تعليق على لقاء الدكتور ماهر في القناة الثانية حول كورونا


ربما لم يختر الدكتور ماهر عنوان الحلقة، لكن مما لا شك فيه أن كلامه جاء بالاتساق مع العنوان “المواجهة النفسية للكورونا ومعركة الوعي”. فقد أتت معالجته لهذه القضية الخطيرة، لا من منظور مسيحي، بل من خلال عدسات علمانية ملونة بديانة العقل. ديانة مؤسسة لا على العقيدة، مسيحية أو إسلامية، بل على العقل الذي يشترك فيه جميع البشر. تمامًا كما قصدها ربوبيوا التنوير العلماني الذين رفضوا ديانة الإعلان الكتابي، واستبدلوها بديانة الإعلان الطبيعي (العقل والفلسفة). لكن، هل يصح أن يخلع اللاهوتي المسيحي نظارته الكونية الكتابية، عند معالجة قضية خطيرة مثل الوبأ العالمي، ويعالجها فقط من منظور نفسي علماني، رغم أن الكثير من علم النفس هو شبه علم باعتراف علماء النفس ذواتهم؟ بل والأخطر في علم النفس هو أنه مؤسس على مركزية الإنسان وصلاحه، الأمر الذي هو مضاد تمامًا للمنظور الكوني المسيحي الذي يعلم عن الخطية الأصلية والفساد الجذري للإنسان. وقد جاءت إجابات الدكتور ماهر على أسئلة الأستاذ عاطف كاملة محملة بافتراضات حول مركزية الإنسان وقدرته وصلاحه في علاج شروره والتعامل مع الكوارث وإن كان بها القليل من التلميحات النادرة جداً لحاجة الإنسان للسماء (وهو لم يحدد أي إله في السماء بالضبط). ولكن ليس على اللاهوتي المسيحي أن يخلع نظارته الكونية في لقاءه التليفزينوني. فالدكتور جون مكآرثر استضيف على قناة CNN أكثر من مرة وقد أدلى بقناعته المسيحية ولم يتكلم من منظور علماني، مع العلم أنها قناة ليبرالية محض.

يستهل الدكتور ماهر حديثه بالقول: “الاحتياج الشديد للعقل، وفي نفس الوقت إدراك محدوديته" للتعامل مع كارثة كورونا. وقد يبدو هذا كلاما موزونا، إلا أنه نصف الحقيقة. فالكتاب المقدس يقول أن العقل محدود، وفي نفس الوقت فاسد جذريًا كجزء من الكيان الإنساني الوارث للطبيعة الفاسدة. للخطية تأثيرات فكرية على عقل الإنسان. اللاهوتي المعاصر ألبرت مولر (وَصَفَتُه مجلة التايم بأنه المُفَكِّر الإنجيلي المتربع على عرش الحركة الإنجيلية) يذكر لنا على الأقل أربعة عشر تأثيرا فكريًا للخطية الأصلية (الفساد الموروث) على عقل الإنسان. من بينها الجهل، أي عدم رؤية أمور الله على الرغم من وضوحها. والمعرفة الجزئية، أي أننا لدينا معرفة جزئية فقط وليست كاملة، وأحيانا كثيرة لا نلحظ كيف تكون معرفتنا جزئية هكذا وغير مكتملة. وكمثال كتابي على كلام مولر، يقول بولس: “وكما لم يستحسنوا أن يبقوا الله في معرفتهم، أسلمهم الله إلى ذهن مرفوض، ليفعلوا ما لا يليق" (رو 1 : 28). في بعض الترجمات الإنجليزية ترجمت كلمة "مرفوض" إلى معاني مثل: بلا قيمة، منحرف، فاسد. فعلى الرغم أنهم عرفوا الحقيقة، لكنهم لم يتعاملوا معها بأمانة. فهل العقل هو المنقذ؟ أم يحتاج إلى من ينقذه؟

