هادمين ظنونا (3)


صعود الداروينية والظروف التي أدت إلى انتشارها


تحدثنا في الفصل السابق عن الفرق بين العلم والعَلْمَوِيَّة، وأن هذه الأخيرة نشأت عن تأليه العلم ونسبة إمكانيات له ليست فيه. فالعلم يُعْنى فقط بدراسة العالم الطبيعي المنظور، أما المسائل الأخرى التى تتعلق بالوجود الإنساني فهي خارج نطاقه. ولكن للأسف الإنجازات التي حققها العلم التجريبي نُسبت بغير حق إلى النظريات القائمة على الافتراضات غير المثبتة بوسائل العلم التجريبي، من تجربة يمكن تكرارها ورصد مباشر لتلك التجارب التي يتم إجراؤها. ورأينا أيضًا كيف أثمرت تلك العَلْمَوِيَّة عما يسمى بأشباه العلوم، وفرضية التطور واحدة من أشباه العلوم تلك. وهنا نريد أن نتطرق إلى الظروف التي أدت إلى إنتشار الداروينية رغم كونها من أشباه العلوم ولا تندرج تحت العلوم التشغيلية المثبتة. 

أول سؤال يطرح نفسه علينا هو: هل نظرية التطور اكتشافًا حديثًا؟

فرضية التطور ليست حديثة النشأة، بل قديمة قدم أساطير الحضارات الأشورية والبابلية والمصرية القديمة. فقد اعتقد أولئك القدماء بأن الحياة على الأرض نشأت وتدرجت نتيجة تأثير الكواكب عليها. وأن إختلاف صور الحياة والأنواع على الأرض سببه تبدل تأثيرات الكواكب السيارة كل ألف سنة. بل ويذكر الدكتور مجدي عبد الحفاظ (أستاذ فلسفة ودكتوراة في العلوم الإنسانية من جامعة باريس) أن فلاسفة اليونان كانوا أول من عالج هذه المسألة معالجة فلسفية. وأشهر من تحدث فيها هو أناكسيماندر حيث رد ظهور الحياة إلى أسباب طبيعية نتيجة اختلاط العناصر بحرارة الشمس وأثر اختلاط هذه الأخيرة فيها. وأن الأحياء تقلبوا في صور من النشوء والإرتقاء حتى بلغت حالتها الحاضرة. بل وأكثر من ذلك قال أن الإنسان أصله سمكة شارحًا واقع إنتقاله من الماء إلي اليابس. [1] وهناك من الباحثين من يرى أن قدماء اليونان أخذوا أفكارهم عن التطور من قدماء البابليين والمصريين والهندوس.[2] وأخيرًا، فإن هناك أيضًا من بين فلاسفة المسلمين من قدم نظريته حول التطور مثل إخوان الصفا، ومسكويه، والبيروني وابن خلدون. [3]

فماذا عما يُنسب إلى داروين من اكتشاف نظرية التطور إذًا؟

على الرغم من أن الفرضيات البدائية التي قال بها قدماء بابل ومصر واليونان ليست هي بذاتها فرضية داروين، إلا أن الفكرة المحورية واحدة وهي أن الأنواع نشأت بسيطة من أصل واحد ثم أخذت في التعقيد بفعل العوامل الطبيعية. وهذا ما يُفهم من عنوان كتاب داروين "أصل الأنواع بواسطة الانتخاب الطبيعي". ومع ذلك تظل فرضية داروين نفسها بدائية بالمقارنة مع مكشفات العلم الحديث التي جاءت بعد نشر داروين لكتابه أصل الأنواع. مثل إكتشاف التعقيد الذي تتميز به الخلية الحية، وإكتشاف الدور الرئيسي الذي تقوم به الجينات في نقل الصفات الوراثية بواسطة العالم المسيحي جريجور مندل، الأمر الذي جعلهم يغيّرون من فرضيتهم ليستوعبوا بها الاكتشاف الجديد الذي حققه الراهب والباحث مندل، فأطلقوا علي الصياغة الجديدة لنظريتهم بعد تحويرها "الداروينية الجديدة" Neo-Darwinism. إذا فلا نستطيع القول أن داروين أضاف شئ جوهري جديد إلى الفكرة القديمة القائلة بنشوء الأنواع من أصل واحد، وذلك لأن فرضيته جاءت قبل إكتشافات علمية حقيقية حول تعقيد الخلية وقوانين الوراثة المندلية.

