طرق التأريخ وعمر الأرض


يعتقد الدارونة أن عمر الكون هو أربعة ونصف بليون عام. وهذا الإعتقاد مؤسس علي ما يسمي بطرق التأريخ بواسطة الراديوأيزوتوب (Radioisotope Dating) والتي تشمل التأريخ بالكربون المشع. ويقولون أيضا أنه بناء علي تجارب التأريخ التي أجريت علي الكثير من الحفريات وجدوا أن أعمار هذه الأخيرة ترجع إلي ملايين السنين. وهذا بدوره يعني أن السجل الأحفوري مرده ليس طوفان نوح - كما يعتقد الخلقيين - بل ملايين السنين من التطور، ومن ثم فيمكن اعتبار سفر التكوين بما يحويه من قصة الخلق والطوفان خرافة، وبالتالي لا يوجد خالق ولا خليقة وأن الطبيعة هي كل ما هو موجود وأنها أيضا أوجدت نفسها بنفسها. ولاشك أن هذا أمرا هاما تقوم أو تقعد عليه فرضية التطور، لهذا تجدهم يستميتون في الدفاع عن فكرة حفريات عمرها ملايين السنين.

أما عن آلية التأريخ نفسها فإن تحديدهم لعمر الحفرية لا يكون بطريقة مباشرة وذلك لأن الصخور السديمية التي تحتوي علي الحفريات لا يمكن اخضاعها مباشرة لطرق التأريخ تلك، لهذا فهم يلجأون إلي قياس عمر الصخور المرتبطة بالحفريات وهي الصخور النارية (Igneous Rocks) التي كانت منصهرة ثم تشكلت عندما بردت وتصلبت الحمم المنصهرة. وأثناء عملية التصلب تلك تتخلل الصخور بعض المواد المشعة (Radioactive Material) ، ومع مرور الوقت يحدث تحلل لهذه المواد المشعة إلي مواد غير مشعة أكثر استقرارا، مثل تحلل اليورانيوم إلي رصاص والبوتاسيوم إلي أرجون.

وعملية القياس تتم عن طريق تحديد كمية المادة الأم المشعة والمادة المستقرة (الغير مشعة) المتولدة عن هذا التحلل، ثم تحسب المدة الزمنية التي انقضت لإتمام هذا الإنحلال. وبذلك فهم يقسيون معدلات التحلل في الماضي علي معدلات التحلل الحالية ثم عمل استنتاج علي ذلك. وهذا المبدأ لا يخلو من ثلاثة افتراضات: أولا أن المواد التي يتم قياسها بدأت كلها كمواد مشعة دون أي وجود للمواد الغير مشعة المتولدة عنها. ثانيا: أن معدل التحلل للمواد المشعة ظل ثابتا عبر الوقت ولم يتغير. ثالثا: أنه لم يتم إضافة أو إزالة أي من المواد الأم المشعة والمواد الغير مشعة المتولدة عنها طيلة عملية التحلل. وهذا الأمر ينطوي علي الافتراض بأن النظام مغلق ولا يسمح بدخول أي عوامل تغير من كمية المواد الموجودة. علي سبيل المثال فكلا من اليورانيوم والرصاص يذابان في الماء، ولو كانا هذان العنصران قريبان مثلا من مياه البحر أو عرضة للأمطار لزاد ذلك من احتمالية تغير كميتيهما عبر الوقت بفعل تلك العوامل الخارجية.