من بين الأشياء التي ذكرها أيضا د. ماهر وأثارت حفيظتي هي قوله: "عصر ما قبل الحداثة، كانت الخرافة فيه تسود. العقل مغيب لحساب أشياء كثيرة". وعصر ما قبل الحداثة هو العصر المسيحي، أو العصور الوسطى. طبعًا رغم ما تميزت به هذه الفترة، من انحرافات تعليمية، وفساد رجال الدين، إلا أنها لم تكن تغييبًا للعقل. فالعصر المسيحي (ما قبل الحداثة)، بشهادة المؤرخين العلمانيين وغير العلمانيين، هو عصر ظهرت فيه الكثير من الاختراعات في الأديرة المسيحية، وتأسست الجامعات في أوروبا، وحُفِظَت فيه المخطوطات من هجمات القبائل الجرمانية. في مصلحة من أن ينعت الدكتور ماهر عصر ما قبل الحداثة بأن الخرافات كانت تسود فيه؟

ثم يقول الدكتور ماهر: “دخلت البشرية في عصر ما بعد الحداثة. وفي عصر ما بعد الحداثة بدأ المفكرون ما بعد الحداثيون يسخرون من هذا الكبرياء الزائف الذي ملأ المفكرين في عصر الحداثة .. وبدأنا نتزن .. وأنا أرى أن ما بعد الحداثة بالرغم مما عليها من موآخذات لكن أراها تحاول أن تسترجعنا لحجمنا الطبيعي، فندرك أن العقل على الرغم من عظمته وعلى الرغم من احتياجنا الشديد إليه يظل محدودا .. لا تستطيع الأرض أن تستغني عن السماء. ولا يستطيع المخلوق أن يستغني عن الخالق”. فبعد أن ينسب الدكتور ماهر الدور الخلاصي للعقل في عبارته السابقة، يقول هنا أن الحداثة بالغت في تقديرها للعقل. الغريب أن الدكتور ماهر لا يذكر أي عيوب لفترة ما بعد الحداثة، وكأنها ذروة التاريخ المعرفي. وهي فترة جاءت كرد فعل على إعلاء الحداثة لقيمة كل من العلم والعقل. ما بعد الحداثيون قالوا أن الحق يتحدد على المستوى الفردي الشخصي الاختباري. ولم أتوقع أن يذكر الدكتور ماهر عيوب ما بعد الحداثة لأنه يسير على نهجها الذي نجده في هجومه الضاري على العقيدة وتأكيده على الاختبار والنظرة العلاجية للخلاص والدينونة.

ذكر د. ماهر أيضًا أنه على الرغم أن “العقلانية تم دعمها بقوة القانون"، إلا أنه كان يتمنى أن تكون نابعة من الأشخاص أنفسهم. ولكن حتى في العالم الغربي المتحضر رأينا صراعات على ورق التواليت، واستحواذ على المواد الغذائية والسلع الطبية، وقرارات اتخذتها الأطقم الطبية بترك البعض للموت نظرًا لليأس من حالتهم ولقلة الأجهزة الطبية في إيطاليا، وترك الأبناء ذويهم كبار السن ليموتوا داخل شققهم في أسبانيا، وارتفاع مبيعات الأسلحة في الولايات المتحدة خوفًا من الهجوم على البيوت لسرقة المواد الغذائية من العائلات الآمنة. وسطو بعض الدول على الموارد الطبية العابرة على أراضيها متجهة إلى دول أخرى. ونظرة كل إنسان إلى أخيه الإنسان على أنه مصدر للخطر. جفاء كبير. الاحتياج ليس للعقلانية المدعومة بالجهود الفردية، ولكن للعقل المتجدد بالنعمة.

من ضمن الأفكار الخطيرة التي صرح بها د. ماهر هي شخصنة الطبيعة لدرجة تأليهها. يقول:“الخليقة التي خلقها الخالق .. لها حقوق علينا .. لكن في كبرياءنا كنا أنانيين مستغلين، لا نحترم الطبيعة، ولا نحترم البيئة المحيطة بنا. كنا كل يفكر في مصلحته. نلوث، يعني تلوث صوتي، تلوث بصري، تلوث حقيقي كيميائي. لم نحترم النيل. لم نحترم الزرع والضرع. فأعتقد أنه كان لابد أن تثور الطبيعة علينا. لابد أن يكون هناك غضبة مرتدة من تلك الطبيعة التي أهناها واحتقرناها. ونحتاج إلى تواضع وتوازن مع هذه الطبيعة التي أهدانا الله إياها والتي نعيش على خيرها، نأكل منها ونشرب منها. النهاردة .. التلوث وصل إلى أدنى معدلاته في التاريخ البشري .. وكأن الطبيعة تتنفس .. وممكن تكون الرسالة لينا خففوا الوطئ، سيروا بهدوء، ارحموا أنفسكم وارحمونا .. على كل واحد فينا أن يفكر كيف أنه يحتاج إلى آخرين ويحتاج إلى الطبيعة والطبيعة تحتاج إليه .. الطبيعة غاضبة لأننا أذللناها".

