عشر سمات للمسيحية الليبرالية


على الرغم من ضخامة الحركة الليبرالية من ناحية، وميوعتها من ناحية أخرى، الأمر الذي يزيد من صعوبة الحديث عنها، إلا أن هناك مجموعة من السمات المشتركة تجمع تلك التيارات الليبرالية معاً. ولكن لماذا عشر سمات؟ قد تزداد أو تنقص هذه السمات من باحث إلى آخر. بل وقد تُعالج نفس هذه السمات من زوايا أخرى بواسطة باحثون آخرون، طبقاً لما يُراد التركيز عليه. لكن قصدت أن أقدم على الأقل عشر سمات للاهوت الليبرالي لكي يكون هذا المسح العام جداً أكثر شمولاً، من ثم يتسنى للقارئ أن يلم بالموضوع قدر الإمكان. وإليك تلك السمات العشر للاهوت الليبرالي:

1 - الليبرالية منهج أكثر منها عقيدة

طُلِبَ مني بواسطة البعض أن أقترح لهم كتاب يشرح معتقدات الليبراليين. والإجابة المختصرة التي كنت أقدمها هي أن الليبرالية منهج أكثر من كونها معتقد. الحركة المسيحية الليبرالية لا هيكل عظمي لها، فهي أشبه بـ "الجيلي فيش". عقائدها تُحَدَّدُ لا على المستوى الجماعي، بل الفردي. وهي قيد المراجعة المستمرة، والتغيير الجذري. فبينما تمتلك الكنيسة التاريخية القويمة الكثير من قوانين وإعترافات الإيمان (ولا سيما في التقليد المُصْلَح)، فإنه لا قانون ولا إعتراف إيمان واحد يوجد لدى الليبراليين. الليبرالية اللاهوتية لا تحكمها إعترافات إيمان، أو مجامع كنسية تصدر التصريحات الإيمانية وتقوم بعزل كل من لا يمتثل لتلك الإقرارات الإيمانية. 

وحول كون الليبرالية منهجية أكثر من كونها عقيدة، يقول القس الليبرالي والمصلح الإجتماعي الأمريكي مارتن لوثر كينج جونيور (يُرْجَىَ عدم خلطه مع المصلح الألماني الكتابي العظيم مارتن لوثر في القرن السادس عشر):

"من الأهمية بمكان أن نذكر في البداية أن الليبرالية منهج وليست عقيدة. "يتحد الليبراليون ليس بمجموعة من العقائد المتفق عليها ولكن بروح مشتركة، وهدف مشترك، وحرية للجميع" [كلمات اقتبسها كينج من كاتب آخر]. من المؤكد أن المعتقدات الليبرالية هي معتقدات فردية، وعلى أي حال، فهي تخضع لمراجعة مستمرة. يقينيات ذلك الفرد الليبرالي حول الدين لا توجد في مجموعة من العقائد، ولكن في الإختبار الحيوي. ومن هذا المنطلق يمكننا أن نرى أنه من المستحيل تحديد تاريخ محدد لبداية الليبرالية، فلا يمكننا إلا أن نذكر فقط أنها منهجية". [1]

الليبراليون يتفقون على ما لا يؤمنون به، لكنهم يختلفون على ما يؤمنون به، أي جوهر الديانة الليبرالية. بمعنى أن الليبراليون أجمعوا فيما بينهم على رفض العقائد الكتابية للمسيحية التاريخية القويمة، بينما لا يستطيعون الاتفاق حول البدائل التي ينبغي تقديمها للعقائد المسيحية القويمة التي ينكرونها. لو كان لليبراليون قانون إيمان، لكان ينص فقط على ما لا يؤمنون به. وهذا ما يؤكده أيضا المؤرخ والمفكر اللاهوتي المعاصر روجر أولسون:

"اختلفوا [الليبراليون] فيما بينهم حول العديد من المسائل، لكنهم وافقوا على المنهج الأساسي للاهوت الذي التزم بمنهج شلايرماخر ولكن بطريقة مُعَدَّلَة إلى حد ما". [2]

هذا في حد ذاته كفيل بأن يخبرنا أن معتقدات الليبراليون تأتي متضاربة ومتباينة فيما بينها من حيث جوهرها. وشئ طبيعي أن يختلف الليبراليون جذرياً عن بعضهم البعض لأن لا كتاب مقدس يحكمهم (كما سنرى)، ولا قانون إيمان يجمعهم، ولا حتى مجامع كنسية تحاسبهم. وأي معتقد في النهاية مسموح به بحجة أنه اجتهاد ومحاولة لفهم الخبرة الإنسانية. 