أمثلة علي التناقضات التي تأتي بها طرق التأريخ

ولسبب تلك الإفتراضات التي تعمل بها طرق التأريخ فإن نتائج القياسيات التي يقومون بها تأتي متضاربة في الكثير من الأحيان، وهذه نتيجة طبيعية لعدم أخذ العوامل التي ذكرناها في الإعتبار. ولدينا عدة أمثلة علي ذلك: قمة جبل ناجاروهو في نيوزيلاندا قذفت بالحمم البركانية ثلاثة مرات في أعوام 1949 ، 1954 ، 1975. فقام مجموعة من العلماء في عام 2003 بجمع ثمانية عينات من تلك الحمم البركانية في الثلاثة أعوام التي حدثت فيها تلك الأنشطة البركانية لقياسها بواسطة أحدي المعامل المستقلة بطريقة (بوتاسيوم – أرجون) فجاءت النتائج لتقول أن عمر الصخور يترواح بين 270 ألف عام إلي ثلاثة ونصف مليون عام.

مثال ثان علي تناقض النتائج التي تظهرها طرق التأريخ مع الواقع وهو الإنفجار البركاني لقمة جبل سانت هيلين بولاية واشنطون الأمريكية. حين تكونت قمته من الحمم البركانية التي قذف بها البركان عام 1984 أخضعت عينات من الصخور للتأريخ الإشعاعي لتحديد عمرها فجاءت النتائج متضاربة من جديد أيضا، حيث ترواحت ما بين 350 ألف سنة إلي 2 مليون وثلاث مائة ألف عام.

مثال أخير يظهر تضارب طرق التأريخ بالعناصر المشعة هو أن الكربون المشع (C14) والمفترض عدم وجوده أو اكتشافه بعد 90 ألف عام (نظرا لأنه ينحل بعدها) يوجد بوفرة في الفحم الذي يقولون أن عمره يترواح بين 35 إلي 315 مليون عام بحسب ما يدعيه الداريوينيون، ويوجد بوفرة أيضا في الماس الذي يقولون أن عمره يترواح من بليون إلي ثلاثة بلايين عام. كما أن كمية الكربون المشع في كل من الفحم والماس واحدة مما يدل علي أنهما تكونا في نفس الوقت.

والسؤال الذي يفرض نفسه هنا إن كانت طرق التأريخ أخفقت في تحديد عمر الصخور التي نعرف عمرها بالفعل لأننا عاصرنا تلك الإنفجارات البركانية، فما بالك بتلك التي لا نعرف عمرها مثل الصخور الأخري التي لم يروها عندما تكونت وتشكلت؟ كيف نثق في طرق التأريخ بعد أن أخفقت في أبسط الإختبارات؟

هل بالضرورة يأخذ التحفر وقتنا طويلا لحدوثه؟

لعله خير لنا هنا أن نترك الخبراء يجيبون عن هذا السؤال، يقول دكتتور فيل كيري عالم الحفريات (الدارويني) "أن الوقت المتطلب لإحدي العظام لحدوث عملية تحفر كاملة متنوع بشدة. إذا كانت المياه الجوفية محملة بالمعادن المذابة فإن العملية يمكن أن تحدث بسرعة. فالعظام الحديثة التي سقطت في المنابع المعدنية يمكن أن تتحول إلي حفريات في خلال أسابيع. وحفظ الأنسجة الرقيقة في بعض حفريات الديناصورات إلي الآن يشير إلي أن التحفر يمكن أن يحدث في غضون أيام، تحت ظروف استثنائية". وهكذا فإن عالما داروينيا للحفريات يشهد بنفسه أن عملية التحفر لا تطلب ملايين السنين كما يقول الكثير من الدراونة، ولكن بضعة أيام كافية إذا توافرت ظروف بعينها.

نماذج لبعض الحفريات التي تثبت عمر الأرض القصير

1) هناك مثلا (بحسب موقع ساينس ديلي) حفرية جمبري متطابقة تماما مع الجمبري الذي نأكله جميعا اليوم، والمفترض أن عمر تلك الحفرية هو 360 مليون عام، وبناء علي ما يدعيه التطوريون فإما أن التطور لم يحدث أو إما تأريخهم غير صحيح.