لا شك أن الإنسان يسئ معاملة الطبيعة. ولا شك أن إساءة معاملة الطبيعة ترتد على رأس الإنسان في بعض الأحيان. لكن لا يمكن اختزال الصورة كلها في هذا الأمر. فالألم والمرض والكوارث دخلوا إلى الخليقة، لإساءة الإنسان لإلهه. ولتعدي الإنسان على الوصية. فكانت النتيجة: “ملعونة الأرض بسببك". إن الخطية إلى أي مخلوق، عاقل أم غير عاقل، هي خطية ضد قداسة الله وناموسه في الأساس. المشكلة أن د. ماهر يشخصن الطبيعة لدرجة تأليهها في أنها غاضبة وتنتقم من الإنسان. وكأن للطبيعة اليد العليا عليه. والإله غائب من الصورة. أو أنه أوكل إدارة شئون الطبيعة إلى الطبيعة نفسها لحين عودته. تنتقم من الإنسان في الوقت وبالطريقة التي تريدها. هل الكتاب المقدس يرسم هذه الصورة؟ إطلاقا وعلى العكس من ذلك. يقول الإعلان الإلهي أن الله حامل كل الأشياء، وفيه يقوم الكل، والأشياء به كائنة. يقول الوحي المقدس: “لأن السخط قد خرج من قبل الرب. قد ابتدأ الوبأ" (عدد 16 : 48). خذ أيضا مملكة الحيوان على سبيل المثال. فالرب هو الذي أرسل الحيات المحرقة على الشعب في البرية (عدد 21 : 6)، وهو الذي أرسل الذبان والضفادع والجراد على المصريين وأن يده كانت على مواشيهم التي في الحقل (خر 7 - 9)، وهو الذي أنذر شعبه أنه في حالة خيانتهم سيرسل عليهم الوحوش والزواحف (تث 32 : 24)، وهو الذي لا يسقط بدون إذنه عصفور واحد (مت 10 : 29). ورغم كل هذا، الرسالة التي يرى الدكتور ماهر أن الوباء يحملها، ليس أن هناك خلل في علاقة الإنسان بخالقه، وليس أن الألم دخل نتيجة السقوط، بل "خففوا الوطئ، سيروا بهدوء، ارحموا أنفسكم وارحمونا".

فضلاً عن ذلك، فقد أعاد أيضا د. ماهر تعريف غضب الله. يقول: "الديانات السماوية الثلاثة التي تؤمن بوجود رب خالق حافظ لهذا الكون ..الله ربما من رحمته يسمح أحياناً برفع العناية ولو لقليل من أجل خير أعظم، من أجل خيرات أعظم. من أجل أن تعود الأسر تترابط. من أجل أن يعود الإنسان يحترم الطبيعة .. أن الإنسان لا يستطيع أن يعيش بانفصال عن السماء .. الله يغضب. وكل الكتب السماوية بدون استثناء تكلمت عن غضب الله .. غضب الله هو إصرار الله الصارم على إزالة الشر والخطأ .. عشان كده واحد عرف غضب الله وقال: هو محبة الله المجروحة .. غضب الله ليس أنانيا، يتجه إلى الآخرين المظلومين".