ما هي مصادر الإلهام عند داروين؟

على الرغم أن فكرة التطور في حد ذاتها ليست حديثة بل ضاربة في القدم هكذا كما رأينا، إلا أن المصادر الفكرية التي ساهمت في بلورة الموضوع لدى داروين كانت معاصرة له. فمن خلال قراءتنا لتاريخ داروين، يتضح أن هناك بعض المفكرين بعينهم تأثر بهم داروين. وأولهم هو الإقتصادي الإنجليزي توماس مالتوس الذي قام بصياغة نظرية اقتصادية شرسة تدعو لترك الفقراء يموتون جوعًا بسبب قلة الموارد الطبيعية، فالطعام يتزايد في العالم بصورة حسابية 1 – 2 – 3 – 4 ، بينما يتزايد عدد سكان العالم بصورة هندسية 2 – 4 – 8 – 16 وهكذا. وبالتالي ينبغي أن يُترك هؤلاء الفقراء لابادتهم بواسطة الطبيعة، ومن ثم يستطيع من هم أحق منهم بالحياة العيش والتكاثر. وقد ذكر الموقع الإلكتروني الخاص بمتحف الحفريات التابع لجامعة كاليفورنيا بأن داروين إعترف بتأثير نظرية مالتوس عليه، وكيف أنه إستقى منها فكرته عن الصراع بين الكائنات الحية والبقاء للأقوى. [4]

ولم يكن مالتوس هو المفكر الوحيد الذي تأثر به داروين. فأثناء وجود هذا الأخير على سفينة البيجل، التي استقلها لإجراء رحلاته الاستكشافية لجزر الجلاباجوس، أهداه ربان السفينة كتابا إسمه "مبادئ الجيولوجيا" للعالم تشارلس لايل. وفي هذا الكتاب قدم المؤلف نظرية جديدة في الجيولوجيا مفادها أن الصخور تكونت تدريجيًا عبر ملايين السنين. وذلك على خلاف النظرية الكوارثية التي كانت سائدة إلى وقت صدور هذا الكتاب، والتي كانت تُرْجِع تكوّن الصخور، وما بها من حفريات، إلى الكوارث الطبيعية. وإذ قرأ داروين كتابه هذا تأثر به فقام بتطبيق نظرية لايل بيولوجيًا على الفور، فقال أن التغيّرات البيولوجية التي تحدث للكائنات الحية تأخذ ملايين السنين أيضًا. ومن هنا إستقى داروين فكرة ملايين السنين التي تطلبتها نظريته. [5] وبناء عليه، يمكننا القول أن مصادر الإلهام عند داروين جاءت، على الأقل، من فرضيتا توماس مالتوس الإقتصادية وتشارلس لايل الجيولوجية.

انتحال أم سبق علمي؟

لعل المرء يستطيع أن يتساهل مع المحاولة الناجحة لداروين لإقحام نظريات إقتصادية وجيولوجية لا يمكن التحقق منها تجريبيًا على علم الأحياء، باعتبار أنها إجتهادات عالم أولاً وأخيرًا. ولكن ما لا يمكن ابتلاعه هو أن داروين نفسه انتحل أفكاره، وخاصة تلك التي تتعلق بالانتخاب الطبيعي، من بعض العلماء الآخرين المعاصرين له. نعم، هذا أمر صادم ولكنه حقيقة أدلى بها الخبراء!

أمضى الدكتور مايك ساتون، خبير التحقيق الجنائي بجامعة نوتينجهام ترنت، سنوات كثيرة في دراسة ما إذا كان ادعاء داروين بأنه وصل إلى نظريته حول الإنتخاب الطبيعي في نفس الوقت الذي وصل فيه أيضًا باتريك ماثيو بخصوص الإنتخاب الطبيعي صحيح أم لا. وفقًا للتحقيقات التي أجراها الدكتور مايكل ساتون فقد إكتشف أن داروين كذب بخصوص هذا الأمر. والحقيقة هي أن داروين ارتكب أكبر غش علمي في التاريخ بانتحاله لأبحاث باتريك ماثيو كاملة في الإنتخاب الطبيعي، بما فيها مصطلحاته وملاحظاته وشروحاته الخلّاقة. ويري د. ساتون أن كتاب داروين "أصل الأنواع بواسطة الانتخاب الطبيعي" ما كان سيرى النور لولا أبحاث باتريك ماثيو. [6]