2 - الليبرالية تحتفظ بالمسميات المسيحية مع إفراغها من معانيها الكتابية التاريخية

تأمل معي هذا التصريح: "أنا أؤمن بألوهية المسيح وبقيامته من الموت وخلاصه". والآن دعني أسالك سؤالاً: قائل هذه الكلمات، مسيحي ليبرالي أم مسيحي محافظ؟ والإجابة هي قد يكون هذا أو ذاك. ولكن هل يمكن أن ينطق شخص بتلك الكلمات الإيمانية العميقة ويكون ليبرالي؟ طبعاً. العبرة إذا هي ما يقصده من وراء تلك الكلمات. فلو قال لك أحدهم أنه يؤمن بألوهية المسيح وقيامته وخلاصه، اسأله بالضبط عما يقصد بهذه الأمور، وستفاجئ بأن تلك العقائد التاريخية قد لا تعني لديه ما تعنيه لدى كل مسيحي كتابي قويم الايمان. قد يكون ما يقصده بألوهية المسيح هو أن المسيح استطاع أن يحقق أعلى مستوى من الصلاح البشري (أو الوعي بالله كما يقول شلايرماخر)، وبالتالي أقرب إلى الألوهية. وقد يكون المقصود من الإعتراف بقيامة المسيح هو قيامته الروحية وليست الجسدية. أو قد يقصد القيامة الجسدية للمسيح ولكن ينسب لها معنى آخر كأن يكون ذلك نوع من التطور (مثلما يقول كاتب مصري بروتستانتي). وأخيراَ، فقد يعني الليبرالي بإعترافه بخلاص المسيح، بأنه خلاص ذو طبيعية سيكولوجية مستيكية، وليس من سلطان الخطية وعقوبتها كما تعلم المسيحية الكتابية الإنجيلية.

ولكن ما السبب في أن الليبرالي لا ينكر الحق بطريقة مباشرة، وأنه يعيد تعريف العقائد المسيحية مفرغاً إياها من معناها القويم المتعارف عليه؟ السبب يكمن، كما سنرى، في محاولة اللاهوتي الليبرالي التوفيق بين المسيحية والفكر العلماني. فيقوم بالحفاظ على المصطلحات المسيحية، وفي نفس الوقت يحشوها بأحدث ما توصلت إليه الثقافة من علم مزعوم أو فلسفة. فينتهي الحال بمسيحيتهم أنها مجموعة معتقدات علمانية، ووثنية (في كثير من الأحيان) صرف، مغلفة بمصطلحات مسيحية. يقول اللاهوتي الإنجيلي والمناضل الأشهر على الإطلاق ضد المسيحية الليبرالية، ج. جريسام ميتشان: 

"في مجال الدين، وبصفة خاصة، فإن الوقت الحالي هو وقت صراع. إن الديانة الفدائية العظيمة، والتي عُرِفَت دائما بالمسيحية، تُقَاتِلُ ضد أشكالاً متنوعة تماماً من المعتقدات الدينية، التي هي فقط الأكثر تدميراً للإيمان المسيحي لأنها تستخدم المصطلحات المسيحية التقليدية. إن تلك الديانة اللافدائية الحديثة تُسَمَّى "الحداثة" أو "الليبرالية" .. وبالفعل، فإن الحركة مختلفة في مظاهرها لدرجة أنه قد يَئِسَ المرء من العثور على أي اسم مشترك ينطبق على جميع أشكالها. ولكن على قدر الأشكال الكثيرة التي تظهر بها الحركة، فإن جذور الحركة واحدة، فالأشكال الكثيرة للديانة الليبرالية الحديثة تجد جذورها في الطبعانية، أي في إنكار أي تداخل لقوة الله الخلاّقة (على خلاف المسار الطبيعي للطبيعة) فيما يتعلق بأصل المسيحية". [3]

3 - الفكر الليبرالي يسعى لاستيعاب النظريات والأطروحات الحديثة على حساب جوهر المسيحية

ما من ثمة شك أنه على الكنيسة أن تفهم الصراعات الثقافية المحيطة بها، وأن تحاول الوصول برسالتها الخلاصية إلى المجتمع الخارجي مخاطبة معاناته وقضاياه من خلال الإنجيل. شريطة أن تحافظ الكنيسة على رسالتها وعقيدتها دون أية مساومة. إن جوهر المسيحية الليبرالية يكمن في محاولتها تسييق المسيحية مع الثقافة المحيطة بها (ربطها علاقاتياً بالسياق الثقافي المحيط). وهذا الأمر في حد ذاته ليس بالضرورة أمراً سيئاً. بالعكس، فهو أمر كتابي ومطلوب، طالما حافظت الكنيسة على إيمانها ونقاوتها التعليمية. وفي رأيي المتواضع، يؤخذ على الحركة الإنجيلية المحافظة انعزالها وتقوقعها على نفسها دون الاشتباك بسلاح الإنجيل مع العالم الخارجي. الأمر الذي حاول اللاهوت الليبرالي تنفيذه، ولكن لم يحدث دون أن تصيب المسيحية خسارة فادحة جراء ذلك. 