بغض النظر عن قول الدكتور ماهر أن الديانات الثلاث سماوية، يقابلها كتب سماوية (ثلاثة)، فإن تعليمه عن غضب الله غير متسق مع الكتاب المقدس. أولاً لأنه لم يذكر العلاقة الجوهرية بين الألم والسقوط. في تحذير الرب لآدم: يوم تأكل من هذه الشجرة موتا تموت"، وقوله له أيضا بعد سقوطه: “ملعونة الأرض بسببك"، يتأكد لنا أن هناك علاقة بين الخطية وكل من الموت والمرض والألم. الموت والمرض والألم واللعنة والكوارث، كلها وحدة واحدة، هي شر، والشر هو انعدام للبر أو الصلاح. دخلت جميعًا بسبب التعدي على وصية الرب بعدم الأكل من الشجرة. قد لا يكون هناك علاقة مباشرة بين الكارثة وشرور من حلت عليهم (مثل من سقط عليهم برج سلوام ومن خلط هيرودس دمهم بذبائحهم)، لكن لا شك أنه ما كان سيكون هناك كارثة لو لم يكن البشر خطاة بصفة عامة (لهذا قال الرب إن لم تتوبوا فجميعكم كذلك تهلكون، أي أن الهلاك ينتظر الخاطئ غير التائب بسبب خطيته). ثانيًا، صحيح أن أعمال عناية الله تحجز الكثير من الكوارث، لكن في الكتاب المقدس الكوارث جاءت بتدخل مباشر من الرب. لم نقرأ عن كارثة واحدة جاءت بسبب أن الرب سحب أو رفع عنايته. فمثلا كارثة طوفان نوح يقول عنها الرب: “ها أنا آت بطوفان الماء على الأرض" (تك 6 : 17). في حادثة سدوم وعمورة يقول: “فَأمْطَرَ الرب على سدوم وعمورة كبريتاً وناراً من عند الرب من السماء" (تك 19 : 24). طبعاً ليس لنا أن نقول عن كارثة ما، مثل وباء كورونا، بأنه عقاب من عند الرب. وذلك ببساطة لأننا ليس لدينا إعلان إلهي يخبرنا بذلك. إلا أن هذا لا يعني أن الله رفع فقط أعمال عنايته عن الخليقة. هذا مجرد تخمين. إن كنا لا نستطيع أن نجزم بأنها عقاب، فمن ناحية أخرى لا نستطيع أن نجزم أنها ليست تدخلاَ مباشراً من الله. ويظل في النهاية أن الشر يميت الشرير. لو لم يكن الإنسان ساقط بصفة عامة لما أصابته الكوارث. أنا أؤكد العلاقة العامة بين الكارثة والبشر الخطاة، لكني لا أستطيع أن أجزم بوجود علاقة مباشرة، وخاصة، بين كارثة ما وشرور من حلت عليهم. والسبب ببساطة هو أني لا أمتلك إعلان من الله عن ذلك. ثالثاَ، إن كان الله يحقق أكثر من غاية بواسطة الكوارث، فهذا لا يبرر اختزال الكارثة في ناحية علاجية فقط. فالله مثلاَ استخدم كارثة الضربات العشر لدينونة مصر وآلهتها، وفي نفس الوقت استخدمها لخلاص إسرائيل. واستخدم الحروب الكنعانية لدينونة الأمم الوثنية، ولصد استفحال شرورهم، وأيضا لتسكين شعبه الأرض الموعودة. الله يستطيع أن يحقق بفعل واحد أكثر من غرض. وهذا لا يعطيني الحق في أن أختزل كارثة ما في ناحية واحدة. فقد يقصد الله منها الدينونة، والإنذار بدينونة أخطر، وفي نفس الوقت صد استفحال الشر.