في هذا الصدد أيضًا، ونقلاً عن العلامة الدكتور جيري بيرجمان (دكتوراه في البيولوجيا ودكتوراه أخرى في العلوم الإنسانية)، يقول عالم النبات والجينات هوجو دي فريس أنه لاحظ أن بعض النقاد لا يعتبرون أن هناك أي إضافات علمية ذات قيمة أدخلها، أو استحدثها داروين، على نظرية التطور عن طريق الإنتخاب الطبيعي. وأن دراسة تاريخ نظرية التطور يظهر أن داروين انتحل أفكاره الرئيسية في الموضوع من آخرين دون أن ينسب لهم الفضل في سبقهم العلمي عليه. ويذكر النقاد أيضًا أن هناك آخرون إنتحل داروين منهم دون أن ينسب لهم الفضل، مثل جده إيراسموس داروين وألفريد راسل ولاس وربرت تشامبرز. [7]

كيف كان المناخ الفكري الذي ظهر فيه كتاب "أصل الأنواع" لداروين؟

وثمة سؤال آخر يثور هنا وهو: إن لم يكن داروين هو أول من تكلم عن التطور والانتخاب الطبيعي، فلماذا هذا الصعود المفاجئ والحاد للداروينية؟ لاشك أن العامل الرئيسي الذي سبب هذا الإنتشار والرواج للداروينية هو رياح التغيير الفكرية والفلسفية التي هبت على القارة الأوروبية مما خلق مناخًا فكريًا ملائمًا لنمو الداروينية، والتي لولا العوامل الفكرية المساعدة والمعاصرة لها لما كان لها أن تصل إلى مثل هذا الإنتشار الذي بلغ حد التأليه. ولأن العلماء في عصر التنوير كانوا فلاسفة وصناع فكر أيضًا فهذا جعل لفلسفاتهم ثقلاً ومصداقية لدى طالبي العلم والعامة. وإن ألقينا نظرة سريعة على تطور الفكر النظري (الفلسفي) الذي قاده هؤلاء الفلاسفة في عصر التنوير العلماني الذي امتد من القرن السابع عشر إلى القرن التاسع عشر لاستطعنا أن نكوّن فكرة عامة عن المناخ الذي كان سائدًا في الوقت الذي نشر داروين كتابه "أصل الأنواع بواسطة الانتخاب الطبيعي" عام 1859.

علي الرغم أن الفلسفة ولدت علمانية وتطورت على أيدي الفلاسفة العلمانيين في اليونان القديم، فمرت بمرحلة ما قبل سقراط ثم سقراط ومرحلة ما بعد سقراط، ووصولاً إلى القرون الأولي وظهور المسيحية، إلا أنه بقدوم هذه الأخيرة كان أعظم الفلاسفة مسيحيون. مثل أغسطينوس، وتوما الأكويني، وأنسلم. فكان المفكرون المسيحيين هم اللاعبون الرئيسيون في صناعة الفلسفة الغربية لقرون عديدة. الأمر الذي كان له أثر بالغ الأهمية في إنتشار الإيمان بالله. ولكن بحلول القرن السابع عشر رجع صولجان الفكر الفلسفي إلى الفلاسفة العلمانيين. فلم يعد الفلاسفة المسيحيين هم صناع الفكر الفلسفي كما اعتدنا أن نرى طيلة القرون الأولى والعصور الوسطى.

أولى الفلسفات الشكوكية التي عملت على خلق المناخ المناسب لصعود الداروينية وترعرعها كانت هي الفلسفة العقلانية. وترى العقلانية أن العقل هو المصدر الرئيسي للمعرفة بالمقابلة مع المصادر الإبستمولوجية الأخرى للمعرفة كالحواس، أو حتى، الإيمان الذي يتطلب الإعلان الإلهي. ومن ثم فلسنا في حاجة إلي أية إعلانات إلهية فوقطبيعية. وثاني تلك الفلسفات الشكوكية هي الفلسفة التجريبية، والتي تنادي بأن معرفتنا بالحق، أو بالواقع، تأتي عن طريق الحواس. أما العقل فيلعب فيها دورًا ثانويًا. وبناء علي ذلك فكل ما لا يمكن إدراكه من خلال الحواس غير موجود. ومن ثم ينبغي أن تُرفض الحقائق التي لا يمكن اختبارها حِسِّيَاً مثل الله. ولأن كل من العقلانية والتجريبية فلسفتان متنافستان، ظهرت فلسفة أخرى للتوفيق بينهما. ولكن كان لتلك الفلسفة أثرًا سلبيًا على المعرفة فتشككت في إمكانية الحصول عليها من الأساس. وهذًا ما يعرف بلاأدرية عمانوئيل كانط. رَأَىَ هذا الأخير أننا نعرف الأشياء فقط كما تبدو لنا، وليس بما تكون عليه هذه الأشياء في ذاتها. وبالتالي لا يمكن معرفة الحق بصورة مطلقة. 