تزامن مع الإصلاح البروتستانتي ثورة في الإكتشافات العلمية والتنظير الفلسفي والنقد التاريخي والأدبي. وانتاب الغرب حالة من التوتر الفكري الشديد أدت إلى تغييرات فكرية وسياسية واجتماعية وتجارية وصناعية جذرية فيه. وهنا أتى دور الكنيسة في التفاعل والتعامل السليم مع تلك التغييرات الجذرية التي يمس الكثير منها جوهر المسيحية. كيف يمكن للكنيسة أن تخاطب هذا المجتمع المتغير من حولها مع الحفاظ على نقاوتها التعليمية وإنجيلها الثمين؟ شعر الليبراليون بهذا الضغط الشديد الآتي من العالم الخارجي إزاء الكنيسة. ولكنهم في نفس الوقت لم يكترثوا بالنقاوة العقيدية للمسيحية. متذرعين بالاكتشافات العلمية من ناحية، والأخطاء التاريخية و التناقضات المزعومة التي اكتشفها النقد الأعلى في الكتاب المقدس من ناحية أخرى، عزم الليبراليون على تزويج المسيحية بذلك الفكر الحديث، من خلال إفراغ الأولى من محتواها، وإعادة تعريفها بما يروق لذلك الفكر الحديث (كما رأينا في النقطة السابقة). فدمجوا الخلق بالتطور، والخلاص بعلم النفس، وملكوت الله بالتغيير السياسي في المجتمع. يصرح اللاهوتي الكتابي المحافظ جين إدوارد فيث: 

"صمم الليبراليون لاهوتهم لاستيعاب الفكر والثقافة الحديثة، محولين الكنيسة بعيداً عن انشغالها بالخلاص الآخروي [الحياة الأبدية] إلى الاهتمام بمشاكل المجتمع الملموسة. تحول الاهتمام التقليدي للكنيسة بالأعمال الصالحة إلى نشاط سياسي مصمم للتبشير باليوتوبيا المخططة مركزيا، والتي يتوقعها العصريون. تحول الاهتمام التقليدي للكنيسة بالروحانية إلى علم النفس، مستخدمين نفس الأساليب والافتراضات التي يستخدمها "العلماء الاجتماعيون" العلمانيون. بدأت الكنائس في رعاية مجموعات الاستشفاء [أفراد يلتقون معاً لمشاركة خبراتهم السيكولوجية في التعامل مع مشاكلهم بغرض إفادة بعضهم البعض]، وبدأ القساوسة في تقديم المشورة لرعاياهم لمساعدتهم على "تحقيق الذات". [4] 

4 - الليبرالية تنكر عصمة الكتاب المقدس وتؤمن بأن العقل هو السلطة المرجعية العليا 

في ظل الإدعاءات المزعومة بأخطاء الكتاب المقدس التاريخية والعلمية، وتناقضاته الذاتية، أصبح الكتاب المقدس يشكل حجر عثرة وإحراجاً للمسيحي الليبرالي. وبينما ظل الإعلان الإلهي في الكتاب المقدس يمثل السلطة العليا لدى الكنيسة التاريخية إلى نهاية القرون الوسطى وبداية حركة التنوير العلماني، اِسْتُبْدِلَ سلطان الكتاب المقدس بسلطة العقل البشري. وقد ساعد على ذلك ظهور الفلسفة العقلانية والتي نادت بأن العقل هو السلطة المرجعية العليا. فما لا يمكن إقرار صحته عقلياً ينبغي أن يرفض كخرافة. زاد الطين بلة عندما صيغت الفلسفة التجريبية والقائلة بأن ما لا يمكن إثباته (علمياً) بالدليل المادي الملموس ينبغي أن يُودَع النيران (ديفيد هيوم). واجه الكتاب المقدس ضغطاً شديداً بين سندان العقل ومطرقة العلم (المزعوم). فلم يجد الليبراليون بداً إلا بتجريد الكتاب المقدس من ألوهيته وعصمته وإخضاع كل شئ لسلطة العقل البشري. يقول اللاهوتي الكتابي المحافظ ماثيو باريت أن إلتزام الليبراليون بمنهجية النقد الأعلى أدى إلى اعتبار الكتاب المقدس مجرد عمل أدبي كلاسيكي وليس إعلان إلهي معصوم:

"لاهوت من الأسفل [المقصود بذلك الليبرالية لكونها متمركزة حول الإنسان من أسفل وليس الله من فوق] يقترب من الكتاب المقدس نقدياً. قد يكون الكتاب المقدس كلاسيكية أدبية للبشر، لكن لا يمكننا أبدًا استنتاج أنه مُعطى بشكل فوقطبيعي، موحى به من الله وبدون خطأ. التزمت الليبرالية بصيغة معينة من منهج النقد التاريخي، بحيث وقع التركيز على الكتاب المقدس باعتباره كتاب بشري. يمكن تفسير الأشياء الفوقطبيعية في الكتاب المقدس بواسطة أسباب عادية. وقد ادُّعِيَ إن الأجزاء الكبيرة من العهد القديم كانت مجرد أساطير. العديد من الأشخاص وأماكن التوراة لم تكن موجودة بالفعل، والعديد من الأحداث الكتابية لم تحدث أبداً. جاء العهد الجديد أفضل قليلاً [في نظر الليبراليين]، لأن الصورة التي يرسمها للمسيح كانت غير دقيقة تاريخياً". [5]

