هادمين ظنونا (14)


الداروينية وأخلاقيات البقاء للأقوي


رأينا في الموضوع السابق كيف أن الداروينية بأركانها الأربعة (الأصل، المعني، الأخلاقيات، المصير) تقدم منظورا فلسفيا ودينيا للحياة. وأن الإلحاد الدارويني لا يعلق الإيمان بالله أو يوقفه وإنما يتخذ موقفا إيمانيا دوجماتيا تجاه الوجود، وبهذا فهو لا يختلف عن باقي الأديان بما له من تلك الأركان الأربعة. واليوم نتناول واحدا من تلك الأركان الأربعة بشئ من التفصيل، ألا وهو الأخلاقيات.

قبول الداروينية كفلسفة لابد أن يكون له تضمينات اجتماعية ومجمتمعية، وذلك لأن أي فلسفة لابد أن تنعكس علي السلوك الفردي أو المجتمعي. والداروينية ليست نظرية بيولوجية بحتة، بل تم (ويتم) تطبيقها إجتماعيا أيضا فيما يعرف بالداروينية الإجتماعية. أي أن الفرد داخل المجتمع بل والدول فيما بينها في حالة من التنافس والصراع من أجل البقاء. ومثل هذا الفكر خطير جدا وبسببه أبيد ملايين الأشخاص في أماكن كثيرة من العالم علي أيدي طغاة سياسيون كما سنري. أخرج الله من معادلتك الأخلاقية وتنهار منظومتها بالكامل، وهذا ما قاله تماما الأديب الروسي دوستيوفسكي "إن لم يكن الله موجود فكل شئ مستباح".

وقد أدرك بعض الدراونة أنفسهم المعضلة التي يواجهونها كنتيجة لإنكار وجود معيار أخلاقي عالمي غرسه الله في الإنسان وأن هذا الأخير هو في حالة من الصراع من أجل البقاء فقط. توماس هاكسلي الذي لقب بكلب حراسة داروين لكونه أشد المدافعين عن نظرية التطور كتب قائلا أنه يريد تعليم الكتاب المقدس لأولاده في المدارس لأنه اعتقد أن نظرية التطور تقود ضمنا إلي التجرد من الأخلاقيات. (1) يقول أيضا ريتشارد داكينز "عندما يتعلق الأمر بالعلم وبشرح العالم فأنا دارويني متحمس، ولكن عندما يتعلق الأمر بالأخلاقيات والسياسة فأنا عدو متحمس ضد الداروينية". (2) ونستطيع أن نجد سبب التخوف الشديد والقلق لدي داكينز من التطبيق المباشر للمبادئ الدراوينية الإجتماعية في قوله "الكون الذي نراه .. غير مُصَمَّم، لا غرض له، ولا خير ولا شر فيه، لا شئ سوي اللامبالاة العمياء القاسية .. الـ DNA لا تعقل ولا تكترث. هي فقط. ونحن نرقص علي وقع موسيقاها" (3) ومعني ذلك أنه لو قتل الدارويني فهو لا يقتل سوي لأنه يرقص علي موسيقي الموروثات الجينية فيه، فلا يد له في القتل الذي يقترفه أو في الإغتصاب الذي يغتصبه، لأنه يرغب في البقاء، وهذا المبدأ الأخير يلزمه للدخول في الصراع واستباحة كل شئ يقف في طريقه. وليس فقط أن القتل لا يكون حينها شرا، بل يصبح آلية من آليات الطبيعة العمياء. فبحسب إلتزامهم المسبق بالطبعانية بأن الطبيعة أو المادة هي كل ما يوجد فإنه لا يوجد حينها خيرا أو شرا. والبشر والحيوانات الذين جاءوا وتطورا من الطبيعة هم مجردون من الخير والشر لأنهم جزء من الطبيعة المحايدة المجردة.