2) سمكة السيلاكانث المفترض أن عمرها 60 إلي 70 ممليون سنة (بحسب موقع الناشيونال جيوجرافيك نيوز) وُجِدَت تسبح في سواحل جنوب أفريقيا، وهذا أيضا يدفعنا للتساؤل لماذا لم تتطور السيلاكانث؟ وهل يمكن الإعتماد علي طرق التأريخ تلك؟ الغريب أن السبب المذكور في المقال (علي الموقع المشار إليه بعنوان: السيلاكانث .. حفرية حية تطورت ببطئ) لتفسير عدم تطورها هو أنها لم تحتاج إلي التطور لإنعدام الإفتراس طيلة ملايين السنين ومن ثم لم تحتاج السمكة إلي المواءمة مع البيئة والتطور. غريب أمر هؤلاء الطبعانيين فعندما يأتي الدليل ضد اعتقادهم المسبق يقولون أنه لم يكن هناك حاجة للتطور!!

3) مثال أخير هو حفرية لديناصورات من نوع T-Rex ، والمفترض أن عمرها حوالي 65 مليون عام ، إلا أن العالمة ماري شوايتزر اكتشفت بإحداها خلايا دم حمراء وأنسجة رقيقة وأوعية دموية، ولم تصدق عينيها، وعندما قدمت الحقيقة كما هي بدون رتوش أو تزوير تم انتقادها إلا أنها أكدت صدق النتائج. ومع ذلك فلم تغير قناعتها بأن عمر الحفرية ملايين السنين فعلا. ولكن كيف يمكن لحفرية بهذا القدم أن يظل بها تلك المواد التي تتحل بسرعة مثل خلايا الدم الحمراء والأنسجة الرقيقة والأوعية الدموية؟

بعض علماء عصر النهضة يؤكدون علي أن عمر الأرض ستة آلاف سنة

وليس فقط أن مكشفات العلم الحديث تؤيد كونا حديث العهد، بل هناك أيضا بعض علماء النهضة من الذين أرسوا أسس العلمي التجريبي الحديث يعتقدون بذلك. فمثلا المؤرخ ورئيس أساقفة آيرلاندا جيمز أشر (في القرن السابع عشر) استطاع - في مؤلفه الضخم "سجلات العالم" والمكون من 1300 صفحة – أن يقوم بحساب عمر الخليقة بسرده لتأريخ العالم والأحداث الرئيسية فيه من بدء الخليقة إلي عام 70 ميلادية، حيث أن النتيجة التي توصل إليها (بغض النظر عن دقتها) هي أن العالم خلق في الثالث والعشرين من أكتوبر عام 4004 قبل الميلاد.

السير اسحق نيوتن – والذي يلقب بأعظم العلماء علي مر العصور – ألف كتابا مدافعا فيه عن تأريخ جيمز أشر حيث توصل أيضا إلي نفس النتيجة (تقريبا) التي توصل إليها الأسقف أشر بأن الخليقة جاءت عام 4000 قبل الميلاد. ولا شك أن فكر مثل هذا كان سيتعرض حتما للهجوم لهذا انبري السير اسحق نيوتن للدفاع عنه.

وأخيرا فإن عالم الفضاء يوهانس كيبلر الذي اكتشف قوانين حركة الكواكب واعتبر أبو الفيزياء الفضائية توصل أيضا من خلال دراساته العلمية واللاهوتية إلي أن العالم خلق عام 3992 قبل الميلاد.

خلاصة القول أن آليات التأريخ كلها تعتمد علي الإفتراضات مما ينتج عنه نتائج متضاربة لأعمار الصخور التي تخضع لتلك القياسات. وهذا كافي لأن يجعلنا نتشكك لا في دقتها بل في صحتها من الأساس. ضف إلي ذلك المكشفات الحفرية الحديثة التي تثبت أن عمر الأرض بضعة آلاف وليس بضعة بلايين.



تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

لماذا قام المسيح في اليوم الثالث بالذات؟

هل حقا تغير الصلاة مشيئة الله؟

أربعة أعمدة في رحلة قديس