يرى أيضاً اللاهوتي والمؤرخ المسيحي المحافظ مايكل ريفز أن سلطة العقل البشري، والتي حلت محل سلطة الإعلان الإلهي، أصبحت مرجعية مطلقة للحق، فلم يعد العقل يجيب فقط على سؤال كيف نعرف الحق، بل أيضاً كيف نخلص. فإن كان العقل يستطيع أن يقرر ما هو الحق بصورة مطلقة، وأن يحكم على صحة أو خطأ الإعلان الإلهي، إذاً فالعقل البشري يمكنه أيضاً أن يرسم للإنسان طريق الخلاص، أياً كانت معضلته:

"الليبرالية كانت النظير اللاهوتي للتنوير [العلماني]، الحركة الفكرية التي شكلت العالم الحديث. وكان من أهم خصائصها هو التركيز على العقل البشري. نُظِرَ إلى العقل البشري على أنه الحل للجهل البشري (كيف نعرف)، والحل لمشاكل الإنسان (كيف نخلص). عندما يتعلق الأمر بالإعلان الإلهي، لم يعد العقل هو الأداة التي تساعدنا على فهم الكتاب المقدس. العقل الآن هو المصدر المطلق للحق. سعى ماثيو تيندال في كتابه "المسيحية قديمة قدم الخلق" (1730) لإثبات معرفة الله على أساس الرصد العقلي للعالم. لم تكن النتيجة [التي توصل إليها] إله الكتاب المقدس بل إله الربوبية - إله منفصل عن العالم الذي صنعه. لم يعد الوحي هو الذي يحكم على العقل البشري. بل أن العقل البشري سيحكم الآن على الوحي. وهكذا وُلد ما يسمى بالنقد الأعلى للكتاب المقدس، والذي أزال تدريجياً من الكتاب المقدس أي وحدة وتاريخية وموثوقية وسلطة فيه". [6]

5 - الليبرالية تُهَمِّشُ العقيدة وتركز على الاختبار والأخلاقيات

من منا لم يلفت نظره التركيز الشديد للوعاظ واللاهوتيون من حولنا حول الاختبار والشعور، والأعمال والأخلاقيات، من ناحية، وإبخاس، بل وشيطنة، التعليم من ناحية أخرى؟ إن مسامعنا تكاد تطن من كثرة التصريحات التي تنادي بأسبقية وأولوية كل من الإختبار والسلوك على التعليم. إن هذه واحدة من سمات وإفرازات الليبرالية اللاهوتية. ما من شك أن الإختبار هام وخطير. وما من أدنى ريبة من خطورة التحلي بالأخلاقيات المسيحية. لكننا لا نستطيع أن نعطي هذين الأمرين أسبقية على التعليم. فبدون العقيدة لا يمكن يوجد أي منهما. الإختبار المسيحي والسلوكيات المسيحية ينبعان من الحق الكتابي العقيدي. 

إن كان الليبراليين يعتقدون بأن النص الكتابي المقدس غير معصوم، وأنه يخضع لسلطة العقل (الفلسفة العقلانية)، ولحكم التجربة الحسية (الفلسفة التجريبية)، فإن إنكار العقيدة، وفي أفضل الحالات تهميشها وإقصائها من المركز، يصبح حينها ضرورة منطقية لا غنى عنها لديهم. كما رأينا، لقد ادعى الليبراليون أن الفكر الحديث المتمثل في النقد الأعلى، والمكشفات المزعومة للعلم (نظرية التطور وملايين السنين في السجل الأحفوري)، قوض النص والعقيدة، ومن ثم لم يعد يمكن الدفاع عن المسيحية عقيدياً ونصياً. والحل؟ هو جعل جوهر المسيحية يتمثل في شعور وأخلاقيات معينة، مع إقصاء العقيدة من المشهد. هكذا جاءت المسيحية الليبرالية كما صاغها شلايماخر، والذي لُقِّبَ بأبو اللاهوت الليبرالي. قال شلايرماخر عن جوهر المسيحية البديلة التي أراد طرحها: "إن جوهر الدين ليس الفكر أو الفعل، ولكن الحدس أو الشعور". [7] طبعا تأتي الأخلاقيات خلف الشعور أو الإختبار من حيث الأهمية بالنسبة لليبراليين. وآخر الكل تأتي العقيدة كتابع لكليهما.

يؤكد اللاهوتي والمؤرخ إيرل إِ. كايرنز على مركزية الشعور والإختبار بالنسبة لجوهر الديانة الليبرالية:

"أكد اللاهوت الليبرالي على الرسالة الأخلاقية للمسيح بلا ألوهية، وحضور الله في القلب البشري. وهكذا كان الإختبار، وليس الكتاب المقدس، معيارياً". [8]

6 - الفكر الليبرالي يستثني الأمور الفوقطبيعية

العنصر المعجزي في المسيحية جزء لا يتجزء منها. امح الأمور الفوقطبيعية منها ولن يبقى فيها ما يميزها عن أية ديانة أخرى. إن التعاليم الجوهرية في المسيحية مؤسسة على أحداث فوقطبيعية حدثت في التاريخ الكوني والبشري. الميلاد العذراوي والتجسد ومعجزات المسيح على الأرض وقيامته وصعوده، جميعها أمور معجزية تشكل صُلْب المسيحية القويمة. أزل هذه كلها، أو حتى واحدة منها، سيتهاوى الباقي حطاماً. 