في الداروينية بصفة عامة (وفي الإلحاد المتسلح بالداروينية بصفة خاصة) دعوة للتحرر من القيود الأخلاقية والروحية المرتبطة بالايمان بوجود خالق ديان سيجازي الجميع حسب أعمالهم. واذا ادعي أحد الدراونة الملحدين انه خيِّر في ذاته دون حاجته للايمان بالله فسؤالي له إذا من أين جئت بهذه الأخلاقيات وأنت لم تأت إلا من ذرة مجردة ليست خيرا ولا شرا؟ إن قلت من المجتمع، فمن أي جاء بها المجتمع أساسا؟ أليس المجتمع في أصله هو مجموع الأفراد؟ تذكر الموسوعة الدولية للعلوم الإجتماعية أنه "حتي في الحالة الطبيعية فإن الناس لهم الحق في الحياة، والحرية، والمِلكية. وفي رأي جون لوك، فبمجرد تأسيس الحكومة، فإن الحكام يصبحون ملزمين، للحفاظ علي تلك الحقوق الطبيعية للأفراد. وبهذا فإن العدالة بالنسبة لجون لوك تسبق تأسيس الحكومة، وتضع بعض القيود علي من يمتلكون السلطة". (4)  وإن كنا نعترف أن هناك من الحروب سببها التدين إلا أن الكتاب المقدس لم يكن سببا لأي عنف أو حرب. بل علي العكس من ذلك ففي أولي صفحات سفر التكوين نقرأ عن كرامة الإنسان والحيوان وعدم وجود فرق بين الذكر والأنثي والأعراق المختلفة.

ولدينا من البراهين هنا ما يكفي لإدانة الداروينية بتهمة العنف والقسوة، وأنها السبب وراء الكثير من العنصرية والإجهاض والإعقام (نزع الاعضاء التناسلية) والإبادات الجماعية والحروب، بعض هذه التهم التي حاول ملحدوا داروين بأن يوجهوها لنا نحن زورا وبهتانا، أي أن الإيمان بالله في نظرهم هو السبب وراء الحروب والعنف. ولكن العكس صحيح فالإلحاد المتسلح بفرضية داروين هو المبرر وراء الكثير من العنف ، وهذا الأخير هو النتيجة المنطقية الطبيعية لإنكار وجود الله. يقول كل من الأستاذان الجامعيان والباحثان اللاهوتيان ديفيد كاتشبول ومارك هاروود "إن لم نأخذ حالات الإجهاض في الإعتبار (والتي تقدر بالملايين أيضا) فإن عدد الأشخاص الذين قُتلوا في القرن العشرين بإسم الإلحاد 130 مليون، بينما الذين قُتلوا بإسم المسيح لم يتجاوز 17 مليون. (5) وللأسف فهذه هي الحقيقة التي لا نسمعها لأن الصوت الأعلي في الغرب الآن أضحي هو صوت ملحدو داروين. وسنسوق هنا أمثلة من التاريخ العالمي علي صدق ما نقوله.

المحرقة الأفريقية

لم يكن اليهود فقط هم من أقيمت لهم المحارق، ولم يكونوا هم وحدهم من تأذّوا من تلك الممارسات الوحشية المدفوعة بإلالحاد الدارويني. ففي القرن التاسع عشر احتلت ألمانيا ناميبيا وقامت بما يعرف بـ "المحرقة الأفريقية" ضد هذا الشعب، وتسمي أيضا "الإبادة الجماعية لقبائل الهيرورو"، الأمر الذي أثمر عن إنقاص أعدادهم إلي أقل من الربع. فقد رأي الألمان أنفسهم كالجنس الأكثر تطورا فأطلقوا علي أولئك الأفارقة "القردة". كانوا يضربون الذكور حتي الموت لأهون المخالفات، أما نساءهم فكان يتم التعامل فيهن بإعتبارهن رقيق لممارسة الجنس. وقد وصل تأثير داروين علي الألمان عندما تُرجم كتاب "أصل الأنواع" إلي الألمانية عام 1875، ثم قام بترويج نظرية داروين إيرنست هيكل المدافع العظيم عن الداروينية والمزور الكبير أيضا الذي قام بتزوير مراحل تكون الجنين الإنساني بمشابهتها بمراحل تكون الجنين لدي بعض الكائنات الأخري. آمن إيرنست هيكل أن فرضية التطور ستحضر ثورة كاملة في نظرة البشرية للعالم. وقال أن الإعتقاد بالداروينية لابد أن يتبعه نبذ الأخلاقيات المسيحية وهكذا أعدت الساحة لإعتبار أولئك الأفارقة درجة ثانية من البشر ومن ثم اسبتاحة دمائهم وأعراض نساءهم. (6)

