الفاتيكان يدعي أن نظرية داروين تتفق مع المسيحية




يقول رئيس الأساقفة ورئيس المجلس البابوي للثقافة جيانفرانكو رافاسي أن الكنيسة كانت في حالة عداوة مع نظرية داروين منذ القديم مع أن الفكرة يمكن تقفي أثرها في كتابات أغسطينس وتوما الأكويني. ويضيف (الأب) تانزيلا نيتي قائلا "لم يسمع أغسطينس قط مصطلح التطور ولكنه كان يعرف أن السمكة الكبيرة تأكل الصغيرة ، وأن كل أشكال الحياة تتحول ببطئ عبر الوقت ، وقد تكلم توما الأكويني أيضا عن تلك المشاهدات". والأدهي من ذلك كما يذكر المقال أن الفاتيكان يعتزم التقليل من أهمية موضوع "التصميم الذكي" والذي يفيد بأن هناك قوة عليا مسؤولة عن التعقيد الذي في الحياة.


في العقد الثاني من القرن العشرين حدثت فضيحة مدوية يدعوها المؤرخون "فضيحة انسان بيلت داون". ولمن لم يسمع عنها فإن أحد القساوسة يدعي الأب بيير تيلهارد جنبا إلي جنب مع تشارلس داسون وآرثر وودوارد الباحثان بمجال الحفريات قاموا بتركيب النصف الأسفل من جمجمة شامبانزي مع النصف الأعلي من جمجمة بشرية وادعوا أن هذه الحفرية هي لإنسان القرد الذي يمثل الحلقة الإنتقالية بين الإنسان الحالي وقرد الغاب ، ولكن عندما تطورت تقنيات البحث العلمي تم فضح هذا الكذب فيما بعد. ولا أعلم لماذا ربطت هذه الحقيقة التاريخية بهذا المقال. لعل السبب يكمن في أن كلاهما كاثوليكيا (الفاتيكان والأب بيير تيلهارد) وأن الكنيسة الكاثوليكية بروما لازالت تحقد علي الكتاب المقدس لأنه من انتزع سلطانها قديما لدرجة أنهم لقبوه بـ " البابا الورقي"؟! إذ أن اعتبار نظرية داروين صحيحة من شأنه التشكيك في مصداقية الكتاب المقدس. وأن الذين يريدون المزج بين الخلق والتطور فهؤلاء أما مغرضون أو جانبهم الصواب. وهذا ما أكده ريتشارد داكينز شيخ الملحدين ورئيس كهنتهم الأعظم عندما قال أن الخدام الإنجيليون الذين يرفضوع دمج نظرية التطور بالخلق يدركون جيدا – أكثر من الذين خلطوا بين الإثنين – أن نظرية التطور من شأنها هدم الكتاب المقدس ككل. ما علينا من هذا الربط لعله مجرد هلوسة من جانبي. ولكن يبقي السؤال: هل تريد الكنيسة الكاثوليكية بروما – بوقوفها في صف العلم الكاذب الإسم ضد الكتاب المقدس بإعتبارها من يشجع العلم والعلماء – حشد العالم شعوبا وحكومات إلي جوارها لربما يمكنها أن تستعيد زعامتها التي سلبت منها قديما علي يد الإصلاح؟!! مجرد سؤال!

أما بالنسبة لما قاله رئيس المجلس البابوي الثقافي بخصوص محاولته إثبات امكانية التوفيق بين نظرية التطور والكتاب المقدس ، فأولا كونه رئيسا لمجلس بابوي ثقافي فهذا لا يعني شيئا لكل من يعتبر الكتاب المقدس هو رئيسه الأوحد والوحيد دون أي بشر مهما ارتقي شأنهم. وثانيا فإن التوفيق بين نظرية التطور والمسيحية يدخلنا في مشاكل لاهوتية كثيرة أهمها علي الإطلاق هو أنه إذا كنا نقول أنا الله استخدم التطور في الخلق فإننا بذلك نطعن الإنجيل في مقتل. لأن التطور يعمل من خلال آليات معينة هي الإنتخاب الطبيعي والصراع من أجل البقاء ، وهذه الآليات تتطلب الموت والمرض والصراع لكي تحدث. وإن كان الإنسان تطور عن مخلوقات كانت أقل تعقيدا وأكثر بدائية منه فإننا بذلك نقول أن الموت والمرض والصراع جميعا سبقت خلق آدم وخطيته ، وبالتالي فإنه لا يوجد علاقة بين الخطية والموت ، الأمر الذي من شأنه أن يقوض الإنجيل المقدس الذي نؤمن به. ناهيك عن تناقضات لاهوتية أخري كثيرة يعوزنا الوقت لسردها وضحدها. 

وأخيرا فإن محاولة إثبات عدم تعارض نظرية داروين مع الحق الكتابي عن طريق الزج بإسم أغسطينس وتوما الأكويني فهو لا ينم إلا عن محاولة أخري للكذب المتعمد. إذ يقول البروفسير بنو زويدام وهو أستاذ التاريخ الكنسي واليونانية أن أغسطينس تبني المعني الحرفي للإحدي عشر اصحاح الأولي في سفر التكوين. كما أن هناك بعض الأمور التي تكلم عنها بوضوح جدا ولا تخدم فكرة المزج بين التطور والخليقة مثل عمر الأرض الصغير ، تاريخية وحرفية آدم وحواء كأبوينا الأوائل ، أحداث جنة عندن والطوفان. ومع أن تعليم الخليقة عنده كان معقدا ، إذ كان يؤمن أن المادة كلها خلقت في اليوم الأول وأن الخليقة استغرقت أقل من ستة أيام. إلا أنه لم يعلم أبدا أن كل نوع تطور إلي نوع آخر. وعلي الرغم من أنه في بداية الأمر تبني المعني الرمزي لكلمة "يوم" في الأصحاح الأول من التكوين ولكنه نبذ ذلك فيما بعد فكتب كتاب بعنوان "ضرورة تبني المعني الحرفي لسفر التكوين". ويضيف أخيرا أنا ما علمه أغسطنيس علمه أيضا آباء الكنيسة الآخرون مثل أوريجون وباسيل وتوما الأكويني. وقد ظل هذا الإعتقاد سائد إلي القرن التاسع عشر.

http://www.telegraph.co.uk/news/religion/4588289/The-Vatican-claims-Darwins-theory-of-evolution-is-compatible-with-Christianity.html

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

لماذا قام المسيح في اليوم الثالث بالذات؟

هل حقا تغير الصلاة مشيئة الله؟

أربعة أعمدة في رحلة قديس