك). لكن لا خيار أمامنا. إما أن نضع رؤوسنا بالتساوى مع الله، ونرى الغرض من الأشياء والأحداث مناصفة بيننا وبينه. وهذا غير كتابي. أو أن نرى أنفسنا كمحور للأحداث والعلاقات والأشياء، والله يلعب فيها دورا ثانويا. وهذا ضد كتابي. أو أن نجعله هو المركز والغرض الأساسي للكون بكل ما فيه من أحداث وأشياء وعلاقات، وبطريقة جعلت الإنسان قريب من المركز وشريك في الأمجاد. وذلك بحسب ما يعلمنا الكتاب المقدس.

إِذًا لاَ يَفْتَخِرَنَّ أَحَدٌ بِالنَّاسِ! فَإِنَّ كُلَّ شَيْءٍ لَكُمْ: أَبُولُسُ، أَمْ أَبُلُّوسُ، أَمْ صَفَا، أَمِ الْعَالَمُ، أَمِ الْحَيَاةُ، أَمِ الْمَوْتُ، أَمِ الأَشْيَاءُ الْحَاضِرَةُ، أَمِ الْمُسْتَقْبَِلَةُ. كُلُّ شَيْءٍ لَكُمْ. وَأَمَّا أَنْتُمْ فَلِلْمَسِيحِ، وَالْمَسِيحُ ِللهِ. (1 كو 3 : 21 - 23).

بِكُلِّ مَنْ دُعِيَ بِاسْمِي وَلِمَجْدِي خَلَقْتُهُ وَجَبَلْتُهُ وَصَنَعْتُهُ. (إش 43 : 7)

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

لماذا قام المسيح في اليوم الثالث بالذات؟

هل حقا تغير الصلاة مشيئة الله؟

أربعة أعمدة في رحلة قديس