الأستراليون الأصليون (الأبوريجينال)

وكما رأي الألمان أنفسهم كالجنس الأكثر تطورا وأن الأفارقة أقل تطورا وبشرية منهم وأنهم "قردة" وأقرب للحيوانات، كذلك عاني أيضا سكان أستراليا الأصليون من الرجل الأوروبي الذي جاء إليهم ليحتلهم ويستبيح أرواحهم وممتلكاتهم. فقد تم قتل الأبوريجينال (سكان استراليا الأصليون) ثم أرسلت جثثهم إلي متاحف لندن لعرضها هناك بإعتبارها الحلقة المفقودة بين الإنسان القرد والإنسان الحالي. (7) ولعل أحد الدراونة يعترض وما ذنب داروين في اعتقادهم بذلك. فنقول له أن داروين نفسه ذكر في كتابه "نشأة الإنسان" أن أولئك الأستراليون أقل تطورا. وهذا هو نص الكلام كما كتبه داروين نفسه:

"وعند أحد الفترات المستقبلية، التي ليست بعيدة جدا عند قياسها بالقرون، فإن الأعراق المتمدينة من الإنسان سوف تبيد، بشكل مؤكد تقريبا، وتحل محل، الأعراق غير المتمدينة في جميع أرجاء العالم. وفي نفس الوقت .. فإن القرود الغير مذيلة الشبيهة بالإنسان سوف يتم بلا شك إستئصالها. وعندئذ سوف تتسع الثغرة الموجودة بين الإنسان وأقرب الأقرباء له، لأنها سوف تقع فيما بين الإنسان وهو في حالة أكثر تمدينا، كما قد نأمل، أن تصل إلي أكثر من تمدين العرق القوقازي، وبعض أنواع القرود منخفضة المستوي مثل البابون، بدلا من الموجودة حاليا بين الزنوج أو الإستراليين الأصليين والغوريلا". (8)

وهذا يعني – كما يقول كل من البروفيسير تيري مورتنسون وروجر باترسون – أن داروين يري أن المعدلات المختلفة التي يحدث بها التطور ينتج عنها درجات مختلفة من البشر. وهو غالبا ما يشير إلي الأوريبيون المتحضرين والهمجيون الذين يعيشون في مناطق مختلفة من العالم. ويري داروين أيضا أن بعض هؤلاء الهمجيون أقرباء بدرجة شديدة للقردة الغير مذيلة، حتي أنه لا يوجد حد فاصل واضح لذلك في التاريخ البشري يمكن أن نستخدم عنده لفظة "إنسان" .. وهذا يقود بصورة مؤكدة إلي موقف عنصري كما لاحظ البروفيسير ستيفين ج. جولد أن الجدل البيولوجي بخصوص العنصرية إزداد أضعافا مضاعفة عقب اعتناق نظرية التطور. (9)

محارق هتلر لليهود وغيرهم

لو سألت أحدهم من هو أشر إنسان جاء علي العالم لخطر علي باله مباشرة هتلر، وهو يستحق عن جدارة هذا اللقب. فهو معروف بأفكاره النازية التي قتل بسببها كثيرون. كان الألمان يرون أنفسهم علي أنهم العرق الأفضل (Master Race) وأن باقي الشعوب أو الأجناس أقل منهم في التطور والقوة. فرأي هتلر أنه ينبغي تطهير ألمانيا داخليا ممن هم دون الجنس الآري النازي ثم بعد ذلك الصراع مع الامم الأخري من أجل البقاء. فقتل ستة ملايين من اليهود وخمسة ملايين من غير اليهود من الزنوج والمعاقين ورجال الدين المسيحي والمسيحيين والغجر والشواذ جنسيا والمرضي العقليين والتواءم الذين أجريت عليهم التجارب، وغير هؤلاء الكثيرون ممن اعتبروا في نظر النازيين غير مستحقين أو غير كفؤ للحياة (10). وعبارة "الغير مستحقين أن يُتْرَكُوا أحياء" كانت شائعة في تلك الأيام عن هؤلاء الذين أشرنا إليهم.

