أعظم الأنبياء علي الإطلاق
لفظة "نبي" العربية هي هي نفسها بالعبرية، وهي مشتقة من فعل يعني "يفيض فائرا". والمعني المشار إليه هنا هو أن الأنبياء كانت لهم نفس المشاعر التي أضنت حشايا الرب الإله، فما يغضبه يغضبهم، وما يحزنه يحزنهم، فكانت نبواتهم بذلك فيضانا وفورانا من ينابيع أحشائهم التي حركتها خطايا وتمرد وبؤس الشعب في القديم. أي أنهم لم يكونوا مؤدون أو ممثلون أو آلات تتنبأ علي الشعب، بل كانوا يعتصرون ألما لآلامهم، ويبكون حزنا علي خطاياهم، ويصلون من أجلهم بدموع كأنما يصلون لأجل ضيقاتهم هم. وهذا يعني أنه كان لهم أيضا نوعا من الحساسية الروحية التي باركهم بها الرب. ومع كونهم كذلك إلا أن أفضلهم لم يخل من الشوائب التي أعاقت ذلك الفيضان النبوي وأتلفت تلك الحساسية.
أما أعظم هؤلاء الأنبياء علي الإطلاق فقد لقب بأنه "النبي" (يو 1 : 21 ، 7 : 40). لأنه لم يوجد شئ فيه لم يكرس لله، فأستطاع أن ينقل لنا أحشاء الله كما هي. فلم ينفذ حلمه بسبب خطايا الشعب مثل موسي بل كان هادئا لا يصيح ولا يسمع أحد صوته في الشوارع .. قصبة مرضوضة لا يقصف وفتيلة مدخنة لا يطفئ، وعندما أكلته غيرته علي بيت أبيه كان رقيقا فقال لباعة الحمام ارفعوا هذه من ههنا. ولم يأخذ ما ليس من حقه أو يقتل مثل داود بل دفع الضريبة التي لم تكن ملزمة له، وأقام الميت الذي أنتن في القبر. ولم يمض لأجل نفسه مثل إيليا اثر تهديدات الملكة الشريرة بل مضي من أجل أحباءه حتي الموت .. موت الصليب .. فدافع عنهم قائلا "دعوا هؤلاء يذهبون". ولم يكن كيونان الذي استكثر علي الرب أن يرحم الأمم الأشرار حتي عصي قول الرب فتأدب منه بل خرج خارج المحلة حيث لم يوجد سوي البرص، ودخل بيوت الخطاة والعشارين حيث لم يدخل أحد من قبله وسمح للزناة بالإقتراب منه ولمسه، فتأدب هو علي الصليب علي ما لم يستحقه نيابة عن كل هؤلاء وأكثر منهم. فهل يوجد نبي أعظم منه؟؟
تعليقات
إرسال تعليق