الإرتباط بين وراثة الخطية من الرحم لدى الإنسان وبين اتحاد الطبيعة الإلهية بالطبيعة البشرية في المسيح وهو بعد في الرحم


لفت نظري أن إقرار الإيمان البلجيكي المصلح (1618 – 1619) يؤكد على حقيقتان جوهريتان في المسيحية وفي نفس الوقت متاقبلتان:

أولاً، عقيدة الخطية الأصلية في كون الإنسان يرث الفساد وهو في بطن أمه بعد:

"نؤمن بأنه من خلال عصيان آدم امتدت الخطية الأصليَّة إلى كل الجنس البشري، وهي فسادٌ للطبيعة بأكملها، ومرض وراثي، يُصاب به الأطفال حتى وهم داخل رحم أمهاتهم، وهي تُنتِج من داخل الإنسان كافة أنواع الخطايا، إذ هي بداخله مثل أصل يثمرها؛ ومن ثمَّ فهي نجسة وكريهة في عيني الله حتى أنها كافية لإدانة كل الجنس البشري". (ترجمة خدمات ليجونير)

ثانيًا، وفي المقابلة مع ذلك، يؤكد الإقرار أيضًا أن المسيح له الطبيعة الإلهية وهو بعد في بطن العذراء وقبل أن يولد:

"نعترف، إذن، بأن الله قد حقَّق هذا الوعد الذي قطعه للآباء بفم أنبيائه القديسين حين أرسل إلى العالم، في الوقت الذي عيَّنه، ابنه الأزلي وحيده، الذي أخذ صورَةَ عَبدٍ، صائرًا في شِبهِ النّاسِ، متخذًا بالحقيقة الطبيعة البشريَّة، بكل ضعفاتها، ما خلا الخطية؛ إذ حُبل به في رحم العذراء المُطوَّبة مريم، بقوة الروح القدس، دون تدخُّل من رجل". (ترجمة خدمات ليجونير)

الإرتباط بين الحقيقتين شديد للغاية. فلأن الإنسان وارث للفساد وهو بعد في الرحم قبل أن يولد، ومن ثم عاجز عن تخليص نفسه، اتخذ المسيح طبيعة بشرية (بلا خطية) وهو بعد في الرحم قبل أن يولد، لكي يكون مشابهًا لإخوته في كل شيء. لأن الإنسان فاسد بالحق وهو في بطن أمه بعد، لهذا جاء الرب يسوع المسيح إلهًا حق منذ أن كان في رحم العذراء، لكي يخلص الإنسان الوارث للفساد.

بكلمات أخرى، لكي يخلصنا من الخطية الأصلية، التي نرثها ونحن بعد في الأرحام، اتخذ الابن الأزلي، طبيعة بشرية غير ملوثة، واتَّحَدَ بها، وهو بعد في الرحم. لهذا، فالرب يسوع المسيح ليس إنساتًا حلّ اللاهوت عليه بعد ولادته، بل هو الله الأزلي الذي اتخذ طبيعة بشرية في كل مراحلها الطبيعية، بدءًا من مرحلة تكوّنها كجنين.

التفريط في أي من هاتين الحقيقتين يقوض المسيحية بأكملها. لو لم يكن الإنسان وارث للفساد، لا تنفعك ألوهية المسيح. ولو لم تتحد الطبيعتين في المسيح منذ أن كان جنينًا لا أمل لنا في الخلاص.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

لماذا قام المسيح في اليوم الثالث بالذات؟

هل حقا تغير الصلاة مشيئة الله؟

أربعة أعمدة في رحلة قديس