وفي كلمات هتلر نفسه نجد ما يدل علي إعتقاده بأن الإنسان تطور عن القردة، وأن البشر الأذكياء هم أكثر تطورا بين أقرانهم. وبالتالي فهناك درجات من الحياة الإنسانية. يقول هتلر "العالم يتكون عدد سكانه من 2250 مليون يستطيع المرء أن يحسب 170 ديانة ذات أهمية خاصة – تدعي كل منها أنها مستودع الحق. ولذلك فعلي الأقل 169 منهم مخطئون. ومن بين الأديان التي تمارس اليوم لا يوجد من بينها من هو أقدم من 2500 عاما. ولكن قد وُجِد بشر من فئة قرود البابون علي الأقل لمدة 300 ألف عام. والمسافة التي توجد بين إنسان الغاب الآن والإنسان العادي المعاصر أقل من تلك المسافة الموجودة بين رجل العصر العادي ورجل آخر مثل شوبنهاور". (11)

في مُؤَلّف آخر لهتلر لم يكتب له النشر ذكر صراحة إعتقاده بالصراع من أجل البقاء "أنواع المخلوقات الموجودة علي الأرض لا حصر لها. وعلي المستوي الفردي فإن غريزة الحفاظ علي الذات جنبا إلي جنب مع التوق إلي التكاثر هي دائما أمر غير محدود. ومع ذلك فإن المساحة التي تشغلها هذه العملية الحيوية محدودة. إنها مساحة السطح من ميدان تم قياسه بدقة تتصارع فوقه بلايين البلايين علي الحياة والتوارث. وفي هذه الحدود الضيقة لمساحة المعيشة يكمن الإكراه علي الصراع من أجل البقاء، والصراع من أجل البقاء بدوره يحتوي علي الشروط اللازم توافرها للتطور." (12)

يقول أيضا الفيلسوف المسيحي آر. سي. سبرول أن البعض أطلقوا علي الفيلسوف فريدريك نيتشه بأنه "فيلسوف التطور"، وأنه أخذ فرضية التطور إلي ما هو وراء البعد البيولوجي حيث قال أن كل من الفلسفة والدين والمنطق كلها ثمار أو منتجات للتطور. (13) أما عن العلاقة بين هتلر ونيتشه فقد ذكر أيضا سبرول في إحدي محاضراته عن نيتشه أن العريف البافاري هتلر في صراعه في السنوات الأولي قام بإرسال نسخا من أعمال نيتشه لجميع أنصاره وأصدقاؤه المقربين له لأنه كان مقتنعا بأنه وجد لدي نيتشه مبررا لإبتكار نظام جديد متفوق أو عرق بشري متفوق، أي الجنس الآري.

جوزيف ستالين

هو مجرم آخر من مجرمي الحرب العالمية الثانية. قام بتصفية مليون ونصف من معارضيه السياسيين فيما يعرف تاريخيا بالتطهير الكبير، ويقدر عدد الذين قتهلم حوالي ستين مليون. (14) أما عن تأثير داروين عليه يقول البروفسير المسيحي والعلامة جيري برجمان أن ستالين قرأ كتاب أصل الأنواع لداروين في سن الثالثة عشر. قال ستالين "ليس الله غير عادل، في الواقع هو غير موجود. لقد خُدعنا. فلو كان الله موجود لكان قد جعل هذا العالم أكثر عدلا. سأعيرك كتابا وستري بنفسك" فقدم نسخة من كتاب داروين (أي قدم نسخة للشخص الذي كان يناقشه). (15)

ماو تسي تونج

قتل ما بين 40 إلي 70 مليون فرد من شعبه، بالإضافة إلي سحق خصومه السياسيين، مؤلفيه المفضلين هما داروين وهكسلي. (16)

تحسين النسل (اليوجينكس)