وأخيراً، وجه المحاور هذا السؤال للدكتور ماهر: “كيف نعقم ونطهر نفوسنا من الداخل" .. فكانة إجابة الدكتور ماهر بعيدة كل البعد عن السؤال: "هتعدي الأزمة وكل شئ يرجع لحاله. للأسف الشديد هذه هي عادة الإنسان". لكن قاطعه أ. عاطف كامل مستوضحاً: “تقصد بشرور الإنسان ترجع الشرور هي هي؟". إلا أن الدكتور ماهر لم يقنع بمثل هذا الاقتراح، لأنه يرى أن المشكلة ليست بهذا العمق، بل: "عاداته الفكرية. أتمنى مثلا أن العقلانية لا تكون عقلانية مدعومة بقوة القانون لكن تكون عقلانية نابعة من الداخل. وأقصد بالعقلانية الاحتكام إلى العقل. رفض الخرافة .. نحن أمام كارثة الكل وافق واتفق وصادق على أن العلم هو المخرج وهو الحل. صحيح بنلجأ إلى الله. صحيح أن الله هو الذي يقود العلماء لاكتشاف الحلول. الله هو الذي ينير الأذهان. وما زلنا نطلب رحمة الله من خلال العلماء والأدوية. فدايما بقول إن الله هو الذي يصدر المرسوم بالنجاة. لكنه يضع في نسيج المرسوم الأسباب، الأسباب اللي هي العلم وإعمال العقل والوسائل المختلفة. هل سنعود إلى الخرافة مرة أخرى؟ هل سنعود إلى الفهلوة والهرجلة وعدم احترام النظافة الشخصية؟ هل سنعود إلى أذية النيل وأذية البيئة؟ هل سنعود إلى الأنانية، إن كل واحد يلا نفسي وما يهتمش بغيره؟ هل سنعود إلى الشعور النرجسي غير المبرر بأن ديانتي تجعلني أفضل وعقيدتي تجعلني أفضل وها نحن نرى أن في البشرية آلاف العقائد، لكن أمام فيروس صغير الكل تساوى، ولم توجد عقيدة تنجي أصحابها من هجمة الفيروس؟ هل سنعيد التفكير أم أننا سنخرج من التجربة مهللين حامدين، ثم تأخذنا عجلة الحياة مرة أخرى؟ هل سنخرج من هذه التجربة بعمق وجودي أعمق، تفكير وجودي أعمق؟ وأقصد بالتفكير الوجودي الأعمق، هو البحث عن الأمور الأهم في هذه الحياة، مثلا تنمية الشخصية من الداخل. وأنا أعتقد أن ده أفضل وقت للناس وهي، عايز أقول في حالة إجازة من التشتيت. وودي ألان، المخرج الجبار، ليه فديو شهير، بيقولو له، هو بيقول الحياة تعسية، وهننتهي كلنا إلى الفناء والعدم، هو ملحد، فبيقول في الآخر، حد بيسأله: طب وإيه لزمة الفن اللي انت بتعمله، قال: من أجل التشتيت، علشان نشتت الفكر عن الواقع، وإلا هنكتئب كلنا، حتى الممثلين هيكتئبوا، والفديو ده موجود ع الإنترنت. فعجلة الحياة بسرعتها التي لا ترحم، وأجنداتنا المغلقة لشهور وسنوات، جعلتنا لا نجلس مع أنفسنا لكي نكتشف ما هو الأهم، هل الشخصية من الداخل، هل القيم، هل الأخلاق، هل المحبة، هل الترابط الأسري، هل صنع الخير للآخرين. ما هي الأوليات التي سنهتم بها بعد خروجنا من الأزمة؟".

وعلى ما يبدو، لكون الأستاذ عاطف مسيحيًا، تفوح من لغته الرائحة الإنجيلية إلى حد ما، كان يتوقع إجابة متعلقة بمشكلة الشر، تعقيم الإنسان من شره الداخلي. لكن جاءت إجابة الدكتور ماهر مخيبة للآمال. وتتلخص في العقلانية، والعلم، وتنمية الشخصية، والتخلص من الأنانية، والكف عن الفهلوة والهرجلة، والاعتناء بالبيئة، والنظافة الشخصية، واحتقار العقيدة (الأمر الذي لا يمل من فعله). طبعًا ستسألني، وماذا عساه أن يقول في تليفزيون الدولة؟ سأقول لك أن المشكلة أبعد من ذلك. لولا أن أ. عاطف كامل توسم في أن الدكتور ماهر لن يصطدم عقيديًا بجمهور التليفزيون المصري المسلم ما كان سيدعوه من الأساس. لن تسمع شئ لا تريد سماعه مع الدكتور ماهر! بل حتى على مدونته الخاصة، يتعامل الدكتور ماهر مع القضايا الإنسانية من منظور علماني محض. أنظر على سبيل المثال مقالته الخاصة بالتدين الشكلي والتشوه النفسي. فقد عالجها من نفس المنظور. منظور الديانة المؤسسة لا على الإعلان الكتابي، بل على العقل العام.







تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

لماذا قام المسيح في اليوم الثالث بالذات؟

هل حقا تغير الصلاة مشيئة الله؟

أربعة أعمدة في رحلة قديس