في المقابلة مع جوهرية العنصر المعجزي في المسيحية، فإنه "من الأفكار المركزية في اللاهوت الليبرالي هي الحلول الإلهي. إن الله حاضر ويسكن في العالم، غير منفصل أو وفائق عن العالم ككائن متسامٍ. وهكذا فإن الله يوجد في الحياة كلها، ليس فقط في الكتاب المقدس أو في بعض الأحداث الوحييّة. فلا يمكن أن يكون هناك تمييز بين الطبيعي والفوقطبيعي". [9]

لا يوجد لدى اللاهوتي الليبرالي معجزات أو أمور فائقة للطبيعة لأن الله حال في كل شئ ولا يحتاج إلى معجزات. ففي نهاية المطاف أثبت العلم الحديث، كما يزعم الليبراليون، أنه لا يمكن إختراق قوانين الطبيعة (وهذا سوء فهم للحق المسيحي). فضلاً عن ذلك فقد أظهرت أدوات النقد الأعلى أنه ليس هناك إمكانية للتعويل على الكتاب المقدس كنص معصوم. وهذا ينطبق على المعجزات الواردة فيه أيضاً. 

كل المعجزات الواردة في الكتاب المقدس تم تفسيرها بواسطة الليبراليين من منظور طبعاني يستثني حدوثها. والعقائد المؤسسة على الحقائق الكتابية نشأت بدورها أيضاً كردود أفعال على خبرات مرت بها الكنيسة الأولى. أي أن العقيدة غير مؤسسة على أحداث الفداء التاريخية من تجسد وموت وقيامة، بل نبتت كإفرازات فكرية لخبرات روحية داخلية عبرت عنها الكنيسة في صورة أطروحات عقيدية. 

تأمل معي هذه الكلمات الآتية، والتي خطها القس الليبرالي الأمريكي مارتن لوثر كينج، كنموذج لكيفية تفسير اللاهوتي الليبرالي للمعجزات الرئيسية في المسيحية:

"لكي نفهم معنى وأهمية أي عقيدة أو قانون إيمان، من الضروري دراسة خبرات الأفراد الذين أنتجوها. لا تنبثق العقائد وقوانين الإيمان غير مُسَبَّبَة مثلما نشأت أثينا من رأس زيوس، لكنها تنمو من الأوساط التاريخية والأمزجة النفسية للأفراد الذين وضعوها. جميع الأفكار، مهما كانت عميقة أو ساذجة ، تنتج عن ظروف وتجارب تنبع من بيئة المنتجين لها".

يتابع كينج قائلاً:

"في هذا البحث سوف نناقش خبرات المسيحيين الأوائل التي أدت إلى [نشوء] ثلاثة عقائد قويمة إلى حد ما، وهي البنوية الإلهية ليسوع، والميلاد العذراوي، والقيامة الجسدية. كل تلك العقائد منصوص عليها فيما يعرف باسم "قانون إيمان الرسل". إن قانون الإيمان ذلك بقي راسخاً كـ "رمز للإيمان" لكثير من المسيحيين على مر السنين. حتى يومنا هذا يُتْلَىَ في العديد من الكنائس. لكن في أذهان العديد من المسيحيين المُخْلِصِين، فإن قانون الإيمان ذلك قد زرع بذرة من التشويش والتي نمت إلى شجرة من الشك. إنهم يرون أن قانون الإيمان ذلك يتنافى مع كل المعرفة العلمية، ولذا فقد شرعوا في رفض محتواه". [10]

7 - مركزية الإنسان في الديانة الليبرالية

إن الليبرالية لا ترى هناك فرق بين الله والإنسان. فالله حال في الطبيعة، وموجود في الإنسان. وما على الإنسان سوى أن ينظر في داخله لكي يدرك الله. لهذا فانشغال الإنسان بداخله هو إنشغال بالإله الموجود فيه. فليس هناك حدود فاصلة بينه وبين الله. إنها عقيدة أشبه بعقيدة وحدة الوجودة الوثنية التي تنادي بها ديانات شرق آسيا Pantheism. الإنسان وشعوره هما مركز المسيحية الليبرالية. ليس الهدف من الدين إرضاء الله أو طاعته. بل ما يشعر به الإنسان. لهذا فأن تقول لليبرالي مثلاً أن المسيح جاء لكي يفي مطالب العدل الإلهي على الصليب هو شئ عكس عقيدته تماماً. لأن ذلك القول يجعل الله وعدالته وقداسته وتدابيره أموراً مركزية في المسيحية. 