لم تقتصر الفداحات التي ارتكبها الدراونة علي القتل فقط، بل قاموا أيضا بما يعرف بـ "تحسين النسل" عن طريق عزل أو إعقام من رأوا أنهم لا يستحقوا أو غير مؤهلين للتناسل مثل غير البيض (الملونين) والمعاقين والمرضي العقليين ومدمني المخدرات وكثيرين غيرهم. ورائد دراسة تحسين النسل تلك أو (Eugenics) هو فرانسيس جالتون وإبن عم داروين نفسه. وقد كان كتاب الأصل الأنواع لداروين نقطة تحول كبيرة في حياة فرانسيس جالتون. يقول هذا الأخير "ظهور كتابك أصل الأنواع شكل أزمة حقيقية في حياتي، فكتابك بدد قيود الخرافات القديمة (أي البراهين الدينية المؤسسة علي فكرة الكون المصمم) كما لو كان ذلك كابوسا مزعجا وأنت أول من أعطاني حرية الفكر". وداروين أيضا تأثر بما كتبه جالتون في موضوع "تحسين النسل" وقد أشار إليه ما لا يقل عن إحدي عشر مرة في كتابه "نشأة الإنسان".

رأي جالتون أن الفقراء ليسو ضحية ظروفهم ولكنهم في مكانة بيولوجية أقل من الأغنياء. واعتقد أن البشر مثل الحيوانات ينبغي السماح لهم بالتناسل بشكل إنتقائي (أي اعطاء فرصة التناسل لمن هم في حالة بيولوجية أفضل فقط). وهو من صاغ المصطلح الإنجليزي (Eugenics) والذي يعني "تحسيل النسل"، وهي الدراسة المختصة بطرق تحسين الصفات العقلية والفسيولوجية للجنس البشري.

وبهذا فقد نادي بعكس ما يعلمه الكتاب المقدس بخصوص سقوط الجنس البشري في آدم، فرأي البشر في الصعود السريع (التطور) من نقطة منخفضة وأنه بعد ملايين السنين من البربرية فإن جنسنا البشري صار متحضرا ومتدينا جدا.

والتاريخ المعاصر يحكي لنا ما اقترفه هؤلاء المجرمون في حق الإنسانية. فقد أصدرت بعض الولايات الأمريكية في الولايات المتحدة قوانين لإعقام من يعتبرون "غير مؤهلين" للحياة مثل المدمنين والمعاقين ذهنيا ومدمني المخدرات والفقراء والعمي والطرش ومن يعانون من الصرع ومرضي الزهري والسل، وقد كان هناك سبعون ألف ضحية لتك القوانين. وما بين عامي 1935 و 1976 كابدت السويد ستون ألف مواطنا سويديا كضحايا لتلك الممارسات. وكل من النرويج وكندا فعلا نفس الشئ أيضا. ونصيب ألمانيا من ذلك كان كبيرا، فقد مارست هذه الفداحات أيضا ضد مواطنيها عام 1933 بقيادة هتلر. (17) وللأسف لازال هذا العلم موجود إلي اليوم ولكن تحت مسميات مختلفة مثل "الأحياء الإجتماعية" و"علم السكان"، الأمر الذي يدعو للقلق.

الإجهاض في العصر الحديث

وفي يومنا هذا أيضا لازالت تُقترف الملايين من جرائم قتل الأجنة في بطون أمهاتهم بحجة أنهم ليسوا بشرا بعد. فنظرية التطور تستخدم لتبرير فداحات مثل الإجهاض. فقد كان يتم تدريس نظرية التطور جنبا إلي جنب مع الإعتقاد بأن الجنين البشري في بطن أمه يمر بمراحل تطور في الشهور الأولي، كالمرحلة التي يكون له فيها زعانف مثل السمكة، ثم لاحقا يكون له ذيل مثل القردة. وتقدر أعداد من يُقتلون سنويا بحوالي خمسين مليون جنين. وهكذا يضرب البشر المعاصرون عرض الحائط بقدسية الحياة البشرية التي هي علي صورة الله ومثاله وبالوصية الكتابية القائلة "لا تقتل".