إلى جوار ذلك، نادى هيجل بما يسمى بوحدة الوجود. فالتاريخ ليس فقط إعلان عن الله بل هو الله نفسه مقتحمًا التاريخ. وهذا الأخير ليس إلا إظهار الله لذاته وتفكيره في نفسه واختياره لذاته في إطار الزمان والمكان. لهذا فلسنا في حاجة إلى إعلان خاص من الله عن نفسه لأنه هو نفسه الطبيعة والتاريخ. وبما أن التاريخ في حالة من التطور، إذًا فالله نفسه قيد عملية تطور. وإذا أخذنا في الإعتبار أن الإله الذي يعتقد به هيجل ليس بالضرورة إلهًا شخصيًا، فليس بخافٍ على القارئ، إذًا، الترابط والتداخل الشديدان بين الداروينية وما خلص إليه هيجل من فكر. 

وأخيرًا وليس آخرًا، آمن نيتشه بالعدمية. إذ لم يرى أن هناك معنى مطلق للحياة لأنه لا يوجد إله. وهذه حقيقة مريرة ينبغى أن نتعايش معها. والحل يكمن في التخلص من الدين وأيضًا في الرغبة الطبيعية في السلطة، أو ما أسماه بـ "البطولة البيولوجية". وهي نوع جديد من الوجود الأصيل يشكله "السوبرمان"، أو الإنسان المتفوق. هذا الإنسان المتفوق سيكون أعلى وأسمى بكثير من المسار الطبيعي للبشرية. ونستطيع أن نلاحظ هنا أيضًا الصلة الوثيقة بين هذا الفكر والداروينية. فضلاً عن ذلك، كان هناك أيضًا بعض الفلسفات الأخرى التي عملت على تهيئة المناخ انتشار فرضية داروين ولكن يضيق المجال هنا لذكرها. [8]

لا شك أن هؤلاء الفلاسفة اختلفوا فيما بينهم من حيث ما انطلقوا منه وما انتهوا إليه، إلا أنهم اتفقوا على أن الكتاب ليس هو نقطة انطلاقهم ومرجعهم الأعلى فيما يتعلق بالميتافيزيقا والأسئلة الوجودية الصعبة التي تواجه الإنسان من حيث أصله ومعنى وجوده ومصيره بعد الموت. فالبعض حصر المعرفة في العقل والبعض في الحواس وآخرون قالوا بأن المعرفة المطلقة غير ممكنة. وما وراء الطبيعة لا يمكن الوصول إليه. لهذا ينبغي أن نحصر معرفتنا وبحثنا في الطبيعة المادية المحيطة بنا لأنها، هي أقصى ما يمكن أن نصل إليه ونتحقق منه. وهذا ما تحاول الفلسفة الداروينية الطبعانية (نسبة إلي أن الطبيعة هي كل ما يوجد) فعله. وهو أن تفسر الأسئلة المتيافييزقية الإيمانية، كأصل الإنسان، ومعنى وجوده، ومصيره بعد الموت، من خلال النظرة الطبعانية فقط. أي أننا أتينا من مادة سابقة الوجود، وكل كياننا مادي لا يوجد به روح، وأنه لا يبقى فينا شئ بعد الموت، بل يفنى كل ما فينا.

علاوة على أن التوقيت الذي ظهر فيه كتاب "أصل الأنواع" لداروين اتسم بالشكوكية في أشكالها المختلفة التي تعرضنا لها مما أعد الساحة للترحيب بالداروينية واعتناقها، فإننا نعتقد أن داروين نفسه كان متأثرًا بتلك الفلسفات الشكوكية باعتباره جزء من المجتمع الذي انتشرت فيه تلك الفلسفات. وهذا ما يؤكده الدكتور دونالد باتون – وهو عالم في فسيولوجيا النبات وباحث مسيحي في قضية النشأة والأصول. إذ يرى أن داروين عاش في جامعة مدينة إدنبره التي وجدت فيها النوادي والمجتمعات العلمية، وبالتالي فمن غير المعقول أن داروين لم يكن على دراية بتلك الأفكار السابقة له. بل ومن المحتمل أن تكون نظرية داروين نفسها قد أتت كخلاصة للبوتقة الفكرية التي انصهرت فيها تلك الفرضيات الفلسفية التي إنتشرت في الدائرة الاجتماعية التي وجد بها. [9]