يقول المؤرخ المسيحي المعاصر روجر أولسون أن كارل بارت، وهو لاهوتي ليبرالي أيضاً، لكن أقل شراسة وأقل صراحة في ليبراليته عمن سبقوه من لاهوتيين أمثال شلايرماخر وريتشل، أن بارت، بالرغم من عدم كونه محافظاً، رأى أن جوهر الديانة الليبرالية يكمن في أنها ليست حديث عن الله فيما يخلص علاقته بالإنسان، بل هي حديث الإنسان عن نفسه. أو كما يراها كاتب هذه السطور، هي حديث الليبرالي عن الإله الذي في داخله. وعلى حد كلمات أولسون نفسها:

"لقد اعتبر [كارل بارت] اللاهوت الليبرالي بمثابة موائمة خطيرة وغير ضرورية للعلم والفلسفة الحديثة [مع المسيحية] .. ألقى بارت باللوم على شلايرماخر [رائد الفكر الليبرالي] بسبب مخاطر الفكر المسيحي [الليبرالي] الحديث لأنه، على حد زعمه، كان لاهوت شلايرماخر متمركزاً حول الإنسان بدلاً من أن يكون متمركزاً حول الله. على حد تعبيره، كان خطأ شلايماخر هو محاولة الحديث عن الله بالحديث عن الإنسانية بصوت عالٍ للغاية". [11]

8 - الليبرالية اللاهوتية تتسم بالتفاؤل حول طبيعة الإنسان والعالم

يتسم اللاهوت الليبرالي ليس فقط بكونه متمركز حول الإنسان (وليس الله)، بل أيضاً في كونه يميل إلى التفاؤل حول الإنسان ومستقبل العالم. وهذا عكس المنظور المسيحي الكتابي الذي يصور الإنسان في حالته الطبيعية على أنه ساقط من حالة عليا، هي حالة البراءة التي كان عليها في جنة عدن. ولكن في ظل التقدم العلمي الذي تزامن مع صعود الأفكار الشكوكية، ومع انتشار نظرية التطور التي تنادي بأن الإنسان يصعد من حالة بدائية سفلى، أدى هذا إلى حالة من التفاؤل حول مصير الإنسان. الإنسان غير ساقط كما يقول موسى في توراته، بل متطور كما صرّح داروين في نظريته. إنها مسألة وقت فقط وسينال الإنسان حالة الكمال التي يصبو إليها، طبعاً بدون معونة الإله أو نعمته. ذلك لأن الإنسان خيّر بطبعه. مشكلته فقط تكمن في الظروف المحيطة به والنماذج السيئة من حوله. 

عندما حلّت الحرب العالمية الأولى، ومن بعدها الثانية، قضتا هاتين الكارثتين على حالة التفاؤل التي كانت سائدة لدى الليبراليين إلى حد كبير. فقد ظهرت الطبيعة الشريرة للإنسان وقسوته. إلا أنه يظل أن الفكر الليبرالي في جوهره يؤمن بإنسان صالح بطبعه، غير وارث للخطية الأصلية. فقد أثبتت الأبحاث الأركيولوجية أسطورية الأحداث الواردة في الأصحاحات الإحدى عشر الأولى من سفر التكوين (كما يزعمون). فجاءت فرضية داروين لتنادي بعكس سفر التكوين وفي نفس الوقت مؤكدة تلك المكتشفات المزعومة: الإنسان يصعد من حالة سفلى وليس أنه سقط من حالة عليا. هذا ما يؤكده أيضاً اللاهوتي روجر أولسون:

"كان اللاهوت الليبرالي مشبعًا بالتفاؤل حول الإمكانات البشرية؛ نزع اللاهوت الليبرالي إلى كونه متمركزاً حول الإنسان في تطلعه ومنهجيته. كانت المقولة المفضلة عن التفاؤل الذي اتسم به روح العصر في القرن التاسع عشر: "كل يوم تتحسن الأمور على نحو أفضل". اعتقد بعض الناس أن التنوير والثورة العلمية من شأنهما أن يؤديان تقريبا إلى يوتوبيا على الأرض - خاصةً إذا صعد المسيحيون على متن العربة التقدمية [لتلك اليوتوبيا]. بعد الحرب العالمية الأولى في أوروبا والحرب العالمية الثانية في الولايات المتحدة، يتحدث الباحثون عن "الليبرالية المُعَاقَبَة" بينما سقط ذلك التفاؤل تدريجياً". [12]

9 - المسيحية الليبرالية تنظر إلى الخطية باستخفاف

تحولت المسيحية على يد الليبراليين من عقيدة جوهرها الله وإرضائه، إلى أيديولوجية مركزها الإنسان وشعوره. لم يعد هناك مجال للحديث عن إله قدوس وعادل يكره الخطية ويعاقب عليها. والبديل هو إفراغ الخطية من معناها الكتابي في كونها تعدٍ على ناموس الله، وفي نفس الوقت، تقصير في إرضائه (كما يؤكد التقليد المُصْلَح بأن الخطية فعل تعد وامتناع عن فعل البر). 