جرائم فردية

القتل والإغتصاب لهما ما يبررهما لدي بعض الدراونة لأنهما ليسا سوي آليتان من آليات الصراع من أجل البقاء. كالكتاب الذي اشترك في تأليفه اثنان من العلماء الداروينيون عن الإغتصاب بوصفه واحدا من ميكانكيات التطور (A Natural History of Rape). وعن القتل فخذ مثلا علي ذلك جيفري داهمر القاتل المتسلسل الأمريكي الذي قتل بوازع من إيمانه بأنه أتي تطور من الوحل. وأيضا بيكا إيريك أوفينن الذي قتل بعض الصبية في مدرسة ثانوية في فينلاندا لإعتقاده أنه أكثر تطورا من الكثيرين من البشر الذين هم أدني منه بحسب الهرم التطوري. ومذبحة المدرسة الثانوية كولومباين في ولاية كولورادو الأمريكية التي قام فيها مراهقان بقتل خمسة عشر شخص. وقد توصلت التحقيقات فيما بعد إلي أن أحد القاتلين كان يرتدي فانلة مكتوبا عليها "الإنتخاب الطبيعي". وأنهما هما الإثنان كانا يؤمنان بالأفكار النازية بوجود جنس متفوق علي باقي الأجناس. ولعل القارئ الكريم سمع أيضا عن البروفيسير وليام بروفاين وهو من أشد المدافعين عن نظرية التطور عندما قال في الفيلم الوثائقي الشهير "مطرود وغير مسموح لك بالذكاء" لبن ستاين أنه إذا عاد إليه الورم السرطاني ثانية لن يترك نفسه يصارع ويتألم تحت وطأته مثل أخيه بل سيطلق النار علي نفسه قبل أن يصل لتلك المرحلة.

وهكذا كما تحقق القارئ الكريم بنفسه أن الداروينية ليست بريئة كما يدعي الدراونة، بل علي العكس من ذلك فإن الكثير من الشرور التي ارتكتب بدءا من القرن التاسع عشر إلي الآن هي بسبب الإعتقاد بفرضية داروين. أما الكتاب المقدس علي خلاف الداروينية فيعلم بأن الحياة الإنسانية لها كرامتها وقيمتها وقدسيتها، فالإنسان ذكرا وأنثي مخلوقا علي صورة الله ومثاله، وأنه لن يفني أو يذهب إلي العدم كما تقول نظرية التطور، ولكنه سيواجه خالقا دايانا عادلا سيجازي كل واحد حسب أعماله. ولهذا فعلي الإنسان أن يسكن الأرض ويرعي الأمانة التي أؤتمن عليها سواء كانت الخليقة المادية أم البشر رفقاءه أم الحيوانات.




(1) Huxley, morality and the Bible, by Russell Grigg

(2) The Descent of Man, Episode 1: The Moral Animal, Broadcast on The Science Show on ABC Radio National, Presented and produced by Tom Morton
(3) God's Not Dead: Evidence for God in an Age of Uncertainty 
By Rice Broocks, Stephen Mansfield, page 51
(4) International Encyclopedia of the Social Sciences, 2nd edition, volume 4, page 237, under "Justice"
(5) Evolution's Achilles' Heels by 9 Ph.D Scientists, page 247-248
(6) Evolution's Achilles' Heels by 9 Ph.D Scientists, page 249
(7) Evolution Exposed by Roger Patterson, Chapter 10, The Origin of Humans
https://answersingenesis.org/human-evolution/ape-man/the-origin-of-humans/
(8) "نشأة الإنسان" لتشارلس داروين ترجمة وتقديم مجدي محمود المليجي
 ومن اصدار المجلس الأعلي للثقافة لعام 2005 المجلد الأول ص 373

(9) The New Answers Book 3 by Ken Ham, General Editor, page 279
(10) The Holocaust's Forgotten Victims: The 5 Million Non-Jewish People Killed By The Nazis by Louise Ridley
(11) Hitler's Table Talk, His Private Conversations, Translated by Norman Cameron and R. H. Stevens, page 68
(12) The New Answers Book 4 by multiple authors and PhD Scientists, page 59

(13) The Consequences of Idea by R. C. Sproul, page 160

(14) Evolution Achilles’ Heels, by 9 Ph.D Scientists, page 253

(15) The Darwin Effect: Its Influence on Nazism, Eugenics, Racism, Communism, Capitalism & Sexism, by Dr. Jerry Bergman, page 290

(16) Evolution Achilles’ Heels, by 9 Ph.D Scientists, page 253
(17) Eugenics … death of the defenceless, The legacy of Darwin’s cousin Galton By Russell Grigg







تعليقات

إرسال تعليق

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

لماذا قام المسيح في اليوم الثالث بالذات؟

هل حقا تغير الصلاة مشيئة الله؟

أربعة أعمدة في رحلة قديس