مما سبق يتضح لنا أن تلك الفلسفات والمذاهب الفكرية الشكوكية العلمانية عملت عمل القوالب التي وضعت فوق بعضها واكتملت بمجئ الداروينية، فأدت إلى هذا الصعود المفاجئ لها، مع أنها لم تكن بالفكر الجديد بالمرة. ونتيجة لذلك بُني جدار كبير عازل بين العلم والإيمان بسرعة شديدة. إذ يقول البروفسور هنري م. موريس وإن كان هناك الكثير من العلماء المؤمنين بالله في عصر النهضة إلا أنه بحلول تلك الفلسفات الشكوكية أخذ العدد في الاضمحلال قليلاً، ولكن ظل هناك اعترافًا إسميًا بوجود الله. ولم يمضي أكثر من عشر سنوات منذ أن ظهر كتاب "أصل الأنواع لداروين" حتى اعتنق المجتمع الفكري والعلمي في العالم كله تقريبا نظرية داروين. [10]

ولأن داروين لم يكن لديه وقت للمجادلات العلمية واللاهوتية والأخلاقية التي سببها كتابه أصل الأنواع، تولى صديقه توماس هكسلي الذي لقب نفسه بـ "كلب حراسة داروين" مهمة الدفاع عنه، حتى أن دارون نفسه وصفه بأنه "وكيلي الصالح الطيب في الإعداد للإنجيل .. إنجيل الشيطان". [11] وبذلك، وجد داروين من يسانده ويقف إلى جواره ويروج نظريته دون أن يتكبد هو المشقة الرهيبة التي نتجت عن نشر أفكاره الخطيرة. وهكذا اجتمعت كل المقومات لانتشار نظرية داروين بتلك السرعة والحدة. بدء من الأبحاث التي انتحلها، والحركات الشكوكية السابقة والمعاصرة، له ناهيك عن من ساندوه من المتشككين مثله.

الخلاصة

الظن الذي نريد هدمه هنا هو أن نظرية داروين سبقًا علميًا، بل قديمة قدم حضارات شرق أدنى. وأن داروين ليس عالمًا بل منتحلاً ولم يتحلى بالأخلاق العلمية. وأن السبب الرئيسي في إنتشار نظريته، ليس في كونها اكتشافًا علميًا، بل الفلسفات الشكوكية التي تزامنت مع ظهور الداروينية فَعَبَّدَتْ الطريق لها. فصعدت الداروينية على أكتاف الحركات الفلسفية الأخرى، وصعد داروين نفسه على أكتاف باحثين سابقين له. فداروين مفلسًا كما داروينيته. 



[1] مجدي عبد الحافظ، فكرة التطور عند فلاسفة الإسلام، ترجمة هدى كشرود (المشروع القومي للترجمة) (الطبعة الأولى 2005) ص 24 - 26.
[2] Evolution: an ancient pagan idea by Paul James-Griffiths
[3] مجدي عبد الحافظ، فكرة التطور عند فلاسفة الإسلام، ترجمة هدى كشرود (المشروع القومي للترجمة) (الطبعة الأولى 2005) ص 11.
[4] Thomas Malthus
[5] Jonathan Sarfati, Refuting Evolution, Chapter 1, Example of the naturalistic assumptions driving evolution
https://creation.com/refuting-evolution-index
[6] SArah Knapton, Did Charles Darwin 'borrow' the theory of natural selection?, Science correspondent
[7] Jerry Bergman, Did Darwin plagiarize his evolution theory?
[8] R. C. Sproul, The Consequences of Ideas 
[9] Carter, Robert, Evolution’s Achilles’ Heels, 2014, p.22
[10] Henry M. Morris, Men of Science Men of God, p.61
[11] The Correspondence of Charles Darwin:, Volume 8; 1860, Cambridge University Press, page 316

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

لماذا قام المسيح في اليوم الثالث بالذات؟

هل حقا تغير الصلاة مشيئة الله؟

أربعة أعمدة في رحلة قديس