يقول اللاهوتي والمؤرخ المحافظ والفذ كارل ترومان أن الليبراليون اختلفوا فيما بينهم حول نظرتهم للخطية، لكنهم جميعاً اتفقوا على التخفيف من حدتها كما يصورها الكتاب المقدس:

"اللاهوت الحديث [الليبرالية] يخفف من طبيعة الخطية. في هذه الروايات الحديثة [يقصد أفكار الليبراليين الذين عالجهم سابقا]، هناك القليل جدًا مما يشير إلى الخطية باعتبارها شيئاً يتم القيام به ضد الله. لدى شلايماخر، فإن الخطية هي حالة نفسية معيبة. في فكر راوشنبوش [لاهوتي ليبرالي آخر جاء بعد شلايرماخر] (وفي اللاهوت السياسي والنسوي الحديث)، الخطية هي شيء يقوم به الناس ضد ناس آخرين [منظور إجتماعي للخطية]. يستخدم كل من بولتمان وبارت [لاهوتيين ليبراليين آخرين أقل شراسة وفي نفس الوقت أقل صراحة في إنكارهما للحق] بلاغة حول خطورة الخطية ودينونة الله، لكن من الصعب توفيق هذا من وجهة نظرهما بأن الخليقة في حد ذاتها كانت معيبة وساقطة. في المسيحية القويمة التقليدية، الخطية هي فعل يمثل إهانة شخصية لإله قدوس وعادل، وهي هكذا بالتحديد لأنها تنطوي على تحريف للطبيعة كما أرادها الله أن تكون، وبالفعل، كما خلقها لتكون كذلك". [13]

ما من شك أن التخفيف من طبيعة الخطية، والإبخاس من خطورتها، سينعكس حتماً على عمل المسيح الكفاري. وهذا ما يؤكده اللاهوتي توني لين:

"إن النظرة التي تبخس الخطية خطورتها كانت، ولا تزال، سمة اللاهوت الليبرالي منذ القرن التاسع عشر. عادةً ما تؤدي هذه النظرة المستخفة بالخطية إلى نظرة مبخسة لعمل المسيح (قاصرةً دوره على دور المثال والمعلم)، الأمر الذي يؤدي بدوره، وتلقائياً، إلى نظرة مبخسة لشخص المسيح (مجردةً إياه إلى إنسان صالح فحسب). اليوم يمكن رؤية تهميش عقيدة الخطية حتى في الكثير من الحركة الإنجيلية". [14]

10 - الليبرالية أعادت صياغة المسيحية بحيث أنها أصبحت حركة اجتماعية هدفها تغيير المجتمع

هل سمعت عزيزي أحد الوعاظ يؤكد مراراً كثيرة في وعظه على "ملكوت الله"؟ من المحتمل جداً أن يكون هذا الواعظ أو اللاهوتي ليبرالي. ولكن ستقول لي، أليست فكرة "ملكوت الله" فكرة كتابية؟ بالتأكيد، ولكن كعادة الليبراليون أفرغوها من معناها ونسبوا إليها معنى إجتماعي. لا يوجد فرق بين الكنيسة والمجتمع لدى الليبراليون (نادى اللاهوتي الليبرالي أدولف فون هارناك بأبوة الله للبشر جميعاً وبأخوّة البشر جميعاً). الكنيسة هي نواة ملكوت الله الذي سيمتد إلى المجتمع بفعل الإصلاحات الإجتماعية التي ينبغي أن تقوم بها الكنيسة حتى تتحقق اليوتوبيا (المدينة الفاضلة). فهذه هي الرسالة الرئيسية للكنيسة: الإصلاح الإجتماعي.

طنت آذننا في الأونة الأخيرة بما يعرف بـ "اللاهوت النسوي" (الذي يسعى لرسامة المرأة قساً). واللاهوت النسوي هو شكل من أشكال لاهوت التحرير Liberation Theologies . لاهوت التحرير له أشكال كثيرة، مثل لاهوت التحرير (اللاتيني الأصلي). اللاهوت الأسود أو بلاك ثيولوجي (نسبة إلى زنوج أمريكا). اللاهوت المثلي (نسبة إلى الشواذ جنسيا). الفكرة المحورية للاهوت التحرير، بأشكاله المختلفة، هي تحرير الإنسان المقهور. القهر أو الظلم يأخذ أشكال اجتماعية كثيرة. فقد يكون الإنسان مقهوراً بسبب فقره ومستواه الاجتماعي، أو بسبب عرقه أو لون بشرته، أو بسبب جنسه، أو بسبب ميله الجنسي. يرى أنصار لاهوت التحرير أن يسوع جاء، لا ليخلص الإنسان من عبودية الخطية وغضب الله وسلطان الشيطان، بل ليحرره من الظلم الاجتماعي. المرأة مقهورة اجتماعياً من الرجل بسبب الثقافة الذكورية. والمسيح جاء لتحريرها من هذا القهر الاجتماعي. إن الإنجيل أصبح "إجتماعياً"، وملكوت الله يوتوبيا سياسية ينبغي أن تصبو إليها الكنيسة من خلال الإنجيل الاجتماعي الذي يتخذ أشكاله الكثيرة السابقة. (طبعاً الإنجيل له تضمينات إجتماعية وأخلاقية لكنه رسالة روحية في المقام الأول)

لعل أبرز من كتب في تحليل وتأريخ الليبرالية اللاهوتية هو المؤرخ جاري ج. دورين. وفي هذا الصدد يصرح دورين قائلاً عن مركزية الإصلاح الإجتماعي في الفكر الليبرالي:

"أحد أكثر التعاريف نفوذاً لليبرالية اللاهوتية قدمه اللاهوتي المورموني المحنك، دانيال داي ويليامز في عام 1949: "أعني باللاهوت الليبرالي" تلك الحركة في البروتستانتية الحديثة التي حاولت، خلال القرن التاسع عشر، إحداث وحدة عضوية بين الفكر المسيحي وبين النظرة الكونية التطورية، وحركات البناء الإجتماعي، والتوقعات بـ "عالم أفضل"، الذي سيطر على العقل العام. إنها تلك الصيغة من الإيمان المسيحي التي بلغت فيها فلسفة التاريخ النبوية التقدمية أوجها في توقعها بقدوم ملكوت الله على الأرض". [15]

كما سبق وأشرت في بداية المقال، أن هذا ليس حصراً، بأي حال من الأحوال، للمسيحية الليبرالية. بل هو محاولة لرسم صورة لليبرالية اللاهوتية من منظور الطائر المحلق. إن علينا، كمسيحيين كتابيين، أن نتعلم شيئا عن أعراض اللاهوت الليبرالي حتى نستطيع أن نرصده عندما نصادفه. وهو محيط بنا بسهولة. الخطأ اللاهوتي، هو خطية أدبية ذات طابع فكري. والخطايا اللاهوتية محيطة بنا بسهولة. لذا علينا أن نتحفظ لأنفسنا، وأن نحفظ الوديعة. فالإيمان هو الوديعة التي تسلمتها الكنيسة من الرسل، وسلمتها من جيل إلى جيل. ليعطنا الرب نعمة أن نرصد الخطايا التعليمية ونحفظ الوديعة الإيمانية إلى دور فدور، إن تأنى الرب وعشنا.


[1] "The Sources of Fundamentalism and Liberalism Considered Historically and Psychologically." The Martin Luther King, Jr., Research and Education Institute, 7 Nov. 2019, https://kinginstitute.stanford.edu/king-papers/documents/sources-fundamentalism-and-liberalism-considered-historically-and.
[2] Roger E. Olson. “What Is ‘Theological Liberalism?".” Roger E. Olson, Patheos Explore the World's Faith through Different Perspectives on Religion and Spirituality! Patheos Has the Views of the Prevalent Religions and Spiritualities of the World., 18 Aug. 2011, https://www.patheos.com/blogs/rogereolson/2011/07/what-is-theological-liberalism/.
[3] Christianity and Liberalism by J. Gresham Machen, Chapter 1: Introduction
[4] Veith, Gene Edward Jr., Postmodern Times, A Christian Guide to Contemporary Thought and Culture, Crossway Books, 1994, p.192 
[5] Barrett, Matthew. God's Word Alone---The Authority of Scripture: What the Reformers Taught... and Why It Still Matters. Zondervan Academic, 2016, p.92
[6] Reeves, Michael and Chester, Tim, Why the Reformation Still Matters, Crossway, 2016, p.52
[7] Schleirmacher, Friedrich, On Religion: Speeches to It's Cultured Despisers, Translated and edited by Richard Crouter, Cambridge University Press, 2003, p.22
[8] Cairns, Earle E. Christianity through the centuries: A history of the Christian church. Zondervan, 3rd ed., p. 582
[9] Elwell, Walter A., ed. Evangelical dictionary of theology. Baker Academic, 2001.‏
[10] "What Experiences of Christians Living in the Early Christian Century Led to the Christian Doctrines of the Divine Sonship of Jesus, the Virgin Birth, and the Bodily Resurrection." The Martin Luther King, Jr., Research and Education Institute, 4 Nov. 2019, https://kinginstitute.stanford.edu/king-papers/documents/what-experiences-christians-living-early-christian-century-led-christian.
[11] Olson, Roger E. God in Dispute:" conversations" Among Great Christian Thinkers. Baker Academic, 2009.‏
[12] Olson, Roger E. The journey of modern theology: From reconstruction to deconstruction. InterVarsity Press, 2013, p.129
[13] Reeves, Michael RE, and Hans Madueme, eds. Adam, the fall, and original sin: Theological, biblical, and scientific perspectives. Baker Academic, 2014, p.97
[14] Lane, Tony, Exploring Christian Doctrine, A Guide to What Christians Believe, InterVarsity Press, 2014, p.70
[15] Dorrien, Gary J. The Making of American Liberal Theology: Idealism, Realism, and Modernity, 1900-1950. Vol. 1. Westminster John Knox Press, 2001, p.xix

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

لماذا قام المسيح في اليوم الثالث بالذات؟

هل حقا تغير الصلاة مشيئة الله؟

أربعة أعمدة في رحلة قديس